ملف سوريا.. مجموعة مقالات مترجمة

تاريخ الإضافة الأربعاء 21 كانون الأول 2016 - 6:11 ص    عدد الزيارات 486    التعليقات 0

        

 

خطر مواجهة إيرانية - تركية
علي فائز 
الحياة..* محلل شؤون إيران في «أنترناشنل كرايزيس غروب»، عن «نيويورك تايمز» الأميركية، 19/12/2016، إعداد منال نحاس
أسلاف الأتراك والإيرانيين - في الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية - تنازعوا على منطقة ما بين النهرين. والمنافسة بينهما تعسّ إلى اليوم على رغم تحولهما إلى دولة - أمة، وإفلاحهما في الحفاظ على السلام بينهما منذ نحو 200 عام. ولكن اليوم، إيران وتركيا تتجهان إلى التصادم، بسبب تدخلهما في المنطقة وانتصاب كل منهما قوة بارزة، الأولى شيعية والثانية سنّية، في العراق وسورية.
والوجه الذي ستختار القوتان هاتان أن تبسطا نفوذهما عليه (شكل نفوذهما) وقدرتهما على تجاوز التباين بينهما أم إخفاقهما - هي عوامل ستحدد مستقبل الشرق الأوسط. وإذا تركت الديناميات الراهنة على غاربها، ستنزلق إلى سفك الدماء على نطاق أوسع، وتساهم في تفاقم الاضطرابات وتعاظم خطر المواجهة العسكرية المباشرة الإيرانية - التركية، ولو لم تكن مقصودة. وتدخل تركيا العسكري في سورية والعراق هو في جانب منه رد على ما تراه إنه ترسخ إيراني في دائرة نفوذها التاريخية، وتحديداً في حلب وجوارها وفي معارك الموصل. وتسعى أنقرة إلى الحؤول دون توسع حزب الاتحاد الديموقراطي (الكردي السوري) وبسطه السيطرة على مناطق أكبر. واليوم، يتقدم ثوار سوريون بدعم من الجيش التركي جنوباً، وأفلحوا في طرد «داعش» من جرابلس والراعي ودابق على مقربة من الحدود التركية بين آب (أغسطس) وتشرين الأول (أكتوبر). واليوم، هذه القوات على مداخل بلدة الباب، وتعد للمواجهة. ولكن قوات «الاتحاد الديموقراطي» تكاد تطوق الباب من الشرق، والجيش السوري وقوات حلفاء إيران من الجنوب. ويقول بعض المسؤولين إن طائرة درون إيرانية الصنع شاركت في قتل 4 جنود إتراك قرب الباب في نهاية الشهرالمنصرم.
وترى طهران أن سياسة تركيا السورية هي ثمرة طموحات نيو - عثمانية لاستعادة النفوذ وتقوية السنّة الموالين لها. ويقول مسؤولون في أنقرة إن إيران تسعى إلى بعث نسخة شيعية من الإمبراطورية الفارسية القديمة. وعلى رغم سعيهما إلى تغليب كفة المصالح المشتركة بينهما، عبر هزيمة أو تهميش «داعش» وتقويض استقلال الأكراد السوريين، تحول الريبة المتبادلة دون تفاهمات تقلص التوترات بينهما. وحري بهما إرساء قنوات دائمة للتفاوض حول العراق وسورية، عوض اللقاءات الدورية بينهما التي تدوم يوماً أو يومين ويليها فراغ ديبلوماسي يملأه تصعيد في الحرب بالوكالة الإيرانية - التركية. وتمس الحاجة إلى تعزيز التعاون بينهما والثقة، من طريق تبادل المعلومات الاستخباراتية لمحاربة الأعداء المشتركين على وجه أمثل وتفادي الاصطدام وتنسيق الخطوات لتخفيف التوتر حين تصطدم دوائر نفوذهما. والخطوة الأولى نحو التفاهم قد تكون قيام إيران بتقييد الميليشيات الشيعية في محافظة نينوى مقابل سحب تركيا دباباتها والأسلحة الثقيلة من المنطقة.
