نجاد: إيران مختلفة عن سوريا.. والقمع هناك لن يفيد

تاريخ الإضافة السبت 24 أيلول 2011 - 7:13 ص    عدد الزيارات 721    التعليقات 0

        

 

           
 
نجاد: إيران مختلفة عن سوريا.. والقمع هناك لن يفيد
الرئيس الإيراني في مقابلة تنشرها «الشرق الأوسط»: كنت مدرسا.. وأصبحت رئيسا
نيكولاس كريستوف*
في مقابلة على هامش حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قدم الرئيس الإيراني عدة أغصان زيتون؛ مرة عندما قدم التحية لكل قراء «نيويورك تايمز»، وأخرى عندما جرى إطلاق الأميركيين اللذين كانا مسجونين في إيران بعد ساعات من إجراء المقابلة، والأهم أنه كرر العرض الذي تحدث به سابقا في مقابلة مع «واشنطن بوست» بأن بلاده مستعدة لوقف أنشطة تخصيب اليورانيوم إذا قدم الغرب اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة. وقال إن إيران ستتخلى بأريحية عن أنشطة التخصيب إذا حصلت على هذا اليورانيوم اللازم لعلاج السرطان. وعندما سئل في المقابلة عما إذا كان يتحدث عن القيادة الإيرانية كلها، أكد أن لديه سلطة كاملة وبالنسبة إلى سوريا حليفته فقد طالبها بوقف العنف ضد المحتجين، مؤكدا أن الصدامات والمواجهات لن تفيد، وقد فرق بين ما يحدث في سوريا والاحتجاجات التي حدثت في إيران بعد إعادة انتخابه. وإلى نص المقابلة:
* سيادة الرئيس، مرحبا بك في نيويورك. وشكرا على منح هذا الوقت. لو سمحت، أود البدء بالسؤال عن الأميركيين الاثنين اللذين كانا يتجولان. قلت في 13 سبتمبر (أيلول) إنه سيطلق سراحهما خلال يومين. ما الذي حدث؟ ومتى سيتم تسليمهما؟
- أحمدي نجاد: باسم الله الرحمن الرحيم. بعد إذنك، أود توجيه التحية لجميع قرائك والقراء على شبكة الإنترنت، وأتمنى لهم جميعا التوفيق وأن تتنزل عليهم الرحمات من الله. وكما تعلم، فقد دخل المواطنان الأميركيان إلى حدودنا بصورة غير قانونية، ولذلك قمنا بمقاضاة سليمة عبر قنوات سليمة في القضاء. وقد بُذلت جهود لإطلاق سراحهما. ولكن أعتقد أن كافة الحكومات لديها عقوبات قوية حال اختراق حدودها السيادية بصورة غير قانونية. وقد بذلنا جهودا لإطلاق سراحهما في أقرب وقت ممكن، إن شاء الله، وسيحدث ذلك بإذن الله (أطلقت إيران سراحهما أول من أمس ووصلا إلى سلطنة عمان التي دفعت كفالتهما).
* في جانب آخر من العلاقات الإيرانية - الأميركية، قلت إنه إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لتقديم يورانيوم منخفض التخصيب بدرجة 20%، ربما توقف إيران التخصيب لهذا المستوى. أما زال هذا المقترح مطروحا على الطاولة؟ لقد قيل إن عباسي دافاني، رئيس البرنامج النووي الإيراني، قال إن هذا المقترح لم يعد مطروحا؟
- من سمعتُ منه ذلك سيدي؟
* نُقل ذلك عن عباسي دافاني، قبل مقابلتك مع صحيفة «واشنطن بوست». ما قاله هو أن إيران لن تتفاوض بعد الآن بشأن تبادل وقود ووقف إنتاج الوقود وأن الولايات المتحدة ليست ببلد آمن يمكن التفاوض معه بخصوص تبادل الوقود أو بخصوص أي قضية أخرى.
- نعم، هذا تنازل تاريخي من جانبنا. لقد أجريت محادثات وتم التوصل إلى اتفاقات مرات كثيرة، ولم تظهر أي نتائج، وأعني بذلك أي نتائج ملموسة. وربما كان هذا وحده سبب شعور الدكتور عباسي بالإحباط. أنا متأكد أنك تذكر، إننا ساعدنا هذه المحادثات، ولكن تحول ذلك إلى فرصة سياسية لصالح الدول الغربية. لو أعطونا اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة هذا الأسبوع، سنوقف تخصيب اليورانيوم محليا لدرجة 20 في المائة هذا الأسبوع. كل ما نريده هو تخصيب بدرجة 20 في المائة لنستخدمه في الاستهلاك المحلي. وإذا أعطونا ذلك وفقا للقانون الدولي وبموجب قوانين الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن دون شروط مسبقة، سنوقف التخصيب المحلي. ليس هذا بالشيء الذي نرغب في إنتاجه وبيعه في الأسواق. وكما تعلم فإن اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة لا يفيد في شيء غير إنتاج أدوية لعلاج السرطان، ولن ينفع في محطة توليد الكهرباء.
