ثورة مصر: دروس أولية

تاريخ الإضافة الأحد 20 شباط 2011 - 4:30 ص    عدد الزيارات 984    التعليقات 0

        

ثورة مصر: دروس أولية

 


 
القاهرة كانت كالبركان الهادىء، شكّل قبل انفجاره جزءاً من المشهد الرائع· كنا نعرف دوماً أنه إذا لم تقع تغييرات هامة في الأنظمة المطلقة هذه فسيأتي يوم يثور فيه الجمهور·

1- لا توجد أي إمكانية لمعرفة متى سينفجر الأمر· هذا ليس يوم الغفران لأجهزة الاستخبارات في العالم وذلك لأن الثوريين أنفسهم لم يعرفوا بإنهم يقفون أمام الثورة· لم تكن هناك وثائق سرية في الخزائن ولا خطط نجحوا في اخفائها عن عين الإعلام والعالم· هذا ببساطة حصل·

مثل البركان الهادىء، الذي حتى لحظة انفجاره يشكل جزءاً جميلاً من المشهد الرائع· عرفنا دوماً بانه إذا لم تتحقق تغييرات هامة في هذه الأنظمة المطلقة، سيأتي يوم فيثور الجمهور· قد تكون هذه حادثة طرق، مثل تلك التي أشعلت الانتفاضة· ويحتمل أن يكون هذا شاباً عاطلاً عن العمل يحرق نفسه في تونس· ولكن دوما الحديث يدور عن حدث ليس دراماتيكياً بالضرورة، ولكنه القشة التي تقسم ظهر الجماهير، وتجلبهم إلى الميدان الذي قد يقعون فيه مصابين بل وقتلى· هذه هي اللحظة التي يتوصلون فيها إلى الاستنتاج بأن ليس لديهم ما يخسروه·

2- ليس للعالم الديمقراطي إمكانية لمقاطعة من ليس كذلك· ومع ذلك، فإن المطالبة بالتحوّل الديمقراطي يجب أن تستمر· وان كان من المشكوك فيه للأنظمة المطلقة أن تستجيب لها· فهي سترى دوما التخلي عن صلاحياتها كاستسلام وهي تفهم بانه لن يرضي الجماهير أي تنازل

· معظم الزعماء سيفضلون أن يقيموا دول شرطة إلى أن يسقطوا· وعليه، فالسؤال هو متى ستتآزر الجماهير بالشجاعة فيثورون وليس متى سيفهم الزعماء بأن عليهم أن يتنازلوا·

3 - الصين هي النموذج الأفضل، بل والاكبر· فكم من الوقت كان يمكن الابقاء على 1· 4 مليار نسمة في إطار مصطنع جداً، مع قيود شديدة جداً على الحريات الشخصية، في وضع يكون فيه المواطنون متعلمين ويطلعون أكثر فأكثر على وسائل الإعلام العالمية؟

اذا لم يسمح للأحزاب المختلفة بالمنافسة على قلب الناخب الصيني، إذا لم تمنح حرية تعبير حقيقية، ويستمر زج الحاصلين على جائزة نوبل للسلام في السجون ? فستأتي اللحظة التي تأتي فيها الجماهير إلى الميدان· في اللحظة التي تتماثل فيها قوات الأمن مع المتظاهرين وليس مع مرسليهم، سيتغيّر النظام· هذا يمكن أن يحصل اليوم، أو بعد ست سنوات، ولكنه لن يتأخر عشرات السنين وعندما يحصل، فإن هذا لن يكون يوم غفران آخر للاستخبارات، وذلك لأنه لن يكون ممكنا معرفة ذلك مسبقاً·

4- عصر الـ <تويتر> والـ <فيس بوك> يساهم في خلق اتصال بين الثوريين· ولكن الثورة تصنع في الشارع، وليس على الإنترنت· 10 مليون دخول إلى الصفحة لن تحل محل 100 ألف نسمة في الميدان، ممن يكونوا مستعدين لكشف وجوههم، لرفع اليافطات، للتعرض للضربات· صحيح أن الحاكم مقتنع بأن الجماهير هي أدوات في يديه، يهتفون فيه لكل شعار هراء له ويصرخون باسمه، إلا إنهم خوفه الأكبر·

للوهلة الأولى، دون سبب واضح فإنهم كفيلون بتغيير اذواقهم، مهما كان الحكم الجديد، على إلا يبقى الحكم القائم· <أنا تعب ومستعد للرحيل، ولكن عليّ أن ابقى لزمن قصير آخر كي اضمن إلا تقع هنا الفوضى>، يقول الحاكم المرشح للتنحية، وهو يؤمن بذلك بكل قلبه، ولم يعد يفهم بأن أقواله تسمع كنكتة في آذان الجماهير· الميدان كفيل بأن يكون فارغاً لسنوات وسنوات، ولكن عندما يمتلىء، يشكل الغضب القاسم المشترك فيه وعندها فانه يطالب بشيء وأحد: رأس الرئيس·

