كي تردعوا إيران، اتّكئوا على الصين

تاريخ الإضافة الجمعة 11 تشرين الثاني 2011 - 4:15 ص    عدد الزيارات 725    التعليقات 0

        

كي تردعوا إيران، اتّكئوا على الصين
بقلم إيلان برمان

تتحوّل الصين عامل تمكين أساسياً لإيران، إذ تمدّها بالجزء الأكبر من المعدّات التي تحتاج إليها لمواصلة العمل على برنامجها النووي على الرغم من العقوبات الدولية.

أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً عن البرنامج النووي الإيراني. وهو يُقدِّم الدليل الأكثر إقناعاً حتى الآن عن أن إيران تقترب من إنتاج سلاح نووي.
لكن في الوقت الذي توشك فيه إيران على عبور العتبة النووية، لعل الطريقة الفضلى لردعها هي معاقبة الشركات الصينية التي تزوّد طهران بالإمدادات وتُمكِّنها من التقدّم على الطريق النووي.
يبدو أن إدارة أوباما تفهم ذلك. ففي الزيارة التي قام بها ديفيد س. كوهين، مساعد وزير الخزانة الجديد لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، إلى الصين في أواخر أيلول الماضي، تلقّت بيجينغ التحذير الأوضح حتى الآن من أن مصارفها ومؤسساتها المالية قد تواجه عقوبات إذا استمرّت في التعامل مع كيانات إيرانية.
إنها خطوة مهمّة. فقبل أكثر من عام، أقرّ الرئيس أوباما سلسلة من العقوبات الشديدة التي تهدف إلى كبح جماح قطاع الطاقة الإيراني. لكن حتى الآن، جرى التغاضي إلى حد كبير عن الانخراط الصيني مع إيران.
الروابط بين البلدَين واسعة، وتزداد اتّساعاً. ففي الأعوام الأخيرة، تكوّن لدى الصين، بدفعٍ من ديناميتها الاقتصادية، نهمٌ شديد حيال مصادر الطاقة. فأصبحت إيران الغنية بالطاقة شريكاً استراتيجياً طبيعياً لها. عام 2009، احتلّت إيران المرتبة الثانية في قائمة البلدان التي تصدّر النفط إلى الصين، وبلغت حصّتها حوالى 15 في المئة من الواردات السنوية الصينية.
في المقابل، ساعدت الصين إيران وحفّزتها في سعيها لامتلاك القدرة النووية. فعلى الصعيد الديبلوماسي، فعلت ذلك عبر تعقيد الإشراف على البرنامج النووي الإيراني وممانعة فرض عقوبات جدّية على طهران. وفي تصرّف أكثر مباشرةً (وخطورة)، أشاحت بنظرها عن حيازة إيران تكنولوجيا وموادّ حسّاسة من مصادر صينية لبرنامجها النووي.
ومع مرور الوقت، تكوّن لدى القادة الصينيين اقتناع بأن واشنطن تضع التجارة الثنائية مع بيجينغ قبل المشاغل الأمنية التي تطرحها إيران، ولذلك لن تفرض عقوبات جدّية على التعامل الصيني مع إيران. وقد أتاح ذلك للمسؤولين الصينيين أن يدّعوا دعم الجهود الدولية الهادفة إلى كبح البرنامج النووي فيما يؤدّون في الخفاء دوراً أساسياً في تحفيز المسعى النووي الإيراني. النتيجة واضحة: في الموضوع الإيراني، ليست الصين جزءاً من الحل بل هي جزء من المشكلة.
تتحوّل الصين، كما لفت ديفيد ألبرايت من معهد العلوم والأمن الدولي، عامل تمكين أساسياً لإيران، إذ تمدّها بالجزء الأكبر من المعدّات التي تحتاج إليها لمواصلة العمل على برنامجها النووي على الرغم من العقوبات الدولية. قال ألبرايت في وقت سابق هذا العام "لا تطبّق الصين ضوابطها التجارية أو قوانين العقوبات كما يجب". في الواقع، إذا شنّت الصين حملة منسَّقة ضد الشركات التي تتعامل مع إيران في مجال التجارة النووية، فسوف يؤدّي ذلك إلى شلّ البرنامج الذري الإيراني.
تاريخياً، أحجمت واشنطن القلقة من التأثيرات الاقتصادية التي يمكن أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار، عن ممارسة ضغوط على بيجينغ على خلفية روابطها مع إيران. لكن إذا كانت إدارة أوباما تسعى جدياً إلى وقف البرنامج النووي الإيراني، عليها أن تفعل ذلك من طريق فرض عقوبات على شركات مثل "شركة الصين الوطنية للنفط البحري" (كنوك) التي تعمل على تطوير حقل فارس الشمالي الضخم للغاز الطبيعي في إيران منذ عام 2006، وشركة "بتروتشاينا" (التي تشرف على استيراد نحو ثلاثة ملايين طن من الغاز الطبيعي المسيل من إيران سنوياً). الشركتان متداولَتان في بورصة نيويورك، وتخضعان تالياً للعقوبات بموجب القوانين المرعية الإجراء. كان الهدف من الزيارة الخاطفة التي قام بها كوهين إلى بيجينغ إقناع الحكومة الصينية بوجوب كبح علاقاتها بطهران بصورة حاسمة، وإلا ستواجه عواقب اقتصادية كبيرة. يجب أن تقترن هذه الرسالة بتطبيق عقوبات اقتصادية ملموسة – من فرض حظر على مشاريع الطاقة الصينية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها إلى حظر المعاملات المالية الخاضعة للسلطة الأميركية – من أجل إقناع الشركات الصينية، وبينها "كنوك" و"بتروتشاينا"، بتقليص علاقاتها الاقتصادية مع إيران. وفي الوقت نفسه، يجب فرض مزيد من العقوبات الاستهدافية وتجميد مزيد من الأصول لقطع الطريق على الصينيين، أفراداً وكيانات، الضالعين حالياً في التقدّم النووي الإيراني.
أخيراً وليس آخراً، يكمن الأمل الأفضل والأخير لكبح الاندفاعة النووية الإيرانية بطريقة سلمية في إقناع بيجينغ بأن "مواصلة التعامل كالمعتاد" مع طهران لم تعد ممكنة بكل بساطة.


(نائب رئيس المجلس الأميركي للسياسة الخارجية ترجمة نسرين ناضر)      

 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,063,282

عدد الزوار: 6,750,853

المتواجدون الآن: 102