تحولات في المساعدات الأمريكية لمصر تثير تساؤلات بين دعاة الديمقراطية

تاريخ الإضافة الجمعة 9 نيسان 2010 - 8:02 ص    عدد الزيارات 816    التعليقات 0

        

ستيفن ماكينرني 7 أبريل/نيسان، 2010

 

\"\" بعد انقضاء أكثر من عام على انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لا يزال مؤيّدو الإصلاح السياسي وحقوق الإنسان في العالم العربي يحاولون أن يفهموا مقاربة إدارته للديمقراطية في المنطقة. فمن نواحٍ عدة، يوحي طلب الموازنة للسنة المالية 2011 الذي أحاله الرئيس أوباما مؤخراً إلى الكونغرس الأمريكي، أن هناك التزاماً بالديمقراطية والحاكمية. لكن تحولات في الخطط التي وضعتها إدارته لبرامج الديمقراطية في مصر تبعث إشارات مثيرة للقلق بين دعاة الإصلاح في الشرق الأوسط.
ويأتي هذا في لحظة حاسمة في مصر. وإثر العملية الجراحية التي خضع لها الرئيس مبارك في ألمانيا ودخوله المستشفى هناك، أدرك مصريون كثر أن هناك احتمالاً حقيقياً جداً بحدوث تغيير وشيك في القيادة. وقد أثارت هذه المخاوف بشأن صحة الرئيس، إلى جانب عودة محمد البرادعي مؤخراً إلى مصر واحتمال ترشّحه للرئاسة، نقاشات داخلية جدّية حول مستقبل الحكم. وفي غضون ذلك، تواصل الحكومة المصرية اتخاذ خطوات تراجعية بعيدا عن الاصلاح السياسي. في 6 من أبريل/ نيسان اعتقلت الشرطة المصرية العشرات من النشطاء في القاهرة احتجاجا على تخليد الذكرى السنوية لمظاهرات 6 أبريل/ نيسان. وهناك مشروع قانون صاغته مؤخرا وزارة التضامن الاجتماعي المصرية يهدد بالقضاء على منظمات المجتمع المدني المستقلة. كما يتوقع العديد ان تقوم الحكومة بتجديد قانون الطوارئ القمعي في مايو/أيار المقبل.
وإزاء هذه الخلفية، أثارت التبدّلات في مقاربة إدارة أوباما للمساعدات الخارجية خلال ولايتها الأولى، قلق مؤيّدي الديمقراطية. فقد خُفِّض إجمالي التمويل المخصَّص لبرامج الديمقراطية والحاكمية من نحو 50 مليون دولار سنوياً إلى 20 مليون دولار فقط. وضمن حدود هذا المبلغ، خُفِّض مستوى تمويل المجتمع الأهلي بطريقة غير متكافئة، من 32 مليون دولار إلى سبعة ملايين دولار فقط، واعتمدت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سياسة تقوم على حصر التمويل بالمنظمات المسجَّلة رسمياً و التي توافق عليها الحكومة المصرية وتصنّفها في خانة المنظمات غير الحكومية. فضلاً عن ذلك، باشرت الإدارة الأمريكية مفاوضات حول إمكان إنشاء صندوق بناءً على طلب الحكومة المصرية التي تسعى إلى إلغاء الإشراف من جانب الكونغرس على المساعدات الاقتصادية الأمريكية في المستقبل.
تشدّدت عزيمة كثر في أوساط مؤيّدي الديمقراطية عند صدور تقرير داخلي في أكتوبر/تشرين الأول 2009 عن التدقيق في حسابات برامج الديمقراطية والحاكمية التي تنفّذها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. يعزو التقرير التأثير المحدود لبرامج الوكالة إلى غياب التعاون من جانب الحكومة المصرية: "لقد قاومت الحكومة المصرية برنامج الديمقراطية والحاكمية الخاصة بمصر التي وضعتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وعلّقت نشاطات عدد كبير من المنظمات الأهلية الأمريكية لأن المسؤولين المصريين اعتبروها عدوانية جداً". يعرض التقرير أمثلة عدة عن التدخّل الحكومي المصري: لم يتكلّل برنامج للتنمية الإعلامية بالنجاح لأن "وزارة الإعلام لم تتعاون"؛ ولم يُطبَّق برنامج إلغاء المركزية لأن "الحكومة المصرية تردّدت في التحرك"؛ وعندما كان أحد المشاريع يحقّق تقدماً، استُبدِل الحاكم المحلي بحاكم أقل دعماً للمشروع، ما أدّى إلى انهياره.
يورد تقرير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بوضوح أن "مكتب الديمقراطية والحاكمية حقّق نجاحاً باهراً في برنامج الهبات المباشرة للمجتمع الأهلي". هذا البرنامج الذي أنشئ عام 2005 هو الجزء الوحيد في برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر الذي تُمنَح فيه الأموال مباشرةً إلى منظمات مصرية مستقلة، بدلاً من المرور عبر الوزارات المصرية. وعلى الرغم من أن مشاريع الهبات المباشرة أقل اعتماداً على التعاون من الحكومة المصرية وهي بالتالي أكثر نجاحاً، إلا أن الحكومة المصرية استطاعت أيضاً التدخّل في العديد من تلك المشاريع: فقد شهد تطبيق المشاريع الخاصة بالمنظمات الأهلية الكثير من التأخير، بسبب انتظار الحصول على موافقة الحكومة المصرية على المشاريع أو المنظمات المشاركة فيها؛ وألغت الحكومة المصرية فجأةً مشاريع تدريبية مقرّرة حول مكافحة الفساد والإصلاح السياسي، وعلّقت تسليم مواد حول التربية المدنية.
ثمة درس واضح نستمدّه من تقرير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وهو أنه كلما كانت الحكومة المصرية أقل تدخلاً في برامج الديمقراطية والحاكمية، كلما كانت فرص نجاحها أكبر. أمل داعمون كثر للديمقراطية في أن تعمد الوكالة انطلاقاً من التقرير إلى العودة عن الخفوضات الحادة في تمويل المجتمع الأهلي وعن قرارها حصر التمويل بالمنظمات الأهلية المسجّلة. غير أن طلب الموازنة الجديدة لسنة 2011 يتجاهل استنتاجات أساسية في التقرير، ويواصل السير في اتجاه زيادة التمويل للبرامج التي تتم بالتعاون مع الحكومة المصرية، وخفض التمويل الممنوح مباشرةً للمجتمع الأهلي. للإنصاف، لا بد من الإشارة إلى أن مؤسسات حكومية أمريكية أخرى (مثل مبادرة الشراكة الشرق أوسطية التابعة لوزارة الخارجية ومكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل) توفّر الدعم للمجتمع الأهلي والمنافسة السياسية، لكن مواردها محدودة جداً مقارنةً بتلك التي تؤمّنها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
ليس ترويج الديمقراطية مجرّد برامج مساعدات وحسب. ربما اختارت إدارة أوباما دعم الدمقرطة في مصر عن طريق دبلوماسية الكواليس. لكن إذا كان الحال كذلك، لم تظهر أي نتائج إيجابية حتى الآن. وبانتظار أن يتبدّل ذلك، فإن المؤشرات التي ترسلها إدارة أوباما من خلال التغييرات في التمويل والموازنات سوف تستمر في إثارة قلق مؤيّدي الديمقراطية في مصر الذين يأملون في الحصول على الدعم الأمريكي.

ستيفن ماكينرني مدير الدعوة في مؤسسة مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط.


 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,074,392

عدد الزوار: 6,751,531

المتواجدون الآن: 94