«الليكود» واليمين الأوروبي المتطرف: أجندة موحدة لمواجهة «الزحف الإسلامي»

تاريخ الإضافة الأربعاء 3 آب 2011 - 8:42 ص    عدد الزيارات 762    التعليقات 0

        

أنشأت أحزاب «الإسلاموفوبيا» في أوروبا شبكة اتصالات متينة تمتد من إيطاليا إلى فنلندا، وشملت مؤخراً مؤيديها بين المحافظين الإسرائيليين وتحديداً الدائرة المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه السياسي، اذ في اسرائيل من يعتقد ان الشعبويين (أصحاب الفكر الشعبوي المتطرف المعادي للأجانب) هم مستقبل القارة الأوروبية.
صفحات أندريس بيرينغ برييفيك الـ1500 ليست شيئاً.. صفحات متتالية من نص تفصيلي يدعم رؤيته الإيديولوجية للعالم، دفعته مؤخرا لقتل 76 شخصا في هجومين رهيبين في النروج الأسبوع الماضي. وثيقة دفعت الكثيرين إلى السؤال عن صحة برييفيك العقلية لكنها أضاءت في الوقت ذاته، مع اقتباس «سفاح اوسلو» مقولات لا تعد ولا تحصى مصدرها مدونات الكترونية مروجة للـ«إسلاموفوبيا» ولمكافحة الهجرة، على ان هناك شبكة ترابط وثيقة بين الجماعات اليمينية الشعبوية في اوروبا، من الجبهة الوطنية في فرنسا لـ«فلامز بيلانغ» في بلجيكا إلى «حزب الحرية» في النمسا.
واتضح مؤخراً ان شبكة الأحزاب الشعبوية الأوروبية لم تقتصر على حدود القارة فحسب بل اتجهت شرقاً لتشمل السياسيين المحافظين في إسرائيل، وتحديدا البرلماني الإسرائيلي أيوب قرّا، من حزب «الليكود» الذي يرأسه نتنياهو، ويشغل أيضا منصب نائب الوزير المكلف شؤون تنمية النقب والجليل.
قد يكون ما قاله زعيم «حزب الحرية» النمساوي هاينز- كريستيان ستراتش لـ«دير شبيغل» كفيلا بتفسير الاهتمام الأوروبي المتنامي بإسرائيل: «لا شك ان الثورات في الشرق الأوسط عظيمة إلا ان الأمور قد تتجه في النهاية إلى تشكّل أنظمة دينية إسلامية تحيط بإسرائيل وبفناء أوروبا الخلفي».
يشاطر العديد من الإسرائيليين ستراتش وجهة نظره التي توحي بأن اسرائيل على خط المواجهة بين الشعبويين اليمينيين والاسلام الزاحف باتجاه اوروبا. وقال اليعازر كوهين، المعروف في اسرائيل باسم «شيتا»، ان الاحزاب اليسارية في كل من اوروبا وإسرائيل اضاعت طريقها. كوهين، الكولونيل المتقاعد في سلاح الجو الإسرائيلي، هو عضو سابق في الكنيست عن «اسرائيل بيتنا»، الحزب القومي المتشدد الذي يتزعمه وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، شريك حزب الليكود في حكومة نتنياهو الحالية.
وأضاف كوهين في كلام له في تشرين الاول الماضي في برلين ان «سياسيي اليمين في أوروبا هم أكثر حساسية تجاه ما يواجه إسرائيل من مخاطر.. يتحدثون تماماً بلغة الليكود وغيره من الأحزاب اليمينية الإسرائيلية.. نأمل ان يفوز اليمينيون في أوروبا».
لا يختلف كوهين وقرّا في الرأي، إذ قال الأخير لصحيفة «معاريف» الإسرائيلية في حزيران الماضي «أبحث عن أساليب للتخفيف من التأثير الإسلامي في العالم، وأعتقد أن هذا يمثل النازية الحقيقية في العالم.. أنا أشاطر كل من يؤمن بوجود هذا النوع من الحروب».
للوهلة الأولى، يبدو أن علاقة الشعبويين الأوروبيين مع إسرائيل أشبه بزواج مبني على الحب.. يرى كثيرون ان «حزب الحرية» في النمسا، مجرد خطوة صغيرة لـ«التنصل» من صبغة جماعات «النازيين الجدد» الكلاسيكية، وهو الأمر الذي ينطبق على شركائه في كل أنحاء أوروبا. ففي حين أن هذه الأحزاب تصر على أنها ليست معادية للسامية، يبقى سهلا العثور على دلائل مضادة على تطرفها في نقد الصهيونية ومعاداتها للسامية من داخل القوائم العضوية في الحزب الشعبوي.
