سقف الديون الأميركية.. هل سينهار على الاقتصاد العالمي؟

تاريخ الإضافة الإثنين 25 تموز 2011 - 5:33 ص    عدد الزيارات 667    التعليقات 0

        

سقف الديون الأميركية.. هل سينهار على الاقتصاد العالمي؟
دراما المحادثات حول رفعه تدخل «حلقات مخيفة»
واشنطن: لوري مونتغمري وبول كين*
تخلى رئيس مجلس النواب جون إيه بونر، أول من أمس الجمعة، عن المحادثات مع البيت الأبيض حول اتفاق تاريخي لتقليص الدين الوطني، الأمر الذي ألقى بالجهود الرامية لرفع الحد القانوني للاقتراض الحكومي في حالة من الفوضى قبل 11 يوما فقط من الموعد المعتقد نفاد حصيلة النقد التي بحوزة وزارة الخزانة بحلوله.

وفي مواجهة شبح إشهار الحكومة للمرة الأولى عجزها عن سداد الديون، استدعى الرئيس أوباما قيادات الكونغرس إلى البيت الأبيض لحضور اجتماع طارئ، صباح أمس السبت، وسارع قادة مجلس الشيوخ من جانبهم لإحياء مقترح استراتيجية احتياطية لرفع سقف الدين قبل الموعد النهائي المقرر في 2 أغسطس (آب).

وقال أوباما وقد بدت عليه علامات غضب واضحة خلال مؤتمر صحافي عقده في البيت الأبيض بعدما أعلن بونر انسحابه من المحادثات للمرة الثانية خلال أسبوعين «لقد نفد الوقت». يذكر أن بونر علل قراره بخلافات حول الضرائب. وأضاف أوباما أنه الآن «أصبح أحد التساؤلات التي يتعين على الحزب الجمهوري طرحها على نفسه: هل بإمكانكم قول نعم لأي شيء؟».

في وقت متأخر من يوم الجمعة، قال عضو بارز في الحزب الجمهوري إن قيادات مجلس النواب «ليست لديهم أدنى فكرة» عن كيفية صياغة خطة لرفع سقف الدين البالغ 14.3 مليار دولار، تكون قادرة على اجتذاب تأييد مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون ومجلس النواب الخاضع لهيمنة الجمهوريين. يذكر أن محادثات جرت بين بونر وقيادات بمجلس الشيوخ، لكن الجمهوريين من أعضاء مجلس النواب استمروا في رفضهم لاستراتيجية اقترحها مجلس الشيوخ لمنح أوباما سلطة رفع سقف الدين حتى نهاية عام 2013 من دون موافقة صريحة من الكونغرس.

من جهته، كان بونر واضحا حيال أسباب اتخاذه هذا القرار، حيث أخبر مراسلين خلال مؤتمر صحافي عقده لنفسه أن البيت الأبيض «أصر على زيادة الضرائب».

وشكل انهيار المحادثات نهاية درامية لأسبوع محتدم بدأ يوم الجمعة الماضي، عندما نبه بونر مسؤولي الإدارة إلى أنه على استعداد للمحاولة مرة أخرى للإقدام على «عمل كبير» للسيطرة على الديون، حسبما أوضح أحد أعضاء الحزب الجمهوري. وخلال الأيام التالية، نجح الجانبان في تحديد أرضية مشتركة تجاه استراتيجية مؤلفة من مرحلتين لرفع سقف الدين واقتطاع أكثر من 4 مليارات دولار من الميزانية الفيدرالية حتى عام 2021.

ودعت هذه الخطة لإقرار إجراءات تقليص أكبر في إنفاق الوكالات الحكومية، وبينها البنتاغون، وإدخال تغييرات مهمة في «ميديكير» و«الضمان الاجتماعي»، وهما أكبر محركين للاقتراض في المستقبل - وهو تنازل كبير من قبل أوباما وآخرين من الحزب الديمقراطي. كما اشتملت الخطة على إصلاح قانون الضرائب على نحو يقلل معدلات الضرائب المرتبطة بدخول الأفراد والشركات، مع تقليص عدد من إجراءات الإعفاء الضريبي التي حظيت بشعبية كبيرة، مثل خصم معدلات الفائدة على الرهن العقاري، مما يحقق عائدات إضافية تقدر بنحو مليار دولار على امتداد العقد القادم. وأثارت حزمة الإجراءات تلك الأمل في التغلب على مشكلة تفاقم الديون الوطنية.