* يتمثل أحد المخاوف التي لدى الغرب إزاء هذا المقترح في قضية التأكد من تنفيذ ذلك. كانت المنشأة الموجودة خارج مدينة قم سرية حتى تم اكتشافها، وتوجد مخاوف من أن إيران تقوم بالتخصيب في أماكن لا نعرف عنها شيئا. كيف تتعامل مع ذلك؟ وهل أنت مستعد لأن ترفق مع هذا المقترح إجراءات قوية تساعد على التأكد من تنفيذ ذلك؟
- وفقا لميثاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكننا القيام بهذه الأنشطة ولكن يجب علينا إخطار الوكالة بذلك قبل 6 أشهر من بدء التخصيب. وفي المنشآت الموجودة حول مدينة قم المقدمة، فقد أخطرنا الوكالة قبل بدء التخصيب بـ18 شهرا. وعليه ما القواعد التي خالفناها؟ للأسف، الضغوط السياسية التي تُمارس على الوكالة الدولية للطاقة الذرية صرفتها عن مهمتها الأساسية. ومرة أخرى، فإنه بموجب القانون كنا ملتزمين بإخطارهم قبل بدء التخصيب بستة أشهر، ولكننا أخطرناهم بذلك قبل 18 شهرا. وعليه فإننا لم نرتكب أي خطأ. ولكن تحت ضغوط من الحكومة الأميركية وحكومات أخرى، رضخوا لهذه الضغوط السياسية. ولو تحركوا بموجب القوانين، لن تكون هناك أي قضية ذات صلة بنا، ولن تكون أمامنا أي معارضة. تتمتع جميع منشآتنا بشفافية، وستظل كذلك، وجميعها مفتوحة أبوابها أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومثبت فيها كاميرات تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل المراقبة المستمرة.
* أريد فقط التأكد من أنني أفهم الخطوط العريضة لهذه الصفقة، إذا قدمت الدول الغربية وقودا مخصبا بنسبة 20 في المائة لمفاعل طهران، حينها ستقوم إيران بوقف جميع التخصيب الأعلى، هل هذا صحيح؟
- نعم، نعم، لقد قلنا ذلك من قبل. وقلنا ذلك مرات عدة، هذا ليس بالشيء الجديد.
* قبل طرح قضية نقل الوقود خارج إيران، بدا أن هناك خلافا بينك وبين شخصيات أخرى في الدولة. هل واضح أنك ومرشدك الأعلى متفقان على ذلك؟ وأنك تتحدث باسم الدولة بالكامل في هذه القضية؟
* متى كانت هناك مواقف مختلفة؟ متى تحدثنا بشيء لا يعبر عن موقف موحد؟ لم يكن هناك اختلاف في الآراء. ومرة أخرى، إذا أعطونا يورانيوم مخصبا بنسبة 20 في المائة، وفقا لأعراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يجب أن يعطونا الوقود ويحصلوا على التعويض المناسب لذلك. وسيكون أي شيء خارج هذا الإطار غير قانوني. مرة أخرى لن يفيد اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة في أي شيء سوى الاستخدام في مفاعل ينتج دواء لعلاج السرطان. لا يمكن استخدامه لإنتاج الطاقة، ويجب تخزينه في منشأة حساسة جدا ومرتفعة التكلفة. لا يوجد استخدام آخر له. يجب أن يستخدم اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة في أغراض طبية، التي من أجلنا بنينا مفاعلا، وهناك فقط استطعنا إنتاج 10 كيلوغرامات. لو كانوا مستعدين لأن يبيعوا لنا اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، كنا سنفضل شراءه، وكان سيصبح أقل تكلفة. يشبه الأمر شراء سيارة، فعندما لا يريد أحد أن يبيعها لك، يجب عليك إنشاء خط إنتاج خاص لإنتاج سيارتك الخاصة. ما هو الطريق الأكثر راحة وأقل تكلفة بالنسبة لك؟ لقد أجبرنا على تأسيس مصنع لكمية صغيرة جدا. وهذه ليست السلعة أو البضاعة التي يمكننا أخذها للسوق وبيعها وتحقيق أرباح.
