العرب أسوأ عدو لأنفـسهم

تاريخ الإضافة السبت 13 تشرين الثاني 2010 - 6:12 ص    عدد الزيارات 841    التعليقات 0

        


 

العرب أسوأ عدو لأنفـسهم

- والتر رودجرز

هذا النص نختاره كعينة عن بعض انماط التفكير في اوساط النخب السياسية والاعلامية في الولايات المتحدة الاميركية كما يسمح بفهم اسباب الاصرار - تبريراً أو اقتناعاً - على سياسات معادية للعرب بما فيها التبرير القائل بعدم الحاجة لحل القضية الفلسطينية اولاً.
التقارير الإخبارية التي تفيد بأنّ العراق يبتعد أكثر فأكثر عن واشنطن ويتحوّل نحو إيران للحصول على النصح لتشكيل حكومة جديدة، مثبطة للهمّة. فهي تؤكّد التحذيرات السابقة من أنّ طهران ستكون المستفيدة الأساسية بعد الاجتياح الأميركي للعراق.
إذا أضفنا إلى هذا نتائج استطلاع الآراء الذي أجراه "معهد بروكينغز" وأظهر أنّ التفاؤل العربي بشأن السياسية الأميركية في الشرق الأوسط تراجع من 51 في المئة إلى 16 في المئة فقط، نتذكّر أنّ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مفجع جداً للمصالح الأميركية في المنطقة.
كنّا لنتوقّع على الأقل بعض التصفيق والامتنان من الشارع العربي بعدما أمر الرئيس أوباما بإنهاء العمليات القتالية الأميركية في العراق المسلم. لكنّ القرار قوبِل بصمت متجهّم. شرح صحافي عربي صديق "العرب غاضبون على الدوام. يبحثون دائماً عن الجانب السيّئ ويضربون على وتره".

المفاهيم الخاطئة
الجزء الأكبر من المسؤولية في ما حصل في العقد الماضي يكمن في المفاهيم الخاطئة والتصلّب الذهني في الشارع العربي بقدر ما يكمن في إخفاقات السياسة الأميركية.
هناك رواية صغيرة معبِّرة في هذا المجال. لنتذكّر أولاً إعجاب العالم الإسلامي الشديد بباراك أوباما في البداية. فاسمه الاوسط هو حسين، مثل حفيد النبي محمد. منذ فترة قصيرة، كانت مجموعة من الصحافيين العرب تستمع إلى الرئيس المصري حسني مبارك يتكلّم في البيت الأبيض. وكان الرئيس الأميركي يضع سمّاعة لاسلكية صغيرة في أذنه يصغي من خلالها إلى ترجمة فورية لتصريح مبارك. وقد تحمّس الصحافيون العرب كثيراً ظناً منهم أنّ أوباما يفهم اللغة العربية لأنّه راح يهزّ برأسه. أرادوا أن يصدّقوا أنه واحد منهم.
تُظهر هذه الحادثة الصغيرة كم أنّ التصوّرات العربية عن العالم والولايات المتحدة ورئيسها بعيدة عن الواقعية.
عندما يتمسّك عرب مثقّفون بهذه القشّات الواهية، نحن حكماً أمام ذهنية ثقافية تقف خلف الإخفاق الذريع للجهود الأميركية التي هدفت إلى نشر الديموقراطية في الشرق الأوسط العربي وإعادة صوغ معالمه وتحديثه من خلال الاحتلال وبناء الأمة في العراق.
بعد ثمانية أشهر من انتهاء الانتخابات في العراق، لم يشكّل السياسيون في بغداد حكومة بعد، إذ إنّ الجماعات المذهبية المتنافسة تخشى خسارة السلطة. وقد أثبت العرب العراقيون الذين يتولّون مناصب بارزة أنّهم ليسوا سوى متذمِّرين متردّدين وغير أكفياء، وأنّهم ليسوا استباقيين ولا إيجابيين، حتى عندما يكون ذلك في مصلحتهم.

