كتابات إسرائيلية عن الانتفاضة المصرية

تاريخ الإضافة الخميس 3 شباط 2011 - 6:09 ص    عدد الزيارات 768    التعليقات 0

        

كتابات إسرائيلية عن الانتفاضة المصرية

مــاذا لــو أُغلقــت قنــاة السويــس ؟
 ألون مروم

لأول مرة منذ توقيع اتفاق السلام مع مصر ثار امكان واقعي لاغلاق قناة السويس أمام حركة السفن الاسرائيلية. نشر أمس ان واحدا من كبار مسؤولي حركة الاخوان المسلمين، التي تناضل من اجل الحكم في مصر، دعا "الى أن يشتمل الاحتجاج الشعبي وقف الحركة في القناة". سواء تحقق هذا الامكان، والعياذ بالله، أم لم يتحقق – فان مجرد وجوده يقتضي تفكيرا من جديد واستعدادات فورية. إن نحوا من ثلث الاستيراد والتصدير الاسرائيليين يوجه الى الشرق من طريق البحر، وأكثره يمر من طريق عنق الزجاجة المصرية. إن ضعف الولايات المتحدة ايضا كما تُبين الازمة، يقوي الحاجة الى توجيه نظرنا الاقتصادي الى الصين واليابان والهند. ولاسباب مختلفة أُغلق اليوم البديل من القناة من طريق ميناء ايلات. وحان وقت اصلاح هذا.
إن جل تجارة اسرائيل الخارجية (98 في المئة) يمر من طريق موانئ البحر. تدل مقارنة دولية على تعلق عال على نحو خاص بالموانئ مقارنة بدول اخرى؛ إن الموانئ تشكل أنبوب الاوكسجين لاقتصاد اسرائيل، في حين ان قسط ميناء ايلات من حركة السلع ضئيل وهو 5 في المائة فقط من جملة الحمولات وهو ربع النسبة المئوية في عدد الحاويات فقط.
الآن، ونحن نرى بوضوح السيف يرتفع في الهواء، ربما تتفضل الحكومة في نهاية الأمر بالانفاق على سكة حديد الى ايلات. في غضون خمس سنوات سيُشحن للشرق ومنه مليون حاوية كل سنة – وليس من الاقتصاد فعل ذلك في شاحنات على تعرجات مرتفعات سدوم. يُحتاج لميناء ايلات الذي يعاني خلفية برية ضيقة منطقة اخرى شمالي المدينة وينبغي ربطه بمسارات ذات أهداف. كذلك هناك حاجة الى استثمار ذي شأن في بناء الأرصفة والرافعات وتعميق الميناء لاستيعاب السفن الحديثة. لن تقدم لنا هذا أي شركة خاصة؛ على الحكومة ان تتخلى عن شهوتها لخصخصة الميناء والقطار وان تتدخل سريعا.
ليس التخلف في البنية التحتية وحده هو الذي يسد الطريق الى ايلات بل الاعتبارات التجارية ايضا. يفضل النقلة الدوليون مينائي حيفا وأشدود لقربهما من شبكة المسارات المهمة في البحر المتوسط. تُحمل الحاويات في أكثرها على سفن ضخمة الى موانئ رئيسة في المنطقة وتُشحن منها في سفن أصغر الى اسرائيل ومنها. ليس في البحر الاحمر موانئ رئيسة صديقة لاسرائيل (سوى مصر)، وأقربها موجود بعيدا في الهند. بدأ أكثر اولئك النقلة الدوليين يزورون اسرائيل في السنين الاخيرة فقط، وقبل ذلك كانوا يخضعون للمقاطعة العربية التي يتبين انها قد تستيقظ مرة اخرى في المستقبل وعلى نحو مفاجئ.
لا تستطيع السوق الحرة ايضا تقديم جواب على الاعتبارات التجارية. لن يكون للناقلة الوطنية الوحيدة وهي شركة "تسيم" منافسة في سيناريو العودة الى العزلة. لهذا يجب على الحكومة ان تتدخل وان تنشئ خط ملاحة بين ايلات والهند. وهذا الحل هو جواب عن نفقات التأمين الزائدة للملاحة في البحر الاحمر المعادي لاسرائيل، والحاجة الى حماية سلاح البحرية – ولا سيما في منطقة الصومال التي تعج بالقراصنة. من المؤكد ان كثيرا من الحواجب الرأسمالية ترتفع الآن: أإستثمار في البنى التحتية للجمهور العريض من ضرائبنا؟ أإنشاء شركة ملاحة حكومية مع ملاحين اسرائيليين لا فيليبينيين؟ ولذلك تفضلوا باسقاطها – الحديث عن أكثر المشاريع ربحية في المدينة مع صفر من الاستثمار. لاسرائيل ميزة جغرافية تُستغل اليوم جزئيا في مجال النفط فقط بواسطة خط أنبوب ايلات – عسقلان. تُشغل الأنبوب بنجاح كبير شركة حكومية من اجل زبائن في الصين والهند. سيكون خط حاويات سريع من الشرق الاقصى الى البحر المتوسط منافسا لقناة السويس ايضا.
تجبي مصر اليوم نحوا من 5 مليارات دولار كل سنة، ومن المؤكد انه يمكن اقتطاع قطعة لا بأس بها من هذه الكعكة. في حالات تطرف عندما تكون القناة مغلقة (كما حدث من قبل سنين طويلة)، نستطيع ان نجبي حتى ضعفي ذلك. لهذا سيفرح البنك الدولي لاسباب استراتيجية واقتصادية لتمويل هذا المشروع.
قد يثبت مبارك للجولة الحالية، لكن الغوغاء الذين رسموا نجمة داود على لافتات أحرقوها في السويس قد تسيطر ذات يوم على القناة ايضا. إن المشكلة الاستراتيجية التي ظهرت في نهاية الاسبوع تقتضي ردا.
"معاريف"
 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السيـناريـو الأسـوأ:
ماذا لو سيطر الإخوان على مصر؟
غيورا ايلند