أندرياس مولزر، على سبيل المثال، العضو في البرلمان الأوروبي عن «حزب الحرية» والذي غيّر مؤخراً لهجته للدفاع عن نهج ستراتش تجاه اسرائيل، مسؤول عن تحرير أسبوعية «زورزيت» التي تفند الهجمات على اسرائيل. فبعد توغلها في قطاع غزة في أواخر عام 2008، اتهم مولزر إسرائيل بالعمل على أساس «روح الإبادة التلمودية»، وأنها كانت تحاول «القضاء نهائياً على قطاع غزة وفقا لروح العهد القديم».
في الواقع، عندما يتعلق الأمر بـ«حزب الحرية»، يقول المراقبون إن نسجه مثل هذه العلاقة مع إسرائيل يصب في خانة التأسيس لسياسة خارجية ذات مصداقية. ويؤكد احد خبراء الحزب هريبرت شيدل أن «هذه الاستراتيجية أصبحت مقبولة اجتماعياً» في وقت يكتب في رسالة الكترونية «اننا نفترض أن معاداة السامية لا تزال تشكل جزءاً أساسياً من عقيدة الحزب».
اما في إسرائيل، فيميل كثرٌ الى الموافقة على هذه الاستراتيجية... بعد اجتماع قرّا في برلين مع الألماني اليميني الشعبوي باتريك برينكمان في وقت سابق من الشهر الماضي، انتقدت الصحف الاسرائيلية وعلى رأسها «يديعوت احرونوت» زيارة قرّا وعنونت «قرّا يلتقي مليونير النازيين الجدد» في اشارة إلى برينكمان الذي «يصر الآن على عدم معاداة السامية بعدما كان في السابق على علاقة وثيقة مع الحزب الوطني الديموقراطي في ألماينا». وعقب زيارة قام بها إلى فيينا في كانون الاول الماضي للاجتماع مع ستراتش، نشر زعيم الجمعية اليهودية في فيينا، أرييل موزيكانت، رسالة مفتوحة إلى نتنياهو طالبه فيها بطرد كارا.
إن رسالة «حزب الحرية» السياسية الاساسية ـ كغيره من الأحزاب الشعبوية في فنلندا (الفنلنديون الحقيقيون) وإيطاليا (رابطة الشمال) ـ هي مكافحة الهجرة الإسلامية، اذ تعتقد هذه الجماعات اليمينية التي تعارض بناء المآذن ان ما يهدد مستقبل أوروبا هو ارتفاع معدل الولادات عند المسلمين وتعتبر ان على الغرب المسيحي أن يدافع عن نفسه بمواجهة الإسلام.
السياسي الهولندي خيرت فيلدرز، الذي اشتهر عام 2008 بإنتاجه فيلم «فتنة»، المعادي للاسلام، هو من اطلق التعاون الوثيق بين الشعبوية الأوروبية وإسرائيل قبل 3 اعوام. وقد عاد لزيارة اسرائيل مرات عدة منذ ذلك الحين. اما العلاقات الاوسع فبدأت بالتجذر في العام الماضي. اذ سافر ستراتش، جنباً إلى جنب مع زعيم حزب «فلامز بيلانغ»، فيليب دوينتر، والسياسي السويدي كينت إيكيروث من حزب «الديموقراطيين السويديين الوطنيين» وغيرهم، إلى اسرائيل في كانون الاول الماضي، قبل ان تردّ الزيارة بسرعة مع جولة قام بها قرّا وغيره إلى فيينا في نهاية الشهر ذاته.
في الحقيقة، ان شركاء اليمينيين الاوروبيين في إسرائيل هم يمين الوسط: قرّا، العضو في الأقلية الدرزية الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع نتنياهو، معارض للانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة ومؤيد مخلص للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. رشون مسيكا، زعيم للمستوطنين في الضفة، كان في استقبال الوفد الشعبوي في كانون الاول الماضي. اما هيلل وايز وديفيد هيفري، مؤيدا «الصهيونية الجديدة»، وهي الحركة التي تعتقد بأن من المستحيل العيش في سلام مع العرب، فقد زارا ألمانيا في نيسان الماضي لعقد مؤتمر استضافته الحركة اليمينية الشعبوية الالمانية.
كلهم يأملون بتشكيل منبر أوروبي يضع إسرائيل في موقع المقاومة للمد الإسلامي، كما يعتقدون انه مع تحقيق اليمين الشعبوي مكاسب انتخابية في مختلف أنحاء أوروبا في السنوات الأخيرة، يبقى الرهان الذكي على ستراتش وشركائه.
(عن «دير شبيغل»)

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,092,234

عدد الزوار: 6,978,140

المتواجدون الآن: 79