التحالف السياسي الجديد في مصر يمكن أن يعزِّز الإسلاميين

تاريخ الإضافة الثلاثاء 26 تموز 2011 - 7:17 ص    عدد الزيارات 702    التعليقات 0

        

التحالف السياسي الجديد في مصر يمكن أن يعزِّز الإسلاميين

إيريك تراغر ....معهد واشنطن

جاء الإعلان في 22 حزيران عن انشقاق جناح من الشباب في جماعة <الإخوان المسلمين> المصرية لكي يشكل حزبا علمانيا خاصا به بمثابة دلالة على النشاط السياسي غير المسبوق في مصر ما بعد مبارك· وقد شهد 21 حزيران انعقاد الاجتماعي الثاني لـ <التحالف الوطني الديمقراطي> من أجل مصر، مع موافقة 14 حزباً صغيراً على الانضمام إلى مؤسسي التحالف، وهما <حزب الحرية والعدالة> الذي أسسته مؤخراً جماعة <الإخوان المسلمين> و<حزب الوفد> الليبرالي· وعلى الرغم من أن التحالف لا يمكن أن يستمر في شكله الحالي، إلا أن مجرد وجوده يشير إلى قيام اتجاهين مزعجين في السياسات المصرية: أولاً، تتفاوض الأحزاب على توزيع المرشحين لتحديد نتائج الانتخابات مسبقاً، وثانياً، تعمل وجهات نظر السياسة الخارجية المناهضة للغرب على توحيد الأحزاب ذات وجهات النظر المتباينة بشكل كبير حول القضايا المحلية·
 

خيمة كبيرة حول أعمدة مهتزة إن الأحزاب التي انضمت إلى التحالف تشمل طيفاً متنوعاً من الأيديولوجيات السياسية المصرية· فبالإضافة إلى <الوفد> و<حزب الحرية والعدالة>، يضم أعضاء التحالف حزبي <الغد> و<مصر الحرية>، و<حزب التجمع> اليساري، وحزبي <الناصري> و<الكرامة> القوميين، و<حزب النور السلفي>، و<حزب العدالة> الوسطي، من بين أحزاب أخرى·

وتحمل العديد من هذه الفصائل وجهات نظر متباينة بشكل واسع جداً حول دور الدين في السياسة· فـ <حزب الحرية والعدالة> يرغب في إقامة دولة إسلامية تكون قوانينها مستمدة من الشريعة الإسلامية، في حين يسعى <حزب النور> إلى نسخة أكثر تشدداً من ذلك النظام القانوني· وبدلاً من ذلك، تؤيد الجماعات الليبرالية والقومية واليسارية جميعاً <الدولة المدنية> المحايدة دينياً·

ومن جانبه، روّج <حزب الوفد> منذ فترة طويلة نحو المساواة بين المسلمين والأقباط، وانشق بعض أعضاء الحزب بسبب تحالفه مع جماعة <الإخوان المسلمين>· وفي الوقت الراهن، يتفوق تكتل <الوفد> بقيادة رئيسه السيد البدوي، والذي يُعتبر ودوداً نسبياً تجاه الإسلاميين، على التكتل الأكثر علمانية المتحالف مع رئيس الحزب السابق محمود أباظة· بيد، تعهد أولئك الذين يعارضون التعاون مع جماعة <الإخوان المسلمين> على مواصلة القتال·

كما أظهر التحالف خلافات قوية حول صيغة الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في أيلول· فـ <حزب الحرية والعدالة>، الذي سيعتمد على القدرات التنظيمية المتقدمة لـجماعة <الإخوان المسلمين>، يُفضل الصيغة الحالية التي يُنتخب فيها اثنان من أعضاء البرلمان من كل دائرة انتخابية من دوائر البلاد البالغ عددها 222· (إن انشقاق <حزب الشباب> المذكور سابقاً لن يقوض بشكل كبير من القدرات التعبوية لـجماعة <الإخوان المسلمين> على المدى القصير؛ فالفصيل الجديد يبعد نفسه بشكل واضح عن حزبه الرئيسي السابق ولذلك فمن غير المرجح أن يعرقل شبكات العلاقات الشخصية الشاسعة لـجماعة <الإخوان المسلمين> قبل أيلول)· وليس من المدهش أن الأحزاب الأصغر - بما في ذلك <الغد> و<الوفد> - تطالب بتمثيل تناسبي، من شأنه أن يمكنها من الترشح اعتماداً على الاعتراف بالسمعة الوطنية لأحزابها دون أن تقلق حول قدراتها التنظيمية المحلية المحدودة·

