صعود الحركة السلفية

تاريخ الإضافة الجمعة 16 أيلول 2011 - 5:42 ص    عدد الزيارات 690    التعليقات 0

        

صعود الحركة السلفية
مع انجلاء شمس الربيع العربي طفت على سطح المشهد السياسي والاجتماعي العديد من الظواهر المقلقة التي باتت تهدد السلم الأهلي لبعض الدول، سيما نشاط بعض الجماعات المتصف بالعنف والترهيب كما هو الحال بالتنظيمات السلفية في كل من مصر واليمن وسوريا، بالإضافة الى بعض البلدان الأخرى·

ويتقاطع فكر وايديولوجيا تلك التنظيمات المتطرفة مع الديمقراطيات الناشئة، خصوصا إنها دعمت بشكل مستمر الأنظمة الديكتاتورية العربية، بشكل غير معلن بحسب بعض المحللين، كما تتقاطع جملا وتفصيلا مع مبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة والشخصية، مما يثير خشية الكثير من المجتمعات التي باتت على احتكاك مباشر مع تلك التنظيمات جغرافيا واجتماعيا·

وبطبيعة الحال تتمتع التنظيمات السلفية بدعم غير محدود من السعودية، خصوصا المنظمات المتطرفة هناك، مما يتيح لها إمكانيات كبيرة لتمويل أنشطتها المشبوهة· والتي غالبا ما اتصفت بالعنف الاجتماعي·

المشهد المصري فقد رصدت صحيفة <واشنطن بوست> الأميركية صعود الحركة السلفية في مصر بعد ثورة 25 يناير، وتنافسها على السلطة السياسية· وتحدثت الصحيفة في بداية تقريرها عن تأثير السلفيين على مشهد شائع على شواطئ البحر المتوسط في الإسكندرية لشباب يجالسون فتيات ويعانقونهن، وقالت إن هناك رسائل جديدة منقوشة على الصخور أصبحت تهدد هذا المشهد منها <هل ترضى هذا لأختك·· إن الله يراك>، في حين كانت هناك رسائل أخرى تنبذ شرب الخمور وتقول ببساطة <كفي خطايا>·

وتشير الصحيفة إلى أن هذه الكتابات هي من عمل الإسلاميين الذين خرجوا من هامش المجتمع المصري بحماس وغرور· فأصبحت كتاباتهم على الجدران واللوحات الإعلانية التي تدعو إلى جعل مصر أكثر محافظة منتشرة في الأشهر الأخيرة، كجزء من نقاش ينمو سريعا حول ما ينبغي أن تفرزه الثورة التي أطاحت بمبارك وأطلقت العنان لقوى اجتماعية وسياسية ظلت مهزومة لفترة طويلة·

ونقلت الصحيفة عن عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم السلفيين الذين أمضوا سنوات طويلة في السجون في ظل حكم مبارك، أن مصر ستشهد معركة بين رؤيتين· فمع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقررة في سبتمبر المقبل، فإن السلفيين يستعدون للظهور كقوة سياسية قوية في هذا السباق الذي سيصبح استفتاء غير رسمي على سؤال إلى أي مدى يجب أن تُحكم مصر دينياً في مرحلة ما بعد الثورة·

ورغم أن السلفيين أقل خبرة من الناحية السياسية من جماعة الإخوان المسلمين، إلا أنهم يحدثون تغييراً كبيراً في المشهد السياسي في البلد التي ظلت محكومة من قبل مستبد علماني طوال ثلاثة عقود· فقادة السلفيين يشكلون أحزابا سياسية ويستفيدون من المدونات المزدهرة في المنطقة ويعيدون تقديم أنفسهم في المجتمعات التي ظلت تعتبرهم لفترة طويلة منبوذين·

متصوفة مصر الى ذلك وسط الازقة الضيقة لحي السيدة زينب يهز نحو مئة رجل رؤوسهم وينشدون بايقاع واحد اسم الجلالة· وينشد رجل يرتدي جلبابا <نشرتي الخير نشرا> للاحتفال بمولد السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبي· والرجال من اتباع الطريقة العزمية الصوفية ويقولون ان عاداتهم مهددة من اسلاميين يريدون توسيع نطاق نفوذهم بعد الاطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك·

