*الربيع العربي؟

تاريخ الإضافة الجمعة 16 أيلول 2011 - 8:28 ص    عدد الزيارات 674    التعليقات 0

        

مارك براون... الفايننشال تايمز

 كانت الثورات عبر كامل العالم العربي بمثابة رياضة سياسية دموية· ونحن مستغرقون بمشاهدة المباراة· ولكن، وفيما يتحول القتال مترنحاً ليأخذ شكل جولات لا تنتهي، هل تكون أعيننا مركزة على القتال الصحيح·

تبدو حملة الدوائر السياسية والعسكرية في حالة ليبيا كما لو أنها تصارع بشدة · وفي مصر وتونس، تبطئ الحكومتان المؤقتتان وتيرة الانتقال الديمقراطي· وترى الصراعات الداخلية في سوريا واليمن وهي تنتفخ، فيما ينزل المدنيون الشجعان إلى الشوارع· لكن ثمة القليل مما يستطيع العالم فعله، كما يبدو، للتأثير على النتيجة ونتابع نحن، بعجز، المحتجين السوريين وهم يتعرضون للهجوم· وفي الدول العربية الأخرى، تبدو الحكومات وأنها عادت إلى التصدر· وكما يصف صديق عربي الحال، فإن هذا الربيع يصبح ربيعاً أقل، وأكثر شبها بالفصول الثلاثة الأخرى·

لكن ثمة بعداً آخر في المسألة - يمكن القول بأنه متغير حاسم في هذا كله - الذي يعد مادة أكثر جفافاً وأقل ملاحظة: الاقتصاد· وربما يكون عاملاً أكثر رزانة، لكنها قد تكون له علاقة بمن ينتهي به المطاف وقد آل إلى دائرة الفائزين· لأن بوسع الاقتصادات أن تغير المحصلات النهائية في كل من هذه البلدان·

في ليبيا، وبينما ما يزال الناتو يضرب اهدافا تستهدف اتباع القذافي ، فإنه لم يتوصل بعد إلى طريقة لدفع فواتير الثوار· وتصل هذه الفواتير حالياً إلى حوالي 300 مليون دولار شهرياً، لدى إضافة إعانات معمر القذافي التي لا يجرأون على تفكيكها· وثمة مزاج من القنوط فيما يراقب الثوار رعاتهم الغربيين وهم يحاولون ببطء تحرير عشرات البلايين من الدولارات من أصل الأصول الليبية المجمدة·

وفي تونس ومصر، البلدين اللذان يحتاجان إلى الإصلاحات أكثر ما يكون، نزعت المصداقية عن سياسات التخلص الجائر من المؤسسات الحكومية، وتحرير الاقتصاد، وتدفقات الاستثمار الأجنبي· وكان النظامان القديمان قد استخدما هذه السياسات لدفع النمو، وإنما بكلفة سياسية واجتماعية عالية· ومع توزيع الثروة والسلطة على نحو غير متساوٍ، فقد تحولت تلك السياسات إلى استيلاء بشع على الثروة من جانب حاشية النظام· والآن حيث تمس الحاجة إليها أكثر ما يكون، أصبحت هذه السياسات منزوعة الثقة· وقد تم بذل جهود لإشراك البنك الدولي والبنك الأوربي لإعادة الإعمار والتنمية· لكن البنك الدولي مرتبط بشبهة تورطه في الإصلاحات السابقة· أما الثاني الذي يتمتع بسجل إصلاح مؤثر في أوربا الشرقية، فيعد أوربيا جداً في أعين الجمهور القومي والمتشكك· لكن الأنشطة الاقتصادية ربما تجلب أخباراً أفضل في أماكن أخرى ففي سوريا أموال النظام هناك آخذة في النفاد، وسوف يحتاج ذلك النظام إلى قروض من أجل استدامته· وقد يكون إرضاء المقرضين أكثر صعوبة من إرضاء الدبلوماسيين· وبكل المقاييس، فإن النظام في سوريا يواجه راهناً مجازفة ائتمانية· ومن غير المرجح أن يعثر على أموال دولية تدفع له· ومن المؤكد أنها لن تكون هناك أية حزمة إنقاذ دولية· وعليه، قد تتحدث الأموال حيث راوغت الدبلوماسية· ينبغي أن يكون صناع السياسة الدوليون بصدد التساؤل عما إذا كان بالإمكان وضع هذه الوقائع الاقتصادية معاً في ستراتيجية جديدة ومتماسكة من أجل التغيير· وبينما تخرج بلدان مثل مصر وتونس من الظلال السياسية، فإن تقديم عروض لتمويل فترة الانتقال، وتقديم حوافز للاستثمار الأجنبي ووصول التجارة، وفوق كل شيء، شبكة أمان اجتماعي، ربّما تعمل هذه الأمور على تمكين الإصلاح الجريء الذي ستجريه من أجل خلق الوظائف والنمو· تحتاج أي تجربة ديمقراطية إلى هذه العوامل حتى تدوم· ويجب أن تتركز الأموال -ويمكن أن تكون على شكل قروض في العديد من الحالات، نظراً للثروة الكامنة في البلدان العربية- على تلك البلدان التي تعبر المنعطف، وليس على دعم بقاء الأنظمة في بلدان مثل اليمن وسوريا· وكثيراً جداً ما يعتقد البيروقراطيون الدوليون الذين يديرون هذه البرامج بأنهم يستطيعون شراء التغيير، لكن الأمر ينتهي بهم بدلاً من ذلك، وهم يقدمون الإعانات لوضع راهن فاشل· وبوجود أوربا الآن في أتون أزمتها المالية الخاصة، سيكون هناك القليل من التسامح مع عطايا وهبات المساعدات· وحتى مع ذلك، فإن هذه هي لحظة مناسبة لاستثمار جسور في النجاح العربي· وبينما تذهب السياسات والأمن إلى التعثر، تبقى الاقتصادات أفضل وكيل وعامل للتغيير· فدعونا نضع نقودنا، أو قروضنا على الأقل، خلف إحداث تغيير حقيقي في العالم العربي·