إلا أن المحادثات انهارت أثناء محاولة الجانبين التوصل لاتفاق بخصوص حجم التغييرات التي ينبغي إقرارها على الصعيد الضريبي والمخصصات المالية، وكيفية دفع الكونغرس للعمل على تنفيذ أهداف الخطة. فمن جهته، رغب بونر في زيادة سقف الديون على المدى القصير، بحيث يضطر الكونغرس لتقليص برامج المخصصات المالية وإعادة صياغة قانون الضرائب قبل توافر إمكانية رفع سقف الديون مجددا في فبراير (شباط). ومن جانبه، رفض البيت الأبيض هذا التوجه، واقترح بدلا من ذلك زيادة طويلة الأمد لسقف الدين، إضافة إلى تحديد شروط حال توافرها يتم التحرك تلقائيا نحو تقليص الإنفاق على المخصصات المالية والضرائب إذا لم يسن الكونغرس التغييرات الموعودة في قانون الضرائب وبرامج المخصصات. إلا أن بونر رأى أن هذه الشروط ينبغي أن تتضمن الإلغاء التلقائي لعناصر رئيسية في خطة إصلاح الرعاية الصحية التي أقرها أوباما، مثل إلزام كل فرد بشراء تأمين صحي بعد عام 2014.

ومع دخول الجانبين في جدال حول تساؤلات آيديولوجية عسيرة، قال مسؤولون بالإدارة إنهم حاولوا تلبية مطالب بونر، لكن بحلول الجمعة كان رئيس مجلس النواب قد خلص إلى أن الفجوة الفلسفية بين الجمهوريين والبيت الأبيض من المتعذر تجاوزها.

وقال بونر إن أوباما «ببساطة ليس جادا» بشأن تقليص ميزانيات «الضمان الاجتماعي» و«ميديكير»، إلا إذا صاحبت ذلك زيادة في العوائد الضريبية قدرها 1.2 مليار دولار خلال العقد المقبل - مما يزيد بمقدار 400 مليار دولار عن المستوى الذي ذكر أعضاء بالحزب الجمهوري أنه ورد باتفاق أبرمه بونر مع وزير الخزانة تيموثي إف غيتنر، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي. وقال رئيس المجلس «التعامل مع البيت الأبيض أشبه بالتعامل مع إناء مملوء بمحلول الجيلي. لقد كان هناك اتفاق مع البيت الأبيض على عائدات بقيمة 800 مليار دولار. الرئيس هو الذي انسحب من الاتفاق».

في النهاية، أخبر أوباما مراسلين أنه عرض على بونر «اتفاقا أكثر من عادل»، حول «أكبر حزمة لتقليص الديون تشهدها البلاد منذ أمد بعيد»، مضيفا أن الخطة كان من شأنها زيادة الضرائب بدرجة أقل عن خطة «عصبة الستة»، التي أقرها ثالث أبرز عضو جمهوري داخل مجلس الشيوخ، لامار ألكسندر.

وقال أوباما إنه طرح على طاولة المفاوضات أيضا 650 مليار دولار قيمة إجراءات خفض في برامج المخصصات المالية، بجانب تخفيضات حادة في إنفاقات الوكالات الحكومية، مما أثار ذعرا بين أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين. وقال «من الصعب علي تفهم سبب انسحاب رئيس مجلس النواب بونر من مثل هذا الاتفاق»، موجها انتقادا متحفظا لـ«السياسيين الذين يتخلون عن مسؤولياتهم».

