استعداداتها لشن هجوم على ايران لم تتوقف... اسرائيل: لسنا قادرين وحدنا على مواجهة التهديد النووي

تاريخ الإضافة الأربعاء 25 آذار 2009 - 4:29 م    عدد الزيارات 1064    التعليقات 0

        

القدس المحتلة - آمال شحادة

عندما وقف رئيس شعبة الاستخبارات السابق واللواء الاحتياطي في الجيش الاسرائيلي، اهرون فركاش، امام الجمهور المشارك في النقاش حول الملف النووي الايراني، وجد نفسه مضطراً الى الحديث بصراحة، ربما لم يجرؤ عليها مسؤول سياسي او امني او عسكري آخر خلال السنتين الاخيرتين فقال: «اسرائيل غير قادرة على مواجهة التهديد النووي بقواها الذاتية. انها في حاجة ماسة لمساعدة الولايات المتحدة. وفي حال وجهت ضربة عسكرية إلى ايران، فعليها (اسرائيل) ان تكون مشاركة ليس اكثر». ولم يكتف فركاش بذلك، فأضاف «مطلوب القليل من التواضع في الجانب الاسرائيلي».

كثيرون يرون ان حديث فركاش يعكس وضع اسرائيل الحقيقي من الناحية العسكرية. واذهلت صراحته عسكريين وسياسيين عديدين، لكن بعضهم وجدها مناسبة لأن تكون بداية لمزيد من الصراحة في نقاش الملف الايراني. وكانت الانطلاقة بالإشارة الى ان «مشكلة القضاء على التهديد النووي الايراني هي اخطر القضايا الأمنية التي تواجه القيادتين العسكرية والسياسية الاسرائيلية، منذ قيام الدولة العبرية».

هذا الحديث سانده تقرير مراقب الدولة الذي كان كافياً لدق ناقوس الخطر امام تهوّر القيادة العسكرية الاسرائيلية التي لا تقتصر على اطلاق التصريحات في مواجهة التهديد النووي الايراني بل تتوقف أمام التهديدات المحدقة باسرائيل، والتي يتحدث عنها الاسرائيليون عبر حركة «حماس» من الجنوب ، وحزب الله وسورية، من الشمال. فالتقرير اكد في شكل لا يقبل التأويل ان اسرائيل غير قادرة، ليس فقط على حماية سكانها من الصواريخ الكيماوية انما ايضاً من صواريخ الكاتيوشا و «القسام» و «غراد» وغيرها.

هناك من فسر حديث فركاش من بين السياسيين بأنه صدر بعد التشاور وبعد «ان درس وتأكد من تقديرات شعبة الاستخبارات وبعد ان اقتنع ان هذا هو وقت ازالة الاوهام لدى الكثيرين من أصحاب القرار»، هكذا مثلا قرأ ايتان هابر، المدير العام لديوان رئيس الوزراء في زمن حكومة اسحق رابين، والخبير العسكري والسياسي الذي لعب دوراً كبيراً في المفاوضات مع سورية كلام فركاش. وبرأيه فإن فركاش هو «رجل السلطة الأهم، او على الأقل واحد من ثلاث او اربع شخصيات هامة في دولة اسرائيل، وبلسانه وبأذنيه تتقرر الامور» يقول هابر ويضيف «قلائل نسبياً، يعرفون، ولكن رئيس شعبة الاستخبارات هو الرجل الذي يقرر ويحدد ما سيعرفه رئيس الحكومة، ووزير الدفاع، وحتى رئيس الاركان. على طاولته تصنف آلاف الاخبار التي تصل الى شعبة الاستخبارات، مادة خام، ومن طاولته تخرج التفسيرات الى «المستهلكين» أي رئيس الحكومة ومن حوله من وزراء ومسؤولين».

ويتحدث هابر هازئاً بالقائلين ان اسرائيل قادرة على مواجهة عسكرية مع ايران فيقول: «في نظر هؤلاء نحن شعب مختار وقادرون على كل شيء. نحن اعظم من الجميع وبالتأكيد في هذه اللحظات نحن نحفر نفقاً سرياً من حولون الى المفاعل النووي – وذات صباح سيحترق هذا المفاعل بالنار». ويضيف «هذا الاحساس الهائل بالغرور لا تعرقله الحقائق في اننا منذ سنين لم ننتصر في شكل مقنع في الحروب: حرب الاستنزاف، وحرب الغفران ، ولبنان الاولى والثانية».

