الأسلحة النووية وعدم الانتشار في الشرق الأوسط...

تاريخ الإضافة الجمعة 23 شباط 2024 - 2:08 م    التعليقات 0

        

الأسلحة النووية وعدم الانتشار في الشرق الأوسط...

مركز كارنيغي..ساجد عزيز... محمود جوادي..

في هذه المناقشة، يتحدث اثنان من كُتاب صدى عن تهديد الحرب النووية في خضم احتدام التشنجات في مختلف أنحاء المنطقة.

في الوقت الذي تستمر فيه الحرب الإسرائيلية في غزة في التمدد والتوسع نحو نزاع إقليمي، يزداد خطر وقوع هجمات نووية وانتشار الأسلحة النووية. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، حذّر رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أنه قد تكون لتصعيد الأعمال العدائية "أبعاد نووية". من أجل فهم هذا الوضع المقلق، تقدّم صدى وجهتَي نظر لخبيرَين في هذا المجال.

لعل التهديدات الأخيرة التي أطلقها وزير إسرائيلي باستخدام الأسلحة النووية في غزة قد أكدت عن غير قصد قدرات إسرائيل النووية، حسبما يقول ساجد عزيز. لطالما اعتمدت إسرائيل سياسة التعتيم المتعمد فيما يتعلق بحيازتها أسلحة نووية، وفي هذا الصدد، يبيّن عزيز كيف قدّمت الحكومات الأميركية المتعاقبة الدعم لإسرائيل في هذا المجهود. وفيما تواصل الولايات المتحدة دعم الحملة الإسرائيلية في غزة وتكتفي بإدانة خجولة للتموضع النووي الإسرائيلي، يعتبر عزيز أنها ربما تقوّض الجهود العالمية التي تسعى إلى حظر الانتشار النووي.

يتمعّن محمود جوادي عن كثب في النظام العالمي المعني بعدم الانتشار النووي، ويشير إلى أن الاستفزازات الإسرائيلية والإيرانية على السواء ستؤدي على الأرجح إلى استمرار فكرة الردع النووي لدى الدول العربية. لكن، وعلى الرغم من احتدام التشنجات، يوضح جوادي أنه يمكن أن يكون هناك تكامل بين مبادرتين ديبلوماسيتين تتمثّلان في معاهدة حظر الأسلحة النووية والتوجه لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية، بحيث تعزز كل منهما الأخرى، وقد توفّران السبيل الأفضل لكبح انتشار الأسلحة النووية في المنطقة.

 

بوحٌ نووي..

في هذه المناقشة، يتحدث اثنان من كُتاب صدى عن تهديد الحرب النووية في خضم احتدام التشنجات في مختلف أنحاء المنطقة.

كشفت الحرب الإسرائيلية في غزة النقاب عن أحد الأسرار الأسوأ حفظًا في الشرق الأوسط.

ساجد عزيز

ساجد عزيز باحث مستقل يركز على مسائل الأمن والسياسة الخارجية. عمل سابقًا مستشارًا لدى مركز الأبحاث Strategic Policy Planning Cell (SPPC) الذي يتّخذ من إسلام أباد مقرًّا له. لمتابعته عبر منصة "إكس": @SajidAz11388239.

تسلّط الأزمات الخطيرة الضوء على خفايا عميقة. في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بعد أقل من شهر على بدء الحرب الإسرائيلية في غزة، أشار وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو إلى أن إلقاء قنبلة نووية على غزة هو أحد الخيارات الممكنة. صحيح أن إلياهو تعرّض لتأنيب علني من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعُلِّقت مشاركته في اجتماعات مجلس الوزراء، ولكنه احتفظ بمنصبه في الحكومة، لا بل أعاد تأكيد موقفه المؤيد لاستخدام السلاح النووي في أواخر كانون الثاني/يناير.

حيازة إسرائيل أسلحة نووية حقيقةٌ معروفة منذ وقت طويل، ولكن نادرًا ما يؤكدها المسؤولون الإسرائيليون. ففي إطار سياسة تُعرَف بـ"عميموت" – وهي كلمة عبرية تعني التعتيم أو الغموض – يمتنع القادة الإسرائيليون عن نفي أو تأكيد حيازة بلادهم للأسلحة النووية، بزعم الحفاظ على عدم الانتشار النووي في الشرق الأوسط. يُشار إلى أن البرنامج النووي الإسرائيلي يعود إلى خمسينيات القرن العشرين، حين أُنشئ مركز الأبحاث النووية في النقب بالقرب من ديمونة. وحظي البرنامج، في سنواته الأولى، بالدعم من فرنسا التي زوّدته بالمفاعلات النووية وتكنولوجيا فصل البلوتونيوم، وحتى إنها تشاركت، وفقًا لبعض التقارير، بيانات الاختبارات النووية مع إسرائيل. وفي حين أن إسرائيل طوّرت، حسبما أُفيد، سلاحها النووي الأول في منتصف ستينيات القرن العشرين، تملك الآن مخزونًا مؤلَّفًا من تسعين سلاحًا، وقد كشفت دراسات صدرت في العقود الأخيرة مزيدًا من التفاصيل عن قدراتها.