والتوتر قديم بين نحو 15 مليون صوفي في البلاد ينتمون لنحو 80 طريقة والسلفيين الذين يعتبرون الممارسات الصوفية بتبجيل الاضرحة بدعة· وقادت الاطاحة بالرئيس مبارك في فبراير شباط لتخفيف قبضة الدولة على الجماعات الاسلامية التي قمعها مستغلا قانون الطوارئ المفروض منذ 1981·

وفي مسعاهم للدفاع عن عاداتهم التي ترجع لقرون مضت ربما يتحول بشكل تدريجي ما بدأ ككيان ديني فضفاض لحركة سياسية·

وقال المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح ان الصوفيين يمكن ان يشكلوا كتلة تصويتية مهمة اذا وحدوا صفوفهم مضيفا ان قوتهم السياسية والتنظيمية اقل من قوتهم العددية·

وقال علاء ابو العزايم شيخ الطريقة العزايمية ان مساعي جماعة الاخوان المسلمين والجماعات السلفية للانخراط في العمل السياسي الرسمي تهدد التسامح الديني وتلزم الصوفيين بان ينحوا نفس المنحى·

وقال ابو العزايم ان السلفيين والاخوان المسلمين اذا تقلدوا زمام الحكم قد يلغون المشيخة الصوفية واضاف انه ينبغي ان يكون هناك حزب للصوفيين لهذا السبب·

وتوجد الاضرحة في القرى والبلدات وكثير منها داخل مساجد في انحاء مصر وهو ما يغضب السلفيين·

كما يرفض بعض المحافظين موالد الاولياء التي تتخذ طابعا احتفاليا ويرتادها غير الصوفيين في مصر·

وبرزت مخاوف الصوفيين بشأن ما ينتظر عاداتهم في المستقبل في ابريل نيسان حين هاجم نحو عشرين اسلامياً يحملون مناجل ومطارق ضريحا يزوره صوفيون في القليوبية شمالي القاهرة· وفشل مخططهم بعدما تجمع مواطنون ودافعوا عن المكان الذي ظل مصانا عبر الاجيال·

ونفي سلفيون ان انصارهم وراء الهجوم وادانوه ولكنهم اوضحوا معارضتهم لاقامة الاضرحة·

وقال الشيخ عبد المنعم الشحات المتحدث باسم الحركة السلفية في الاسكندرية <لا ترفص الدعوة السلفية التصوف· نحن نرفض التمسح بالقبور والاضرحة والتبرك بها لانه مصادم للشرع·>

وذكر ان السلفيين يؤمنون ان الحجر الاسود الموجود في الكعبة في مكة هو فقط ما يمكن التبرك به·

ويحظر الدستور المصري تشكيل احزاب على اساس ديني· ولم يمنع ذلك الجماعات السلفية مثل الجماعة الاسلامية وجماعة الاخوان المسلمين من تشكيل احزاب للمنافسة في الانتخابات البرلمانية التي تجري في سبتمبر ايلول· ولم يظهر اي حزب صوفي ولا يرى اتباع الصوفية جدوي من تشكيل حركة سياسية·

ولكن حزب التحرير الوليد تعهد بالدفاع عن مصالحهم واجتذب معظم اعضائه من الصوفيين· وقال مؤسس الحزب في مصر ابراهيم زهران <ما من شك ان الطوفان (الاسلامي) القادم يخيفيهم>·

ويقول عمار علي حسن الباحث في علم الاجتماع السياسي <من السلطان صلاح الدين الايوبي الى مبارك كانت الصوفية تستغل من الدولة لتعزيز شرعيتها·>

وفي مؤشر على استعداد أكبر لتحدي السلطة نظم شيوخ 13 طريقة صوفية اعتصاما منذ الاول من مايو أيار للمطالبة بابعاد الشيخ عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية الذي عينه مبارك في عام 2009·