 

*الإمبراطورية العثمانية

سونير كاغتيباي.... واشنطن بوست عندما انهارت وتلاشت الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، انبرى مصطفى كمال أتاتورك ليقيم دولة تركية جديدة بقوالب غربية وزي أوروبي، حيث سيطر على كل مفاصل القوة والسلطة (ومنها الجيش)، مرسخا قناعاته في الفصل مابين الدين والسياسة والحكم، داعيا أبناء جلدته الأتراك لكي يعدوا أنفسهم غربيين بداهة وبدون تردد··

وإذ انقضى قرن من الزمان على هذه الحال، تنهض ثورة حزب العدالة والتنمية AKP (الذي يضم تحالفا من المحافظين والإسلاميين الإصلاحيين والإسلاميين الذين تولوا السلطة سنة 2002)، لتضع نهاية لحقبة التقارب التركي الغربي··

إن هذا المجلد السياسي للاتاتوركية يظهر بالمقابل أن قائد حزب AKP رجب طيب اردوغان وكأنه اتاتورك جديد، ومع انه ليس هو المحرر لتركيا، فانه يمتلك الكثير جدا من القوة التي كانت لدى اتاتورك أيام زمان···

وببساطة، نقول إن أتباع اتاتورك جعلوها هكذا، فعندما أصبحت تركيا ديمقراطية تعددية في أحزابها سنة 1950، استمرت مختلف الأحزاب في ترسيخ مفاهيم اتاتورك لعقود من الزمن بحماية الجيش ورعايته·

وهكذا طال السبات على هذا الحال وفي وضعية بعيدة عن النهج التقدمي كحركة كانت تتطلع قدما في بدايات القرن العشرين، فتحولت إلى عقيدة تتشبث بالماضي وتحرس استمرارية ذلك الماضي·· أما بالنسبة إلينا نحن الذي نشانا في تركيا في العقود الاخيرة، نرى أن العلامة الأكثر وضوحا في هذه العملية هي ظهور عدد كبير جدا من تماثيل اتاتورك في كل ساحة في المدن، وبعد انقلاب 1980 الذي أنهى الفوضى في الشوارع، جاء الدستور المكتوب من قبل الجيش، وعندما أصبح اتاتورك صنما يفرض ما يفرض، أكد الجنرالات بذلك أن الاتاتوركية آيلة للانهيار وحتى بعد ان أصبحت تركيا ديمقراطية سنة 1982، لم يتراجع الاتاتوركيون عن مفاهيمهم ، حيث ان الاحزاب الحاكمة معظمها من يمين الوسط، وهذه أخفقت جميعها في تقديم أفكار ومفاهيم تدعو للتغيير، اما الاحزاب الاسلامية الناشئة، فأنها تحسست فرصة للشروع ببناء أسس شبكة جديدة تتبنى الرؤية المتطلعة الى صالح بلادهم تركيا ، ملاحظة وجوب قيام جدران فاصلة بين الدين والسياسات والحكومة؛ مع اعتناقها الهوية الاسلامية للبلاد فيما يتعلق بالسياسات الخارجية · وعندما انهارت هيمنة احزاب يمين الوسط في اعقاب ازمة التدهور الاقتصادي سنة 2000 و2001، افاد الإسلاميون من الحداثة والعصرنة لاستقطاب الناخبين، وحظي حزب العدالة والتنمية AKP بالتأييد الشعبي الواسع للتغير، وبنجاح اعتمد في جزء منه على ما قدمه خلال عقد من الزمن من استقرار للنمو الاقتصادي، وهكذا يقدم حزب AKP نفسه كصفوة ونخبة جديدة لتركيا، وبالتدريج أصبح يحل محل الاتاتوركيين في مراكز السلطة في مجالات الإعلام والبزنس والمجتمع المدني والاتحادات، ومنها الى تعديلات الدستور وفي المحاكم العليا في السنة الفائتة··