الاحداث الاخيرة في مصر تطرح مسألتين ترتبطان بالزاوية الاسرائيلية. الاولى ترتبط بالماضي والثانية بالمستقبل. المسألة المرتبطة بالماضي هي هل فوجئنا؟ واذا كان نعم فلماذا؟ المسألة المتعلقة بالمستقبل اكثر أهمية وتمس بآثار الوضع في مصر علينا.
بالنسبة للمسألة الاولى – الاستخبارات العسكرية بشكل عام والاسرائيلية بشكل خاص تعرف بشكل عام كيف تشخص على نحو سليم النشاط العسكري للعدو. قدرتها على تشخيص اتجاهات سياسية، بما في ذلك التقدير كيف سيرد زعيم دولة ما مجاورة على مثل هذه العملية او تلك من جانبنا، هي قدرة متوسطة، وقدرتها على التقدير والتنبؤ بسلوك الجماهير متدنية. وبالذات لانه من الصعب جدا التنبؤ متى سيكون الانفجار الجماهيري وتقدير مدى نجاحه فمن واجب اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية ان تراجع نفسها بطريقة نقدية وجذرية.
الخطر الاكبر في محافل التقدير هو الميل للتفكير الجماعي. رئيس شعبة الاستخبارات الحالي، أفيف كوخافي، بصفته قائد لواء، توجه الي في ختام مؤتمر قادة وقال: "تقلقني حقيقة أنكم، الالوية، تتحدثون بصوت واحد، تطلقون الحجج ذاتها بل تستخدمون التعابير والامثلة ذاتها".
وقد كان محقا! اليوم يتعين عليه أن يفحص اذا لم نكن قد تأثرنا اكثر مما ينبغي بأنه على مدى عشرات السنين كرر المتبوئون للمناصب العليا كل بدوره المرة تلو الاخرى كم هو الوضع في مصر مستقر. يحتمل ان يكون هذا الخطاب أضر بالتفكير النقدي. تفسير آخر يتعلق بصعوبة تشخيص نشوب ثورة، هو الصلة الاشكالية بين جهات رفيعة المستوى في اسرائيل والحكم المصري. كون الحاكم الذي ضده تأتي الثورة هو مثل الزوج الذي يتعرض للخيانة، فهو آخر من يعلم، فانه هو ومحيطه يبثون التفاؤل، وهذا التفاؤل يترك أثره بقوة على محادثيه الاسرائيليين.
من المهم التشديد على ان الموضوع ليس دراماتيكيا بهذا القدر، كون اسرائيل غير مطالبة في هذه المرحلة بان ترد (سياسيا أو عسكريا)، وبالتالي فليس هناك ثمن باهظ للقراءة المتأخرة للواقع.
ولكن الاهم هو المسألة الثانية.
ثمة ثلاثة سيناريوات: 1. الحكم الحالي (مبارك او عمر سليمان) يواصل بقاءه في السلطة. 2. تأتي حكومة علمانية بل تبدأ بديموقراطية حقيقية. 3. السيناريو الثالث هو سيطرة الاخوان المسلمين، سواء من خلال استغلال الفوضى القائمة ام نتيجة النجاح في انتخابات ديموقراطية.
تحقق الخيار الثالث يشكل تغييرا استراتيجيا وقد تكون له معانٍ جسيمة:
• حماس ستشعر واثقة بما فيه الكفاية كي تحاول احداث نتيجة مشابهة في السلطة الفلسطينية ايضا في يهودا والسامرة. حكم "حماس" في غزة وفي الضفة سيقضي على المسيرة السياسية ويسيء جدا لوضع الامن.
• دول اخرى في المنطقة وعلى رأسها الاردن، قد تسير في أعقاب مصر.
• على مدى ثلاث سنوات كان يمكن لاسرائيل ان تبادر الى خطوات عسكرية، مرتين في لبنان ومرة واحدة على الاقل في يهودا والسامرة، دون ان تخشى ان يؤدي الامر الى رد فعل عسكري مصري. ليس هكذا سيكون الوضع في المستقبل اذا ما سيطر على مصر حزب اسلامي متطرف.
• الجيش الاسرائيلي كان يمكنه أن يأخذ مخاطر أكبر في كل ما يتعلق ببناء القوة (مثلا، مستوى المخزون من الذخيرة) عندما شكلت مصر مجرد خطر احتمال تحوله الى تهديد ملموس طفيف. وضع جديد من شأنه أن يتطلب ايضا رفعا لميزانية الدفاع وتغييرا في تركيبتها.
يمكن أن نواسي أنفسنا بأنه حتى اذا تحقق السيناريو الاسوأ، فان الحكومة الجديدة في مصر ستستغرقها سنوات عدة كي تثبت وضعها في الداخل. بتعبير آخر: حتى اذا ما حصل هذا التغيير الاستراتيجي السلبي، فسيكون لدينا ما يكفي من الوقت لندرسه ونستعد له كما ينبغي.
"يديعوت احرونوت"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام يُصنع مع المستبدين
 موشيه أرينز