5 - لا تكفي السيطرة الذكية على أجهزة الأمن لضمان السيطرة على الشارع· الاختبار الحقيقي ليس الأجهزة، بل من يستخدمها· هذا لا يكون في أي حال الحاكم نفسه، بل دوما الأشخاص الهادئين، الذين لا يعرف هو أسماء معظمهم، ممن يؤدون التحية له باستسلام، يفتحون له باب السيارة المحصنة، ويهمسون في أذنه بسر استخباري·

وهو يرغب في أن يرى فيهم مخلصين له في كل لحظة وفي كل ظرف، وهو دوما سيفاجأ إذ يتبين أن أحداً ليس إنسانا آلياً· في نهاية اليوم، هؤلاء الأشخاص لن يستخدموا الأجهزة المسؤولين عنها، إذا قرروا بأن لا مبرر لذلك أو أن الحديث يدور عن احبولة سلطوية مجنونة· أو إنهم <يكتشفون وجوههم الحقيقية> وسيكونون هم الذين يقصرون ساعات الرجل الذي خدموه لسنوات طويلة·

6 - عندما يُسأل قادة الإخوان المسلمين عن اتفاق السلام مع إسرائيل، معظمهم يوضحون بإنهم سيحترمون كل تعهدات مصر، بما في ذلك اتفاق السلام· وتظهر عدسة الكاميرا كم صعب عليهم قول هذا، ولكن واضح بإنهم إذا كانوا معنيين بشرعية دولية فلا مفر أمامهم· الإخوان المسلمون شجبوا الاتفاق مع إسرائيل، ولو كان الأمر منوطا بهم لما وقع أبدا، ولكن قوة الاتفاق الموقع شديدة جداً·

من يؤمن بأن اتفاقات السلام مع جيراننا هي مصلحة إسرائيلية، فإن عليه أن يبذل جهدا كبيراً كي يوقع على مثل هذا الاتفاق في اللحظة التي يكون فيها الطرف الأخر مستعدا لذلك دون أن يطلب ضمانات لتنفيذ الاتفاق حتى في وضع تغيير الحكم· حتى لو كانت الحجة بأن محمود عباس ليس زعيما قوياً حجة محقة، وحتى لو كان صحيحا أنه لا يعبر عن رأي قسم من الفلسطينيين ? فإن اتفاقاً موقعا معه، كرئيس م· ت· ف أمام العالم بأسره، سيضمن، بقدر كبير أن يحترم الاتفاق حتى إذا ما وقع الحكم في يد عناصر لم تكن أبدا لتوقع بمبادرتها على مثل هذا الاتفاق·

7 - أحياناً قد تؤدي علاقات الثقة بين الزعماء إلى قرارات هامة لدولهم· ولكن في لحظة الحقيقة تؤدي هذه العلاقات دوراً ثانوياً· عندما قدرت إدارة أوباما بأن مبارك فقد تأييد شعبه، لم تعد مستعدة لأن تذكر له فضائل شبابه، تأييد الولايات المتحدة في حرب الخليج، السياسة المؤيدة للغرب والحفاظ على اتفاق السلام مع إسرائيل·

في لحظة الحقيقة كان على مبارك أن يثبت لأوباما بأن الحفاظ على حكمه ممكن، وان في ذلك أهمية إستراتيجية للولايات المتحدة· ولما لم يفعل ذلك، فقد دفع إلى الحائط وطلب منه أن يضع حداً لتمسكه بقرني المذبح· فجأة تبدو المشاهد من زيارته إلى الولايات المتحدة كصور من عوالم بعيدة·

8 - الناس هم الناس هم الناس· هناك أناس بطبيعة معتدلة، وهناك من فتيلهم قصير· يحتمل أن يكون أيضاً للطابع القومي تأثير على ذلك· ولكن لا يوجد أناس لا يمكن أخراجهم من هدوئهم· لا يوجد أناس يسلمون بمنع حرياتهم على مدى الزمن، ولا سيما حين يكونوا على علم بأن آخرين في العالم غير مقيدين بالقيود التي فرضت عليهم·

التفسير الوارد الذي يقول أن المصريين مستعدون للتسليم بكل نظام، كان تفسيرا سخيفا، مثله مثل كل محاولة أخرى للتنبؤ بتسليم كل شعب بالنظام في بلاده· أحياناً يدور الحديث عن أنظمة وحشية تهديدها أكبر وتنجح في ردع شعوبها على مدى زمن أطول، أحياناً يدور الحديث عن جمهور عانى لسنوات طويلة، ولا يسارع إلى التمرد ودفع الثمن· ولكن في نهاية المطاف الناس يريدون أن يحرروا أنفسهم من السجون، بما في ذلك أكثر السجناء انضباطاً· يوسي بيلين

إسرائيل اليوم

 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,747,360

عدد الزوار: 6,912,482

المتواجدون الآن: 105