ما بعد حلب... إدلب؟
فابريس بالانش 
الحياة..*أستاذ شريك، مدير بحوث في جامعة ليون الثانية، عن «واشنطن إنستيتيوت» الأميركي، 15/12/2016، إعداد م. ن.
إثر السيطرة على حلب، يرجح أن يسعى جيش النظام الى التوسع الى شرق المدينة. فحدود الثوار على بعد مئات الأمتار فحسب من الأحياء الموالية المجاورة. والنظام أنشأ خطوط دفاع قوية حول حلب، لكنه غير محصّن ضد حملة قد يشنّها مقاتلو «جبهة فتح الشام»، وهي فرع «القاعدة» السوري. وإدلب هي معقل هذا التنظيم الذي كسر موقتاً الحصار في آب (أغسطس) المنصرم على حلب، ثم هدد المناطق الموالية هناك في تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم. لذا، يبدو أن التقدم نحو إدلب يتصدر أولويات القوات النظامية. فهذه المحافظة هي موئل أكبر تجمع من الثوار، ويرى «معهد دراسات الحرب» أن أكثر من 50 ألف مقاتل يتجمعون فيها تحت لواء جيش الفتح. وتقدُّم القوات النظامية نحو الشرق يساهم في حماية حماة من قوات الثوار المرابطة على بعد عشرات الكيلومترات فحسب الى شمال المدينة. وقد تسعى قوات النظام في المناطق الساحلية الى استعادة مدينة جسر الشغور، التي خسرتها وإدلب في ربيع 2015. وجسر الشغور هي مركز حيوي لحماية معقل النظام العلوي والقواعد العسكرية الروسية على الساحل.
ويرجح أن تتمسك إيران والميليشيات الشيعية التابعة لها بأولوية فك الحصار عن الفوعة وكفريا - عديد سكانهما نحو 20 ألف نسمة - المحاصرتين منذ آذار (مارس) 2015. فالدفاع عن المناطق الشيعية في شمال سورية هو ذريعة «حزب الله» لإقناع مؤيديه في لبنان بأن مشاركته في الحرب مسوغة. وهو يتذرع كذلك بالحصار المفروض على المدينتين هاتين، للرد على الشجب الدولي لحصاره الزبداني ومضايا على مقربة من دمشق. ويبدو أن «حزب الله» أبرم اتفاقاً مع الثوار: إذا نزل أذى بالبلدتين الشيعيتين، سيقتصّ من البلدتين السنيتين المحاصرتين. لكن هشاشة الاتفاق هذا تتعاظم. فإذا رجحت كفة الهجوم على إدلب مع سقوط حلب، قد تجتاح «جبهة فتح الشام» الفوعة وكفريا، وترتكب مجازر وتأخذ رهائن غير آبهة بالنتائج الانتقامية في مضايا والزبداني.
وثمة سيناريو آخر بعد حلب: شن النظام السوري حملة على وادي الفرات تفتتح باستعادة أراض واقعة بين قاعدة كويرس وبحيرة الأسد. والى قطع الطريق أمام تقدّم الثوار المؤيديين لتركيا، يبدو أن الأسد وحلفاءه ينوون انتزاع الرقة من «داعش». وانتزاعها يقتضي السيطرة على سد الثورة على نهر الفرات. والسد هذا يمد الرقة وحلب ودير الزور بالطاقة، ويروي ثلاثة أرباع الأراضي الزراعية في محافظة الرقة. ومن يتحكّم بالمياه، يحكم العباد في هذه المنطقة. وهذا ما أدركه حافظ الأسد حين بادر الى تشييد السد في نهاية الستينات، في موازاة سد أسوان على النيل.
