ما الآفاق المتاحة أمام الفلسطينيين لبناء دولة، على ضوء احتضار عملية السلام؟..

تاريخ الإضافة الجمعة 29 تشرين الثاني 2019 - 7:09 ص    عدد الزيارات 1215    التعليقات 0

        

ما الآفاق المتاحة أمام الفلسطينيين لبناء دولة، على ضوء احتضار عملية السلام؟..

مايكل يونغ..

مركز كارنيغي...مطالعة دورية لخبراء حول قضايا تتعلق بسياسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومسائل الأمن...

نادية حجاب | رئيسة شبكة السياسات الفلسطينية "الشبكة"..

الحل الوحيد المُتاح أمام الفلسطينيين لإنشاء دولة مستقلة، أو لتحقيق العدالة والمساواة في الحقوق، في إطار دولة واحدة هي فلسطين-إسرائيل، هو تعزيز مصادر قوّتهم. فحل الدولتين مُني بالفشل ليس لأن إسرائيل قوية جدّاً وحسب، بل أيضاً لأن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية لم تعارضا بشكلٍ فعّال مشروعها الاستيطاني غير القانوني، وركّزتا عوضاً عن ذلك على بناء الدولة قبل تحقيق التحرير.

حقّقت منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية مكاسب قانونية ودبلوماسية كُبرى، من ضمنها الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن جدار الفصل الإسرائيلي؛ ومنح فلسطين صفة دولة غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2012، ما سمح لمنظمة التحرير الفلسطينية بالانضمام إلى منظمات دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية؛ إضافةً إلى تبنّي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار الرقم 2334 في العام 2016، الذي وصف إنشاء إسرائيل للمستوطنات بأنه "انتهاك صارخ" للقانون الدولي. لكن المنظمة لم تتوصّل أبداً إلى صياغة استراتيجية سياسية ودبلوماسية متكاملة ومتّسقة وفعّالة من شأنها أن تُلزم المجتمع الدولي بتطبيقها. وغالباً ما تجاهلت منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية المجتمعين المدنيين الوطني والدولي المنخرطين في هذه المسألة.

ثمة فرصة أخرى متاحة راهناً لاتّخاذ خطوات في هذا الصدد. فقد أقرّت محكمة العدل الأوروبية وَسْم البضائع المُصدَّرة من المستوطنات بالدمغة الإسرائيلية (صنع في إسرائيل) ليتمكّن مواطنو دول الاتحاد الأوروبي من تمييزها عن غيرها. لذا يتعيّن على منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية تبنّي خطة واضحة لضمان تنفيذ هذا القرار، ما من شأنه أن يشكّل خطوة أولى على مسار إنقاذ فلسطين.

خالد الجندي | زميل أول غير مقيم في مركز سياسات الشرق الأوسط في مؤسسة بروكينغز، ومؤلّف كتاب بعنوان Blind Spot: America and the Palestinians, From Balfour to Trump (النقطة العمياء: أميركا والفلسطينيون، من بلفور إلى ترامب)، منشورات مؤسسة بروكينغز، نيسان/أبريل 2019

إضافةً إلى أفول عملية السلام (التي كانت ميتة حتى قبل أن يطأ الرئيس دونالد ترامب عتبة البيت الأبيض)، لا بدّ من الإشارة إلى أن الديناميكيات الإقليمية والفلسطينية الداخلية تسهم كذلك في تقويض آفاق إقامة الدولة. ففي ظل الاضطرابات المستمرة في المنطقة، تراجع ميل الدول العربية إلى اعتبار القضية الفلسطينية في صُلب الأولويات. وإذا ما وضعنا جانباً الاحتلال الإسرائيلي المتواصل، يبدو أن العائق الأكبر أمام إقامة دولة فلسطينية هو يُنزله الفلسطينيون بأنفسهم.

ساهم الانقسام الموهِن بين الضفة الغربية وغزة بشكلٍ خاص في شلّ السياسات الفلسطينية، ووطّد أركان الحوكمة السلطوية في المنطقتين، وقوّض شرعية القيادتين. يُضاف إلى ذلك أن الشقاق المتواصل بين السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها حركة فتح من جهة، وبين حماس من جهة أخرى، قد سلّط الضوء على غياب استراتيجية وطنية متّسقة تصبو إلى التحرير. واقع الحال أن اتّباع إحدى القيادتين الفلسطينيتين استراتيجية قائمة على المفاوضات والدبلوماسية، فيما الأخرى تنتهج استراتيجية من المقاومة المسلّحة، لم يؤدِّ سوى إلى فشل الاستراتيجيتين معاً.

على الرغم من ضعف الفلسطينيين مقارنةً مع إسرائيل، هذا لا يعني أن ما من خيارات مُتاحة أمامهم، على صعيدَي المقاومة المحلية والدبلوماسية الدولية في آن. لكنّ أيًّا من الخيارات لن يتكلّل بالنجاح على الأرجح في ظل غياب كيان سياسي فلسطيني متّسق وحدٍّ أدنى من التوافق بشأن الاستراتيجية الوطنية. يُشار إلى أن المصالحة الفلسطينية وإعادة إحياء السياسات المؤسسية، لن تؤدّيا في حدّ ذاتهما إلى تحقيق الاستقلال، لكن من دونهما ستبقى آفاق إقامة الدولة الفلسطينية شبه معدومة.

