غضب الشارع العربي قابل للانتشار

تاريخ الإضافة الجمعة 4 شباط 2011 - 5:07 ص    عدد الزيارات 774    التعليقات 0

        

غضب الشارع العربي قابل للانتشار

 


 
تسفي برئيل هآرتس

 

<الشعب يريد أن يسقط الحكم!> <ثورة، ثورة حتى النصر! ثورة في تونس وثورة في مصر!> <فليسقط مبارك!> هذه هي الهتافات التي أطلقها عشرات آلاف المتظاهرين، وربما مئات الآلاف ? هذا متعلق بمن الذي يحصي ? إذا كانت الأرقام هي التي تقرر النجاح، فلا ريب أن حركات المعارضة سجلت إنجازاً هائلاً·

نشطاء المعارضة المصريون لم يسارعوا إلى الخروج إلى الشوارع بعد الثورة في تونس، وكادت تمر ثلاثة أسابيع إلى أن أسمعت الجماهير صوتها، ولكن التخطيط أثبت نفسه· مراجعة الصفحات الشخصية على الأنترنت، صفحات الفيس بوك والتويتر تفيد بالنية لتصميم العرض الأكبر هذا كرد شعبي، وليس سياسياً· في التعليمات التي نقلت على الأنترنت طلب من المتظاهرين الامتناع عن رفع يافطات أو إعلام لأحزاب المعارضة·

كما وجهوا إلى عدم الهتاف بأسماء مرشحين للرئاسة· زعماء حركات المعارضة طولبوا ألا يمتثلوا في الصفوف الأولى بل والامتناع عن المشاركة في المظاهرات، كي لا تتمكن السلطات من تقزيم الاحتجاج وتقليصه إلى المجال الضيق للنزاع بين الحركات والأحزاب·

هذا اختبار أعلى للنظام· في اليوم الأول للمظاهرات، وبأمر من الرئيس، وجهت قوات الأمن للامتناع عن استخدام العنف· سمح لها باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، كما تم الترحيب بالاعتقالات ولكن حظر الضرب وإطلاق النار·

مصر، خلافاً لتونس، هي دولة مجربة للمظاهرات، الاضطرابات والاحتجاجات، تعرف كيف تأخذ بالحسبان الرد الجماهيري والدولي على سلوك الحكم· إذا كان في تونس تحطم السد وسقط الحكم، فإن حكام مصر يفهمون بأنهم مسؤولون ليس فقط عن أنفسهم بل وعليهم أن يمنعوا انفجارات إضافية في المنطقة·

ولكن التجربة الكبيرة التي اكتسبوها في التصدي للاحتجاج الشعبي لم تمنع انتشار المظاهرات الضخمة في الأيام الأخيرة· رغم الأمر الذي صدر في بداية الأسبوع بتفريق المظاهرات لمنع يوم إضافي من الاحتجاج، بقي المتظاهرون في الشوارع واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والعيارات المطاطية·

الاحتجاج في مصر لن يسقط الحكم ولن يغير طريقة نظام الحكم، ولكنه كفيل بأن يدفع إلى الأمام بجودة الحياة ويدفع النظام إلى التعاطي بجدية أكبر مع مشكلة البطالة وضائقة السكن بل وربما يؤثر على الحملة الانتخابية للرئيس حسني مبارك·

الغضب تونس، مصر، لبنان، اليمن ودول عربية وإسلامية أخرى تختزن منذ عشرات السنين براميل متفجرة اجتماعية، سياسية واقتصادية· ظاهراً، تكفي شرارة لتحرق دفعة واحدة هذه الدول وتحدث اشتعالاً شاملاً· ولكن هذا الوصف مضلل· كل دولة تدير شبكة علاقات خاصة بها بين الحكم والمواطنين، وفي كل دولة توجد منظومة مختلفة لمنع الاهتزازات الاجتماعية والسياسية وعليه فإن الاحتجاج سيؤدي إلى نتائج مختلفة·

مثال على ذلك هو الاضطرابات التي اندلعت هذا الأسبوع في لبنان وفي مصر أيضاً· العنوان الرئيس الذي أعطي للمظاهرات في الدولتين كان مشابهاً ? <يوم الغضب> ? ولكن في كل واحدة منهما كان سبب آخر للاحتجاج· في لبنان الاحتجاج مزدوج ? ضد <سرقة> رئاسة الوزراء من مجموعة الأغلبية ونقلها إلى مرشح مدعوم من حزب الله وسوريا، والإعراب عن الغضب على شق الصوت السني في الدولة·

