مبالغة أوروبية في تناول مسألة المهاجرين ... بين التضخيم والتبسيط..

تاريخ الإضافة الأربعاء 11 تموز 2018 - 11:24 ص    عدد الزيارات 713    التعليقات 0

        

مبالغة أوروبية في تناول مسألة المهاجرين ... بين التضخيم والتبسيط..

برونو ترتريه ...

الحياة....* باحث، خبير في الشؤون الدفاعية والنووية، عن «لوفيغارو» الفرنسية، 6/7/2018، إعداد منال نحاس..

تشوب نص الاتفاق المبرم بين دول الاتحاد الأوروبي الـ28، وهو يقضي بإنشاء مراكز تجمع للاجئين في شمال أفريقيا وأوروبا، شوائب وثغرات. وعلى رغم أن الاتفاق هذا موقت، ثمة جانب إيجابي فيه، فهو يساهم في الحؤول دون انفجار الاتحاد الأوروبي وتذرره وقطع بعض دوله الحوار مع نظيرها. وليست فكرة تجميع اللاجئين أو جمعهم في مراكز لدراسة ملفاتهم، مستجدة، ولكن البحث فيها أُهمل في 2015، على رغم أنها كانت لتحول دون مد الموجة الشعبوية في أوروبا. وكان حينها في الإمكان مفاوضة دول البلقان على إنشاء مثل هذه المراكز، فالاتحاد الأوروبي كان يومها في موقع قوة وكفته كانت ترجح على كفة هذه الدول. وأما دول شمال أفريقيا فحريّ بها الإعداد لتعاظم سيل المهاجرين من الجنوب. والاتفاق المبرم مع تركيا في 2016 لم يكن في محله ولا في وقته. فمد اللاجئين كان حينها بدأ ينحسر. وليس الصدوع بعلاقة ابتزاز دائم مع رئيس تركي (رجب طيب أردوغان) يتعاظم استبداده يوماً بعد يوم، في محله وليس مقبولاً. وكان حرياً بألمانيا التشاور مع شركائها في الاتحاد قبل الإقدام على مثل هذا الاتفاق وقبل استقبال مليون لاجئ في أراضيها في 2015. فمثل هذه القرارات ضخمة ووازنة وآثارها تتردد في أوروبا كلها.

ولم تبارح مسألة المهاجرين دائرة النقاش العام منذ ثلاثين عاماً الى اليوم. وفي الثمانينات، كان مدارها على صورة المهاجر العربي، وفي عقد العام 2000 (الألفية الثالثة)، على صورة العامل البولندي، وهذه خلفت أثرها في استفتاءات 2005 على الاتفاق الدستوري (اقتراع الفرنسيين والهولنديين بــ «لا») وفي استفتاء 2016 على انسحاب بريطانيا من الاتحاد. واليوم، تغلب صورة اللاجئ المسلم على النقاش. وأرى أن النخب الأوروبية عاجزة عن تناول مسألة المهاجرين تناولاً معقولاً وانتهاج خطاب مناسب حول مسألة بالغة الحساسية. وفي فرنسا، صارت المسألة هذه رهينة شد حبال بين حزب «الجهة الوطنية» اليميني المتطرف والحكومة. وهي مسألة يُنزلق فيها من غير لأي إلى الاستقطاب بين قطبين: إخراج صورة المهاجرين على أنهم ملائكة أو شياطين وصنو الكارثة. وتناول ستيفن سميث مسألة المهاجرين من أفريقيا تناولاً معتدلاً، ولكنه وسم كتابه بعنوان يؤجج المخاوف «التهافت (أو التقاطر) على أوروبا». فتضاعف عدد سكان القارة الافريقية في 2050، سيرفع لا محالة عدد اللاجئين إلى أوروبا على وجه التحديد. ولكن حري بنا ألا ننفلت من عقال العقل أو المنطق. فهجرة الأفارقة اليوم خارج قارتهم، ثانوية وضعيفة، وتبلغ في أقصى حد لها مليون نسمة في العام، أي أقل من 0.1 في المئة من السكان. فالمهاجرون الأفريقيون يستسيغون الهجرة إلى مناطق أفريقية مزدهرة النمو في الجنوب أو الغرب، على الهجرة خارج القارة.

وعلى خلاف ما يقال، الفقر المدقع يحول دون الهجرة. ولكن ما إن يحصل المرء على عائد متواضع وتبلغه صور الحياة الإيجابية في الغرب، تتعاظم محاولات الهجرة. وما تقدم لا يقصد منه الدعوة إلى وقف مساعدات التنمية: فتعليم الفتيات، على سبيل المثل، بالغ الأهمية، وهو مفتاح الحلول. ويقال كذلك إن الهجرة ستحل مشكلة شيخوخة قوى العمل في أوروبا. ولكن القول هذا يغفل أن المهاجرين سيستفيدون بدورهم من تقديمات الصحة والتعليم... والتقاعد. ومن الأفكار الشائعة كذلك القول إن المساعدات الاجتماعية السخية هي ما يجذب المهاجرين. ولكن إذا كان ما تقدم صحيحاً، لما ينتظر نزلاء «الغاب» (مخيم اللاجئين) في كاليه انتظاراً محموماً فرص العبور الى المملكة المتحدة حيث المساعدات الاجتماعية هي أقل سخاء. فالقوة الفعلية الجاذبة للمهاجرين هي جماعات من بلادهم سبقتهم إلى الاستقرار في المهجر، في منطقة جغرافية محددة. وفي ما خلا منطقة الساحل الأفريقي، وهي «قنبلة سكانية» فعلية تهدد المنطقة بالاضطراب السياسي -وهذا يترتب عليه مرابطة فرنسية مستدامة- بدأت منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط مرحلة الانتقال السكاني من خصوبة مرتفعة إلى خصوبة متدنية. وفي نهاية القرن الجاري، يتوقع أن يستقر عدد سكان العالم وأن يبلغ 11 بليون نسمة، و(وأن يبلغ) معدل خصوبة السيدة الواحدة ولدين. وهذه المعدلات هي صنو صمام السلام المجتمعي والدولي.

 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,157,951

عدد الزوار: 6,937,383

المتواجدون الآن: 116