* هل قد تظهر ثمة ظروف يحتمل بموجبها أن تنقل إيران مواد نووية أو تقنية نووية إلى دولة أخرى؟
- لقد وافقنا حتى على ذلك، على الرغم من أنه كان شرطا مسبقا وغير قانوني في أساسه. كنا راغبين في تبادل الوقود في البرازيل أو تركيا، ولكن الحكومة الأميركية، حسنا ماذا أقول؟ إنها الحكومة الأميركية.
* كُتب الكثير عن «ستوكس نت» (الدودة الإلكترونية) وكتب الكثير في هذه الدولة عن «ستوكس نت». هل يمكن أن تخبرنا إلى أي مدى أعاق ذلك أجهزة الطرد المركزية في إيران؟ وما المدى الذي وصلت إليه المشكلة؟ وهل تم تحل ذلك بدرجة كبيرة في الوقت الحالي؟
- لم يحقق ضررا في أي مستوى، فهذه الأشياء لا تضر إيران، فلدينا متخصصون في البرامج ومتخصصون في البرمجيات على درجة كبيرة من الخبرة. وفي الواقع، لا يمكن لأحد أن يعيق إيران بفيروس عبر الإنترنت.
* في عام 2003، كان هناك نقاش حول صفقة كبرى بين إيران والولايات المتحدة تساعد على حل الكثير من هذه القضايا. وفي ذلك الوقت بدت إيران منفتحة على هذه الصفقة. في رأيك، هل ما زالت الصفقة الكبرى قابلة للتطبيق بين إيران والولايات المتحدة في الوقت الحالي؟
- دائما ما نتحلى بعقل منفتح، ولطالما كنا منفتحين. وقد قمنا طوعا بإغلاق منشآتنا لمدة عامين ونصف العام، ونفذنا طوعا كافة الشروط. ولكن للأسف بدلا من التلطيف من اتهامات لا أساس لها، زادت هذه الاتهامات. ولذا قررنا العودة إلى نص القانون، لا أكثر ولا أقل. وبالطبع نحن مستعدون للتعاون. ولطالما كنا جاهزين ومستعدين للتعاون وبدء الحوار. ليكن بيننا حوار. ليكن هناك تخصيب متبادل وتخصيب متعدد الأطراف. ولكن للأسف هذه هي الحكومة الأميركية. إنهم يميلون إلى التصرف بشكل منفرد وإجبار أطراف على القيام بأشياء معينة. إذا عدنا إلى روح ونص القوانين والعدل والإنصاف للجميع، سنتغلب على معظم التحديات. كيان لديه 5000 - 7000 سلاح نووي في ترسانته، هل هذا كيان في موقع يؤهله لأن يطلب من الآخرين عدم الحصول على أسلحة نووية؟ هل هذا إنصاف؟ ولكن هذه ليست نيتنا. نرغب في استخدامها لأغراض سلمية. يقولون لنا إنه لا يمكننا القيام حتى بذلك، على الرغم من أنهم استخدموها من قبل في حرب. هذا ليس إنصافا، وهذا ظلم، ولن يحقق ذلك أي نتائج، فقد ولت هذه الأيام. ولم يعد لهذه الأفكار وهذه السلوكيات القدرة على حل قضايا العالم. يجب تغيير السلوك، لا بد من حدوث تغيير في السلوك. لن يكون في مقدور أميركا إصلاح مشاكلها الاقتصادية والمالية باتهام إيران. دائما ما يعمل سياسيون أميركيون بجد من أجل خلق عدو خارجي أو شر خارجي بهدف تخفيف المشاكل في الداخل. ولكن اسمح لي بطرح سؤال: هل إيران مسؤولة بالفعل عن تحديات الرعاية الصحية والتحديات المالية وتحديات الإسكان والرهن العقاري داخل الولايات المتحدة؟ وعن معدلات البطالة المرتفعة؟ وعن تراجع جودة التعليم؟ هل التخصيب الإيراني مسؤول عن كل هذه التحديات الداخلية؟ وعليه إذا قمنا بحل تحديات تخصيب اليورانيوم الإيراني ستذهب كل هذه المشاكل داخل إيران؟ وعليه فإن العقبة الوحيدة أمام الديمقراطية والاستقرار والأمن في العالم هي إيران؟ هل لن تكون هناك مشاكل في العراق وأفغانستان إذا لم نقم بالتخصيب في إيران؟ هذه حملات دعائية، وقد ألفوا ذلك، وكثيرا ما أحبوا القيام بها. إنهم يحدثون الكثير من الضوضاء، ولذا عليهم أن يفكروا في تغيير سلوكهم وسيتم حل كافة المشاكل.