"السلام يُصنع مع الأعداء". هذا الشعار غير المنطقي، الذي كرر نفسه مرة بعد اخرى وعلى نحو صارخ أكثر فأكثر عند "معسكر السلام" الاسرائيلي يجب ان يحل محله "السلام يُصنع مع المستبدين". هذا الاستنتاج المؤسف مُلح ازاء الأحداث في مصر، لانه يوجد كثيرون يتساءلون هل سيثبت اتفاق السلام معها حتى لو أُبعد حسني مبارك عن السلطة؟
الحقائق القبيحة هي ان اتفاقي السلام اللذين وقعت اسرائيل عليهما حتى الآن، مع مصر ومع الاردن، وقعا مع المستبدين أنور السادات والملك حسين. وكذلك التفاوض الذي تم في فترة ما مع سوريا ومع منظمة التحرير الفلسطينية تم مع مستبدين سيئي الذكر. كل من اعترض ازاء مساري السلام هذين سمع عبارة ان "السلام يُصنع مع الأعداء".
لو كان لاسرائيل حرية اختيار لهبت بطبيعة الامر الى صنع سلام مع جارة ديموقراطية. لكن هذا لم يكن امكانا واقعيا منذ نشأت الدولة. والسؤال الذي يسأله اسرائيليون كثر الآن هو هل اذا حل محل نظام مبارك حكومة انتُخبت انتخابا ديموقراطيا ستستمر مصر على احترام اتفاق السلام مع اسرائيل؟
حتى لو كان تخلي اسرائيل عن الارض قد عُد عنصرا مركزيا في كل اتفاق سلام مع جاراتها فقد كان لاسرائيل مطلبان جوهريان عُدا شرطين ضروريين في التفاوض: الاول أن لا تستطيع موقعة اتفاق سلام مع اسرائيل بعد التوقيع ان تطلب اليها اراضي اخرى بعبارة اخرى سيكون اتفاق السلام مع اسرائيل نهاية المواجهة. والثاني ان يكون لزعيم الدولة الموقعة على الاتفاق القدرة على ان يكافح بشكل فاعل نشاطا ارهابيا معاديا لاسرائيل.
يستطيع كل مستبد ان يقدم هذين الشرطين اذا شاء ذلك بلا صعوبة. ويستطيع اصراره على ان المواجهة مع اسرائيل قد انتهت أن يصبح هو الخطاب العام السائد. ويمكن ان نثق ايضا بأن الشرطة وقوات الأمن التي يملكها الزعيم ستقمع كل نشاط ارهابي قد يوجه الى اسرائيل.
وفت مصر السادات ومبارك بهذين الشرطين. وكذلك اردن الحسين وابنه عبد الله. وقت مفاوضة الاسد وعرفات قدروا في القدس وبحق ان يفيا هما ايضا بالشرطين. فهما بعد كل شيء مستبدان أثبتا في عدد من الفرص انهما قادران على الامساك بقوة مطلقة عندما أرادا. وفي نهاية الامر لم تستجب حكومة اسرائيل لمطالب الاسد المتعلقة بالاراضي ولم يكن لعرفات أي نية لانهاء المواجهة.
لم تصرّ حكومات اسرائيل قط على أن تُجري تفاوضا مع حكومة عربية ديموقراطية فقط. ومن شبه المؤكد ان الافتراض غير المُعبر عنه قد كان ان المستبد أسهل عليه ان يفي بمطالب اسرائيل وان هذا سيكون غير ممكن لحكومة ديموقراطية.
اذا كان الامر كذلك فما هو الوضع الآن بالنسبة لمحمود عباس؟ هل له السلطة والقدرة على انهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني؟ إن كل نظر واقعي الى مكانة عباس عند السكان الفلسطينيين في يهودا والسامرة وغزة يفضي الى استنتاج انه غير قادر على الوفاء بشروط اسرائيل. والدليل الأبين على ذلك حقيقة انه لا يتحدث باسم سكان قطاع غزة الذين تحكمهم حكومة حماس "الديموقراطية". ومكانته في يهودا والسامرة ايضا مضعضعة. وفي شأن قمع الارهاب الموجه الى اسرائيل، لا شك في ان عباس غير قادر على التزويد بالأمن في هذا المجال.
برغم انه يجتاز امتحان الادارة الديموقراطية في صعوبة، هل نفضل نظام حكم فلسطينيا مستبدا؟ هل نتمنى هذا للفلسطينيين؟ يبدو ان الامتحان الاول لتأثير النظام الديموقراطي في العالم العربي في المسيرة السلمية سيأتي من مصر. لننتظر في توتر ولنرَ ماذا تكون نتائج هذا الامتحان اذا وُلدت ديموقراطية حقا في مصر.
"هآرتس"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انفصـام أميركي
 
