سوريا والاستراتيجية والبدائل

تاريخ الإضافة الخميس 28 تشرين الأول 2010 - 7:10 ص    عدد الزيارات 728    التعليقات 0

        

سوريا والاستراتيجية والبدائل

 


 

جاكسون ديل واشنطن بوست

 

 لا تزال سوريا تعتمد سياسة الاستناد على إيران كعمق عسكري واستراتيجي والاستناد على العلاقات مع كل من تركيا والاتحاد الأوروبي كعمق اقتصادي من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الواقع السوري وعلى معدلات التنمية البشرية التي لا تزال تعاني نتيجة الأداء المنخفض للحكومة السورية التي لا تلقى استحسان المواطن السوري أو تأييده بحسب استطلاعات للرأي أجرتها جهات متخصصة على الأراضي السورية·

وفي الوقت ذاته، لا تزال سوريا تراهن على أن إدارة الرئيس أوباما ستضطر في المرحلة القادمة إلى تسليم أوراقها إلى القوى الإقليمية لكي تتولى حل المسائل العالقة في الشرق الأوسط، أي إن سوريا تراهن على أن الإدارة الديمقراطية سوف تواجه هزيمة منكرة في المنطقة عندما تصطدم إدارة الرئيس أوباما بحقيقة أن مشروعها السلمي أو العملية السلمية التي ترعاها في الشرق الأوسط أثبتت في نهاية المطاف وبعد عامين من التجارب والاختبارات أنها عملية فاشلة بكل المقاييس، وبنتيجة ذلك الفشل المتوقع من جانب الإدارة الديمقراطية في حل قضايا المنطقة، لن تجد إدارة الرئيس أوباما بداً من العودة إلى اللاعبين الإقليميين كتركيا وسوريا والمملكة العربية السعودية ومصر والأردن لكي يقوموا بأدوار ايجابية تساعد الشرق الأوسط على الخروج من واقع الاحتقان والتوتر الذي لا تزال المنطقة تراوح فيه على مدى عامين حاولت إدارة أوباما خلالهما إخراج الشرق الأوسط من تبعات سلسلة الحروب الاستباقية التي قادتها الإدارة الجمهورية فيه كرد فعل طبيعي وحتمي من جانب إدارة الرئيس بوش على النشاط المفاجئ لتنظيم القاعدة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول·

ويستند الرهان السوري على مجموعة من العوامل التي ترى فيها دمشق تراجعاً للدور الأميركي في الشرق الأوسط وعجز من قبل إدارة الرئيس أوباما عن إيجاد الحلول للقضايا الرئيسية للمنطقة وفي مقدمتها الصراع العربي ? الإسرائيلي في إطاره العام والشامل والذي يضم ثلاثة مسارات أولها مسار المفاوضات المباشرة والمتعثرة في كل مرة بين الحكومات الإسرائيلية والسلطة الوطنية الفلسطينية ومسار المفاوضات المتوقعة بين إسرائيل وسوريا منذ نهاية عام 2008 عندما اندلعت الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس، ومسار المفاوضات المؤجلة حتى إشعار آخر بين إسرائيل والحكومة اللبنانية ريثما يتم حسم الموقف مع حزب الله، إذ ترى دمشق في الواقع الحالي المتمثل في تراجع الدور الأميركي بادرة تدل على أن الأمور تجري ضمن المسار الذي تتوقع سوريا حدوثه على مدى العامين القادمين، فإدارة الرئيس أوباما لم تتمكن حتى الآن من فرض رؤيتها للحل في الشرق الأوسط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من حيث قناعة الإدارة الديمقراطية بضرورة قيام حكومة الائتلاف اليميني القائم حالياً في الدولة العبرية بإيقاف النشاط الاستيطاني والتخلي عن الأرض بالتالي لمصلحة السلام، كما لم تتمكن الإدارة الديمقراطية حتى الآن من دفع العمل على بقية مسارات السلام، ولم تتمكن كذلك الأمر من توفير الظروف المناسبة لحكومة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من حيث دعم الجيش اللبناني بالعتاد الحربي والسلاح اللازم لكي تكون الحكومة اللبنانية قادرة على بسط سلطتها ونفوذها في كافة الأراضي اللبنانية والحد من تنامي نفوذ حزب الله بالمقابل، ولم تتمكن الإدارة الديمقراطية على نحو أبعد من ذلك من حسم مسار المعارك في أفغانستان لصالح قوات التحالف، كما لم تستطع إجبار حكومة حامد كرزاي على الابتعاد عن سياسات الفساد المستشري في أرفع مستويات السلطة السياسية في كابول، ولم تتمكن إدارة الرئيس أوباما من إقناع رأس السلطة الشيعية في العراق نوري المالكي بضرورة التنازل عن الحكم لصالح شركائه السابقين في السلطة، وبذلك لاتزال الحياة السياسية معطلة في العراق بعد الفوز الذي حققه التيار السياسي الذي يقوده رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي·

وعموماً يمكن القول إن سوريا تعول كثيراً على العجز الذي تبديه إدارة الرئيس أوباما في محاولتها إيجاد الحلول السياسية والدبلوماسية لقضايا الشرق الأوسط، وتراهن دمشق في الوقت نفسه على أن عامل الوقت يصب في المصلحة السورية لا سيما كي تقوم سوريا بالضغط على حلفائها في لبنان، كما وأن الحاجة قد دفعت بنوري المالكي إلى التماس يد العون من دمشق في محاولة إقناع التيارات السياسية العراقية بالمشاركة في ائتلاف حكومي وتكمن المشكلة الحقيقية التي تواجهها سوريا في ضعف الأداء الحكومي المتمثل في عجز أجهزة الدولة وفي مقدمتها الوزارات المعنية بالتنمية البشرية والاقتصادية عن معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المواطن السوري، إذ لم يكن التحدي الأكبر الذي تواجهه سوريا يتمثل يوماً في التحديات الخارجية وإنما في الواقع الاقتصادي الذي لم تنجح أي من الحكومات السورية حتى الآن في التعامل معه بصورة صحيحة وإيجاد الحلول بالاعتماد على تجارب مشابهة أو موازية أو حتى متقاربة كتجارب الاقتصاد الصيني وتجارب دول جنوب شرق آسيا، وهو ما يضعف الدور أو الأدوار التي يمكن لسوريا القيام بها على الصعيدين الإقليمي وحتى الدولي نتيجة لضعف التنمية البشرية والاقتصادية كمحصلة طبيعية لضعف أداء الحكومة الحالية·

 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,225,135

عدد الزوار: 6,941,187

المتواجدون الآن: 127