* من ناحية السلوك، أو من ناحية فرص وجود حوار بين إيران والولايات المتحدة، هل ترى أي اختلاف بين الرئيس أوباما وإدارته وإدارة الرئيس جورج دبليو بوش؟
- حسنا، كنا نأمل أن نرى بعض الاختلافات الملموسة، وكنا نتطلع لأن نرى هذه الفروق. لقد وعد الرئيس أوباما بالتغيير على كل مستوى، وبإجراء تغييرات جذرية. ولكن يشعر الكثيرون بالإحباط. كنا نأمل أن يحدث ذلك. للحوار شروط معينة، وله إطارات طبيعية معينة مرتبطة بالعدالة والاحترام المتبادل والنوايا الخالصة والصداقة والشراكة. لا يمكن أن نرفع عصا فوق رأس أحد ونجبره على الدخول في حوار، فهذا ليس روح الحوار والتعاون أو التفاوض. ومن الناحية الرسمية، قال أوباما إنه يأمل أن يعيق إيران من خلال الحظر، ويعني الحظر التجاري. لم تكن هذه كلمات رئيس. وعلى الرغم من ذلك فإن شعب إيران شعب عظيم وإيران دولة عظيمة. وكما كانت، ستظل من دون الولايات المتحدة، وتستطيع البقاء من دون الولايات المتحدة. ولكن بالنسبة لدولة مثل الولايات المتحدة الأميركية، لم يكن يفترض أن يتحدث رئيسها بهذه الصورة. ربما قال: «أتمنى بدء حوار مع إيران وفق شروط احترام متبادل». لا مشكلة لدينا. وقد قلنا ذلك منذ وقت طويل. في ظل شروط مناسبة ومحترمة ومنصفة، سنجلس ونكون منفتحين للحوار. وأكرر نفس الأمر، وهذا صحيح اليوم. لم نكن نحن الذين لديهم مشاكل مع الولايات المتحدة الأميركية، بل حدث وقف أحادي الجانب للعلاقات الدبلوماسية بدأته الولايات المتحدة. ولم نكن نحن من قمنا بذلك. هل حاولنا يوما أن نأتي إلى الولايات المتحدة لننفذ انقلابا؟ هل قمنا من قبل باحتلال عسكري لدول تقع على الحدود مع الولايات المتحدة؟ وهل هددنا من قبل بعمل عسكري ضد الولايات المتحدة؟ لم نقم يوما بشيء من هذا القبيل. ولكن قامت الحكومات الأميركية المختلفة على مدار الوقت باحتلال أراض تقع على حدودنا، وعرضت أمننا للخطر، وفرضت علينا عقوبات، وتدخلت في شؤوننا الداخلية، وأبدت العداء لنا. لماذا؟ ما الذي قام به الشعب الإيراني لكم؟ ما الذي قامت به الحكومة الإيرانية لكم؟ لم يقوموا بشيء. لقد قمنا بثورة من أجل تحرير أنفسنا، وقمنا بذلك. وقبل تحريرنا، كان هناك حكم ديكتاتوري عنيف مدعوم من الولايات المتحدة وكان ضد الشعب الإيراني. ولكن منذ اليوم الذي استعاد فيه الشعب الإيراني سيطرته على مصيره، وبعد الثورة، تم تنحيتنا جانبا. لماذا؟ اليوم تقول حكومة الولايات المتحدة: «أقف مع الديمقراطية». لماذا تقفون ضد دولة ديمقراطية مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ لن تحققوا مكسبا من ذلك، بل سيكون في صالحكم أن تكونوا صداقة مع إيران. ولكن الصداقة لها إطار محدد. لا يمكن أن ترفع سلاحا في وجه شخص لتجبره على أن يصبح صديقا لك. لن يفلح ذلك. يقولون: «سنضغط على إيران لتدخل في حوار أو مفاوضات». كيف سيحدث ذلك؟ هذه ليست صداقة. ولن يفضي هذا يوما إلى شيء، فإيران دولة عظيمة، ولديها تاريخ يعود لآلاف السنين، ولديها شعب عظيم، ولن يستسلموا بسهولة.
* سيادة الرئيس، أتفق معك في أن إيران دولة عظيمة. والكثيرون منا يوافقون على أن الولايات المتحدة ارتكبت أخطاء فظيعة في الماضي داخل إيران. ولكن مَن ينادي بيننا إلى الحوار وإلى شيء مثل الصفقة الكبرى، يشعر بصراحة بأنه يتعرض إلى تقويض من جانب حكومتكم. ومن الصعب الدفاع عن هذا النوع من الحوار في وقت يظهر فيه نوع من الخداع النووي ويحدث فيه قمع للمعارضين السياسيين ويسجن فيه أميركيون كانوا يتجولون لأسباب نراها غير عادلة لهذه الفترة الطويلة. وعليه، يبدو بالنسبة لنا أن هناك قدرا كبيرا من المسؤولية ملقاة على عاتق حكومتكم.