 
بينما في واشنطن المتجمدة ألقى اوباما قبل اسبوع خطابا عن "وضع الامة" دون أن يذكر تقريبا موضوع الشرق الاوسط، جاءت الاحداث في مصر، وفي تونس، وفي بيروت وفي اليمن لتبرز كم هي السياسة الاميركية في هذا الجزء من العالم غير ذات صلة بالواقع على الارض.
والان قيل انهم في واشنطن يعكفون على تصميم استراتيجية شرق أوسطية جديدة تدمج في داخلها تطلع شعوب المنطقة الى التغيير والحاجة الى ضمان الاستقرار فيها في الوقت نفسه. في هذه الاثناء تنطلق بيانات اميركية تذكر بالتشوش وانعدام الفعل لادارة كارتر في زمن الثورة ضد الشاه الفارسي. والنتائج معروفة. معاضل ادارة اوباما في موضوع العالم العربي لا تختلف عن تلك التي وقف أمامها سلفه. بوش ووزيرة خارجيته كونداليزا رايس تحدثا عن "جدول أعمال الحرية"، ولكن في نفس الوقت حرصا على عدم المس بالعلاقات الشجاعة مع مراكز الحكم في الدول العربية المختلفة.
اوباما هو ايضا حاول السير على الحبل الرفيع ذاته، الى جانب التصريحات في مصلحة توثيق العلاقات مع العالم العربي والاسلامي. كم هي المفارقة ان تندلع الشعلة الاساسية بالذات في القاهرة، حيث ألقى الرئيس اوباما خطابه الشهير والذي مجد فيه "القيم المشتركة" المزعومة في التاريخين الاميركي والعربي. في حينه دعا أيضا جيل الشباب في مصر للنظر الى الامام نحو التغييرات التي على الطريق (لا غرو ان الرئيس مبارك تخلى في حينه عن متعة الحضور في القاعة).
 الخطاب ذاته، وليس هو فقط بل كل النهج الاميركي في السنوات الاخيرة نحو الشرق الاوسط عانى من انفصام سياسي حاول أن يجسر، دون نجاح، بين المثل الأميركية والمصالح البراغماتية. هكذا في افغانستان، هكذا في العراق، هكذا في مصر وفي شمالي افريقيا – وهكذا ايضا بالنسبة للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني.
عندما قرر الرئيس بوش (الابن) في حينه وجوب اقامة دولة فلسطينية "ديموقراطية محبة للسلام الى جانب دولة اسرائيل" (قول أصبح شعارا أيضا على لسان مقرري السياسة في ادارة اوباما)، يبدو انه لم يلاحظ أنه لا يوجد بالضرورة توافق بين هذين المبدأين. والدليل هو أن "حماس" انتخبت بشكل ديموقراطي في غزة، ولكن هل هي "محبة للسلام"؟
الكتاب الجديد لبوب وودوورد، "حروب اوباما"، يروي أنه في احدى الجلسات المهمة في البيت الابيض لبلورة خطوط العمل في الحرب ضد "طالبان" و"القاعدة"، امتنع الرئيس عن دعوة قادة وكالة الاستخبارات المركزية ومنسق اجهزة الاستخبارات المختلفة. ربما كي لا تحرفه التقديرات التي يعرضونها عن القرارات التي بلورها لنفسه مسبقا. والان جاءت الاحداث في القاهرة، في تونس وفي صنعاء لتصفع هذا المفهوم في الوجه.
في زمن كتابة هذه السطور لا نرى بعد نهاية الاحداث في القاهرة – هل ما كان هو ما سيكون؟ أم ربما ستكون اصلاحات؟ أو ربما، في نهاية المطاف سيكون المنتصرون الحقيقيون هم الاخوان المسلمون او البرادعي، صديق احمدي نجاد؟
لا مجال لحسد من هم مسؤولون اليوم في واشنطن عن مهمة اعادة تصميم السياسة الشرق الاوسطية للولايات المتحدة. هل سيكررون أخطاء الماضي أم لعلهم سيستخلصون على الاقل واحدا من الدروس الواضحة من أحداث الاسابيع الاخيرة؟
"اسرائيل اليوم"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إســرائــيــل والنظام الجديد