والاصوات التي تعلو في الفترة الاخيرة تحذر ايضاً من خطر اتخاذ قرارات متهورة في ظل قيادات لا تتمتع بالكفاءة، كما قال البروفسور افيعاد كلاينبرغ الذي طرح الموضوع بصراحة اقوى من صراحة فاركاش. فقد افتتح نقاشه لموضوع التهديد الايراني بطرح سؤال في جانب غير مسموح به في اسرائيل منذ إقامة الدولة العبرية: ما هو الدور الذي تقوم به الترسانة النووية المنسوبة لإسرائيل؟ هل مبرر الإعلان عن أن النووي خاصتنا «غير محسوب»، ولا ينبغي التعاطي معه في جملة الاعتبارات؟ ماذا ستكون آثار القصف الناجح للمشروع النووي الايراني من قبل اسرائيل؟ ماذا ستكون آثار القصف غير الناجح؟ الن نضطر للتصدي الى التجند الاسلامي عالمياً لتصفيتنا؟ أليس حل هذه المشكلة صعباً علينا؟

ويضيف «في ظروف اخرى كنت سأفترض بأن القيادة الاسرائيلية واعية جداً لتعقد المشكلة ولن تتخذ خطوات متسرعة، غير أن التجربة السابقة تدل على أن عدم القدرة على التفكير، والانعدام التام للكفاءة في استشراف المستقبل وتفضيل الاعتبارات الداخلية بالذات هي التي تميز السياسة الاسرائيلية. لا حاجة للسير الى ابعد مما ينبغي – يكفي أن ننظر الى الخطوة العسكرية – السياسية المسماة «رصاص مصهور» كمثال على الاستخدام الزائد للقوة والغباء السياسي» .

هذه الأصوات ارتفعت بتزامن مع توصيات اعدتها مجموعة من كبار المسؤولين السابقين في جهاز الامن الاسرائيلي ستعرضها على رئيس الحكومة المقبل، بنيامين نتنياهو ووزيري الخارجية والدفاع ومجلس الامن القومي. ابرز ما في التوصيات خطة متعددة الابعاد تصدياً للتهديد الايراني وفي مركزها اقامة مديرية مدنية تنسق كل الجهود: الكفاح الاقتصادي والعقوبات والتأثير على الرأي العام في ايران، والاستعدادات لعملية عسكرية، والاعلام والعمل القضائي ضد محمود احمدي نجاد.

 المجموعة ستعرض خدماتها على الحكومة كـ «فريق تفكير استراتيجي» يساعد في ادارة الازمات وتحسين سياقات اتخاذ القرارات والادارة على المستوى الرسمي. وابرز الشخصيات التي يضمها الفريق رئيس شعبة الاستخبارات الأسبق عاموس مالكا، والمستشار الاستراتيجي حاييم آسا، وقائد سلاح الجو السابق اليعيزر شكيدي ورئيس مدرسة الحكم البروفيسور الكس مينتس وغيرهم.

هذه المجموعة لم تكشف عن تفاصيل موقفها في كيفية مواجهة التهديد الايراني لكن اتجاهها يبدو بعيداً عن التهور العسكري وتوصياتها ستكون ذات اهمية لتوازن عقلية اليمين التي ستشكل الحكومة المقبلة والتقديرات التي سيضعها وزير خارجيتها المقبل، اليميني المتطرف، افيغدور ليبرمان.

احتدام النقاش الاسرائيلي في الملف الايراني تزامن ايضاً مع ما طرحه رئيس اركان الجيش غابي اشكنازي، في واشنطن اواسط الشهر الجاري، حيث اطلق من هناك تصريحه بأن جيشه يستعد لاحتمال توجيه ضربة عسكرية لايران.

وفي وقت اطلاق هذه التصريحات كان سلاح الجو يجري تدريبات على مدار ايام متواصلة، حرص الجيش على الترويج لها من خلال تنبيه السكان القريبين من منطقة التدريبات في النقب الى ان صفارات الانذار التي ستسمع بشكل مكثف ومتواصل على مدار اليوم تأتي ضمن التدريبات العسكرية. والتدريبات التي يجريها سلاح الجو في هذه المرحلة تندرج ضمن استعداد مواجهة اسرائيل للملف النووي الايراني، وليس صدفة التصريح الذي اطلقه اشكنازي من واشنطن واكد خلاله ان اسرائيل لا تسقط من حساباتها الحل العسكري في مواجهة الخطر النووي. واشكنازي المعروف بقلة الكلام يعتبر من الشخصيات غير المتهورة في اتخاذ القرار ومنذ ان قرر تعيين الجنرال السابق في الجيش امنون لفكين شاحك واوري ساغي مستشارين له، تنفس البعض الصعداء خصوصاً وان الشخصيتين تتميزان بعدم التهور. ولكن طالب كثيرون، اشكنازي بالافصاح عن موقفه والحديث بصراحة عن الملف الايراني.

