المساحة السياسية امام الفلسطينيين في إسرائيل؟

تاريخ الإضافة الخميس 14 أيلول 2017 - 6:21 ص    عدد الزيارات 830    التعليقات 0

        

المساحة السياسية امام الفلسطينيين في إسرائيل؟

مركز كارنيغي...انوار محاجنه

انوار محاجنه طالبة دكتوراه في العلوم السياسية في جامعة سينسيناتي.

تُرجم هذا المقال من اللغة الإنكليزية.

فيما تعمد الدولة الإسرائيلية إلى تكثيف سياساتها الإقصائية ضد مواطنيها الفلسطينيين، يلجأ هؤلاء بصورة متزايدة إلى الحراك الشعبي والاحتجاجات بغية تحقيق نتائج على الأرض.

في 14 تموز/يوليو الماضي، هاجم ثلاثة مواطنين فلسطينيين مقيمين في إسرائيل، يتحدّرون من بلدة أم الفحم، شرطيَّين خارج الحرم الشريف، ما تسبّب باضطرابات استمرت أسابيع في القدس. تزداد علاقة المواطنين الفلسطينيين مع دولة إسرائيل تشنّجاً على مر السنوات، بحسب ما تكشفه هذه الحادثة، لا سيما منذ أقدمت الدولة على زيادة سياساتها الإقصائية التي تستهدف الفلسطينيين وقيادتهم، بما في ذلك حظر الحركة الإسلامية-فرع الشمال في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وهي عبارة عن تنظيم إسلامي اجتماعي وسياسي شكّل ركيزة أساسية في المشاركة السياسية الفلسطينية منذ الثمانينيات. لقد دفع ذلك بشرائح عدة في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل إلى زيادة تعبئتها السياسية ضد الدولة، خارج إطار المنظومة الانتخابية السياسية التي فقدَ هؤلاء الفلسطينيون ثقتهم بها. المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل، الذي يشكّلون نحو عشرين في المئة من الإسرائيليين، هم الفلسطينيون الذين مكثوا تحت الحكم الإسرائيلي بعد الحرب العربية-الإسرائيلية في العام 1948. للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل هوية وطنية وأخرى مدنية، وكلتاهما منفصلتان. تبرز الهوية الفلسطينية في الميدان الأيديولوجي، في حين أن الهوية الإسرائيلية مرتبطة بالمشاركة السياسية والدمج في السياسة الديمقراطية. تحرّكَ المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل وقادتهم، تاريخياً، في إطار المنظومة السياسية الإسرائيلية لمعالجة مشكلاتهم ومشاغلهم. لكن في الأعوام الأخيرة، أصبح الفلسطينيون في إسرائيل أكثر إدراكاً للإقصاء الذي يتعرّضون له. تعمد الحكومة الإسرائيلية بصورة متزايدة إلى تقييد المساحة السياسية المتاحة أمام حراكهم، وتُثير عداء الفلسطينيين عبر قمع قياداتهم. لقد ساهمت هذه الممارسات في تعزيز الهوية الفلسطينية، وتوحيد قيادتهم، وتسبّبت بإثارة التشنّجات مع الدولة. لا يمكن فصل تجارب الفلسطينيين كمواطنين في إسرائيل، وعلاقتهم المتشنّجة مع الدولة، عن النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني الأوسع نطاقاً. على سبيل المثال، خلال الانتفاضة الثانية، لقي اثنا عشر مواطناً فلسطينياً في إسرائيل مصرعهم على أيدي الشرطة في تشرين الأول/أكتوبر 2000، ما ذكّر العرب بهشاشة وضعهم كمواطنين في الدولة الإسرائيلية. منذ ذلك الوقت، سجّلت المشاركة الفلسطينية في انتخابات الكنيست الإسرائيلي تراجعاً تدريجياً. عام 2006، تدنّت نسبة الاقتراع لدى الناخبين العرب في انتخابات الكنيست إلى 56 في المئة، ثم إلى 53.4 في المئة عام 2009 – بعدما كانت 75 في المئة في العام 1999. وهذا يشي بغياب الثقة بالمنظومة السياسية الإسرائيلية كمنصّة للعمل الجماعي، وقد أسفر عن تزايد التظاهرات والإضرابات العامة، ودفع ببعض الأشخاص إلى التعويل على أشكال أخرى من التعبير السياسي لإظهار تململهم مما آلت إليه الأوضاع. ردّت الحكومة الإسرائيلية على الزيادة في الاحتجاجات عن طريق تقييد المساحة السياسية المتاحة أمام الفلسطينيين من خلال مراقبتهم وتطبيق سياسات تمييزية ومثيرة للجدل. وشملت هذه السياسات حظر الحركة الإسلامية-فرع الشمال التي تحظى بدعم واسع في أوساط الفلسطينيين، في تشرين الثاني/نوفمبر 2015. لقد برّر نتنياهو هذا الحظر عبر الزعم بأن "الحركة تنتمي إلى الإسلام المتشدد، وهي جزء من جماعة الإخوان المسلمين العالمية. تتشارك الحركتان أيديولوجيا متطرفة وهدفاً واحداً – تدمير دولة إسرائيل". وهكذا فإن ربط الحركة بحماس والإخوان المسلمين، والتنظيمان معاديان لإسرائيل، أتاح لحكومة نتنياهو الحصول على الدعم الذي تحتاج إليه لتبرير الحظر، على الرغم من عدم وجود صلات مباشرة بين فرع الشمال وأي أعمال إرهابية أو أعمال عنف. غير أن الحظر يتعارض مع توصيات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، ويبدو أن الهدف منه