وقال أوباما إن قيادات الحزب الجمهوري عطلت مرارا جهود التوصل لاتفاق حول خطة للسيطرة على الدين الوطني. وأبدت قيادات الحزب الديمقراطي استعدادها لدراسة إجراءات كانت لتسبب لهم متاعب سياسية كبرى بين كبار السن والنقابات العمالية والقاعدة الليبرالية للحزب، حسبما أضاف. كما أكد على استعداده التوصل لحلول وسط، مشيرا إلى أنه تُرك الآن «على المذبح مرتين». وأضاف أوباما «هذا ليس موقفا مشابها للخلافات المعتادة بين الديمقراطيين والجمهوريين. لقد تحرك الكثير من الديمقراطيين خطوات لم تنطو على فوائد سياسية». ونوه بأنه طرح إقرار مزيد من الخفض في إنفاقات «ميديكير»، رغم أن الجمهوريين نددوا بالديمقراطيين خلال انتخابات التجديد النصفي الخريف الماضي لتقليصهم نفقات «ميديكير» كجزء من جهودهم لإصلاح نظام الرعاية الصحية ككل، مضيفا «لقد أثبتنا استعدادنا للإقدام على قرارات صعبة بخصوص هذه القضية لم يأبه لها الجمهوريون».

وحتى الجمعة، لم يرد بونر على العديد من المكالمات الهاتفية من الرئيس، حسبما أوضح أوباما. وأضاف «كنت أتوقع من رئيس مجلس النواب بونر أن يبدي استعداده للوقوف أمام مؤتمره الحزبي ومطالبة الحضور بالقيام بعمل صعب لكنه الصائب» حيال زيادة الضرائب.

ومع استعداد صانعي السياسات لعطلة نهاية أسبوع جديدة تعج بالاجتماعات الطارئة، حدد أوباما شرطا واحدا للمضي قدما، مكررا معارضته رفع سقف الدين على المدى القصير فحسب، مما يجبر الجانبين على خوض المعركة ذاتها مجددا في غضون شهور قلائل - وهو توجه يعكف بعض أعضاء حزب النواب من الجمهوريين على دراسته. بدلا من ذلك، يصر أوباما على رفع سقف الدين على نحو كاف لتمرير أي قرارات مالية حتى انتخابات 2012 - أي عند مستوى 2.5 مليار دولار تقريبا. وفي تلك الأثناء، رفض بونر التراجع عن مطالبته بأن يقابل أي زيادة في سقف الدين تقليص في الإنفاقات، على نحو دولار مقابل دولار - الأمر الذي يخلق عقبة كبرى.

جدير بالذكر أن كبيري مسؤولي مجلس الشيوخ - زعيم الأغلبية هاري إم ريد (ديمقراطي) وزعيم الأقلية ميتش مكونيل (جمهوري)، عكفا على صياغة خطة احتياطية تعطي أوباما سلطة رفع سقف الدين بمقدار 2.5 مليار دولار على ثلاثة أقساط من دون موافقة من جانب الكونغرس. بدلا من ذلك، بإمكان الكونغرس رفض الزيادة، وحينها سيضطر لاستخدام حق النقض (الفيتو) ضد هذا الرفض.

ويضع هذا العبء السياسي بأكمله على عاتق أوباما، وهو عبء قال عنه الرئيس إنه على استعداد لقبوله، لكن قيادات مجلس الشيوخ حددوا قرابة 1.5 مليار دولار فقط في خصومات من النفقات لمكافأة الزيادة في سقف الدين - وهو مبلغ أقل كثيرا عن مطلب بونر الخاص بمكافأة كل دولار بدولار مناظر.

وأصدر مكونيل وريد بيانات يوم الجمعة الماضي، أعربا خلالها عن خيبة أملهما حيال انهيار المحادثات بين أوباما وبونر، رغم أن كليهما أبدى منذ أمد بعيد تشككه في قدرة رئيس مجلس النواب على حشد تأييد سياسي لاتفاق طموح بشأن الديون خلف الأبواب المغلقة مع رئيس يكن له الكثيرون داخل حزب بونر الازدراء. ومع استعدادهما للتوجه إلى البيت الأبيض، صباح السبت، تعهد مكونيل وريد بممارسة ضغوط من أجل المضي قدما.