ويقولون ان القصبي خرج عن تقليد تعيين اكبر الشيوخ سنا في المنصب ورفضوا توليه لانه كان عضوا في الحزب الوطني الديمقراطي المنحل· ويعارض كثير من الصوفيين فكرة الدولة الدينية على غرار النموذج الإيراني·

وانتقد الشيخ جابر قاسم من الاسكندرية الطموحات السياسية للاخوان وشعارها (الاسلام هو الحل)· وقال <دي مسألة تعبدية ·· دعوة·· كيف اذن يمارسون السياسة؟ هل هذا نفاق؟>·

الاحتجاجات السورية من جهته قال اسلامي اردني بارز كان قد أيّد الاحتجاجات في سوريا ان الاطاحة بالرئيس بشار الاسد ستكون خطوة نحو تنفيذ الشريعة الاسلامية· وقال ابو محمد المقدسي منظر التيار السلفي الجهادي والمرشد الروحي لابي مصعب الزرقاي الذي قتلته القوات الاميركية في العراق عام 2006 انه واجب على جميع المسلمين المشاركة في الاحتجاجات ضد حكم الاسد المستمر منذ 11 عاما·

وقال المقدسي في بيان نشر على موقع منتدى التوحيد والجهاد <نعلم ان سقوط هذا النظام قد يؤدي الى اقامة نظام ديمقراطي كما يطالب بذلك الكثير من الجماهير··· الا ان ذلك قد يؤدي الى فتح الحريات امام الدعوة مما يمهد الالتزام ومن ثم المطالبة بتطبيق شرع الله>· وكان المقدسي وهو محتجز حاليا في سجن بالاردن يرد على سؤال حول شرعية انضمام المسلمين الى المظاهرات التي ركزت على المطالب بمزيد من الحقوق الديمقراطية وليس على جدول اعمال اسلامي·

وقال <بما انه ليس لديكم القوة ما يمكنكم من اسقاط النظام فلا مفر من دعم هذه الهبة الشعبية والانخراط في صفوف المتظاهرين· وأهم ما في هذه المظاهرات انها تجند الشعب كله ضد النظام·> واضاف <اما بالنسبة للمشاركة في هذه المظاهرات فهي مسألة متعينة على كل قادر من المسلمين لما يترتب على ذلك من صلاح البلاد والعباد في الدين والدنيا>·

وقال المقدسي <لاشك في مشروعية التظاهر ضد هذه الانظمة الطاغوتية من أجل اسقاطها ولا شك أن ذلك سوف يؤدي الى سقوط بعض القتلى ولكن مصلحة زوال النظام تقتضي تحمل هذا الضرر>·

الديمقراطية خطر!

من جهته صرح الداعية عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية في مصر، بأن العنصر <الأخطر> في الديمقراطية هو أن مرجعية التشريع للشعب· وقال الشحات في حوار صحفي نشر الاثنين: <في الواقع الديمقراطية فكرة تحتوي على عدة عناصر، الكثير منها مقبول، لكن العنصر الأخطر فيها أن مرجعية التشريع للشعب، ونحن نؤمن أن التشريع لله>·

وذكر الشحات أن مشاركة المرأة في البرلمان تتعارض مع طبيعتها الفكرية ، مشددا على أن ترشحها للرئاسة ، هي أو أي شخص من غير المسلمين، ممنوع· وأضاف: <منصب رئيس الدولة محسوم وممنوع على غير المسلم والمرأة ، لكن يجب التفرقة بين حالة غير المسلم وحالة المرأة ، وعدم الخلط بين الأمرين>·

وذكر أن الحركة السلفية تتعامل مع مسيحيي مصر باعتبارهم <أقلية>، قائلا: <البعض يرى أن كلمة أقلية فيها حساسية ، فنريد أن نعبر عن واقع موجود، فالناس يعيشون عبر التاريخ في بلد واحد معظمهم ينتمون إلى دين والبعض ينتمي إلى أديان أخرى وهذه تسمى أقلية>·