لعبة اللوم العربية
 
لفت برنارد لويس، الباحث الإسلامي المعروف في جامعة برنستون، الانتباه إلى ميل العرب إلى ممارسة "لعبة إلقاء اللوم على الآخرين".
فهو يشير إلى أنّ العرب ألقوا اللوم تقليدياً على المغول والأتراك العثمانيين والقوى الاستعمارية، والآن يلقون اللوم على اليهود والأميركيين في كل ما انحرف عن الخط في تاريخهم الذي كان أبيّاً وحافلاً بالمآثر من قبل.
عندما أسأل العرب عن الأمر، يختبئون في شكل عام خلف شعار "لو كنّا أفضل التزاماً بإسلامنا ونعمل بتعاليم القرآن، لكنّا أفضل حالاً". لكنّه يتحوّل فخاً ذهنياً ينصبونه لأنفسهم، ويعفيهم من أيّ تفكير خلاّق حول حاجتهم إلى صنع مصيرهم بأنفسهم. أشار تقرير التنمية البشرية العربية الصادر عن الأمم المتحدة العام الماضي إلى أن الشعوب العربية تثق أكثر من اللازم بـ"المؤسّسات المتجذّرة في الولاءات البدائية، ولا سيما القرابة والقبلية والدين". وخلص التقرير إلى أنّ تجاوزها "هو شرط أساسي لتعزيز الأمن البشري في البلدان العربية".

هاجس إسرائيل
 
والشرط الأساسي الآخر هو تجاوز هاجس إسرائيل لدى العرب، أي الاعتقاد بأنّ الدولة اليهودية هي سبب العلل العربية.
يشتكي العرب من أنّ المساعدات الأميركية التي تبلغ مليارات الدولارات تمنح الجيش الإسرائيلي تفوّقاً يستحيل التغلّب عليه. لكنّهم يتناسون أنّ الدولارات الأميركية تؤمّن أيضاً الاستمراريّة – وتتيح للحكومات مواصلة عملها – في مجموعة كبيرة من الأراضي العربية والإسلامية، من مصر والأردن إلى باكستان والأراضي الفلسطينية.
في إحدى رحلاتي الأخيرة، جلس بقربي على متن الطائرة خرّيج كويتي لامع يدعى عمّار بهمن. سألته "إذا مُحيت إسرائيل كلياً عن الخريطة، هل يحلّ العرب مشكلاتهم؟" أجاب "كلا. سوف يتقاتلون دائماً في ما بينهم من أجل المال والسلطة. إنهم فاسدون جداً".
كانت صراحته منعشة. بدا أنّه يفهم أن العرب هم في معظم الأحيان أسوأ عدو لأنفسهم – وإذا لم يتبدّل ذلك، فلن يتغيّر الكثير.
أدرك الصحافي الأردني المرموق رامي خوري جوهر المعضلة العربية عندما تحدّث عن نوع من انفصام الشخصية الثقافية وصفه بأنّه "مزيج غريب من توكيد الذات والاعتماد على الفاعلين الأجانب".
فيما ينجرّ العرب وراء الغضب والخطب الرنّانة، يبني الإيرانيون المحنَّكون والعمليون – وهم فرس لا عرب – دائرة نفوذ من كابول إلى المتوسّط. يعلن القادة الإيرانيون الآن، بصدقيّة، أنهم المنقذون الجدد للشرق الأوسط الإسلامي الملتزمون بأن يستعيد العالم العربي الكرامة والعدالة في ظل أمبراطورية فارسية جديدة. لا مناص من المفارقة التاريخية، وهي نتيجة واضحة للنفوذ الإيراني المتنامي الذي يمقت بشدّة الفراغ العربي.


("كريستشن ساينس مونيتور" ترجمة نسرين ناضر)      

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,202,389

عدد الزوار: 6,940,266

المتواجدون الآن: 121