السياسة والوباء.....

تاريخ الإضافة الخميس 19 آذار 2020 - 8:07 ص    عدد الزيارات 1470    التعليقات 0

        

السياسة والوباء.....

مايكل يونغ....

يشرح أمير أفخمي، في مقابلة معه، الدلالات الذي قد يحملها تفشّي فيروس كورونا الجديد لإيران والعالم...

أمير أ. أفخمي (دكتوراه في الطب) أستاذ مساعد في علم النفس والصحة العامة والتاريخ في جامعة جورج واشنطن في واشنطن العاصمة، حيث يتولّى منصب مدير قسم التعليم ما قبل السريري. له كتاب A Modern Contagion: Imperialism and Public Health in Iran’s Age of Cholera (منشورات جامعة جونز هوبكنز، 2019). يركّز عمله على التقاطع بين التاريخ والدبلوماسية والسياسات الصحية الوطنية والدولية. تولّى أفخمي زمام التخطيط والقيادة في مبادرة الصحة النفسية في العراق، التي تحظى بتمويل وزارة الخارجية الأميركية، وترمي إلى تعزيز إمكانيات توفير خدمات الصحة العامة في العراق؛ وكذلك في البرامج النفسية والاجتماعية للوكالة الأميركية للتنمية الدولية في أفغانستان...

مركز كارنيغي....أجرت "ديوان" مقابلة مع أفخمي في أوائل آذار/مارس للاطّلاع على آرائه حيال فيروس كورونا المستجد، ولاسيما في ما يتعلق بإيران.

مايكل يونغ: لماذا أثّرت جائحة فيروس كورونا المستجد في إيران بهذا الشكل الكبير؟

أمير أفخمي: يتحمّل مزيجٌ من الدوافع الاقتصادية والسياسية والإيديولوجية مسؤولية التفشّي السريع لفيروس كورونا بشكل واسع النطاق في إيران. كان وصول الفيروس إلى إيران متوقعاً نظراً إلى أن الصين هي شريكها التجاري الأساسي. لكن الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة الإيرانية من أجل الحد من أعداد المسافرين من الصين ورصدهم كانت غير ملائمة، ما أدّى إلى توطّن هذا المرض في إيران على نحو أسرع بكثير من أي دولة أخرى في الشرق الأوسط.

إن افتقار طهران إلى الشفافية وعدم استعدادها لاتخاذ إجراءات صارمة، مثل فرض التباعد الاجتماعي والحجر الصحي، خصوصاً في بؤرة تفشّي الوباء في قم، أدّيا إلى انتشاره. كما أن اقتصاد إيران المتدهور ساهم على الأرجح في سوء إدارة الأزمة، إذ لم تكن التحضيرات كافية لمواجهة احتمال تفشّي الوباء، ويتجلّى ذلك بأبهى صوره في نقص الكمامات والأقنعة الواقية للوجه المنتجة محلياً، ومعدات الحماية الشخصية الواقية في البلاد في الشهر الماضي. يُعزى ذلك إلى عدم رغبة طهران في الحد من الصادرات الإيرانية إلى الصين، ومعارضة السلطات، على نحو مُستغرَب لحظر الرحلات الجوية وفرض الحجر الصحي، خوفاً من إلحاق ضرر متزايد بالاقتصاد. غالب الظن أن السياسة لعبت أيضاً دوراً في إضعاف استجابة القيادة الإيرانية في مجال الصحة العامة. فهي سعت إلى ضمان نسبة إقبال كبيرة على صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية، التي وصفها المرشد الأعلى علي خامنئي بأنها واجب ديني. وقد فاقم تنامي الأزمة امتناعُ الطبقة الدينية في البلاد عن تقييد الحج الديني والتجمعات في المقامات الشيعية الأساسية. رغبة الحكومة الإيرانية بالظهور على أنها تتمتع بالكفاءة وقادرة على ضبط الوضع، خصوصاً في ظل مساعيها الرامية إلى إنقاذ سمعتها التي تلقّت ضربة موجعة بعد إسقاط الطائرة المدنية في كانون الثاني/يناير، دفعتها على الأرجح إلى اتخاذ إجراءات مشدّدة أكثر، فيما تزايدت باطّراد حالات المصابين بفيروس كورونا وكذلك أعداد الوفيات الناجمة عنه. هذا كلّه صب الزيت على النار.