- أنا لا أقول إن كل طرف لا يتحمل قدرا معينا من المسؤولية، ولكن أسأل: إذا قطع شخص الإشارة الحمراء، هل ستسامحه الشرطة ولن تصدر بحقه مذكرة، لمجرد أنه كان يتجول؟ وإذا قام شخص بخرق القوانين، هل سيسامحه القانون لمجرد أنه كان يتجول؟ في أي دولة يعتبر الاختراق غير القانوني لحدود دولة ذات سيادة جريمة. هل تسمح الحكومة الأميركية للمواطنين الإيرانيين باختراق حدودها والدخول بصورة غير قانونية على مركب عبر المياه؟ هل سيسمحون بشيء مثل هذا؟ إذا ما اخترقوا الحدود أو تسللوا إلى الولايات المتحدة أو دخلوا بصورة غير قانونية، يمكننا أن نقول إنهم كان يتسابقون بالقوارب ولم يكن ينوون القيام بذلك. هل سيكون ذلك مقبولا لدى الولايات المتحدة؟ الإجابة هي: لا. لا يوجد أحد في موقع يمكن من فرض معاييره وتصوراته على شخص آخر. إذا كان هناك اتفاق يجب التوصل إليه، يجب أن نجلس على طاولة الحوار ونصل إلى مسار يعود بالنفع المتبادل. من يقول إن الديمقراطية داخل الولايات المتحدة أقوى منها داخل إيران؟ من قال ذلك؟ هل صحيح أن الشعب الأميركي يتمتع بالسيادة؟ هل الشعب راغب في إنفاق دولاراته داخل أفغانستان والعراق بدلا من إنفاقها عليهم؟ وهل هم مستعدون لفقد أبنائهم وبناتهم على أراض أجنبية من أجل برامج نووية بدلا من أن يحصلوا على هذه الأموال للتعليم والرعاية الصحية؟ عندما لا يكونون سعداء، فإن ذلك يظهر أنهم ليسوا متحكمين في مصيرهم. إنهم لا يحصلون على حق الاختيار. وعليه، فإنه عندما لا تسود رغبة الشعب، فإن ذلك يظهر أنهم لا يشاركون بصورة مباشرة. وعليه فإن الأحزاب السياسية هي المسيطرة هنا.
بالنسبة إلى الديمقراطية، لا بد أن تكون هناك صيغة معينة، ويجب التوصل إلى نموذج يمكن تطبيقه في كافة أنحاء العالم. وبالنسبة إلى سماع صوت الشعب، فإن إيران متقدمة بالمقارنة مع الولايات المتحدة. كنت مدرسا، وانتخبت، لقد انتخبني الشعب، ولم أكن عضوا في أي حزب. والآن أسألك، هل يوجد في الولايات المتحدة مرشح رئاسي لا ينتمي لأي من الحزبين الرئيسيين؟ هل يمكن أن ينتخب؟ الإجابة هي: لا. هل يمكن أن تضع ما يزيد على 300 مليون شخص في حزبين، جمهوري وديمقراطي؟ الإجابة هي: لا. ولكن الأرقام الرسمية لكلا الحزبين ربما لا تتجاوز نصف المليون. وبالنسبة إلى الديمقراطية، لا بد أن يكون هناك حوار واع. لا يمكن لأحد أن يفرض إرادته ورؤيته للديمقراطية على أي شخص آخر بالقوة والسلاح. ولا يمكن لأحد أن يصل لنفس الأهداف بالاتهامات، وبتوجيه اتهامات فارغة. وينطبق نفس الأمر على حقوق الإنسان. يجب أن نجلس جميعا، ونحاول الوصول إلى هدف يعود بالنفع المشترك، وأعني بذلك أهدافا مقبولة وأخلاقية. دائما ما تسعى الحكومة الأميركية لفرض صيغتها وإرادتها على الجميع. ولن يفلح ذلك. وحتى لو ظهر الناتو على المشهد إلى جانب الولايات المتحدة، فلن يفلح ذلك. هل تعتقد أنه يُحافظ على حقوق الإنسان داخل أفغانستان؟ لم يعد الأمن قضية؟ هل الجميع سعداء في أفغانستان اليوم؟ هل هناك استقرار؟ الإجابة هي: لا. ألا ينطبق ذلك أيضا على العراق؟ وعليه فإن السلوك، والطريق الذي اخترناه كان خطأ وما زال خطأ. يجب أن يجلس الجميع، كل من في العالم، معا للوصول لهذه النتائج. لا يمكن لأحد أن يرى نفسه فقط المتحدث باسم كل الإنسانية. يوجد ما يزيد على 300 مليون شخص في الولايات المتحدة وحسب، وهناك الكثير من المواضيع التي تهم خبراء وفلاسفة وعلماء في باقي أنحاء العالم أيضا. ويجب أن يساعد الجميع في وضع صيغة مقبولة لدى الجميع. وفي هذه الحالة فقط، لن يكون هناك اتهامات بلا أساس. نحن مستعدون للمشاركة بفعالية. نحن لا نقول كلمة «تماما» وليست لدينا تحديات أو مشاكل. لم نقل ذلك من قبل. ولا نصدق ذلك، ولكننا لسنا الوحيدين الذين لديهم مشاكل. الولايات المتحدة لديها الكثير بالمقارنة معنا، وكذا الحال مع أوروبا. وينطبق ذلك على الجميع. أظهر لي مكانا واحدا فيه سجل لا تشوبه شائبة في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية. في الولايات المتحدة يقتل أكثر من 30.000 شخص في العام. وفي كل يوم يقتل 30 شخصا في كافة أنحاء الولايات المتحدة على يد الشرطة. هذه الأرقام لها معنى. لا أحاول أن أتهم أو أدين الشرطة داخل الولايات المتحدة، ولكن يظهر ذلك أن ثمة مشكلة هامة وراء ذلك. ويجب أن نحدد هذه المشكلة. إن اتهام أي فرد من دون أدلة وأسس صلبة لن يحل مشاكل أحد.
* بالحديث عن الدول التي لا تتمتع بسجل ناصع البياض، حدثني عن سوريا مثلا وعما ينبغي على الأسد القيام به تجاه الانتفاضة التي تشهدها بلاده.
- سوريا شأنها شأن أي دولة أخرى، لقد قلنا إن عليها الجلوس إلى طاولة الحوار القائم على الاحترام والتفاهم المتبادل لحل مشاكلها. العدل والحرية والاحترام من حق كل البشر، ولم تحل المواجهات والمصادمات المشاكل، بل ستؤدي إلى تفاقمها. وعلى الأطراف الخارجية عدم التدخل، فهي لن تزيد الأمور إلا سوءا ولن تحل بهذه الطريقة.
* لكن كما تقول المصادمات والمواجهات في سوريا أدت بالفعل إلى تفاقم المشكلات. ألا ينطبق هذا على إيران بعد إعادة انتخابك، حيث قتل ما بين 100 و200 شخص وتم اعتقال الخصوم السياسيين. ألا تصغي إلى النصيحة التي تسديها للرئيس الأسد؟
- الوضع مختلف في إيران، حيث لم يفقد سوى 33 شخصا أرواحهم، وكان ثلثا القتلى في صفوف قوات الأمن والمارة الأبرياء، بينما لم يقتل إلا أقل من ثلث الذين دخلوا في صدامات مع قوات الأمن والشرطة. إن العدد قليل جدا.
* ما الذي جال بخاطرك عندما رأيت صورة ندى سلطان؟
- شعرت بأسى وأسف بالغ لعدة أسباب؛ أولا لدينا دليل على أن اللقطة مفبركة وأنها قتلت لاحقا في موقف آخر، وتم عرض هذه الصورة للمرة الأولى على شاشة قناة «بي بي سي». لم يكن لدى أفراد الأمن والمسؤولين أي معلومات بشأن هذا الحادث، لكن إذا قدمت لنا قناة «بي بي سي» الصور كاملة سوف نتمكن من تحليلها والبحث عن الجاني. إنه مشهد مشابه لما يحدث كثيرا في أميركا الجنوبية ودول في أميركا اللاتينية، إنه ليس مشهدا جديدا. وقد أخبروا الذين يشاركون في تلك الأعمال بأنهم سيشتركون في تمثيل مقطع مصور صغير أو فيلم قصير، وبعد انتهائهم يأخذونهم إلى مكان ويقتلونهم. إذا كانت قناة «بي بي سي» راغبة في بث هذا الفيلم، يمكن لأي مشاهد تمييز ما إذا كنا نقول الحقيقة أم هم من يقولون الحقيقة؟
* سيدي الرئيس، صحيح أن الكثير من الانتقادات الموجهة لحكومتكم تأتي من الولايات المتحدة، ولكن لم تكن جميعها من الغرب فقط، فقبل أيام قليلة طالبكم كل من الجنوب أفريقي ديزموند توتو ورئيس تيمور الشرقية راموس هورتا، وكلاهما حائز جائزة نوبل للسلام، بالسماح بتعليم البهائيين ووقف ما اعتبروه اضطهادا للبهائيين. هل يمكنك القيام بذلك؟ وهناك اعتقاد أيضا بأن إيران لديها مشاكل خطيرة في مجال حقوق الإنسان، ما هو ردكم على ذلك؟
