Foreign Policy: إيران والقاعدة ثنائي غريب… متباعدان لكن علاقاتهما ممتدة

تاريخ الإضافة الخميس 1 آذار 2012 - 5:22 ص    عدد الزيارات 920    التعليقات 0

        

 

Foreign Policy: إيران والقاعدة ثنائي غريب… متباعدان لكن علاقاتهما ممتدة
الجريدة الكويتية..
الخميس 1 مارس
كتب Daniel Byman
قد يواجه تنظيم القاعدة مشاكل كبرى إذا علم بعض عناصره أو الجهات التي يموّلها بأنه على ارتباط وثيق بالإيرانيين الشيعة المكروهين، بالنسبة إلى إيران، تختلف دوافع الإبقاء على سرية تلك العلاقة ولكنها لا تقل أهمية.
يُعتبر الكلام الذي صدر عن وزارة الخزانة الأميركية في الأسبوع الماضي، حين اعتبرت أن وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية تدعم الإرهاب، أحدث خطوة لتشديد الضغوط على طهران.
قد تبدو هذه الانتقادات مجرد مصطلحات عابرة مقارنةً بالتهديدات بمقاطعة النفط وتنفيذ اعتداءات عسكرية، لكن ذلك التصريح يسلط الضوء على واحدة من أهم وأغرب الشراكات في التاريخ المعاصر: علاقة إيران بتنظيم “القاعدة”.
يسهل الاستهزاء بطبيعة الروابط التي تجمع طهران بذلك التنظيم الذي يرأسه أيمن الظواهري، إذ يشير بعض من يصدقون وجود تلك العلاقة إلى أن الصداقة بينهما أمر طبيعي لأنهما يدعمان أجندة متطرفة ومعادية للولايات المتحدة ويسعيان إلى نشر الإسلام المتشدد.
في المقابل، يعتبر المشككون أن نظام إيران الشيعي يمقت المجاهدين السنّة، ما يجعل التعاون بين الطرفين مستحيلاً، وقد يكون التحليلان صحيحين: تتبع إيران و”القاعدة” المسار نفسه بسبب أعدائهما المشتركين، غير أن الشكوك المتبادلة تُبقي تلك الشراكة تكتيكية وتمنح الفريقين أسباباً وجيهة لتوخي الحذر.
تكتيكات خاصة
تقل البيانات غير السرية حول علاقة إيران و”القاعدة”، لكن يمكن الحصول على ما يكفي منها من بعض المواد المتوافرة لفهم نطاق تلك العلاقة وأسبابها. في الأسبوع الماضي، اتُهمت وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية بتسهيل تحرك ناشطي “القاعدة” في إيران وتزويدهم بالوثائق وبطاقات الهوية وجوازات السفر، ووفق ذلك الاتهام، “توفر وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية أيضاً المال والأسلحة إلى “القاعدة في العراق” (جماعة إرهابية مصنفة على لائحة الإرهاب تحت المرسوم التنفيذي رقم 13224) وقد تفاوضت معها على إطلاق معتقلين ينتمون إلى التنظيم”.
ذكرت اتهامات سابقة وجود روابط تكتيكية خاصة بين “القاعدة” وإيران لكن يبدو أن تلك العلاقة قائمة منذ سنوات عدة.
لا مجال للشك بروابط إيران مع الإرهابيين، لكن غالباً ما تكون أبرز علاقاتها مع جماعات مثل “حزب الله” اللبناني الذي يتألف من مسلمين شيعة ويؤيد النزعة الشيعية الثورية في إيران، ويشعر بتقارب شديد مع طهران باعتبارها زعيمة العالم الشيعي. في المقابل، من المعروف أن “القاعدة” يرفض الفريقين معاً، وقد يؤدي الخطاب الإيراني اللاذع إلى التركيز على طبيعة الإيديولوجيا الثورية، لكن غالباً ما يطغى التفكير الاستراتيجي على سياسات النظام الديني تجاه الجماعات الإرهابية.