اشكنازي لم يتجاوب وواصل سياسة الصمت في الوقت الذي اكثر مسؤولون في سلاح الجو من الحديث عن تدريبات وحداتهم ومواصلة تعزيز القدرات العسكرية وشراء المزيد من الطائرات الحربية المتطورة والاستخبارية الأكثر تطوراً في العالم. ولم يكتف سلاح الجو بذلك فاستغل مجلته الخاصة للترويج لقدراته العسكرية، وعلى غير عادته اتاح المجال لصحافيين المشاركة في جولة في اكثر من قاعدة عسكرية ودخول غرف الجنود والضباط، وفي هذا محاولة لطمأنة المواطنين الاسرائيليين الذين بات الملف الأمني عموماً، والايراني في شكل خاص، يشكل كابوساً يراودهم ويزداد القلق منه مع تزايد الحديث عنه.

احد المراسلين الذين زاروا القواعد الجوية قال: «الطيارون لن يخدعوا انفسهم ويوهموها بأنهم سيعودون جميعاً من المهمة. افتراضهم سيكون بأن بعض الطائرات ستسقط في الطريق وبعض المقاتلين سيموتون او يصابون بصورة بالغة عندما يفرون من طائراتهم في الصـحراء او في البحر او يقعون في الأسر.

هذا لن يكون تنفيذاً لمهمة سهلة من دون اصابات وخسائر مثلما حدث مع مفاعل تموز العراقي في (1981) او في سورية (2007). هذا الوضع سيكون مشابها لعملية «موكيد» التي استهلت بها حرب حزيران من حيث الخسائر. ويتابع «ولكن ان سألت الطيارين عن احتمال الاصابة والموت سيردون ببرودة تقشعر لها الأبدان بأن هذه مخاطرة مهنية. هذا لن يخيفهم. هؤلاء الشبان سيغتبطون ان لم تعد هناك حاجة للطيران. وان حلقوا سيفرحون ان هبطوا. الا انهم مستعدون لإلقاء أنفسهم الى الموت من اجل ازالة التهديد المصيري الماثل امام بلادهـم ان لم تتم ازالـته بأي طريقة اخرى». ولرفع المعنويات يتعمق المراسل في وصف القاعدة العسكرية فيقول: «ان تمعن السائلون بالصور المعلقة على جدران وساحات قواعد سلاح الجو سيعرفون الجواب من تلقاء انفسهم. على احد الجدران صورة طلعات سلاح الجو فوق معسكرات الإبادة النازية في اوروبا وعلى جدار آخر وثيقة سلاح الجو التي تقدس الدفاع عن دولة اسرائيل».

وبلهجة حماسية يضيف المراسل «طواقم الجو اليوم التي كان قادتها في عام 1967 اطفالاً، ستتصرف مثلما تصرف في حينها قائد سلاح الجو وقائد السرب الرابع في هاتسور، موتي هود وبني بيلد، اللذان شجعا رئيس هيئة الاركان اسحاق رابين والحكومة في ذروة ترددهما، طالبين منهما الوثوق بقدرة اسرائيل على إحداث مباغتة وحسم المعركة من الجو. كل هذا تحت شرط واحد: الاستخبارات المؤكدة. ان قالوا للطيارين انهم يعرفون بالضبط اين يتوجب توجيه الضربات، سيردون بانهم واثقون من كيفية القيام بذلك. وان سألوهم متى سيردون قالوا: كلما كان الموعد مبكراً كلما كان افضل».

يتماشى هذا الكلام مع سياسة استعراض عضلات لا يمكنها ان تحقق النجاح الذي ينتظره الجيش الاسرائيلي من حملته لترويج القدرات العسكرية لإسرائيل، لأن القدرات العسكرية الهجومية،غير كافية لوحدها، اذ ان اقوال اهرون فركاش لا تؤكد على ذلك كما ان ضربة عسكرية لإيران ليست بهذه السهولة التي يحاول طرحها داعمو الفكرة. والتصريحات التي اطلقها اخيراً رئيس اركان القوات الاميركية المشتركة مايكل ميلن وفيها أن هجوماً اسرائيلياً على ايران من شأنه أن يعرض المنطقة بأسرها الى الـخطر، يؤكد على خطورة خطوة كهذه.

والأهم في الموضوع بنظر الشارع الاسرائيلي، هو ما ستشكله ضربة كهذه من خطر على حياته، ومن دون شك فإن تقرير مراقب الدولة الأخير الذي اكد ان الجيش غير قادر على حماية السكان ليس فقط من خطر صــواريـخ ايرانية تحمل مواد كيماوية، انما من صواريخ اقل خطورة كصواريخ «حماس» و «حزب الله» وايران تؤكد ذلك.

وهذا التقرير دفع الجيش الى وضع خطة تضمن توفير كمامات واقية من الأسلحة الكيماوية من جهة، ومنظومة دفاعية ضد الصواريخ من جهة اخرى.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,672,872

عدد الزوار: 6,907,871

المتواجدون الآن: 95