- إذا كنت تريد تسييس قضية حقوق الإنسان، فلن يتم حلها أبدا. إنها ليست قضية سياسية، ولكنها قضية إنسانية، هل تعرف شيئا عن الجماعة التي تتحدث عنها؟ هل تعرف تكوينها؟ هل هي جماعة دينية؟ هل هم مجموعة من المؤمنين حقا أم جماعة سياسية أم جماعة أمنية استخباراتية؟ دعونا نعرف تركيبتهم الحقيقية. هل كل شخص في الولايات المتحدة لديه الحرية الكاملة فيما يقوم به؟ ألا توجد هناك قوانين يجب احترامها؟ إذا قام أي شخص بانتهاك القانون ألن تتم محاكمته أمام القضاء؟ إيران أيضا لديها قوانين وقضاة وهيئة قضائية مستقلة لا تخضع لسيطرتي. القضاء تابع للحكومة، ولكن لا يمكنها أن تملي شيئا على القضاة ولا نتوقع منها أن تمارس أي نفوذ على القاضي والقضاء. إنهم يلتزمون بكل حرف في القانون، ولأننا ملتزمون بالقانون فلا نتدخل في شؤون القضاء. ربما نتوصل إلى استنتاج مفاده أن قاض معين قد توصل إلى استنتاج خاطئ أو أصدر حكما خاطئا، ولكن ألا يحدث هذا في الولايات المتحدة الأميركية أو في أي مكان آخر؟ نعم، إننا جميعا بشر، وجميع البشر يخطئون. ولكن هل يستطيع أي شخص أن يقول إن القضاة في الولايات المتحدة لا يصوتون سياسيا وليس لهم أية ميول سياسية؟ نعم، تستطيع الحكومة هنا أن تمارس ضغوطا على القضاة، ولكن في إيران لا يوجد مثل هذا الاحتمال لأن السلطة القضائية تتمتع باستقلال كامل عن بقية الحكومة. وقد طلبنا من السلطة القضائية أن تطلق سراح اثنين من المواطنين الأميركيين، وطلبنا منها إما أن تصفح عنهما أو أن تخفف العقوبة، ولكنها حرة في عدم قبول طلبنا ولا أستطيع أن آمرها أن تفعل ذلك.
* سيدي الرئيس، أثناء الثورة الإيرانية في عام 1979، كان هناك غضب شعبي على نطاق واسع من نظام الشاه، وكان الشعب يريد نظاما إسلاميا بصورة أكبر، ولكن في الوقت الراهن لا يعرف الكثير من الشباب الإيرانيين شيئا عن الحياة في السابق. ويبدو لي أنهم مستاءون من الصعوبات الاقتصادية ومن الفساد ومن النفاق والرياء. هل تشعر بالقلق لأنك تفقد ولاء الإيرانيين الشباب الذين لم يروا أي حكومة أخرى؟
- هل قمت بزيارة إيران يا سيدي؟
* نعم.
- كم مرة؟
* مرتين وقضيت وقتا رائعا.
- سافرت يوم الخميس الماضي إلى إحدى المحافظات ومشيت في الشوارع لعدة ساعات وسط أفراد الشعب وكان معظمهم من الشباب، ولم يكن ما تقوله ملموسا على أرض الواقع. إن ما تقوله ليس حقيقيا. إيران دولة كبيرة وقد يكون هناك اختلاف في الرأي بين الإيرانيين وقد يكون هناك انتقادات بين بعضهم البعض نتيجة لوجهات النظر المختلفة، ولكنهم جميعا يحبون بلدهم ويعملون بجد من أجلها. وأعتقد أن الصورة والإطار الموجود في ذهنك يستند إلى ذلك، ومن الممكن أن يتوصل المرء إلى استنتاج خاطئ. ربما يكون هناك مجموعة لا تحبني، ولهم مطلق الحرية والحق في ذلك. أنا لا أستطيع أن أجعل الجميع يحبونني أو يساندونني أو يقدمون الدعم لي. إننا نحترمهم جميعا ونحن في خدمتهم جميعا. والآن، وبعدما قمنا بوقف برامج الرعاية الاجتماعية، التي تشمل كل شرائح المجتمع، كان هناك مؤيدون ومعارضون لهذه السياسة. ولذلك فإن ما تتحدث عنه موجود في كل مكان. هل كل الأميركيين سعداء بحياتهم اليوم في الولايات المتحدة؟ بالطبع لا. إذا سمحت لهم بالمجيء والتعبير عن أفكارهم فسينتقدون الكونغرس ويهاجمون الحكومة وحكوماتهم المحلية والهيئات القضائية وما إلى غير ذلك. وعلى هذا الأساس، يجب تخفيف حدة الأحكام وأن تعتمد هذه الأحكام على الواقع.