وعلى رغم أن الأوضاع في دير الزور وإدلب تستدعي تدخلاً مستعجلاً، لا يملك الجيش السوري وسائل شن حملتين عسكريتين في آن واحد. وفي وقت يستسيغ الغرب شن حملة على «داعش» في وادي الفرات ويرى أنها أولوية تتصدر الحملة على إدلب، لا يولي القادة في موسكو ودمشق وطهران بالاً الى وجهة نظر الغرب. فشاغل فلاديمير بوتين هو حسابات تركيا. فأنقرة قد تسرع وتيرة حل النزاع من طريق حرمان الثوار من الدعم اللوجيستي. واليوم، يبدو من غير شك أن فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان أبرما اتفاق عدم تعدٍّ في بطرسبورغ في التاسع من آب (أغسطس) المنصرم، يقضي بتقاسم مناطق النفوذ في سورية. والتزام الاتفاق المزعوم كان متدرجاً. ففي البدء، فك الثوار المؤيدون لتركيا ارتباطهم بـ»جبهة فتح الشام». والخطوة هذه ساهمت في إحكام الطوق على حلب. وفي الأثناء، سيطر هؤلاء الثوار على أراض بين أعزاز وجرابلس في مطلع العام بدعم من الجيش التركي. ثم، حين بدا أن الفوز يستتب لجيش الأسد في حلب، شنّت تركيا حملة على الباب.
وإذا قرر الأسد الهجوم على إدلب بعد حلب، استفاد من حياد الأتراك في وقت يسعون الى وضع اليد على منبج أو انتزاع تل أبيض من الأكراد. وإذا قطعت الطرق بين الكانتونات الكردية في عفرين وكوباني وقامشلي، بددت تركيا حلم الأكراد بوحدة أراضيهم. وينظر الأسد بعين الرضا الى مثل هذا المآل (فهو لطالما رفض منح الأكراد إدارة ذاتية على صورة كردستان العراق)، على غرار بوتين (الذي يسره المآل هذا). فهو يرى أن الأكراد مرتبطون بحلف وثيق مع واشنطن.
لكن تترتب على توسع المواجهة التركية – الكردية نتائج سلبية تقوض مصالح الولايات المتحدة. ومن هذه النتائج، تعزيز «الدولة الإسلامية» في سورية حين اندلاع حرب تركية – كردية (تشغل القوتين عن مكافحة التنظيم)، وتسليط الضوء على تنصّل واشنطن من حماية حلفائها. وهذه الاعتبارات قد تحمل مسؤولين أميركيين على إبرام تفاهمات مع روسيا تقضي باستهداف «داعش» و»القاعدة»، وحماية المدنيين والثوار المعتدلين. وقد يعاد النظر مجدداً في اقتراحات إنشاء «مناطق آمنة» في شمال سورية وجنوبها.
اجتماع موسكو وإنهاء الأزمة السورية
كيهان 
* عن موقع «كيهان» الإيراني، 20/12/2016
يبدو أن مجمل التغييرات والتطورات المتسارعة التي طغت على الساحتين الدولية والإقليمية بعد تحرير حلب غيّر المواقف والموازين والمعادلات... حين يفرض المنتصر شروطه (...). والأنظار تتجه اليوم الى موسكو لترى ماذا سينبثق عن الاجتماع الثلاثي [الروسي- الإيراني- التركي] الذي ينعقد بعد معركة حلب المفصلية مبعداً (عن الاجتماع) الغرب وبعض الأطراف الإقليمية المتورطة في الأزمة السورية، وإن كانت تركيا جزءاً من هذا المحور. إلا أنها جاءت صاغرة اليه بعد أن أقفلت جميع الأبواب أمامها ولم تعد تمتلك ورقة في سورية لتضغط بها. بل عليها أن تدفع ثمن أخطائها وأن تتحمل تبعات ومضاعفات ممارسات جميع المجموعات الإرهابية بمختلف توجهاتها والتي وظفت للعمل في الساحة السورية. لأن الدعم اللوجستي لكل هذه الفصائل كان يمر عبر أراضيها. والأهم من ذلك هو كيف ستتعامل (تركيا) مع هذه المجموعات الإرهابية التي أثبتت وحشيتها في الإجرام المفرط مع الشعب والجيش السوريين وأين ستؤويها غداً؟! وكيف ستتقي شرها وردود فعلها الانتقامية؟ بعد أن لمست (المجموعات هذه) عملياً كيف تخلت تركيا والأطراف الداعمة لها.