 
رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو رد على احداث الايام الاخيرة في مصر بالدعوة الى الحفاظ على "الاستقرار والامن في المنطقة"، واسرائيل توجهت الى حكومات الغرب بطلب للعمل على انقاذ حكم الرئيس حسني مبارك. قلق نتنياهو على صديقه وحليفه المصري يمس شغاف القلب ويعبر عن خوفه مما سيحصل اذا ما تغير النظام في مصر، وبدلا من مبارك صعد الى الحكم معارضو السلام مع اسرائيل.
 ولكن أكثر من كل شيء، فان موقف نتنياهو يمثل التمسك بالوضع الراهن والمعارضة الغريزية لكل تغيير في الشرق الاوسط. سياسة الخارجية الاسرائيلية ترى في النظام الاقليمي القديم، الذي قام على أساس الطغيان طويل السنين، أهون الشرور. زعماء اسرائيل فضلوا "عقد الصفقات" مع مبارك وأمثاله، على فرض أنهم "سيضمنون الاستقرار" وسيقمعون بالقوة القوى الراديكالية التي سعت نحو التغيير في المنطقة.
من هذا المفهوم ينبع التجاهل لمواطني الدول المجاورة الذين يعتبرون عديمي التأثير السياسي في أفضل الاحوال، او معادين وكارهين في اسوئها. اسرائيل رأت نفسها كفرع للغرب ولم تبدِ اهتماما بلغة وبثقافة وبالرأي العام لمحيطها القريب، والانخراط في الشرق الاوسط بدا كخيال عديم الاهمية، ان لم يكن ضارا. وكانت النتيجة ان اسرائيل لم تستعد للتغييرات التي جرت تحت المظهر المتصلب الذي أظهره الحكام.
الثورة في تونس والاحتجاج الجماهيري ضد النظام في مصر يستدعيان من القيادة الاسرائيلية تفكيرا مغايرا عن النظام الاقليمي وعن مكان اسرائيل فيه.
وبدلا من التمترس خلف ما هو معروف ودارج، وخلف الادعاءات التعبة بأنه "لا يوجد مع من يمكن الحديث وعلى من يمكن الاعتماد" فإن على سياسة الخارجية الاسرائيلية أن تكيف نفسها مع واقع يكون فيه مواطنو الدول العربية وليس فقط الطغاة ومقربوهم، يؤثرون على الاتجاه الذي تتطور نحوه بلدانهم.
هذا هو الوقت للشروع في الاستعداد للوضع الجديد في المنطقة. وبدلا من التباكي على النظام القديم والمنهار، على نتنياهو أن يسعى الى اتفاقات سلام مع الفلسطينيين ومع سوريا، تجعل اسرائيل جارا مرغوبا فيه وأكثر قبولا.
افتتاحية "هآرتس"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
ســـــلام أيـــها الصــديـــق
 عكيفا الدار