كما يختلف أعضاء التحالف حول ما إذا كانت صياغة الدستور ينبغي أن تسبق إجراء الانتخابات· فالأحزاب الإسلامية ترى أن إجراء الانتخابات مسبقاً سوف يحقق لها انتصارات أكبر ويعزز من نفوذها فيما يتعلق بصياغة الدستور الجديد· وعلى النقيض من ذلك، تصر الأحزاب الليبرالية واليسارية على أنها بحاجة إلى المزيد من الوقت لكي تنظم أنفسها بفعالية وجادلت بأنه لا يمكن إجراء انتخابات دون [قيام] دستور جديد - أو على الأقل مجموعة من التعديلات - يحكم العملية الانتخابية·

إن هذه المصادر التي تؤدي إلى حدوث توترات تجعل التحالف غير قابل للاستمرارية· فلماذا إذن يضغط أعضاء التحالف نحو المضي قدماً على أي حال؟

تقويض المنافسة الديمقراطية تتعاون الأحزاب المتباعدة داخل التحالف بغية تحقيق هدف واحد إلا وهو: تنسيق الترشيحات في أيلول من أجل ضمان الفوز· وقد عبر عن ذلك زعيم <حزب الحرية والعدالة> عصام العريان بقوله <إن وجود هذا الإئتلاف سيحدد نتيجة الانتخابات>· ويأمل مختلف أعضاء التحالف في الوصول إلى اتفاق لضمان دخولهم إلى البرلمان القادم، والذي من المرجح أن تُعهد إليه مهمة صياغة الدستور الجديد·

إن استمرار نظام التصويت القائم على الدوائر الانتخابية هو السيناريو الأكثر احتمالاً: فـ <المجلس الأعلى للقوات المسلحة> الحاكم في البلاد يفضل بقوة إجراء الانتخابات عاجلاً وليس آجلاً، ومن المرجح أن تؤدي إعادة الهيكلة الكبيرة للنظام الانتخابي إلى تأخير العملية الانتقالية· ومع ذلك يبدو أن الإئتلاف عازم على استغلال هذا الترتيب - فإذا وافقت أحزاب التحالف على الترشح في دوائر محددة مقابل عدم الترشح في أخرى، تمنع بذلك المصوتين من فرصة الاختيار من بين العديد من الأحزاب ذات أيديولوجيات متباينة·

والأمر الأكثر أهمية هو أن التنسيق الانتخابي القائم على الدوائر الانتخابية سوف يصب بقوة في صالح جماعة <الإخوان المسلمين>· وكونها القوة السياسية الوحيدة التي تتمتع بقدرات تعبوية هائلة على نطاق البلاد، سيكون بوسع جماعة <الإخوان> تعزيز خطتها للدفع بمرشحين من <حزب الحرية والعدالة> في 49 بالمئة من جميع الدوائر الانتخابية· وبفضل ذلك التحالف، ستواجه جماعة <الإخوان> منافسة أقل في كل دائرة من تلك الدوائر الانتخابية· وعلاوة على ذلك، ونظراً لأن الأحزاب الأصغر في الإئتلاف ستكون مدينة بنجاحها على نحو كبير إلى مساعدة جماعة <الإخوان المسلمين>، فمن المرجح أن يتجاوز النفوذ البرلماني الفعلي لـ<الجماعة> عدد المقاعد التي تفوز بها فعلياً·

عبارات مهدّئة غامضة ومعارضة للغرب سوف يعمل التنوع الأيديولوجي والإستراتيجي للأحزاب الأعضاء في التحالف على تعقيد الجهود الرامية إلى خلق رؤية موحدة للمضي قدماً· بيد أنه عقب اجتماعه في 21 حزيران، أصدر التحالف بياناً لمّح فيه إلى مجالات قائم حولها توافق واسع النطاق· وعلى الجانب الأكبر، ضم البيان عبارات مهدّئة غامضة بشأن <المواطنة كأساس لضمان الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع> و<انتقال السلطة من خلال انتخابات عامة وحرة ونزيهة>· وقد تم التغاضي عن القضايا الأكثر مركزية وإثارة للانقسامات التي تؤثر على المستقبل السياسي لمصر إلا وهي: دور الدين في الدولة ومصادر القانون المصري ودور الدولة التاريخي في تنظيم الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني·

