خطوة مصرية إلى الوراء

تاريخ الإضافة الأحد 26 شباط 2012 - 5:30 ص    عدد الزيارات 729    التعليقات 0

        

 
توماس فريدمان

خطوة مصرية إلى الوراء

 

يبدو، ويا للأسف، أن الحكومة الانتقالية في مصر مصمّمة على زج نفسها في مأزق.
فهي سوف تُخضِع 43 شخصاً، بينهم 16 مواطناً أميركياً على الأقل، للمحاكمة بتهمة إدخال أموال غير مسجَّلة إلى مصر لترويج الديموقراطية من دون ترخيص. تملك مصر كامل الحق في ضبط المنظمات الدولية التي تعمل داخل حدودها. لكن الحقيقة هي أنه عندما قدّمت هذه المنظمات أوراقها للتسجيل قبل أعوام في ظل استبداد حسني مبارك، أُبلِغت أن الأوراق مراعية للأصول المتّبعة وأنه يجري النظر فيها للموافقة عليها. أما أن تتعرّض هذه المجموعات الآن - بعدما أطاحت الثورة مبارك - للتهديد بالسجن بتهمة ترويج الديموقراطية من دون ترخيص، فهذا مؤشّر مقلق. إنه يعكس إلى أي مدى لم تكتمل الثورة في مصر، كما يُظهر أن القوى المناهضة للثورة تقاتل بكامل قوّتها.
هذا السلوك المخزي محزن جداً، ويجعلنا نتساءل كيف ستتجاوز مصر هذه المرحلة؟ فالاحتياطيات الأجنبية بدأت تنفد، وعملتها تنهار، والتضخم يرتفع، والبطالة مستشرية. ومع هذا كله، الأولية بالنسبة إلى حفنة من الأشخاص من فلول نظام مبارك هي محاكمة موظّفين من "المعهد الديموقراطي الوطني" و"المعهد الجمهوري الدولي" المرتبطَين بالحزبين السياسيين الأساسيين في الولايات المتحدة، وكذلك موظفين من مؤسسة "فريدوم هاوس" وبعض المجموعات الأوروبية. جريمتهم هي أنهم حاولوا تعليم الديموقراطيين الشباب في مصر كيف يراقبون الانتخابات ويؤسّسون أحزاباً للانخراط في الآليات الديموقراطية التي أنشأها الجيش المصري بعد سقوط مبارك. وقد شارك آلاف المصريين في الحلقات الدراسية التي نظّموها في الأعوام الأخيرة.
ما هي حقيقة هذا كله؟ هذه القضية من تلفيق فايزة أبو النجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولي المصرية، التي كانت من المقرّبين من مبارك. تجسّد أبو النجا في شخصها النزعة الأسوأ في مصر في الأعوام الخمسين الماضية، أي النزعة التي تساعدنا على فهم الأسباب وراء تخلّف مصر إلى حد كبير عن أقرانها: كوريا الجنوبية وتايوان وماليزيا والبرازيل والهند والصين. إنها النزعة التي تبحث عن الكرامة في كل الأماكن الخطأ، فهي لا تسعى وراء تحقيق الكرامة عبر بناء قدرات الشباب الموهوبين في مصر ليتمكّنوا من تطوير أنفسهم والتقدّم في القرن الحادي العشرين، من خلال مدارس أفضل، ومؤسسات أفضل، وصناعات تصديرية، وحكومة أكثر خضوعاً للمساءلة. لا، إنها النزعة التي تبحث عن الكرامة بالأساليب الرخيصة عبر "الوقوف في وجه الغرباء".
هذه هي لعبة أبو النجا. قال لي مستشار سابق لدى مبارك "أبو النجا موجودة في هذا الموقع اليوم لأنها قاومت طوال ست سنوات الإصلاحات الاقتصادية والسياسية" بالتحالف مع الجيش. وأضاف "كانت هي والجيش ضد فتح الاقتصاد المصري". والآن تسعى هي والجيش، بعدما عارضا الثورة، إلى إنقاذ نفسَيهما بلعب الورقة القومية.
هناك مشكلتان اثنتان تفترسان مصر اليوم: الفقر والأمّية. فبعد 30 عاماً من حكم مبارك ونحو 50 مليار دولار من المساعدات الأميركية، لا يزال 33 في المئة من الرجال و56 في المئة من النساء لا يجيدون القراءة أو الكتابة. إنها مهزلة حقيقية. لكن يبدو أن هذا الأمر لا يقض مضجع أبو النجا.
ما هي أولويتها؟ إنها العودة إلى ترداد المعزوفة القديمة بأن المسؤولية في كل المشكلات التي تعاني منها مصر تقع على عاتق الخارج الذي يريد زعزعة استقرار البلاد. فلنسجن إذاً بعض المستشارين الغربيين العاملين في مجال الديموقراطية. سيعيد ذلك الكرامة لمصر.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,226,568

عدد الزوار: 6,941,220

المتواجدون الآن: 125