أثارت تصريحات إلياهو انتقادات واسعة على الصعيدَين الإقليمي والدولي، وتجددت الدعوات للمبادرة بصورة عاجلة إلى بذل جهود لحظر الانتشار النووي. ففي مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أدان ممثّلو الصين وإيران والدول العربية تصريحات إلياهو، خلال مشاركتهم في مؤتمر للعمل من أجل جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية. وقد اعتبرت إيران أن حيازة إسرائيل للأسلحة النووية تشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي، أما الصين فدعت من جهتها إسرائيل إلى الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

وفي السياق عينه، اعتبر متحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن الدعوة لاستخدام الأسلحة النووية في غزة "غير مقبولة". ولكن، وفي محاولة منه لإرساء توازن قسري، حثّ "جميع الأطراف على الامتناع عن التصرفات الشائنة". وبصورة عامة، كان الرد الأميركي على حيازة إسرائيل للأسلحة النووية فاترًا ومتراخيًا، ما يعكس الأنماط التي سادت في السابق، باستثناء السياسة التي انتهجتها إدارة أيزنهاور. فعلى سبيل المثال، في عام 1968، حين أبلغ مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه)، ريتشارد هلمز، الرئيس الأميركي ليندون جونسون بأن هناك معلومات استخبارية ملموسة عن الأسلحة النووية الإسرائيلية، طلب منه الرئيس إخفاء المعلومات لتجنّب اتخاذ أي إجراء على صعيد السياسات.

منذ تسلّم إدارة كلينتون الحكم، حصلت إسرائيل على ضمانات بأن الجهود التي تبذلها واشنطن لضبط التسلّح في الشرق الأوسط لن تؤثّر في البرنامج النووي الإسرائيلي. وحتى عام 2020، منعت الولايات المتحدة الشركات من نشر صور عالية الدقة تلتقطها الأقمار الصناعية لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة بموجب تعديل كايل-بينجامان. علاوةً على ذلك، بذلت إسرائيل جهودًا دؤوبة لتقويض المساعي الهادفة إلى منع الانتشار النووي من خلال خطواتها التي تتعارض مع خطة العمل الشاملة المشتركة التي هدفت إلى وقف البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات، في ممارسة تتنافى حتى مع النصيحة التي أسدتها أجهزتها الاستخبارية.

ثمة تناقض شديد بين النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة في مقاربتها للأسلحة النووية الإسرائيلية وبين أسلوبها في التعامل مع إيران، وذلك بتوجيهٍ من الاعتبارات الجيوسياسية التي تطغى على الالتزام بمنع الانتشار النووي. وحتى عندما امتثلت إيران للشروط التي فرضتها خطة العمل الشاملة المشتركة، انسحبت إدارة ترامب أحاديًا من الاتفاق النووي، ورفضت إدارة بايدن استئناف العمل به.

إن الولايات المتحدة، ومن خلال استمرارها في تقديم الدعم غير المشروط لإسرائيل خلال النزاع في غزة، حتى في وجه الخطاب النووي الخطير، لم تجازف بالتسبب باحتدام التشنجات في المنطقة فحسب، بل أبقت أيضًا على ازدواجية المعايير النووية. يقوّض هذا النهج المصداقية الأميركية في ضمان الأمن والاستقرار، بينما يتسبب بإضعاف النظام العالمي لعدم الانتشار في مرحلةٍ تشتد فيها الحاجة إليه أكثر من أي وقت مضى.

 

مساران نحو شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية

في هذه المناقشة، يتحدث اثنان من كُتاب صدى عن تهديد الحرب النووية في خضم احتدام التشنجات في مختلف أنحاء المنطقة.

في مواجهة التهديدات النووية المتصاعدة، فإن معاهدة حظر الأسلحة النووية والجهود الجارية لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية هي مساعٍ مفيدة لجميع الأطراف.

محمود جوادي

محمود جوادي باحث في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي في جامعة Erasmus University Rotterdam (EUR)، وقد عمل سابقًا في مركز كارنيغي أوروبا حيث أجرى أبحاثًا عن العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي. يشارك في تمثيل جامعة EUR في التجمع المعني بعدم الانتشار ونزع السلاح التابع للاتحاد الأوروبي. لمتابعته عبر منصة "إكس": @mahmoudjavadi2.

اختُتم الاجتماع الثاني للدول الأطراف في معاهدة حظر الأسلحة النووية في كانون الأول/ديسمبر 2023. وقد برزت المعاهدة، التي دخلت حيّز النفاذ في عام 2021، بمثابة استجابة لخيبة الأمل العالمية من التقدّم البطيء في نزع السلاح النووي على النحو المنصوص عليه في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لعام 1970. ولغاية شباط/فبراير 2024، وقّعت ثلاث وتسعون دولة على معاهدة حظر الأسلحة النووية، وصادقت تسع وستون دولة منها على المعاهدة أو انضمت إليها. فضلًا عن ذلك، تُعتبَر ثلاث وأربعون دولة من الدول غير الأطراف في المعاهدة وغير الموقِّعة عليها، "داعمين آخرين" للمعاهدة نظرًا إلى تصويت هذه الدول لصالح إقرارها في عام 2017. وتبعًا لذلك، فإن ما يناهز 70 في المئة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمراقبين الدائمين يؤيّدون المعاهدة بصفات مختلفة.

