السياسة الإسلامية و"العلمانية"

تاريخ الإضافة الجمعة 18 تشرين الثاني 2011 - 5:47 ص    عدد الزيارات 777    التعليقات 0

        


 

السياسة الإسلامية و"العلمانية"
بقلم جوخان باجيك

أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن الولايات المتحدة ستعمل مع الأحزاب الإسلامية في العالم العربي.
لقد تضافرت عوامل كثيرة من منظار تاريخي وجعلت هذا الأمر ضرورياً للولايات المتحدة. فقد أدرك كثرٌ في الغرب، وأخيراً، أن دعم الأنظمة السلطوية العلمانية مكلف، على المستويَين المالي والسياسي على السواء. من جهة أخرى، لا شك في أن الولايات المتحدة تعتبر أنه من شأن الإشراك الجزئي للأحزاب الإسلامية أن يشكّل أيضاً استراتيجيا حقيقية لإحداث تحوّل لديها. فسوف تدفعها مشاركتها في اللعبة السياسية إلى سلوك طريق الاعتدال.
منذ عام 2000 أدّت تركيا دوراً أساسياً في إقناع الولايات المتحدة باتّخاذ موقف أكثر إيجابية من السياسة الإسلامية. لقد أبقى "حزب العدالة والتنمية" بقيادة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، وعلى الرغم من خلفيته الإسلامية، على مستوى عالٍ من التعاون مع الحكومة الأميركية إلى درجة أن العديد من الخبراء يعتبرون أن "تركيا أصبحت المتعاقد الباطني للولايات المتحدة في المنطقة". لقد محا أردوغان إلى حد ما الإرث الضار للنظام الإيراني، فجرى التخلّي عن القراءة السلبية والنمطية للسياسة الإسلامية.
بيد أن هذه العملية محفوفة بالمخاطر بالنسبة إلى السياسيين الإسلاميين. أولاً، لا يملك أي حزب إسلامي القدرة على الفوز بغالبية قوية في الانتخابات. حتى في تونس، يحتاج "حزب النهضة" إلى شريك ائتلافي. ثانياً، عندما يصل اللاعبون الإسلاميون إلى السلطة، يرثون مشكلات جمة. فاعتباراً من عام 2010، بلغ معدل البطالة في تونس 14 في المئة.
والتوقّعات الاجتماعية مرتفعة جداً في بلدان مثل تونس ومصر، ولذلك لن يكون الحكم في هذه المجتمعات سهلاً. الإخفاق (المرجّح) للأحزاب الإسلامية الحاكمة في معالجة مشكلات مجتمعاتها قد يؤدّي هذه المرة إلى تهميش السياسة الإسلامية في المدى الطويل. وهكذا إذا فشلت الأحزاب الإسلامية مثل "النهضة" في حل المشكلات التي تتخبّط فيها مجتمعاتها، فقد تتبدّد الآمال التي علقّتها الملايين عليها.
لا تزال الكتابات عن الربيع العربي تتفاعل. لكن يمكن القول بسهولة إن السبب الفعلي للأحداث في تونس ومصر وليبيا هو فشل هذه الأنظمة العربية في إدارة اقتصاداتها. لقد أدّت أسباب أخرى، مثل الأسباب الدينية أو الإتنية، أدواراً مهمّة، لكن السبب الجامع الذي التقت حوله مختلف المجموعات هو المشاغل الاقتصادية. قريباً، سوف يحكم الناس على أداء الحكومات التي ستتشكّل بعد الربيع العربي انطلاقاً من معدّلات التضخم والبطالة، أي "بحسب سعر البطيخ الأصفر".
على الأرجح أن المشكلات التي تتربّص بالعالم سوف تدفع الفاعلين الإسلامين في اتّجاهين أساسيين: أولاً، سوف يسعون لبرهة إلى تشكيل ائتلافات. فكي لا يقع الفاعلون الإسلاميون فريسة المشكلات الضخمة التي تنتظرهم، قد يدفعون في اتجاه نموذج ائتلافي يجري فيه تقاسم المسؤوليات بين المجموعات الإسلامية والعلمانية. ثانياً، سوف يعمد النظام العربي الجديد في كل من تونس وليبيا إلى تحديث علاقاته مع المنظومة الرأسمالية العالمية. يقودنا هذا إلى السؤال الكبير: من سيكون شركاء الفاعلين الإسلاميين على المستوى العالمي؟ بما أن الحياد لا ينفع الآن، سوف يحاول الفاعلون الإسلاميون إجراء قراءة انتقائية للسياسة العالمية، مما سيضعهم في النهاية في موقع أقرب إلى المنظومة العالمية.
لكن هذه المسائل لن تكون العائق الحقيقي. فمصدر القلق الأساسي للسياسة الإسلامية سيتمثّل في الانقسامات داخل المجموعة الواحدة. وهكذا فيما تحاول السياسة الإسلامية تطوير استراتيجيا عالمية، سوف تسعى أيضاً إلى تجاوز المنافسة بين البراغماتيين والمثاليين.


(زمان التركية ترجمة نسرين ناضر)      

 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,124,216

عدد الزوار: 6,935,806

المتواجدون الآن: 77