ونقلت الصحيفة عن الشحات قوله إن الدعوة السلفية في مصر تطالب بتنفيذ القانون والاستجابة لنبض الشارع ، مشيرا إلى وجود ثلاثة عوامل يمكن للدعوة السلفية أن تؤيد عن طريقها المرشحين، وهي الإقرار بالمرجعية الإسلامية وتوافر الكفاءة والأمانة·

وقال: <لن ننشئ أحزابا، ولن يكون لنا مرشحون، بل نؤيد مرشحين وننصح الناس لانتخاب الأصلح من التيار الإسلامي وأصحاب الكفاءة والنزاهة·· قد نؤيد مرشحي /الإخوان/ أو أي مرشح تتوافر فيه المعايير، وسوف نختار أمثل الموجودين، وربما نطلق المعايير العامة>·

وأوضح أن الاتهامات الموجهة إلى الدعوة السلفية بالقيام بمحاولة تطبيق الحدود وهدم القبور - بعد ثورة 25 كانون الثاني/ يناير التي أطاحت بحكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك - يحركها الإعلام الموالي للتيارات العلمانية، وما سماه الثورة المضادة، مشيرا إلى أن دور التيار السلفي هو القيام بتوضيح الطريقة الشرعية لتطبيق الحدود ورفضها تغيير المنكر بطريقة تجلب منكرا أكبر، وفقا للصحيفة·

وأشار الشحات إلى أن المستقبل قد يشهد يوما تتحقق فيه الخلافة الإسلامية ويصبح هناك دولة واحدة باسم مثل <الجماهيرية الإسلامية العظمى>· بحسب الوكالة الالمانية للانباء·

وتحدث الشحات عن إيران كدولة دينية بقوله إنها دولة <شديدة العنصرية>، لافتا إلى أن الخطورة تكمن في أنها تواجه أهل السنة عندها <بأشد أنواع البطش والتنكيل>، بدلا من أن تكون قوة للعالم الإسلامي، حسبما ذكرت الصحيفة·

السلفيون يدعمون السلطان ? ?

على الصعيد ذاته بدأ عدد من سلفيي اليمن، في ترتيب أنفسهم للدفاع عمن يسمونه <السلطان> و<ولي الأمر>، في إشارة إلى الرئيس علي عبدالله صالح، بينما لا يزال بعضهم متحفظاً حول الوقوف مع أي جهة، بينما أثير ظهور حارس جديد للرئيس وهو ملتح، جدلاً واسعا في الشارع اليمني·

وقال عدد من علماء السلفيين في صنعاء واب وتعز والحديدة لـ <الراي>، انهم مستعدون للدفاع عن ولي أمرهم وسلطانهم الذي انتخبوه عام 2006، كونه المنتخب الشرعي حتى 2013، وصادقت عليه المعارضة حينها·

ودعا عدد من العلماء السلفيين، المعارضة إلى تحكيم العقل والمنطق وعدم جر البلاد إلى حرب أهلية بين أبناء المسلمين، خصوصا <حزب الإصلاح> (اخوان اليمن)الذي استمر في دعم الرئيس حتى انتخابات 1999·

وقال أبو عبد السلام حسن بن قاسم الحسني، إمام وخطيب مسجد الإمام الوادع في محافظة تعز، في خطبته، <أمرنا الله بأن ندعو للحكام بالصلاح ولم نؤمر بأن ندعو عليهم وإن جاروا وظلموا>· وتابع: <أسألُ الله أن ينصر الرئيس علي عبد الله صالح وأنصاره وأعوانه وجنوده على البغاة المعتدين والخوارج المارقين والمرتزقة الخائنين، اللهم آمين>·

وفي هذا السياق، أثار ظهور جندي من الحرس الخاص للرئيس اليمني، وهو ملتح ومدجج بالسلاح الرأي العام، معارضيه ومواليه·

صحيفة الواشنطن بوست

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,161,046

عدد الزوار: 6,937,550

المتواجدون الآن: 101