عمليات تدفق الأسلحة من وإلى الخليج تواجه مزيداً من الرقابة...

تاريخ الإضافة الخميس 18 حزيران 2020 - 7:00 ص    عدد الزيارات 1275    التعليقات 0

        

عمليات تدفق الأسلحة من وإلى الخليج تواجه مزيداً من الرقابة...

إيما سوبريه....

إيما سوبريه... هي باحثة زائرة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن....

قد تواجه عمليات تدفق الأسلحة من وإلى الدول الخليجية تحديات بسبب الضغوط الاقتصادية الجديدة في الدول المصدرة والدول المستوردة، وإعادة تقييم التهديدات الأكثر إلحاحاً، والرقابة المتزايدة من الكونجرس في الولايات المتحدة.

في الوقت الذي تثير فيه أزمة الصحة العامة العالمية، الناجمة عن جائحة فيروس كورونا، تساؤلات حول مبيعات السلاح للدول المتورطة في نزاعات مسلحة، يتم مجدداً تسليط دائرة الضوء على تجارة الأسلحة في الخليج. لقد طالب الأمين العام للأمم المتحدة بوقف لإطلاق النار على مستوى العالم، داعياً القادة في جميع أنحاء العالم: “إلى وقف تام للنزاعات المسلحة والتركيز معاً على الحرب الحقيقية من أجل أرواحنا”. وكانت هناك مناشدات، بالإضافة إلى بعض الإجراءات من قبل الحكومات، لتحويل الموارد من قطاعات الدفاع إلى قطاعات الصحة العامة. ويشمل هذا الرئيس دونالد ترامب الذي استند إلى قانون الإنتاج الدفاعي في مارس/آذار -وهو قانون سُنّ عام 1950 (مع نشوب الحرب الكورية)، ليمنح الحكومة مزيداً من التحكم أثناء حالات الطوارئ لتوجيه الإنتاج الصناعي- وهو الإجراء الذي اعتبره بمثابة “الملاذ الأخير “كسر الزجاج””. وعلى نطاق أوسع، كان على البلدان في جميع أنحاء العالم إعادة تقييم التحديات الأكثر إلحاحاً التي تواجهها، وإعادة التفكير في ما يعنيه “الدفاع الوطني” أثناء الجائحة. ومن منظور آخر، أدت الخسائر الاقتصادية الفادحة التي تكبدتها دول الخليج العربية بسبب الجائحة، والانخفاض الحاد في أسعار النفط إلى دفع الخبراء إلى التساؤل عما إذا كانت دول الخليج ستتمكن من الحفاظ على إنفاقها على الأسلحة.

بالإضافة إلى ذلك، تخضع مبيعات الأسلحة لدول الخليج العربية لمزيد من الرقابة على خلفية السياسات الأمريكية الداخلية والتوترات الإقليمية المتزايدة. ففي مايو/أيار، تم طرد المفتش العام لوزارة الخارجية الأمريكية، ستيف أيه. لينيك (Steve A. Linick)، لأسباب قيل إنها تتعلق بتحقيق كان يجريه بشأن ما إذا كانت الإدارة قد أعلنت حالة الطوارئ عام 2019 بشكل غير قانوني، للسماح ببيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وصرّح إليوت إنجل (Eliot Engel)، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، أنه “من المثير للقلق أن وزير الخارجية بومبيو يريد طرد السيد لينيك قبل إتمام هذا العمل”. كما لاحظ كلٌ من ماندي سميثبيرجر (Mandy Smithberger) وليز هيمبوفيتش (Liz Hempowicz) من مشروع الرقابة الحكومية، بأن هذا يشير إلى قضايا أساسية، منها “ما إذا كانت وزارة الخارجية قد تم تهميشها على نحو غير مناسب بعيداً عن صنع قرارات الأمن القومي، [و] ما إذا كان التقدم بمبيعات الأسلحة قد قوض مصالح أخرى من مصالح الأمن القومي”.

في السنوات القليلة الماضية، وعلى خلفية الحرب في اليمن، تضاعفت المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان ومقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وتكثفت الدعوات المطالبة بوقف مبيعات الأسلحة لدول الخليج العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقد أثارت هذه الصادرات احتجاجاتٍ عامة، وحثت المنظمات غير الحكومية على العمل. كما أدت أيضاً إلى محاولات في الكونجرس لمنع هذه الصادرات، وذلك من خلال تشريع قوي غير حزبي. ومع ذلك، لم يكن للعلاقات الأمريكية المتوترة مع المملكة العربية السعودية ولا للجائحة العالمية أدنى تأثير حقيقي على القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب على هذا الصعيد. ففي عام 2019، ارتفعت مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الشرق الأوسط بأكثر من الضعف من حيث القيمة، وصاحب ذلك زيادة الإنفاق في دول الخليج من 5.8 مليار دولار في 2018 إلى 14.2 مليار دولار، بما في ذلك الـ8 مليارات دولار التي تم التعجيل فيها إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتي كان لينيك يحقق فيها. ومؤخرًا، في مايو/ أيار، أعلنت وكالة التعاون الأمني ​​الدفاعي الأمريكية أن البنتاجون وافق على بيع مركبات مقاومة للكمائن ومضادة للألغام للإمارات العربية المتحدة، بتكلفة تقدر بأكثر من 500 مليون دولار. كما تخطط إدارة ترامب أيضًا لبيع ما قيمته 500 مليون دولار من الذخائر الموجهة بدقة للمملكة العربية السعودية.