لورينزو كمال | أستاذ مشارك في التاريخ في جامعة تورين، ومدير الدراسات البحثية في معهد الشؤون الدولية (Istituto Affari Internazionali)، ومؤلّف كتابين بعنوان The Middle East From Empire to Sealed Identities (الشرق الأوسط من الإمبراطورية إلى الهويات المختومة) (منشورات جامعة إيدنبرغ، 2019)، وImperial Perceptions of Palestine: British Influence and Power in Late Ottoman Time (التصورات الإمبريالية لفلسطين: النفوذ والسلطة البريطانيين في أواخر العهد العثماني) (دار نشر أي بي توريس، 2015)

كان الادعاء بأن فكرة الدولة ثنائية القومية أو حل الدولتين هما البديلان الوحيدان، أو حتى الأساسيان، المطروحان للبحث بالنسبة إلى الفلسطينيين والإسرائيليين، عبارة عن وهم مفيد لسنوات عدّة. بيد أن سيناريو ثالث كان ولا زال أكثر واقعية: ففي غياب إستراتيجية فلسطينية داخلية واضحة ووجود أشكال متعددة الأطراف من الضغوط الخارجية، ستواصل السلطات الإسرائيلية ضمّ ما تعتبره مفيداً لها (بما في ذلك المنطقة ج في الضفة الغربية، التي لازالت وبعد مرور 25 عاماً على اتفاقية أوسلو خاضعة إلى سيطرة إسرائيل الأمنية والإدارية)، في حين تقدّم للفلسطينيين "استقلالاً ذاتياً منشطاً".

ومن غير المفاجئ أنه بات شائعاً سماع الخبراء، خاصةً في أوروبا، يناقشون "واقع دولة واحدة". ويمكن أن تترجم هذه المقاربات كما يلي: نحن، الأوروبيون غير مستعدين و/أو غير قادرين على ممارسة ضغوط اقتصادية أو دبلوماسية على أولئك المستفيدين من احتلال الأراضي الفلسطينية، ولهذا السبب قررنا التخلّي عن حق الفلسطينيين في تقرير المصير.

إذن، ما الخيارات المتاحة أمام الفلسطينيين لمواجهة هذا الوضع؟ أولاً، يجب ألا يثقوا بأولئك الذين يقررون عنهم، بمن فيهم الخبراء المقيمين خارج منطقة الشرق الأوسط الذين لا يعرفون في أغلب الأحيان الكثير عن سياسات إسرائيل الداخلية، وهم في الوقت نفسه بعيدين كل البعد عن الديناميكيات المحلية. يضاف إليهم أولئك المتواجدين في الشرق الأوسط ممن يدعمون "الحلول" كتلك المسماة "صفقة القرن"، التي لا تتمحور حول إسرائيل وفلسطين بل تركّز أكثر على العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الدول الخليجية وإسرائيل.

ثانياً، يجب أن يرقوا إلى إستراتيجية وطنية، فالاحتجاجات السلمية، التي تكون غير مرئية نسبياً، تجري لسنوات في عشرات القرى الصغيرة في فلسطين. وأشدّد هنا على كلمة "سلمية" لأنه وبحسب سيمون ويل "الحرب الثورية هي قبر الثورة".

ثالثاً، قد يأخذون في الحسبان تفكيك "فتح" و"حماس" والسلطة الفلسطينية، مانحين بذلك مساحة للعديد من الحركات السياسية الشعبية بقيادة جيل الشباب الجديد، مُعيدين النظر في الوقت نفسه بمنظمة التحرير الفلسطينية وإمكانية إعادة هيكلتها بالكامل.

أخيراً وليس آخراً، يجب ألا يتوقّفوا عن التحلّي بالأمل. فقسم كبير من العالم، فضلاً عن العديد من الإسرائيليين، يدركون الثمن الذي دفعه الفلسطينيون ويدفعونه، ويُبدون استعدادهم لدعم المساعي الفلسطينية لتحقيق الحدّ الأدنى من العدالة.

جايك والاس | باحث أول غير مقيم في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. شغل سابقاً منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، وسفير الولايات المتحدة لدى تونس، والقنصل العام ورئيس بعثة في القدس (2005-2009)

يسير الإسرائيليون والفلسطينيون راهناً في اتجاه تنازلي نحو دولة ثنائية القومية. في هذا الإطار، يتبنّى بعض الفلسطينيين خيار "الدولة الواحدة"، لكنه لن يلبّي التطلّعات الوطنية الفلسطينية. في المقابل، لن يتخلّى الإسرائيليون عن مشروعهم الوطني أو يساوموا على الطابع اليهودي لدولتهم. وسينتهي المطاف بالفلسطينيين في إطار هذا الترتيب إلى أن يكونوا محرومين من حقوقهم كاملة. فتطوّر الوضع القائم إلى دولة ثنائية القومية ليس سوى وصفة لصراع أبدي.

يبقى حل الدولتين، على الرغم من استحالة تطبيقه في ظل الظروف الراهنة، الخيار الوحيد للمستقبل الذي من شأنه منح الفلسطينيين دولة خاصة بهم إلى جانب إسرائيل ووضع حدّ للصراع. يجب أن يسعى الفلسطينيون جاهدين لإبقاء هذا الخيار متاحاً من خلال تعزيز مؤسساتها الحكومية القائمة وإصلاح انقساماتها الداخلية، ولاسيما إنهاء الشرخ بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحماس في غزّة. كما يتعيّن على الفلسطينيين الحفاظ على التواصل مع مروحة واسعة من الأميركيين، إلى أن يأتي يوم تتسلّم فيه إدارة أميركية السلطة يكون بإمكانها الانخراط من جديد بطريقة بنّاءة.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,210,239

عدد الزوار: 6,940,569

المتواجدون الآن: 128