التقيت قبل سنتين في مقهى مزدحم بالناس على ضفة النيل الدكتورة هالة مصطفى، محررة مجلة "الديموقراطية" الصادرة عن "دار الأهرام للنشر". شارك في اللقاء نيسان أمدور الذي كان آنذاك نائب سفير اسرائيل في مصر. فوجئت كثيرا لان صحافية مصرية تجلس علنا مكشوفة الرأس الى ديبلوماسي وصحافي اسرائيليين. أعطتني مصطفى نسخة من مقابلة صحافية أجرتها للصحيفة المصرية "الدستور" اتهمت فيها النظام المصري بأنه يحتضن باحدى يديه محمود عباس ويداعب بالاخرى "حماس". ولم توفّر انتقادها لصعوبات استيعاب الرئيس مبارك في كل ما يتعلق بقواعد الديموقراطية.
قالت مصطفى انها لم تزر اسرائيل قط لان السلطات التي لا تستحسن هذا قد تضر بمصدر رزقها. وفرضت للسبب نفسه ان مُحادثتي تفضل ان أحتفظ بانتقادها لنفسي. وفاجأتني مصطفى ثانية عندما حثتني على نشر كلامها. فعلت ما طلبت وأدليت في هذا العمود الصحافي بما ورد في الحديث باختصار. وجاءت المفاجأة الاخيرة برسالة من السفارة قالت ان مصطفى تُنكر بشدة انها وجهت انتقادا الى نظام الحكم في مسمعيك. فرحت لأن نائب السفير أمدور تظاهر بأنه لا يستوعب اشارتي وبقي معنا حتى نهاية اللقاء تقريبا.
يُجسد الامر شيئا ما من الواقع المركب في مصر الحديثة؛ فمن جهة ثمة صحافية مصرية تجلد نظام الحكم بل تُشرك زميلا اسرائيليا في عدم ارتياحها لسياسة الرئيس. وهي من جهة اخرى لا تتجرأ على زيارة اسرائيل لئلا تخسر مصدر عيشها. إن مصدر العيش عند الشبان والشابات المصريين ليس مفهوما من ذات نفسه. اقترح علي نظير روسي التقيته في بيجينغ في أواخر عهد الغلاسنوست تفريقا صائبا يتعلق بنظم حكم في مرحلة انتقالية. قال إن الصينيين يسلكون سلوكا أكثر حكمة من السوفيات. "انهم يدركون انه يجب على النظام قبل ان يدع للناس يفتحون أفواههم أن يضمن ان يستطيعوا وضع شيء من الطعام فيها"، قال الرجل. وكان استنتاجه ان الاصلاح الديموقراطي غير المصحوب باصلاح اقتصادي مدعاة الى الفوضى.
لم ينجح مبارك في تقديم اماكن عمل لملايين الشبان المصريين. ومن جهة ثانية طلبت اليه الادارات الأميركية المتعاقبة ان يلصق معايير حقوق انسان مقبولة في الغرب بمستوى العيش في العالم الثالث. إن المساعدة التي يحصل عليها أكثر من ثمانية ملايين مصري من الولايات المتحدة أقل مما يحصل عليه سبعة ملايين اسرائيلي. في 2002 أصدرت وزارة الخارجية في ادارة بوش بصوت مرتفع "مبادرة الشراكة الشرق الأوسطية" (ام.إي.بي.آي). كان الصندوق يرمي الى تقديم مشاريع اقتصادية وديموقراطية للمجتمع المدني في دول الشرق الاوسط والمغرب. وبحسب موقع انترنت الصندوق، خصصت الولايات المتحدة في السنين التسع التي مرت منذ ذلك الحين للمبادرة 580 مليون دولار قُسمت على 18 دولة.
مع ذلك يبدو ان الاميركيين أدركوا انه بازاء قيود المساعدة، عليهم ان يغضوا أعينهم عن تشويه نظرية الديموقراطية في المنطقة. فقبل ثلاثة اشهر فقط نشرت وزارة الخارجية الاميركية التقرير عن وضع حقوق الانسان في العالم. ويشبه الفصل عن مصر في شدته تلك الفصول التي سبقته، ولم يعق هذا الرئيس الديموقراطي باراك اوباما عن أن يتوج مبارك مع انقضاء لقاء في البيت الابيض في آب 2009 بأنه "زعيم ومُشير وصديق".
لولا الجماهير التي خرجت الى الشوارع وزعزعت البورصات لانتقلت الصداقة الاميركية بالوراثة الى جمال مبارك. اليكم مختارات من مقاطع التقرير: "اعتقلت اجهزة الأمن مواطنين اعتقالا تعسفيا، وفي بعض الحالات لدوافع سياسية، وأبقتهم في السجون فترات طويلة بلا محاكمة... استعملت السلطة التنفيذية الرقابة والضغط على السلطة القضائية... بقيت نظرة الحكومة الى حرية التجمع والاعتقاد ضئيلة... تقيد الحكومة حرية التعبير باستعمال القوة والرقابة والاعتقالات... أغلقت الحكومة مواقع انترنت واعتقلت مُستعمليها... يُطلب الى مقاهي انترنت ان تسجل التفاصيل الشخصية لكل مُستعمل". الى جانب هذه الأنباء السيئة، أبلغت وزارة الخارجية الاميركية عن علاقة أقل تسامحا بتظاهرات غير عنيفة وبانتقاد نظام الحكم بل حتى انتقاد الرئيس في الصحف المستقلة. ينبغي فقط ألا نشتاق الى مبارك.
   