لكن كيف ستتعامل موسكو وطهران مع الجانب التركي الذي لم يمتلك استراتيجية ثابتة وواضحة في تعامله مع الآخرين والأزمات بخاصة (الأزمة) السورية؟ وكيف ستطمئنان لنتائج الاجتماع الثلاثي والتزامات أنقرة في وقت أثبتت الأحداث أن الرئيس اردوغان يتخذ أكثر من موقف متناقض بين ليلة وضحاها وهو المعروف في الوسط اللبناني «رجب طيب جنبلاط». وإن التجارب الماضية أثبتت أن تركيا سرعان ما تتملص من تعهداتها والتزاماتها، لكنها عندما تواجه من يرد عليها بقوة ويرسم لها خطوطاً حمراً تتراجع وتقف عند حدودها وهذا ما ترجم على الأرض عندما أرادت اقتحام مدينة «الباب» السورية والاقتراب منها، لكن سرعان ما تلقت التحذير الروسي وتراجعت. لذلك ينبغي على الجانبين الروسي والإيراني إلزام تركيا بتنفيذ ما تتعهد به خلال هذا الاجتماع وأن يقطعا الطريق عليها نهائياً لئلا تتلاعب ثانية بمصير الشعب السوري وتتدخل في شؤونه الداخلية. لأن طبيعة المهزوم هي عرقلة أي اتفاق يضرها إضافة الى أنها اليوم الحلقة الأضعف في هذا الاجتماع الثلاثي لما تواجه من مشاكل داخلية وأزمات حادة مع دول الجوار.
النصر في حلب «روسي»... وسقوط تدمر «سوري»
مكسيم يوسين 
* محلل سياسي، عن موقع «كومرسانت» الـــــروســــــــــي، 13/12/2016،
الحياة..إعداد علي شرف الدين
على وقع أخبار النجاحات الواردة من حلب المحاصرة، بلغتنا أخبار صادمة من تدمر الأثرية حيث سيطر عناصر «داعش» على المدينة، وانهارت دفاعات القوات الحكومية بسرعة، فتبددت فرحة الانتصار. والأحداث الدرامية في تدمر تحملنا على بعض الاستنتاجات المهمة، أولاً، صار جلياً أن «داعش» يعمل في تعاون وثيق مع حركات المعارضة الأخرى، وضمنها تلك المسماة بـ«المعتدلة»، وغيرها من فروع الـ«القاعدة». ثانياً، أحد أهداف الهجوم على تدمر هو تشتيت القوات السورية وحلفائها عن جبهة حلب.
وإلى ذلك، أكدت معركة تدمر أن القدرة القتالية للقوات السورية، باستثناء بعض المجموعات، بالغة الضعف. وفي وسع هجوم يتيم تبديد قوات الحكومة السورية التي تركت بعد انسحابها ترسانة كاملة من الأسلحة. ولا شك في أن موسكو كانت أكثر المتألّمين من سقوط تدمر. فهذه المدينة في عين روسيا ليست مجرد واحة في الصحراء. وإثر تحرير تدمر في الربيع الماضي، وإقامة حفل أوركسترا بقيادة المايسترو العالمي، فاليري غيرغييف، صارت المدينة رمز التراث الروحي للبشرية جمعاء، الذي أنقذته موسكو. وعليه، خسارتها هي ضربة لروسيا تشوّه صورتها. وإذا استأنف رجال «الخلافة» تفجير الأثارات وإعدام السجناء على خلفية الأعمدة الأثرية، تلقت روسيا ضربة هائلة.
