الدولة الفلسطينية: العام الذي ضاع هدراً

تاريخ الإضافة الإثنين 1 آب 2011 - 6:13 ص    عدد الزيارات 722    التعليقات 0

        

الدولة الفلسطينية: العام الذي ضاع هدراً
بقلم روجر كوهين

في كل مكان تقريباً في الشرق الأوسط حصل تحرّك – مثير، لافت، متفاوت – فيما تُحطِّم المنطقة سلاسل الطغيان القديمة وتسعى إلى اقتطاع حصّة لها في العالم الحديث. بيد أن الفلسطينيين والإسرائيليين لا يزالون عالقين في رواياتهم العقيمة والتنافسية عن الضحية، ويبدون مصمّمين على ترك الأحقاد الماضية تقضي على الآمال. لقد ضاع عام هدراً بطريقة مروّعة.
لا بديل من تسوية هذا النزاع الأكثر إيلاماً، لكن كلا الطرفَين لا يدركان ذلك ولم يدركاه يوماً. بعد 63 عاماً، يميل ميزان القوة بشدّة لمصلحة إسرائيل، والبلد الوحيد الذي يمكن أن يصحّح هذا الخلل في التوازن، أي الولايات المتحدة، لا يبدي استعداداً لأن سياسته لا تتيح مجالاً لذلك. في شكل عام، عندما تكون القوّة غير متوازنة إلى درجة كبيرة بين فريقين، يكون السلام بعيد المنال.
سيواجه أوباما لدى عودته إلى الأمم المتحدة بعد أسبوعَين، نتائج العام الذي ضاع هدراً.
كالعادة، الملامة كبيرة. لقد عرف أوباما إحدى أسوأ لحظاته في أيلول الماضي عندما جلب القادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى البيت الأبيض للإعلان عن تجدّد المحادثات، لكنها فشلت بعد رفض إسرائيل تمديد العمل بتعليق التوسّع الاستيطاني. اليوم، عندما تقول الولايات المتحدة للفلسطينيين "ثقوا بنا، تعالوا إلى الطاولة، يمكننا الوفاء بالوعود"، يهزأون منها.
كان عاماً من الفرص المهدورة.
فالفلسطينيون الذين يملكون سبباً وافياً للشعور بالإحباط إزاء المناورات العقيمة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فقدوا حسّ الاتّجاه الذي نما لديهم طوال سنتَين بإدارة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. يبدو أنهم اختاروا القيام بمسرحية سياسية لن تقودهم إلى أي مكان وسوف تضعهم في مواجهة مع الولايات المتحدة.
دفع بناء الدولة الذي أنجزه فياض في الضفة الغربية – المدارس والطرقات والمؤسّسات والقوى الأمنية – بالبنك الدولي إلى أن يعلن العام الماضي بأن السلطة الفلسطينية جاهزة لقيام دولة "في أي مرحلة في المستقبل القريب". بيد أن فياض لم يحصل قط على الاعتراف من إسرائيل بإنجازاته: تراجع العنف الإرهابي بنسبة 96 في المئة في الضفة الغربية في الأعوام الخمسة الماضية. صدّت إسرائيل شريكاً حيوياً – وهذا هدر إجرامي.
سوف تستخدم الولايات المتحدة الفيتو في وجه المطلب الفلسطيني في مجلس الأمن. من المحتمل أن يصوّت حلفاء أوروبيون كبار مع الفلسطينيين، وإذا جاءت نتيجة التصويت 14-1 فسيكون ذلك محرجاً لإسرائيل. ومن شأن التصويت في الجمعية العمومية أن يحمل تأييداً ساحقاً للفلسطينيين. لكن هذا لن يوصل فلسطين إلى أي مكان.
فهي لن تحصل على العضوية في الأمم المتحدة. سوف يُخفَّض التمويل الأميركي الذي يبلغ نحو 550 مليون دولار في السنة، لأن الكونغرس سيستشيط غضباً. كما أن الإسرائيليين الغاضبين قد يخفّضون الإيرادات الضريبية. وسوف يستمر الاحتلال مع إذلالاته.
قرّر عباس أيضاً توقيع اتفاق مصالحة مع "حماس" من دون أن يجري التفكير ملياً فيه. وقد تبيّن أنه ولد ميتاً لأن "حماس" لن تقبل إصرار عباس على بقاء فياض رئيساً للوزراء. بدلاً من ذلك، كان على عباس التفاوض على هدنة في انتظار الانتخابات التي ستجرى بعد عام والتي من شأنها أن تسمح للفلسطينيين بأن يُقرّروا من يمثّلهم.
هدر الفرص كبير جداً إلى درجة أن الرباعية التي اجتمعت في واشنطن، لم تتمكنّ حتى من الاتفاق على بيان. أحب الفلسطينيون عبارة السلام "المستند إلى خطوط 1967" التي وردت في خطاب أوباما الأخير عن الشرق الأوسط. أما نتنياهو فلم يعجبه الخطاب لكنه أحب عبارة "إسرائيل كدولة يهودية وموطن للشعب اليهودي". فبين خطوط 1967 العزيزة على قلوب الفلسطينيين وهوس نتنياهو بالدولة اليهودية، تبيّن أن الرباعية عاجزة عن إيجاد الصيغة الكلامية المناسبة لتشجيع المحادثات.
الإصرار الإسرائيلي على اعتراف الفلسطينيين صراحةً بإسرائيل "دولة يهودية" عبثي – فهو مؤشّر قوي عن تعاظم الشعور بعدم الأمان والعزلة واللاتسامح لدى الإسرائيليين. لم يكن هذا الإلحاح موجوداً قبل عقد.
في الواقع، يكون الاعتراف عادةً بالدول وليس بطبيعتها، وقد اعترفت "منظمة التحرير الفلسطينية" بحق إسرائيل في "الوجود بسلام وأمن". لن يذهب الفلسطينيون أبعد باعترافهم هذا قبل المفاوضات، فيما يرفض نتنياهو أن يتوسّع أكثر في ما يمكن أن يعنيه كلامه المبهم عن "دولتَين لشعبَين".
يجب أن تكون مسألة الدولة اليهودية النقطة الأخيرة في المرحلة النهائية من أي محادثات. ولذلك فإن دفعها نحو صدارة جدول الأعمال هو الأسلوب الذي يستخدمه نتنياهو كي يضع من جديد تكتيكات العرقلة والتأخير قبل التفكير الاستراتيجي. الهدر كبير جداً وحطام القطار الذي يلوح في الأفق مروِّع.

"نيويورك تايمز"
ترجمة نسرين ناضر

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,103,683

عدد الزوار: 6,934,888

المتواجدون الآن: 93