القنبلة الإيرانية مسألة دولية على المجتمع الدولي معالجتها

تاريخ الإضافة الأربعاء 1 شباط 2012 - 5:06 ص    عدد الزيارات 811    التعليقات 0

        

القنبلة الإيرانية مسألة دولية على المجتمع الدولي معالجتها
الاربعاء, 01 فبراير 2012
مئير داغان *
 

الحوادث المتعاقبة في الشرق الأوسط لا تقتصر على أزمة أو انعطاف، بل هي ثورة. وأنا أتحفظ عن عبارة «الربيع العربي» المقتبسة من «ربيع الشعوب» الاوروبية في 1848. فيومها، أدت الثورات الليبرالية الى تعريف عالم جديد، وتحرير الأفراد والإقرار بحقوقهم. وليس هذا ما حصل العام الماضي في الشرق الاوسط. والأنظمة التي أُسقِطت هي تلك التي نصّبتها انقلابات عسكرية، وهي حال مصر وحال ليبيا، وتونس حال على حدة. وأما الانظمة التقليدية والملكية، في المغرب والأردن أو الخليج، فلم تشهد تشكيكاً في مشروعيتها. والمجتمعات العربية ليست متجانسة ولا متشابهة، وتسودها عموماً القبلية، وتقسّمها جماعات تسعى كل منها الى إقرار مصالحها.

ولعل الحادثة الكبرى والمؤثرة، هي الثورة الإيرانية في 1979. ولا نزال الى اليوم نشهد آثارها وتداعياتها. وما يدور اليوم حول إيران يعني العالم كله. فمن يسيطر على الخليج ودائرته القريبة يسيطر على 60 في المئة من احتياط النفط العالمي. وإذا ضممنا الى الخليج آسيا الوسطى تخطى الاحتياط 60 في المئة. وإيران تحيط آسيا الوسطى باهتمامها. وإذا صنعت قنبلة نووية، حظي النظام بتأمين على الحياة، وبفرصة توسيع سيطرته على المنطقة، وعلى النفط، بدءاً من العراق والخليج إلى أذربيجان وتركمانستان. وفي مستطاع ايران، إذ ذاك، ممارسة ضغط متعاظم من غير أن تخشى ردعاً خارجياً.

وأنـا لا أشـارك رئـيـس الـوزراء (الإسـرائـيـلـي بنيامين) نـتـانـياهـو ووزيـر الـدفـاع ايـهـود بـاراك رأيهـما في المسألة الإيرانية. فهما يحملانها على مـشـكلة اسـرائيلية، وأرى أنـها مشكلة دولية. وإسرائيل، في نظر الإيرانيين، موضوع هامشي، واخـتصار الـخـطر الايـراني في مواجهة ثنائية بينهم وبيننا خطأ. إسرائيل ذريعة يتذرع بها النظام الإيراني لتعبئة الرأي العام.

والزعم بأن النشاطات النووية الإيرانية على وشك بلوغ نقطة أو مرحلة «اللاعودة»، حماقة. وعندما يعقد بلد العزم على صنع قنبلة، مهما كان متأخراً على شاكلة كوريا الشمالية وباكستان، فليس في مقدور أحد منعه. لكن الإيرانيين حذرون، الى اليوم. ولا شك في أنهم يضعون نصب أعينهم الحصول على السلاح النووي، ويعملون في سبيل بلوغ غايتهم بصبر وأناة. فهم حين يبلغون المرحلة الحاسمة، حين مباشرة صنع القنبلة، لا مهرب من إماطة الستر عن أوراقهم وكشفها، والتعرض إذ ذاك من غير حماية لردود دولية. وهم ليسوا أغبياء. وعلى خلاف الدول الديموقراطية، لا تحد الانتخابات المقبلة أفقهم أو قراراتهم، وهم يترددون في تسديد ثمن الخطوة الاخيرة.

مشكلتنا هي إقناع القادة الإيرانيين بألا يخطوا هذه الخطوة. وإلى اليوم، استنفدت الجهود محاولات تعويق البرنامج النووي الايراني. وعلى معارضيه إجبار إيران على التفكير مجدداً في الموضوع. والنهج هو العصا والجزرة، والتلويح بالتهديد والترغيب، من غير التوهم بأن ثمة حلاً سحرياً. فالعقوبات جزء من اختياراتنا، والعملية العسكرية في آخر المطاف، وبعد استنفاد الوسائل الاخرى كلها، كذلك. وتقديم العملية العسكرية في صورة الحل الوحيد خطأ آخر. فالنتائج المترتبة على ضربة عسكرية اسرائيلية، هائلة ورهيبة.

والحق أن ليس في مستطاع اسرائيل قبول امتلاك ايران قنبلة نووية. وإيران تعهدت تدمير اسرائيل التي عليها حمل هذا التعهد محمل الجد. ومبادرة إيران الى الهجوم احتمال معقول جداً. فالحكام يفعلون غالباً ما يقولون. وإذا حازت القنبلة فلن تبقى وحيدة في هذه الحال، ولن تقف البلدان العربية الكبيرة، ولا دول الشرق الاوسط، مكتوفة.

نهج الإيرانيين ذكي. فهم يدلون بخطب نارية واستفزازية، لكن أفعالهم حذرة. ومثال هذا ما حصل في شأن مضيق هرمز أخيراً. فهم هددوا بإغلاقه إذا عادت الولايات المتحدة إلى نشر حاملات طائرات في الخليج. فكان على الرئيس الأميركي دعوة خلية الأزمات الى الانعقاد، واتخاذ قرار ينطوي على مخاطرة وأمر حاملة طائرات بالعودة الى الخليج. فماذا كان رد الايرانيين؟ لم يردّوا ولم يخاطروا بشيء ولم يخسروا شيئاً. ولو تراجع الاميركيون، لأحرز الايرانيون نصراً في مقابل كلام وخطب فقط. وأظن أنهم يدركون عندما يحذر واحد مثلي، شغل الوظيفة التي شغلتها، من الهجوم على ايران، أن خطوهم الخطوة الأخيرة ينطوي على مخاطرة عليهم أن يتجنبوها.

* رئيس جهاز «موساد» الاسرائيلي من 2002

الى 2011، عن «لوفيغارو» الفرنسية، 26/1/2012، اعداد منال نحاس

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,573,536

عدد الزوار: 6,955,728

المتواجدون الآن: 60