حصن الديموقراطية
تعمل الديموقراطية الاميركية بطبيعة الامر بحسب قواعد تختلف عن نظام مثل مصر. فساستها مخلصون لتصورهم العام ولا يخضعون لاغراءات تعرضها منظمات بواسطة تجنيد أموال وناخبين.
خُذوا على سبيل المثال عضو مجلس النواب القديم غيري اكيرمان من نيويورك. ففي مباحثة تمت قبل سنة فقط في مجلس النواب تحدث النائب الديموقراطي اليهودي عن الارهاب الفلسطيني وعن مسيرة المستوطنات معا، وعن حفر الأنفاق في غزة وعن الحفر الأثري في الحوض المقدس في القدس. كان من الطبيعي ان اكيرمان فاز في الانتخابات الاخيرة لمجلس النواب بتأييد معلن من منظمة السلام اليهودية – الاميركية "جي ستريت".
نشر اكيرمان في الاسبوع الماضي رسالة معلنة أعلن فيها قطع علاقاته بالمنظمة لان قادتها دعوا الرئيس اوباما الى الامتناع عن استعمال حق النقض ضد اقتراح قرار في مجلس الامن، يقضي بأن المستوطنات غير شرعية، ويندد باسرائيل لتوسيعها. وقد جهد قادة "جي ستريت" لتأكيد انهم يؤيدون تبادل اراض يأخذ في الحسبان المستوطنات المجاورة للخط الاخضر. اتهم اكيرمان "جي ستريت" بأنها بدل ان تتهم الفلسطينيين برفض اجراء تفاوض لانهاء الاحتلال تساعد كارهي اسرائيل على عزلها. لا يمكن ان يكون لسلوك اكيرمان صلة بأنه في منطقته الانتخابية يوجد يهود كثيرون مُحبون للمستوطنات والبؤر الاستيطانية. فهذه الامور لا تحدث إلا في نظم حكم متخلفة.
"هآرتس"
 
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,668,611

عدد الزوار: 6,907,704

المتواجدون الآن: 86