كان تعزيز نظرة الرأي العام بأن حكومة نتنياهو حازمة وصارمة في موضوع الأمن. أثار قرار حظر الحركة، فضلاً عن الدعم الذي حظي به من شرائح أخرى في المجتمع الإسرائيلي على الرغم من طبيعة الحظر القمعية، خيبة أمل لدى الفلسطينيين في إسرائيل. فقد خشيت القيادة الفلسطينية في إسرائيل من أن تكون لهذا الحظر تداعيات وخيمة وطويلة الأمد على حقهم في التنظّم، وفي حرية التعبير، وقدرتهم على الاحتجاج. لقد بادرت حكومة نتنياهو على الفور إلى إغلاق 17 مؤسسة أخرى تابعة للحركة الإسلامية-فرع الشمال، وأطلقت حملة اعتقالات ضد مجموعات أخرى خلال العام التالي. تشمل هذه المجموعات الأوقاف الإسلامية في القدس التي تعمل في مجال مشاريع الصيانة وإعادة الإعمار في المسجد الأقصى؛ ومؤسسة البيرق التي تؤمّن النقليات من البلدات العربية إلى المسجد الأقصى. مؤخراً، في آب/أغسطس 2017، هدّدت الحكومة الإسرائيلية بالتحقيق في أنشطة بعض هذه المجموعات، منها مخيمات الشباب الصيفية التي ينظّمها حزب التجمع الوطني الديمقراطي المعروف بحزب بلد، وهو حزب عربي ينتمي إلى أقصى اليسار في إسرائيل ويدعم حل الدولة الواحدة. لقد ساهم هذا القمع في توحيد الفلسطينيين في إسرائيل، على الرغم من تنوّع فصائلهم، دعماً للحركة الإسلامية-فرع الشمال. رداً على الحظر، نظّمت القيادة الفلسطينية في إسرائيل تظاهرات في العديد من البلدات. كذلك تحرّكَ الرأي العام: أوقِف ثلاثة إسرائيليين من أصل فلسطيني في كانون الأول/ديسمبر 2016 بتهمة التخطيط، كما أُفيد، لعملية انتقامية ضد الجنود الإسرائيليين. وفي أيار/مايو 2017، منعت السلطات الإسرائيلية مسيرات نُظِّمت دعماً للحركة الإسلامية-فرع الشمال من الوصول إلى القدس. بما أن الحركة الإسلامية-فرع الشمال معروفة بحراكها من أجل حماية الأماكن المقدسة في القدس، وبما أن الهجوم عليها يُعتبَر هجوماً على القضية الفلسطينية، ربما كان حظرها وما أعقبه من تعبئة شعبية السبب وراء الاعتداء الذي وقع في القدس في تموز/يوليو 2017. قال عمّ أحد المعتدين من أم الفحم: "الشهداء الثلاثة كانوا كغيرهم من الشباب الذين أحبوا القدس والمسجد الأقصى"، في إشارة إلى أن الأحداث جاءت رداً على الحظر. تكثّفت حملة التوقيفات ضد الحركة الإسلامية وسواها من الأفراد والتنظيمات منذ تموز/يوليو الماضي. بعد حوادث الطعن في القدس، داهمت الشرطة الإسرائيلية منازل ومساجد في أم الفحم، وقامت بتركيب أجهزة كشف معدنية عند البوابات التي يمرّ المصلّون المسلمون عبرها لدخول المسجد الأقصى، ما أدّى إلى وقوع صدامات بين الشرطة والمحتجّين. في منتصف آب/أغسطس، اعتقلت الحكومة الإسرائيلية العديد من أعضاء الحركة الإسلامية المحظورة، مثل رائد صلاح وسليمان أحمد إغبارية وكمال خطيب، بتهمة التحريض على العنف في القدس. ساهمت هذه الاعتقالات في توحيد القيادة الفلسطينية بصورة مطّردة في إسرائيل. وقد ردّت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل بدعوة البلدات والمدن العربية إلى تنظيم اعتصامات احتجاجاً على اعتقال رائد صلاح وعلى توقيفات إدارية أخرى لمواطنين من أم الفحم. وقد استمرت التظاهرات احتجاجاً على الاعتقالات حتى الشهر الجاري. علاوةً على ذلك، وصل الأمر بوزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد إردان حدّ الدعوة إلى تدمير منازل المعتدين، على الرغم من أنهم مواطنون إسرائيليون. حتى إن نتنياهو طرح فكرة مقايضة الأراضي لنقل أم الفحم وقرى مجاورة إلى الضفة الغربية، ما تسبّب بمزيد من النفور والعداء لدى الفلسطينيين في إسرائيل الذين يرون في ذلك محاولة أخرى لخفض أعدادهم في إسرائيل. رد الفعل العنيف الذي لجأت إليه الدولة ضد الفلسطينيين في إسرائيل منذ تموز/يوليو، وسلوكياتها التمييزية المتزايدة في شكل عام تجاههم خلال الأعوام القليلة الماضية، جعلت الفلسطينيين يُصابون بالغضب والإحباط من القيادة الفلسطينية-الإسرائيلية المنتخَبة، ومن المنظومة السياسية الإسرائيلية كأداة للتحرّك السياسي. في غضون ذلك، فإن نجاح التظاهرات في حمل الحكومة الإسرائيلية على إزالة أجهزة الكشف المعدنية عند بوابات المسجد الأقصى يؤكّد من جديد للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل أن تعبئة الأفراد والحراك الشعبي أكثر فعالية في الاعتراض على السياسات التمييزية الإسرائيلية. إذا استمرت إسرائيل في هذه السياسات، سوف تزداد احتمالات وقوع مزيد من المواجهات العنيفة.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,176,478

عدد الزوار: 6,759,046

المتواجدون الآن: 117