وخلاصة القول، إن الفشل الذريع للجيش السوري في تدمر يعني أنّه لم يفز بالحرب، والسيطرة على حلب لن توقفها (الحرب). وأمام الأسد كثير من الأعداء والجبهات، وقواته بالغة الإنهاك بعد خمس سنوات من إراقة الدماء. ولا شك في أن السيطرة على حلب نجاح بارز لدمشق، وأكبر انتصار لها في الحرب. لكن يجب الخروج باستنتاجات صحيحة مما حصل في حلب. ويفترض بهذا الانتصار أن يكون حافزاً لإيجاد حلّ سياسي ويحمل على تسوية سياسية وعلى استئناف محادثات السلام في شروط جديدة. لكن موسكو قلقة من أنّ يسعى «الصقور» في دمشق وطهران، إثر تجرّعهم جرعة كبيرة من الثقة نتيجة النجاح الأخير في حلب، الى السيطرة على كامل سورية، كما سبق ووعد بشار الأسد. واستعادة كامل سورية ليست خياراً ترغب فيه موسكو، وهي تستبعده. وعوض الانسحاب من الحرب السورية منتصرة، تجازف، إذا سعت الى هذا الخيار، بالغرق في مستنقع الحرب لأشهر وسنوات. ومع ذلك، يؤمل بأن تدرك دمشق وطهران الى من يعود الفضل في انتصار الائتلاف الشيعي في حلب، وأن تأخذا بنصائح موسكو في نشوة النصر. ولنسمي الأشياء بأسمائها، ليست دمشق وطهران من حقق النصر في حلب. فالنصر متعذر بطريقة القتال التي رأيناها للتو في تجربة تدمر الحزينة.
... ويقلب أولويات دمشق
بانجامان بارت 
* مراسل، عن «لوموند» الفرنسية، 13/12/2016،
الحياة..إعداد م. ن.
في هجوم سريع، استرجع تنظيم «داعش» مدينة تدمر، في 11 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، بعد 9 أشهر على طرده منها على يد الجيش السوري وحلفائه من القوات الروسية والميليشيات الشيعية. ويعيد سقوط تدمر إلى الأذهان سقوطها السابق في أيار (مايو) 2015: فاجتياحها اليوم كان سريع الوتيرة على ما كان عليه في العام السابق، شأن سرعة انهيار القوات الحكومية والقوات الموالية لها وانسحابها وترك سكان المدينة لمصيرهم في أيدي الجهاديين.
وتقدم «داعش» يوقف سلسلة انتصارات حققتها القوات الموالية للنظام السوري في ضواحي دمشق حيث قوضت تهديد جيوب الثوار أو في حلب. ويسلط الضوء على ضعف القوات السورية النظامية المتهالكة على وقع 5 سنوات من الخسارة وانشقاق جنودها عنها، وتقهقرها في المعارك حين لا يدعمها مقاتلو الميليشيات الشيعية الأجنبية. ويبدو أن «داعش» اقتنص فرصة سنحت إثر سحب وحدات حكومية ونقلها إلى حلب. ودرجت هذه الوحدات على حماية حقول الوقود- نصف الانتاج السوري- التي سقطت اليوم في أيدي «داعش».
وأعلنت قيادة الجيش السوري أن رجالها انسحبوا من تدمر انسحاباً منظماً حرصاً على رعاية عملية إجلاء السكان. ولكن الجيش هذا ترك وراءه ترسانة ذخائر وأسلحة من مدفعية وصواريخ مضادة للدبابات وصولاً الى عشرات المركبات المصفحة. ولطالما انتشر «داعش» في جوار تدمر، وتحرش دورياً بالقوات الحكومية. فعلى بعد 250 كلم منها، رابط في جوار مدينة دير الزور حيث يحاصر المنطقة الواقعة تحت سيطرة دمشق. وفي جوار المدينة هذه، يعزز التنظيم دفاعاته ويستقبل المقاتلين الوافدين من مناطق أخرى. فقوات «داعش» تلجأ الى دير الزور حين انهيار مراكزها الأخرى.