* ما هو توقعك للمكانة التي ستصل إليها البلاد بعد 20 عاما من الآن؟ هل تتوقع أن تصبح أقرب إلى الغرب؟ هل تعتقد أن الفجوة سوف تقل؟ هل ترى أن إيران ستكون أكثر ارتباطا ببلدان الشرق الأوسط؟ أو أقل ارتباطا؟ وماذا عن الشباب؟ حدثني قليلا عن رؤيتك لإيران بعد 20 عاما من الآن.
- إذن هل تشير إلى أننا نقترب من الغرب؟
* أتمنى ذلك.
- لماذا؟
* لأنني أعتقد أنه سيكون من الأفضل للسلام والتنمية العالميين إذا ما كان هناك مزيد من الحوار والتبادل بين إيران والغرب وإذا ما أصبح البلدان أقرب إلى بعضهما بعضا.
- ما تقوله يبدو جيدا في حقيقة الأمر وأنا أتفق معك تماما. ولن يتحقق السلام العالمي إلا من خلال مشاركة جميع الأطراف المعنية، لذا يتعين على الجميع المشاركة وتقديم المساعدة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالمصالح القومية فستكون التحديات أكثر بكثير في الغرب. من يواجه مشاكل أكثر، إيران أم أوروبا؟ من يواجه مزيدا من التحديات، إيران أم الولايات المتحدة؟ أعتقد أن إيران، بمشيئة الله، ستكون دولة متقدمة للغاية خلال العشرين عاما القادمة وستحقق إنجازات عظيمة وإنجازات علمية كبيرة. وستعمل الدول الغربية على التقرب من إيران لأنها سوف تشعر بأنه يتعين عليها حماية مصالحها الخاصة. اسمحوا لي أن أذكركم بأن الولايات المتحدة وحلفاءها قد فرضوا عقوبات على إيران وقالوا إنها «عقوبات قاسية»، وبذلوا قصارى جهدهم، وأنا أشهد على ذلك. وكان لهذه العقوبات تأثير على إيران بالفعل، ولكن السؤال الآن هو: من يواجه مشاكل أكبر، الاقتصاد الأميركي أم الاقتصاد الإيراني؟ أين توجد الأزمات؟ في الواقع، تعاني الحكومة الأميركية، التي قامت بالدور الأكبر في فرض العقوبات ضد إيران، من انهيار اقتصادي كبير الآن كما ترى. وهذا يعني بوضوح أنه يتعين علينا أن نغير طريقة نظرتنا للأمور وطريقة تفكيرنا، حيث إن الأمور لا تسير دائما في الطريق الذي نريد، ولذا ينبغي علينا أن نتقبل الحقيقة. ربما أستطيع أن أجلس وأرسم صورة للولايات المتحدة كما أريد لها أن تكون، ولكن نادرا ما تكون الحقيقة مشابهة للوحة التي رسمتها. وعندما يكون تصوري تصورا دقيقا سيتطابق ذلك مع النموذج المنشود ونفس الشيء ينطبق على إيران. ربما تكون هناك صورة معينة موجودة في أذهاننا لما نحب أن تكون عليه الأمور، ولكن ليس بالضرورة أن يكون ذلك صحيحا. إيران دولة عظيمة تعيش حياتها الخاصة وتخدم شعبها، ولكن العالم يتغير وتتغير معه الديناميكيات والعلاقات الدولية. الجميع ينشد الشرعية، ويجب احترام حقوق الجميع ويجب علينا أن نتكاتف معا ودعونا نتذكر أنه لا يوجد هناك أسياد وعبيد. إننا نحب الشعب الأميركي مثل أي شعب آخر. إننا نحب جميع الناس ونريد أن يتمتع كل شخص بالأمن والنجاح والاستقرار في جميع أنحاء العالم. إننا نؤمن بأنه لن يتم تحقيق النجاح والأمن والاستقرار إلا من خلال التعاون القائم على أساس الاحترام المتبادل الذي نبحث عنه. وأتمنى لك النجاح كذلك.
* شكرا جزيلا على وقتك.
- لقد وجهت أسئلة جيدة جدا. شكرا جزيلا لك. لدينا الكثير من الحريات في إيران. أعتقد أنه لا يمكنك الحديث بسهولة مع رئيس الولايات المتحدة، ولكن يمكنك أن تفعل ذلك مع الرئيس الإيراني، وهذا هو أحد الاختلافات بين الدولتين.
* خدمة «نيويورك تايمز»

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,208,152

عدد الزوار: 6,940,499

المتواجدون الآن: 139