الربيع العربي والعاصفة

الربيع العربي والعاصفة
مر الربيع العربي بعاصفة مؤخرا· وبرغم تواصل الشكوك بشأن اتجاه الانتفاضات، فقد حقق التحول التاريخي ثلاثة انتصارات كبيرة·أولا، كان هناك قرار جامعة الدول العربية بتعليق عضوية سوريا لفشلها في تنفيذ خطة السلام التي وقعتها في الثاني من نوفمبر لسحب قواتها من المدن· ومع رفض دمشق السماح لبعثة المراقبة في البلد·

فقد اعتمد وزراء الخارجية العرب فرض عقوبات· كما انضمت تركيا ايضا الى الجامعة لفرض عقوبات اقتصادية خاصة بها على نظام بشار الأسد كما توعدت بذلك·

كان التحول الثاني الملحوظ هو تقرير اللجنة المستقلة في البحرين (BICI) وقبول المملكة السريع للنتائج التي تفصل حجم انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في جزيرة الخليج منذ ان بدأت التظاهرات في فبراير شباط· وسيترقب العالم لمعرفة ما اذا كانت المملكة ستطبق في الواقع الوصفة الطبية لتصحيح اخطائها· وان تصرف المملكة يمكن ان عاملا حاسما في تحقيق الاستقرار في المستقبل والتقدم·

وكان التطور الثالث الملحوظ هو الانتفاضة المصرية الثانية في ميدان التحرير· وقد أوضح باسم صبري، مدير تنفيذي في وسائل الإعلام المصرية والكاتب الذي كان يشارك < التحرير 2.0،> ماحدث قائلا بأن : <الناس في يناير كانون الثاني ثاروا لحكم بلادهم بأنفسهم، ولكن هذا لم يحدث أبدا، ونحن جميعا نشعر أننا نسير إلى الوراء· وقد أدى الافتقار إلى الإصلاح، وتأخير محاكمات الضباط الذين اتهموا بقتل المتظاهرين والتفرق العنيف للاعتصامات الصغيرة الى قول بعضنا بأن الظروف أصبحت الآن أكثر صعوبة مما كانت في ظل نظام [حسني] مبارك·

هناك نقص هائل في الشفافية من جانب النظام ومجلس الوزراء، ومحاولات قمع وسائل الإعلام كثيرة وقوية· كما كانت المحاكمات العسكرية للمدنيين أيضا سببا في اثارة الغضب <· باختصار، لقد شعرت حركة 25 يناير بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة (SCAF) لم يأخذ الدروس من سقوط مبارك بالإصرار على العمل وفق القواعد القديمة نفسها مع الحفاظ على عدم المساس بوضعهم· وقد كان انطلاق ثورة أخرى قبل الانتخابات البرلمانية المقررة، قد تسبب بأن تكتسب الحركة نفوذ أكبر ضد SCAF الذي يهدد البلاد بالشلل· لقد قام المجلس العسكري بتنازلات جدية للعديد من المتظاهرين يوم 24 نوفمبر، ولكن الأمر متروك الآن للمحتجين المصريين للبت في مصير الانتخابات· بالرغم من أن هناك تيارا قويا في الرأي العام التركي يميل إلى الاعتقاد بأن معظم أحداث الربيع العربي قد حاكتها واشنطن، فقد واجهت الادارة الاميركية انتقادات شديدة من الخبراء والناشطين بسبب تباطؤها في اللحاق بركب التطورات في الشرق الاوسط· بعد ثلاثة أيام من الاشتباكات حول التحرير، حيث سقط عشرات القتلى ومئات الجرحى، كانت الولايات المتحدة لا تزال تقاوم إلقاء اللوم على المجلس العسكري ولكن وفي وقت متأخر من بعد ظهر يوم 22 نوفمبر طالب نائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، بن رودس، بوضوح من المجلس العسكري بان <يوقف العنف [···] لاحترام حقوق المتظاهرين السلميين>· وبشأن سوريا أيضا، بدا بأن واشنطن أيضا لم تأخذ زمام المبادرة· حافظت وزيرة خارجية الولايات المتحدة كلينتون، خلال سلسلة من المقابلات في الاسبوع الماضي، على التأكيد على اهمية تركيا و الجامعة العربية في وضع حد لاراقة الدماء هناك ؛ الخط الذي يناسب تماما رغبات هاتين الجهتين اللتين ذكرتا و منذ شهور بأن الحل لسوريا لا يمكن العثور عليه الا على الصعيد الإقليمي>·

في عام حملة الانتخابات الرئاسية، تجد واشنطن بأن ايران هي مشكلة أكثر إثارة من سوريا أو غيرها من التطورات الربيع العربي· يبدو أن سوريا تحصل على مزيد من الاهتمام من واشنطن بسبب قربها وأهميتها لإيران، أكثر من اي سبب آخر· ومع ذلك، حتى لو واشنطن مشغولة مع الأولويات الخاصة بها في السياسة الداخلية والخارجية، فأن تمكين الشعب العربي يدفع السياسيين إلى العمل· دعونا نأمل أنه ببزوغ فجر نظام جديد في الشرق الأوسط تكون فيه الجهات الفاعلة الرئيسة هي شعوب المنطقة التي تريد الكرامة والحرية والديمقراطية·

حرييت ديلي نيوز