خلافاً لتونس أو مصر، هذه ليست مظاهرات شعبية احتجاجاً على الوضع الاقتصادي، البطالة أو قمع حرية التعبير· لبنان هو الدولة الأكثر حرية في الشرق الأوسط، ورغم السيطرة السياسية لحزب الله، فإنه أيضاً الدولة الأكثر علمانية· مقابل تونس ومصر، طابع المظاهرات في شوارع لبنان يتقرر حسب الخصومات السياسية· رئيس الوزراء الجديد، نجيب ميقاتي، لن يختبر في قدرته على تقليص البطالة أو تجنيد مستثمرين أجانب، بل أساساً في نجاحه في تهدئة الخصوم السياسيين وإزالة رعب المحكمة الدولية التي تحقق في قضية اغتيال رفيق الحريري عن لبنان·

الخوف فارق جوهري قائم ليس فقط بين مصر وتونس وكذا ليس بينهما وبين لبنان، الأردن أو سوريا· الفوارق توجد أيضاً بين دولتين مجاورتين مثل تونس والجزائر· تونس تتفكك، ولكن الجزائر تحافظ على وحدتها، وليس لأنها دولة قدوة·

<السرقة، القتل، التنكيل العنيف، التزييف، تجارة المخدرات، كل هذه هي جرائم لم نسمع عنها إلا في دول مثل كولمبيا· لأسفنا هذا هو الواقع في دولتنا ولا يوجد أحد يمكنه أن يقف ضد هذه الظواهر، فيكشف عن علاقاتها أو يمزق شبكاتها>، كتب هذا الأسبوع مختار سعيدي، محرر <الشعب> إحدى صحف المعارضة الهامة في الجزائر· <حتى متى نواصل العيش حياة خوف؟>·

الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الرجل الذي أحدث المصالحة الوطنية بين الحكومة وأغلبية المنظمات الإسلامية، سارع إلى الإعلان عن نيته إجراء <حوار وطني> لسماع شكاوى المواطنين· ومقابل الرئيس التونسي، الذي فر من بلاده، فإن توتفليقة يتمتع بقدر كبير من الثقة بين الجمهور، رغم أنه متهم بتوزيع أرباح الدولة بين مقربيه· ضد حكم بوتفليقة ينطلق انتقاد مزدوج· منظمات حقوق الإنسان تشرح بأن الجيش والشرطة يواصلان استخدام ذريعة مكافحة الإرهاب لتصفية الحسابات مع خصوم سياسيين· محافل محافظة تدعي بالمقابل بأن الجيش يواصل سياسة المصالحة تجاه نشطاء في منظمات الإرهاب·

ولكن يبدو أن الفارق الأهم بين الجزائر وتونس، الذي سيقرر كم ستتمكن <ثورة الشارع> من الانتقال إلى الدولة المجاورة، يكمن في شبكة العلاقات بين الجيش والسياسة في الجزائر· في تونس كان الجنرالات منقطعين عن السياسة· أما في الجزائر فالجيش، ولا سيما المخابرات العسكرية، هو هيئة سياسية حقيقية·

في هذه الشبكة المعقدة والمركبة من السياسيين والجنرالات، من الصعب معرفة بالضبط من ضد من· شيء واحد واضح، الجيش، الذي هو شريك كامل في الساحة الاقتصادية والسياسية، لن يدع الجمهور يتصرف كما يحلو له· أحد الادعاءات الخطيرة ضد الجيش يقول إن قادته، ولا سيما الاستخبارات، استخدموا في أحيان قريبة ذريعة عملهم ضد الإرهابيين الإسلاميين لتبرير قتل مواطنين أبرياء· وغير مرة استخدم الجيش العنف فقط لأن المواطنين جلسوا على أراض تطلع لأن يجعلها ذخائر مدرة للدخل·

المعالجة التي يعرف الجيش الجزائري كيف يمنحها لمعارض النظام لا تشبه طريقة عمل قوات الأمن التونسية· في تونس درجوا على اعتقال منتقدي الحكم، محاكمتهم ومعاقبتهم· الفساد في تونس قادته عائلة الرئيس، ولكن قليلة الحالات التي <اختفى> الناس فيها في تونس· أما الجزائر فهي إمبراطورية الخوف·

الاحتجاج البربري هدأ بعد أن وقعت قيادته على اتفاق مع الرئيس في 2005· ولكن يبدو أن الثورة في تونس أثارت من جديد طموح الأقلية الكبيرة لإحداث تغيير جوهري في مكانتها في الدولة· هنا، كما يبدو، يكمن الإخفاق الثاني للاحتجاج الجزائري: فهو يعتبر كاحتجاج من الأقليات وليس كاحتجاج شعبي مدعوم من محافل أجنبية· من يتوقع <وباء الثورات> في الشرق الأوسط أو في شمال أفريقيا، سيضطر إلى الانتظار في هذه الأثناء·

 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,199,922

عدد الزوار: 6,940,158

المتواجدون الآن: 129