لكن عودة رافعي الرايات السود الى تدمر تهدد بزعزعة خطط معسكر مؤيدي الأسد حين يحكمون القبضة على حلب. والخطط هذه كانت أمام خيارين: إما التوجه نحو الباب والانقضاض عليها، وهي المدينة الواقعة على بعد نحو 50 كلم من شمال شرقي حلب وهي في يد «داعش»، وإما الزحف نحو إدلب، في جنوب غربي سورية حيث يهيمن «جيش الفتح».
واليوم، على دمشق حسم أمرها وإرجاء مثل هذه الخطط وتوجيه قواتها الى تدمر لتفادي ترسيخ الداعشيين أنفسهم في المدينة وزرع الألغام على تخومها. وإذا أرجأت هذه العملية الى وقت لاحق، غامرت بإفساح المجال أمام «داعش» لتدمير ما تبقى من الآثار الأغريقية – الرومانية المدرجة في التراث الانساني العالمي. وحين سيطر التنظيم على المدينة القديمة من أيار (مايو) 2015 الى آذار (مارس) 2016، فخخ جنود «الخليفة» عدداً كبيراً من المنشآت الأثرية مثل معبدي بل وبعل شامين، وتركوا غيرهما من الأثارات البارزة على حالها. ولم يكن في الإمكان استعادة المدينة في آذار المنصرم من غير حشد قوات من الجيش النظامي و «حزب الله» اللبناني والحرس الثوري الايراني. وكانت مساهمة روسيا راجحة في قلب موازين القوى من طريق شن عشرات الضربات الجوية على جبهات الداعشيين ومواكبهم البرية. لذا، نظم احتفال موسيقي كلاسيكي شارك فيه من بُعد الرئيس الروسي، وبثت كلمته بالفيديو. ويبث «داعش» تسجيلات فيديو من تدمر تظهر المواقع العسكرية التي أخلتها القوات النظامية وفيها شارات ولافتات توجيه بالروسية. وشأن القوات السورية، لم تملك القوات الروسية المرابطة في المدينة، وعديدها يقتصر على عشرات الجنود، غير الانسحاب السريع. وفي بيان صدر في 11 الشهر الجاري، ألقت وزارة الدفاع الروسية شطراً من مسؤولية سقوط تدمر على الغربيين. فـ «داعش»، «نقل قسماً من قواته في الرقة الى تدمر، إثر تعليق قوات الائتلاف الدولي والأميركي القصف ضد الإرهابيين. ونقل احتياطي «داعش» من المركبات المصفحة الى دير الزور.
حلب واغتيال في أنقرة
مراد يتكن 
* كاتب، عن «حرييات» التركية، 20/12/2016، إعداد يوسف الشريف
السفير الروسي أندريه كارلوف، ديبلوماسي قديم ورجل هادئ، تعامل مع أزمة إسقاط الطائرة الروسية في تركيا تعاملاً متأنياً، وكان له دور في إعادة العلاقات إلى مجاريها بين البلدين. وفيما كان وزير الخارجية التركي، مولود شاوش أوغلو، يستقل الطائرة متوجهاً إلى موسكو لحضور اجتماع تركي- إيراني- روسي حول سورية، وقع حادث اغتيال السفير كارلوف خلال حضوره معرض صور فوتوغرافية. وللمفارقة بدأ كارلوف كلمته خلال زيارة المعرض قائلاً «الهدم سهل أما الإصلاح والبناء فهما الأصعب» وكأنه يصف العلاقات بين تركيا وروسيا.