وقد وقّعت ست دول من بين الدول الاثنتين والعشرين الأعضاء في الجامعة العربية، وهي الجزائر وليبيا والسودان وجيبوتي وفلسطين وجزر القمر، على المعاهدة مع الإشارة إلى أن فلسطين وجزر القمر هما دولتان طرفان في المعاهدة. ويمثّل العالم العربي جزءًا مهمًّا من الداعمين الآخرين للمعاهدة الذين يضمون أربع عشرة دولة عضو في الجامعة العربية. تُصنَّف سوريا والسعودية في خانة الدول المترددة، أي الدول التي لا تبدي تأييدها ولا معارضتها للمعاهدة. وبالتالي فإن العالم العربي بأكمله تقريبًا يعترف بمعاهدة حظر الأسلحة النووية باعتبارها "إضافة مهمة للنظام العالمي لنزع السلاح النووي ومنع انتشاره".

وليست هذه الاستجابة لمعاهدة حظر الأسلحة النووية سوى المثال الأحدث على الدعم العربي الطويل الأمد لعدم الانتشار النووي في الشرق الأوسط الأوسع. فبعد دخول معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية حيّز النفاذ، اشتركت مصر وإيران ما قبل الثورة في رعاية قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة في آب/أغسطس 1974 يدعو إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. ومنذ ذلك الحين، رفع العالم العربي باستمرار لواء هذه القضية، ولو كان نجاحه محدودًا في هذا الصدد. وفي عام 2018، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد مؤتمر سنوي بشأن إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وانعقدت الدورة الرابعة للمؤتمر في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وقد حظيت فكرة إنشاء هذه المنطقة باعتراف عام في إطار معاهدة حظر الأسلحة النووية.

ولكن على الرغم من هذا الاعتراف، حالت عوامل عدّة دون تأييد الدول العربية الكامل لمعاهدة حظر الأسلحة النووية. وعلى وجه الخصوص، عزز غموض إسرائيل المتعمد بشأن برامجها النووية، مقرونًا بطموحات إيران النووية والتهديدات العسكرية الأخرى، عزّز لدى البلدان العربية فكرة أن الأسلحة النووية هي عوامل ردع أساسية. في حين أن حيازة هذه الأسلحة ستكون في الواقع أمرًا صعبًا، إن لم يكن مستحيلًا، للدول العربية، إلا أن هذه الدول قد تمتنع عن المصادقة على معاهدة حظر الأسلحة النووية من أجل الحفاظ على هذا الخيار.

لقد انطبع تصاعد التشنّج في الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة بالخطاب النووي الاستفزازي الذي تعتمده إسرائيل تجاه الفلسطينيين، وبافتقار طهران المتزايد إلى الشفافية فيما يتعلق ببرامجها النووية، على الرغم من الاتفاق النووي المتمثل بخطة العمل الشاملة المشتركة. وهذا يقدّم نظرة قاتمة بشأن إمكانية قبول معاهدة حظر الأسلحة النووية على نطاق واسع في العالم العربي في وقتٍ قريب: فغالب الظن أن الاستفزازات النووية المستمرة من جانب إسرائيل وإيران على السواء ستؤدي إلى استمرار مفهوم الردع النووي.

ولكن يمكن أن يكون إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط والانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية خطوتَين مفيدتين لجميع الأطراف. ومن خلال إدماج العمل على جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية في جدول الأعمال الرئيس المستقبلي لمعاهدة حظر الأسلحة النووية، يمكن أن تكون المعاهدة بمثابة أداة قانونية وسياسية إضافية للعالم العربي. ومن أجل استقطاب الدول العربية للانضمام إلى المعاهدة، ينبغي على الدول الأطراف في المعاهدة الاستفادة من الفترة المقبلة الواقعة ما بين دورتَين، والتي تمتد حتى عام 2025، لإقرار إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط ضمن إطار معاهدة حظر الأسلحة النووية وتشكيل فريق عمل لتحديد أفضل السبل لتيسير إقامة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية.

في المقابل، ومن أجل إضفاء مصداقية على هذا النهج، ينبغي على المجموعة العربية والدول العربية الأعضاء في معاهدة حظر الأسلحة النووية أن تعترف صراحةً، في بياناتها في لجنة نزع السلاح التابعة للأمم المتحدة وفي الجمعية العامة وسائر المحافل، بأن المعاهدة هي مسار مكمّل لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن عملية التعزيز المتبادل قد لا تسفر عن نتائج فورية، فهي تتماشى مع تطلّعات دعاة معاهدة حظر الأسلحة النووية والعالم العربي على السواء، الذين يرفضون الوقوف مكتوفي الأيدي في وقتٍ تتفاقم فيه المخاطر النووية.

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,185,390

عدد الزوار: 7,018,533

المتواجدون الآن: 63