دولة تبحث عن هوية

تاريخ الإضافة الجمعة 25 أيار 2012 - 5:12 ص    عدد الزيارات 761    التعليقات 0

        

نص اسرائيلي

دولة تبحث عن هوية

بقلم روبيك روزنتال

 

تجتاز اوروبا احدى الهزات الاكثر ايلاما منذ انتهاء الحرب الباردة. والازمة هي في اساسها اقتصادية – مالية، ولكنها تكشف عن مسائل مركبة من القومية والهوية، من اللقاء بين اوروبا وآسيا وافريقيا، تهددها بموجات من المهاجرين الذين سيغيرون هويتها.
وفي اطار ذلك يطرح مرة اخرى السؤال الاسرائيلي: هل نحن جزء من اوروبا؟ في نظر موجات المهاجرين نحن دولة اوروبية بكل معنى الكلمة، تعرض عملا وملجأ. ولكن شركة المصير هذه لا تخلق بعد شركة في الهوية. في حديث جرى في صوت اسرائيل بين اسحق ليفني وآفي بريمور، قال بريمور ان اوروبا ترى فينا جزءا منها دون صلة بخلافات الرأي السياسية. ومع ذلك، فلسنا جزءا من الاتحاد الاوروبي وبالتأكيد لسنا ننتمي الى كتلة الاورو. إذن ما معنى هذا الانتماء لاوروبا؟
ينبغي ان يضاف الى ذلك حقيقة أنه توجد مجموعتا انتماء اخريان محتملتان لاسرائيل. الاولى هي رؤيا شمعون بيريس عن "الشرق الاوسط الجديد"، وهي تتحدث عن انخراط اقتصادي واجتماعي في المنطقة التي نعيش فيها. هذه الرؤيا ابتعدت ومن الصعب أن نرى في الافق اذا ما كانت ستتحقق ومتى؟ مجموعة الانتماء الثانية تعرف بتعبير "الولاية الـ 51 للولايات المتحدة". ظاهرا الانتماء او الصلة بيننا وبين الولايات المتحدة هي الاقوى، ولها معنى بعيد الأثر. التعلق الاقتصادي بالولايات المتحدة واضح، وسواء أكان خيراً أم شرا فاسرائيل هي جزء من الاستراتيجية العسكرية – السياسية لمنطقتنا القابلة للتفجر. لكن ما علاقة هذا بأوروبا الغارقة في بحر من المشاكل؟
الجواب يكمن في التاريخ القصير لاسرائيل الجديدة وفي مسائل الثقافة والهوية. اميركا غارقة في الثقافة الاسرائيلية الجديدة، في التكنولوجيا وفي الاقتصاد، وكذا في فنون عدة للعالم الجديد، كالسينما والتلفزيون والموسيقى. اما اوروبا في المقابل فتوجد في "الـدي.ان.ايه" لاسرائيل الجديدة. الصهيونية هي حركة اوروبية. التعابير التي نستخدمها في الخطاب الثقافي والسياسي اوروبية. تاريخنا البعيد والقريب اوروبي. ظاهرا، موجات الهجرة الى اسرائيل من بلدان الشرق كان يفترض ان تغير هذه المنظومة، ولكن الامر لم يحصل. البلدان العربية كانت عدوا سياسيا وعسكريا، ولا يمكن زيارتها، كما أنها لم تخلق بديلا حقيقيا من الهيمنة الثقافية الاوروبية، والامر صحيح حتى اليوم.
اسرائيليون يتدفقون الى اميركا كي يجدوا عملا ويتطوروا اقتصاديا واكاديميا. اسرائيليون يتدفقون الى اوروبا كي يعودوا الى جذورهم الخاصة، الجذور القومية والى القصة اليهودية العاصفة والمأسوية للقرن الماضي، والتي وقع معظمها إن لم يكن كلها على الارض الاوروبية. العاصمة الثقافية الاسرائيلية اليوم، رغم قوة نيويورك، هي برلين، وفي الماضي كانت باريس. فرقة كرة القدم للدولة هي برشلونة، والمدن مزروعة بالمطاعم الايطالية، الاسبانية واليهودية، التي هي عمليا اوروبية شرقية. من اميركا لم نحصل الا على "ماكدونالز".
اليوم ظاهرا تأخذ اسرائيل الافضل من كل العوالم، تتأثر فقط بالهوامش من الازمة الاوروبية وتتمتع بالقبة الحديد الاستراتيجية الاميركية. ولكن في الاماكن الاعمق، بما في ذلك في عصر تعدد الثقافات، فان اسرائيل هي جزء من
 اوروبا.
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,218,005

عدد الزوار: 6,940,921

المتواجدون الآن: 130