ثم اقترب منه القاتل وأطلق النار عليه من خلفه، صارخاً «هذا جزاء القتلة في حلب» وعبارات أخرى تعودنا أن نسمعها من قيادات وعناصر «جبهة النصرة» وتنظيم «القاعدة». هنا توقف الزمن وتغيرت كثير من الأمور: أعلنت موسكو حال الطوارئ في كل سفاراتها، وعقد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، اجتماعاً طارئاً مع مستشاريه، ووصل وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، إلى مكان الحادث وأغلقت الشرطة المكان. ولا بد من الإشارة إلى خصوصية المكان. فالمعرض أقيم في غرفة صناعة أنقرة، ومكانها يقع في قلب العاصمة، بين السفارة الأميركية والنيابة العامة وعديد من مؤسسات الدولة الحساسة والأمنية. وبرر أمن المعرض دخول القاتل مسلحاً بالقول إنه كشف لهم هويته كرجل شرطة، فلم يشكوا به، والداخلية اعترفت بأنه شرطي من قوات مكافحة الشغب، لكنها أضافت أنه لم يكن على رأس عمله يومها.
وسارع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الاتصال بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، ثم ظهر أردوغان على الإعلام في بيان مصور وملامحه تجمع الحزن إلى الغضب. وكيف لا، وهو يعلم أن القوانين والمعاهدات الدولية تحمّل الدولة المضيفة مسؤولية أمن الديبلوماسيين الأجانب ومسؤولية حمايتهم. واتفق بوتين وأردوغان على أن الاغتيال هو محاولة استفزازية من أجل ضرب العلاقات بين البلدين، وهو أمر خفف بعض الشيء عن أنقرة، لكن الرئيس الروسي أضاف «علينا أن نعرف من يقف وراء هذا الحادث». وليس يسيراً أن نجعل الروس يصدقون رواية «أن القاتل من جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، وأنه كان يعلم أنه مدرج في قوائم الطرد من الخدمة، لذا قام بما قام به». وأصر بوتين على إرسال وفد تحقيق روسي للمشاركة في الكشف عن تفاصيل الحادث. ولو أن الأمن قبض على القاتل حياً، لكان من الممكن معرفة من وراء الحادث، وإذا ما كان بالفعل من أتباع غولن أم من المتعاطفين مع «النصرة» أو «القاعدة». وحين مطاردة المشاركين في المحاولة الانقلابية الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي، أطلق الرصاص المطاطي عليهم أو على أرجلهم أو حوصروا بالغاز المسيل للدموع، وبلغ الحرص أقصاه على عدم قتلهم من أجل محاكمتهم وكشف مؤامرتهم. لكن مثل هذه المطاردة لم تحدث مع هذا القاتل، وخرج وزير الداخلية ليقول إنه تم «تحييد» القاتل أي قتله. ورفض الرد على الأسئلة وأهمها «أما كان من الممكن تحييده حياً؟». وتمس الحاجة إلى التحقيق في إذا ما كان قتل القاتل يرمي إلى إخفاء بعض الأدلة أو معلومات عمن يقف وراءه.
والاغتيال حلقة في سلسلة من الإخفاقات الأمنية التي ترسم صورة تركيا دولةً غير آمنة وغير ممسكة بزمام الأمن في مكان الحادث الحساس. فأنقرة أخفقت في حماية السفير والديبلوماسيين، والقاتل من رجال الشرطة والأمن، وهي فشلت في اعتقاله حياً. كل هذه الأمور تزيد الموقف صعوبة وتعقيداً. وعلى الحكومة أن تصحح هذا العيب في سجل تركيا وشعبها، وأن يترك مسؤولو الحكومة تصريحات تقول «إن تركيا مستهدفة من أعداء داخليين وخارجيين، وإن (مثل) هذه الحوادث سيتكرر مجدداً فلا تندهشوا». فهذا النوع من التصريحات هو الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم.
 
 

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,304,883

عدد الزوار: 7,063,238

المتواجدون الآن: 70