وكان الجيش هو المؤسسة الأخيرة للاتاتوركية، حيث ظهرت في سنة 2007 قضية محاكمة عرفت باسم ايركينيكون، التي تبحث في مزاعم عن ان الجيش يتآمر من اجل الانقلاب على الحكومة، وهذه القضية هي التي أطاحت بهيمنة الجيش، فأصبح الجيش موضع انتقاد واسع بسبب هذه المحاولة الغاشمة لتولي السلطة، الى جانب الاتهام بالتخطيط لتفجير جوامع اسطنبول التاريخية من اجل اختلاق أزمة سياسية·· ومع ان التأكيدات بقيت غير مصدقة، فان التأثيرات كانت واضحة، فانهارت مصداقية وموثوقية الجيش الذي كان هو المؤسسة الأكثر مصداقية وموثوقية، وقد انجلى ذلك في الاستطلاع الذي ظهر في إحصائية ?وورلد فاليوز? حيث كانت نسبة ثقة المواطنين بجيشهم تبلغ 94% في سنة 1996، فهبطت الى 75% سنة 2001 ·· وعند استقراء هذا التطور الى جانب تصدر حزب اردوغان للواجهة يظهر بوضوح انحسار هيمنة الجيش··

والآن نجد ان حزب اردوغان (العدالة والتنمية AKP) كممثل لصفوة ونخبة الواجهة يستطيع ان يعيد دورة السلسلة للقوة التي تصوغ الحالة التي عليها سياسة الأمة، وكما ان أتاتورك قولب تركيا بعلمانية قوية وزي غربي لأنه تمكن من ذلك، فان اردوغان الآن يعيد القولبة بهوية إسلامية ونهج اجتماعي محافظ صلب وقوي يحظى بإرادة ودعم شعبيين واسعين، وكمثال على ذلك ما ظهر بعد أيام من انتصار الحزب في انتخابات الجمعية الوطنية في حزيران، حيث دهم مسؤولون في الحكومة حانات ونوادي المشروبات الكحولية في اسطنبول التي تقدم المشروبات علنا وأمام الأنظار، وهذا الإجراء الذي يمنع حصول خطايا منظورة للعيان يعد تغييرا بكل معنى الكلمة·· فأصبحت الفاصلة بين الأخلاق العامة والقيم الدينية تتلاشى في تركيا الاردوغانية·· وهكذا تصبح أية معارضة مستحيلة بوجه حكومة تحظى بنفوذ شعبي كما هو عليه الحال إزاء حكومة اردوغان··

اما في السياسة الخارجية، فان الهوية الإسلامية لتركيا أصبحت تتصدى لاعتبار تركيا بلدا غربيا بالبداهة، لاسيما مع هذا الرنين والصدى لمصطلح العالم الإسلامي بعد هجمات 11 أيلول 2001 الإرهابية، وهذا يعني التوتر في العلاقة مع الناتو الذي يمثل الرمز بين المؤسسات الغربية، ويعني أيضا الانفتاح على التقارب مع كل ماهو لاغربي، وهنالك قرار لحزب اردوغان بشراء أسلحة روسية ودعوة لمرافقة الصينين في التمارين البحرية في البحر المتوسط، وهذا ما حظي بالترحيب من الأتراك ومن بينهم الجيش·· هذه هي تركيا اردوغان ذات النهج المحافظ·

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,173,911

عدد الزوار: 6,758,869

المتواجدون الآن: 117