يونغ: يرى البعض أن الفيروس قد يترك تأثيراً عميقاً في إيران، وأنه قد يلقي بظلاله على المجال السياسي أيضاً. هل تعتبر أن هذه الرؤية واقعية؟

أفخمي: هذا الاحتمال واقعي للغاية من منظور تاريخي. ففي العام 1904، عجزت الحكومة القاجارية الإيرانية المطلقة عن التصدّي لوباء الكوليرا، ما أسفر عن تداعيات اجتماعية واقتصادية، وأدّى ذلك مباشرةً إلى اندلاع الثورة الدستورية في العام 1906، التي أرست نظام الحكم البرلماني. آنذاك، تمحورت مشاعر السخط الشعبي حول أن دول الغرب تحسن إدارة الكوليرا، والأوبئة عموماً، أكثر بكثير من إيران. لذا، أرى أن التأثير السياسي على المدى الطويل لتفشّي فيروس كورونا المستجد سيعتمد جزئياً على كيفية نظر الإيرانيين إلى أداء الدول المجاورة والغرب في مجابهة هذا الوباء. وقد باتت نتائج كورونا على المدى القصير تظهر للعيان الآن، من خلال تراجع ثقة الشعب في حكومته ومفاقمة الأزمة الاقتصادية في البلاد.

يونغ: ثمة تقارير تشير إلى أنه تم نقل مسؤولين إيرانيين إلى لبنان لتلقي العلاج في مستشفيات تابعة لحزب الله. ما برأيك أسباب ذلك؟

أفخمي: لدى إيران بعض أفضل الأطباء وأكثر المستشفيات تطوراً في المنطقة. وهي تستقبل سنوياً آلاف السياح لدواعٍ طبية، كما يُمنح المسؤولون الأفضلية في الدخول إلى المراكز الصحية في البلاد. لذا، سيكون من المُستغرب جداً أن يُنقل مسؤولون إيرانيون إلى مستشفيات في لبنان، إلا إذا حدث أن كانوا متواجدين في المنطقة، أو كان الهدف طمس الصورة الكاملة لمدى تأثير فيروس كورونا على القيادة الإيرانية المسنّة، التي تأثّرت بشكل كبير لأن هذا الفيروس يسفر عن وفيات كثيرة في صفوف المسنّين، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

يونغ: أثبت فيروس كورونا أن أمراً متناهيَ الصغر يمكن أن يمارس تأثيراً هائلاً ويمسّ الاقتصاد العالمي. هل يؤدي ذلك برأيك إلى تغيّر في سلوك الدول؟ وكيف ذلك؟

أفخمي: أعتقد أن التأثير الأكبر على المستوى الدولي سيتمثّل في الدفع إلى تحديث عملية تطوير وإنتاج اللقاحات لتصبح أكثر استجابةً ومرونة وقابلة للتوسع، من أجل إيقاف انتشار الأوبئة الفيروسية، مثل فيروس كورونا أو الإنفلونزا، قبل أن يتحول إلى جائحة ذات أبعاد عالمية. وهذا يقتضي، من بين أمور أخرى، الابتعاد عن إنتاج اللقاحات عبر زرع فيروس اللقاح في البيض، وهذه طريقة أبطأ تعود إلى الخمسينيات، إنما كانت مهيمنة على السوق؛ والتوجّه بدلاً من ذلك نحو طريقة إنتاج تعتمد على تقنية الحمض النووي المأشوب القادرة على إنتاج اللقاحات في غضون أسابيع.

يونغ: ما المسار الذي ستسلكه برأيك جائحة فيروس كورونا في الأشهر المقبلة؟

أفخمي: ستنمو هذه الجائحة، ومن غير المستبعد أن يُصاب معظم البالغين حول العالم بالفيروس خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة. لكن وتيرة نمو الفيروس وبالتالي الضغط الممارَس على البنى التحتية الصحية، سيعتمدان على مدى صلابة وفعالية الإجراءات التي تتخذها كل دولة لرصد حالات الإصابة بالفيروس والوقاية منه.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,193,525

عدد الزوار: 6,939,917

المتواجدون الآن: 118