وفي الواقع، جاء بيان يوم الثلاثاء الماضي محدداً في مجال واحد فقط· ففيما يتعلق بالسياسة الخارجية، أعلن التحالف أنه يهدف إلى <فتح حوار إستراتيجي مع إيران وتركيا بشأن مستقبل النظام ومراجعة عملية التسوية [أي اتفاقية السلام] مع إسرائيل، على أساس أنه ليس سلاماً فعلياً في ضوء الاعتداء الظالم وانتهاك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره>· وقد اتفق أعضاء التحالف بصفة أساسية على الاقتراب من الخصم الإقليمي لواشنطن مع التشهير باتفاقات كامب ديفيد، والتي يمكن القول أنها أكبر نجاح لسياسة واشنطن في الشرق الأوسط·

إن مثل هذه التصريحات تعكس وجهات النظر التي دأبت جماعة <الإخوان> على تكرارها، والتي تظهر السهولة التي يمكن أن تستميل بها <الجماعة> الأحزاب الأصغر التي قبلت بتلك الاتفاقات من قبل - مثل <حزب الغد> - وذلك مقابل مشاركة محتملة في السلطة· وسواء كان هذا التحالف سيتغلب على خلافاته الداخلية أم لا، ينبغي على واشنطن أن تأخذ على محمل الجد وجهات نظره الخاصة بالسياسة الخارجية، لأنها تمثل الجانب محل الإجماع بين أحزاب هي بالأحرى غير متشابهة· ولا شك أن <المجلس الأعلى للقوات المسلحة> يتعامل معها بجدية، وحتى أنه ينفذ بعضاً من وجهات النظر هذه لإسترضاء القوى السياسية المخولة حديثاً - فقد سمحت القاهرة منذ الإطاحة بمبارك بمرور سفن حربية إيرانية عبر قناة السويس وعجزت عن توفير حماية كافية لخطوط الأنابيب التي تضخ الغاز إلى إسرائيل والأردن، ودعمت المقاربة بين حركتي <حماس> و<فتح>·

الخيارات الأميركية بما أنه من المرجح أن يكون <التحالف الديمقراطي الوطني> من أجل مصر لاعباً مؤقتاً آخر في العملية الانتقالية للدولة، فلا يوجد لدى صناع السياسة الأميركيين سبب قوي للانخراط معه في الوقت الحاضر· ولكن نظراً إلى وجود احتمال بأن تواصل بعض الأحزاب الأعضاء بذلك التحالف تعاونها مع جماعة <الإخوان المسلمين>، يتعين على واشنطن أن تكون مستعدة لقيام برلمان يتجاوز فيه النفوذ الفعلي لـجماعة <الإخوان> عدد المقاعد التي ستحصل عليها - وهي سلطة جديدة سوف تستخدمها الجماعة دون شك لدفع السياسة الخارجية المصرية بعيداً عن المصالح الأميركية·

وفي المرحلة اللاحقة، ينبغي على صناع السياسة الأميركية أن يؤكدوا أن الديمقراطية تتطلب منافسة فعلية، وأن محاولات الحد من خيارات المصوتين من خلال عقد صفقات وراء الكواليس من شأنها فقط أن تحيي الممارسات الفاسدة التي سعى متظاهرو <ميدان التحرير> إلى إنهائها· يتعين على واشنطن أيضاً أن تساعد على تدريب الليبراليين المصريين للمنافسة بشكل أفضل سياسياً، إلى جانب دعم جهود إنشاء تحالفات فعالة بين الفصائل الليبرالية·

وأخيراً، ينبغي على صناع السياسات الأميركية أن يظهروا لـ>المجلس الأعلى للقوات المسلحة> أنه قد يواجه ضغطاً أقل لو أنه تنازل لصالح الليبراليين واليساريين حول المطالب السياسية الداخلية - مثل إرجاء الانتخابات - بدلاً من الإذعان للإسلاميين حول السياسة الخارجية· من المفهوم أن المجلس الحاكم يساوره القلق من أن يصبح الهدف التالي للاحتجاجات الجماهيرية· وبناءاً على ذلك، يجب على واشنطن أن تذكّر القاهرة بأن النشطاء الليبراليين واليساريين هم الذين كانوا العامل المحفز لاحتجاجات كانون الثاني/ يناير الثورية، وليس الإسلاميين·

 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,087,632

عدد الزوار: 6,934,254

المتواجدون الآن: 95