وقال مكونيل «مثلما قلت من قبل، آن الأوان لنقل النقاش إلى خارج غرفة في البيت الأبيض إلى قاعات مجلس النواب أو الشيوخ، فنحن هنا لنتناقش حول السبيل الأمثل لتقليص الديون غير المستدامة على عاتق البلاد».

وجاء انهيار المحادثات في أعقاب إغلاق الأسواق المالية، لكن ذلك قد يعكس حالة شديدة من التوتر مع بدء التداول الأسبوع القادم. من دون سلطة لمزيد من الاقتراض، قد تعجز وزارة الخزانة عن توفير الملايين لبرنامج «الضمان الاجتماعي» في 3 أغسطس أو دفع المبالغ الضخمة المستحقة لمستثمرين بعد ذلك بأيام. وقال أوباما إنه عكف على مناقشة خطط طارئة مع غيتنر، الذي التقى الجمعة برئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي بن إس برنانكي. جدير بالذكر أن وكالة التصنيف الائتماني «ستاندرد آند بورز» حذرت من أن عدم التوصل إلى اتفاق كبير لتقليص الديون ربما يسفر عن تقليص غير مسبوق لتقييم درجة الملاءة لدى الولايات المتحدة بعيدا عن «إيه إيه إيه»، وهي خطوة قد تسبب تفاقما شديدا في أسعار الفائدة.

الملاحظ أن أعضاء الكونغرس لا يتوافر أمامهم سوى قليل من الخيارات الأخرى لرفع سقف الدين. وصباح الجمعة، رفض مجلس الشيوخ خطة روج لها مجلس المحافظين داخل مجلسي النواب والشيوخ، تفرض قيودا أكثر صرامة على الإنفاق الفيدرالي، وتربط زيادة سقف الدين بتعديل دستوري يلزم بوضع موازنة متوازنة.

وأعلن ريد أن المقترح، الذي حمل اسم «كت»، كان «ميتا». وقال إنه نحى جانبا أيضا خطة احتياطية منفصلة وضعها بالتعاون مع مكونيل للسماح بمحادثات بين بونر والبيت الأبيض بالمضي قدما. وقال «الطريق نحو تجنب العجز عن سداد الديون بات الآن يمر أولا عبر مجلس النواب»، مضيفا أن «مجلس الشيوخ سينتظر بقلق».

بحلول وقت الغداء، حل شعور ينذر بالشؤم على كابيتول هيل مع انتشار إشاعات حول أن بونر لم يرد على اتصالات الرئيس الهاتفية به. وقضى ريد ومكونيل ظهيرة الجمعة في التنقل بين مكاتب بعضهما بعضا في إطار مساعيهما لإحياء الخطة التي قاما بتنحيتها جانبا للتو. ولم يعلق أي منهما على محادثاتهما، لكن أوباما حذر من أنه من الأفضل أن يقدما حلا قبل يتسبب انهيار المفاوضات في كارثة بالأسواق المالية.

وأخبر المراسلين أنه «من المهم للغاية أن تدرك القيادات أن وول ستريت سيفتتح أعماله الاثنين، ومن الأفضل أن نملك بعض الأجوبة خلال الأيام القليلة المقبلة». وفي رده على سؤال حول ما إذا كان قد مر بوقت عصيب، قال بونر «هل رأيتموني من قبل أمر بيوم عصيب؟». لكنه بعد ذلك تذكر واحدا من هذه الأيام بالفعل، كان أحد أيام عام 2008 عندما فشل تصويت حول برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة داخل مجلس النواب، وتراجعت سوق الأسهم بمقدار 800 نقطة. وقال بونر «ذلك كان يوما عصيبا». وربما تمثل تلك ذكرى سيئة في ضوء توقعات بانهيار الأسواق المالية العالمي إذا جاء 2 أغسطس من دون التوصل لاتفاق.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,799,624

عدد الزوار: 6,915,644

المتواجدون الآن: 89