تكون إيران في أغلب الأحيان أكثر براغماتية مما يظن الكثيرون، فهي دعمت الجماعات الإرهابية والمقاتلة ضد العراق في عهد صدام حسين والنظام المؤيد للسوفيات في أفغانستان وأعداء آخرين، رغم تراجع النقاط المشتركة مع بعض عملائها. خلال التسعينيات، بدأت إيران تبني علاقة قوية مع الجماعات الإسلامية الفلسطينية، وتحديداً حركة “الجهاد الإسلامي في فلسطين” وحتى “حماس” لكن بدرجة أقل. أدت هذه العلاقات إلى إضعاف خصم إيران، إسرائيل، وإعاقة الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لعزل إيران، كما أنها عززت الهدف الإيراني الأوسع الذي يقضي بردم الهوة بين السنّة والشيعة من أجل إنشاء جبهة إسلامية معادية للولايات المتحدة. (خلال خطبة حديثة في أحد أيام الجمعة، ألمح القائد الأعلى علي خامنئي إلى هذه المقاربة قائلاً: “سنتابع دعم أي دولة أو جماعة تحارب أو تواجه النظام الصهيوني، ونحن لا نخشى المجاهرة بذلك”).
طريق عبور آمن
نشأت علاقة طهران و”القاعدة” بناءً على هذه المعطيات، ففي عامي 1991 و1992، حوّل كبير الإيديولوجيين السودانيين، حسن الترابي، السودان إلى موطن للمقاتلين السُّنة من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك عناصر “القاعدة” بين عامي 1992 و1996. خلال هذه الفترة، تقابل مسؤولون من “القاعدة” وإيران في السودان، لكن لم يتضح بعد مدى فاعلية تلك اللقاءات. وعندما غادر “القاعدة” السودان إلى أفغانستان في عام 1996، أصبحت إيران طريق مرور للمقاتلين من أفغانستان وإليها (لكنها تبقى أقل أهمية من معبر باكستان طبعاً).
بعد اعتداءات 11 سبتمبر، زادت أهمية الدور الإيراني، فبعد أن خسر “القاعدة” ملجأً آمناً في أفغانستان وواجه ضغوطاً عدة في باكستان، هرب بعض قادة التنظيم إلى إيران، فرحّب النظام هناك بهم ولكنه فرض عليهم بعض الضوابط في الوقت نفسه، فلم يمنع جميع نشاطاتهم، بل وضع بعض القادة تحت شكل من أشكال الإقامة الجبرية.
بدت تلك العلاقة الثنائية متوترة، وبعد شن الحرب الأميركية ضد “طالبان” في أفغانستان غداة أحداث 11 سبتمبر (عندما تعاونت طهران ضمناً مع الجهود الأميركية)، هاجم الظواهري طهران علناً بسبب انحيازها إلى الولايات المتحدة فقال: “فجأةً، اكتشفنا أن إيران تتعاون مع الولايات المتحدة وأن إيران طعنت الأمة الإسلامية في ظهرها”.
لكن جاء الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 ليعيد الجمع بين إيران و”القاعدة”. أراد الفريقان إيذاء الولايات المتحدة بأي ثمن، وكان الطرفان يدعمان جماعات مختلفة ومتخاصمة في العراق، لكن كان معظم حلفائهم المحليين يعارضون الولايات المتحدة. يمكن استخلاص درس واضح من هذا الوضع: صحيح أن أهداف إيران و”القاعدة” مختلفة جداً، إلا أنهما يجمعان على ضرورة إضعاف وإيذاء بعض الخصوم المشتركين، ويبدو أن الفريقين مستعدان للقتال والتعاون في الوقت نفسه.
بعد السيطرة على عناصر “القاعدة” وعائلاتهم، يمكن أن تخفف إيران ضوابطها على أعضاء “القاعدة” الموجودين في إيران، وأن تسهل تنقلهم إذا أرادت زعزعة الوضع في أفغانستان أو العراق (أو التحرك ضد الولايات المتحدة عموماً). على صعيد آخر، يمكن أن تحد إيران من تحركهم أو حتى تسلمهم إذا أرادت تحسين علاقتها مع واشنطن أو خصوم “القاعدة” العرب. كذلك، تترقب إيران عودة أعضاء حركة “مجاهدي خلق” (جماعة معادية لإيران كانت متمركزة في العراق لفترة طويلة)، صحيح أن الولايات المتحدة تعتبر حركة “مجاهدي خلق” منظمة إرهابية، إلا أنها منحت أعضاءها في العراق نوعاً من الحصانة بموجب اتفاقيات جنيف ولم ترسلهم إلى إيران عندما سيطرت على العراق. منذ ذلك الحين، ضغط الأميركيون على بغداد للسماح ببقاء “مجاهدي خلق” في العراق.
تبادل منافع
نجحت إيران في استغلال عناصر “القاعدة” المقيمين في إيران لضمان سلوك إيجابي من حركة الجهاد السنّي عموماً. عام 2005، تواصل الظواهري مع أبو مصعب الزرقاوي الذي كان حينها زعيم “القاعدة في العراق”، فحثه على عدم استهداف الشيعة في العراق أو الموارد الإيرانية وذكّره بأن إيران تضم أكثر من مئة معتقل وينتمي معظمهم إلى القيادة وهم مطلوبون في بلدهم، وبالتالي هم يخضعون لضغوط إيرانية شديدة.