وأخيرًا، لعبت الأوضاع المتدهورة باستمرار في اليمن وليبيا دورًا مهمًا في إبقاء هذه القضايا على سلم الأوليات. ففي ليبيا، كانت هناك زيادة في عمليات تدفق الأسلحة من الأطراف الخارجية، وخاصة من الإمارات العربية المتحدة وتركيا، ما ساهم في استمرار الصراع المسلح وعدم الاستقرار. كما أثيرت تساؤلات حول توجيه الأسلحة إلى جهات غير حكومية في اليمن (من السعودية والإمارات) وفي سوريا (من السعودية وقطر). وكان لهذا تأثير مباشر على الجدل السياسي في الولايات المتحدة وغيرها من موردي الأسلحة التقليدية لدول الخليج العربية، لأن الأسلحة المنقولة غالباً ما تكون قد صنعت في الولايات المتحدة أو فرنسا أو المملكة المتحدة. وتطرح عمليات النقل هذه أسئلة قانونية صعبة لأنها، كعمليات إعادة تصدير غير مرخصة، وتنتهك القانون الدولي، من خلال انتهاكها ليس فقط قوانين حظر الأسلحة، وإنما تنتهك أيضًا اتفاقيات المستهلك النهائي التي تعد جزءاً من صفقات الأسلحة.

وهكذا، فإن هناك الكثير مما يثقل كاهل مستقبل تجارة الأسلحة في الخليج، بما في ذلك احتمال قيام دول الخليج بإعادة تقييم أولوياتها نظراً للركود الاقتصادي الذي تعاني منه. ففي الولايات المتحدة، عملت مجموعة من الاعتبارات الطويلة المدى المرتبطة بالأزمة الصحية، والتوترات المتفاقمة في المنطقة، والجدل الدائر حول طرد لينيك على إعطاء الزخم للمدافعين عن إعادة النظر في عمليات مراقبة الأسلحة، والأولوية التي تعطى أحياناً لمبيعات الأسلحة على حساب المصالح الوطنية الأخرى. وعلى وجه الخصوص، كانت هناك دعوات لتعزيز إشراف الكونجرس من خلال الحصول على موافقة كلا المجلسين على مبيعات الأسلحة المقترحة قبل أن يتمكنوا من تمريرها، وذلك بدلاً من الحاجة إلى أغلبية الثلثين لمنعها. وفي الواقع، كانت فكرة “قلب النَص” من اقتراح السيناتور، آنذاك، جوزيف بايدن في عام 1986.

كما سلطت الأحداث الأخيرة الضوء على أهمية تحدي السرديات التقليدية المتعلقة بمبيعات الأسلحة لدول الخليج، وأبرزها فكرة أن هذه المبيعات تُتَرجم إلى العديد من فرص العمل في الولايات المتحدة، بحيث لا ينبغي التشكيك في المصلحة الوطنية التي تمثلها. وكشف الصحفيون في عام 2018 عن ادعاءات ترامب بشأن عدد الوظائف المتصاعد الذي حققته مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية في عام 2017، من 450,000 وظيفة إلى 500,000، ثم 600,000، وفي النهاية “أكثر من مليون وظيفة”. وفي الآونة الأخيرة، حقق وليام هارتونج (William Hartung) من مركز السياسة الدولية (Center for International Policy) في الأمر، وخلص إلى أن العدد الدقيق للوظائف التي وُجدت بدعم من مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية كان من 20,000 إلى 40,000 وظيفة.

ربما ترغب دول الخليج العربية نفسها في التحقق من هذه الأسئلة في نهاية المطاف، وخاصة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، حيث إن كلتا الدولتين تنظران بشكل متزايد إلى قطاع الدفاع كوسيلة للتنويع الاقتصادي والطموحات الإقليمية. وتقدم الأوقات غير المسبوقة التي يمر بها العالم والمنطقة رؤى جديدة ، وفرصاً لإعطاء الأولوية لقضايا الصحة العامة و”الأمن المرن”، ويمكن لدول الخليج العربية أن تقرر أن تكون قدوة في هذا الاتجاه. وبالنسبة للرياض، يمكن للمرحلة الجديدة في صناعة الأسلحة داخلياً أن تُيسّر هذه العملية الانتقالية.

تمثل الإمارات العربية المتحدة دراسة حالة مثيرة للاهتمام في هذا الصدد. وبشكل خاص، ربما تصبح الدولة الأولى في المنطقة في تصنيع وتصدير أقنعة N95، وهو إنجاز أصبح ممكناً بفضل الجهود المبذولة لتحويل الصناعات الدفاعية (اعتادت شركة ستراتا Strata أن تصنع قطع غيار الطائرات). كما بذلت البلاد، في الآونة الأخيرة، جهوداً كبيرة في الخارج لصالح الدبلوماسية الإنسانية، ودعا وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، إلى وقف إطلاق النار والدبلوماسية في ليبيا. وترتبط هذه الأمثلة بالحسابات الاستراتيجية الواقعية: تشتيت الانتباه الدولي السلبي عن دورها في الفوضى الليبية على سبيل المثال، بالإضافة إلى التحديات والحوافز الاقتصادية، بما في ذلك الضرورة المحتملة لإعادة التفكير في العقد الاجتماعي الريعي. وبصرف النظر عن الدوافع، فإن الاستراتيجيات الناشئة لدول الخليج العربية يمكن أن تؤثر على تجارة الأسلحة في المنطقة، بدافع من الديناميكيات الجديدة التي اكتسبت الدول المستوردة من خلالها نفوذاً وسلطة متزايدين.

يمكن للولايات المتحدة أن تطمح بتعزيز صادراتها المستقبلية من الأسلحة إلى الشرق الأوسط على الرغم من الرقابة المتزايدة. ولكن وأثناء محاولتها القيام بذلك، فإنه ليس من المؤكد أن تجد أعداداً من المشترين المتحمسين كما كان سابقاً.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,179,606

عدد الزوار: 6,939,137

المتواجدون الآن: 149