تساهم الروابط الإيرانية مع “القاعدة” ومجاهدين آخرين (تماماً مثل روابطها مع الجماعات الإرهابية عموماً) في منح إيران خيارات عدة للتعامل مع أي حالات طارئة محتملة أو مستبعدة. في ما يخص العلاقة مع المملكة العربية السعودية اليوم، لم تعد طهران تدعو إلى إسقاط قيادة آل سعود لكن تبقى إيران أحد خصوم الرياض، وفي حال تدهور هذه العلاقة، قد تميل إيران إلى التعامل مع المجاهدين السنّة المعادين للنظام وقد تستغل روابطها مع هؤلاء المجاهدين للرد على أي ضربة تستهدف منشآتها النووية.
من وجهة نظر “القاعدة”، يبدو التعاون مع إيران منطقياً أيضاً. صحيح أن “القاعدة” يبقى منظمة إرهابية نافذة ولكنه يفتقر إلى الموارد اللازمة التي تملكها دولة قوية مثل إيران، فلا شك أن التمكن من المرور عبر إيران هو أمر مفيد جداً للقتال في العراق وأفغانستان وباكستان، وكذلك، يستفيد “القاعدة” حتماً من حصوله على ملجأ آمن هناك كونه يحتاج إلى استراحة من حملة الأميركيين وحلفائهم الذين يريدون اعتقال عناصره وقتلهم. بعد أن نجحت العمليات الجوية الأميركية باستهداف كبار قادة “القاعدة”، ستكسب إيران أهمية غير مسبوقة نظراً إلى حاجة “القاعدة” إلى مكان يضمن على الأقل بقاء قادته على قيد الحياة.
على الرغم من هذه الأهداف والحاجات المشتركة، كانت العلاقة بين إيران و”القاعدة” متوترة في بعض الأوقات. يعتبر بعض السُّنة (تحديداً في معسكر المجاهدين) أن الشيعة هم من المرتدّين. في بعض المناسبات، أدت هذه المشاعر العدائية إلى ارتكاب مجازر أو انتهاكات أخرى ضد الشيعة الذين يعيشون تحت حكم المجاهدين السُّنة. حتى إنّ بعض الجماعات التي تشارك “القاعدة” أهدافها مثل حركة “جند الله” (جماعة سنية صغيرة نسبياً تتمركز في محافظة بلوشستان في باكستان) هاجمت إيران نفسها في إحدى المرات.
مشاعر الكراهية
صحيح أن العراق كان عدواً مشتركاً، إلا أنه ولّد بعض الانقسامات أيضاً، فنفّذ الفرع العراقي لتنظيم “القاعدة” حملة وحشية ضد شيعة العراق بينما شنّت الجماعات المدعومة من إيران عمليات دموية ضد العراقيين السُّنة. قُتل عشرات الآلاف خلال هذا الصراع الطائفي.
بالنسبة إلى الفريقين، يحتّم هذا النوع من العداء الحفاظ على علاقة ثنائية سرية، وقد يواجه “القاعدة” مشاكل كبرى إذا علم بعض عناصره أو الجهات التي تموّله بأنه على ارتباط وثيق بالإيرانيين الشيعة المكروهين. بالنسبة إلى إيران، تختلف دوافع الإبقاء على سرية تلك العلاقة ولكنها لا تقل أهمية، فمن المعروف أن بعض أعداء “القاعدة” هم بلدان ترغب إيران في صداقتها (مثل روسيا) أو لا تريد معاداتها على الأقل (مثل بعض دول أوروبا). كذلك، يكنّ بعض الإيرانيين مشاعر الكره للمجاهدين السنّة بسبب خطاباتهم وأعمالهم المعادية للشيعة، وبالتالي لن يكون أي تحالف معهم مقبولاً محلياً.
تتابع الولايات المتحدة حملتها ضد “القاعدة” وتحرص على جعل برنامج إيران النووي محور سياستها للتعامل مع طهران، غير أن التحدث عن الروابط القائمة بين طهران و”القاعدة”، كما فعلت وزارة الخزانة الأميركية ضمناً، يُعتبر شكلاً مفيداً من الضغوط. من مصلحة إيران و”القاعدة” أن تخفيا علاقتهما، لذا قد يؤدي الكشف عن تلك العلاقة إلى إضعافها أو إلى منع تطورها على الأقل.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,045,605

عدد الزوار: 6,749,482

المتواجدون الآن: 105