الولايات المتحدة والتعاظم العسكري في الخليج

تاريخ الإضافة الأربعاء 10 شباط 2010 - 5:15 ص    عدد الزيارات 943    التعليقات 0

        

في الأيام الأخيرة، افادت وسائل الإعلام في كل العالم أنه حصل تسريع في عملية نشر منظومات دفاعية أميركية لاعتراض الصواريخ في الخليج الفارسي تحسبا لحصول هجوم صاروخي إيراني في منطقة الخليج. وفي تصريح نادر لوسائل الإعلام، تطرق قائد ( CENTCOM )الجنرال باتروس، لعملية الانتشار هذه.
ربُطت عملية نشر الصواريخ بالتغيير في سياسة إدارة أوباما تجاه إيران، وفق ما تجلت هذا الاسبوع في سياق خطاب " حال الأمة". الآن، بعد أشهر طويلة من المحاولة الفاشلة للدخول في حوار مع النظام في إيران، تحاول إدارة أوباما الحصول على إجماع واسع لفرض العقوبات على حراس الثوة- التنظيم الذي يسيطر على برنامج السلاح النووي بحسب أجهزة الاستخبارات الغربية.
خلافا للانطباع الذي تكون في وسائل الإعلام، كما لو أن تعزيز القوات هو أمر جديد من شأنه أن يدل على وجود خشية من هجوم إيراني قريب، أو على وجود نية أميركية لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية قريبا- يتعلق الأمر بعملية طويلة، بدأت قبل عامين ونصف، خلال ولاية إدارة الرئيس جورج بوش. ففي شهر تموز 2007 أعلن الرئيس بوش، في إطار زيارته إلى المنطقة، عن بيع أسلحة على نطاق لم يسبق له مثيل إلى دول الخليج. في الوقت ذاته جرى الحديث عن مبيعات أسلحة بقيمة نحو 20 مليار دولار إلى السعودية، ومبيعات بقمية مماثلة إلى سائر دول الخليج. وفي إطار الزيارة ذاتها، تم زيادة المساعدة الأمنية الأميركية إلى إسرائيل، وتحددت بمبلغ 30 مليار دولار لمدة عشر سنوات، إضافة إلى تجديد اتفاق المساعدة الأمنية إلى مصر بقيمة 13 مليار دولار لعشر سنوات. وقد سُلمت بيانات البيع الأولية إلى الكونغرس في إطار سياسة إدارة بوش منذ شهر كانون الأول من العام 2007، بينما وُقعت العقود الأولية في شهر تموز 2008.
في إطار هذا التعاظم للقوة، طلبت دول الخليج- على رأسها السعودية والإمارات- عتاد بقيمة 25 مليار دولار تقريبا. هذا العتاد تضمن في المرحلة الأولى بشكل اساسي منظومات للدفاع الدوي- مع قدرة دفاعية ضد الصواريخ. هكذا أُدخلت تحسينات على بطاريات صواريخ الباتريوت المنصوبة في الكويت والإمارات المتحدة. كما طلبت دبي منظومة( THAAD) "ثاد"- منظومة متقدمة ضد الصواريخ البالستية- وتحولت إلى الزبون الأول لهذه المنظومة خارج جيش الولايات المتحدة ( حيث لم تصل هذه المنظومة حتى الآن مراحل النضوج العملانية).
لكن عملية تعاظم القوة غير مقيدة بالوسائل الدفاعية فقط. فالسعودية والإمارات المتحدة اشترتا ذخيرة وعتادا متطورا لطائراتها الحربية ( بما في ذلك قنابل( JDAM )الموجهة. كما طلبت السعودية الحصول على دبابات لصالح جيشها، وآليات قتالية برية لصالح الحرس الوطني، بينما طلبت الكويت الحصول على عشر سفن دورية سريعة.
لم تكتف دول الخليج بشراء السلاح من الولايات المتحدة. وجريا على عادتها منذ سنين عديدة حيث تقوم دول الخليج بتنويع مصادر شراء السلاح، وتشتري بشكل عام أسلحة من دولة أوروبية. والصفقة الأبرز في السنوات الأخيرة كانت شراء السعودية طائرات " تايفون" من بريطانيا، حيث قُدرت الصفقة بنحو 10 مليون دولار.
التصريحات التي نُشرت من قبل محافل في إدارة الولايات المتحدة تطرقت أيضا الى القدرات الأميركية في الخليج. وبشكل خاص، تحدث قائد (CENTCOM) الجنرال باتروس، عن حقيقة أن " سفن (AEGIS) موجودة ضمن الدوريات في الخليج وبشكل دائم". والمقصود كان على ما يبدو التليمح إلى أنه ثمة في الخليج سفن جاهزة قادرة على اعتراض صواريخ بالستية، على الرغم من أنه ليست كل السفن المجهزة بنظام (AEGIS) مزودة ايضا بالمنظومة () القادرة على اعتراض صواريخ بالستية. فعدد هذه المنظومة الاعتراضية في الاسطول الأميركي يبلغ بضعة عشرات فقط.
على الرغم من أن عملية تعاظم القوة هذه متواصلة منذ سنين، إلا أنه ثمة في ذلك أهمية للهجوم الإعلامي الأميركي في التوقيت الحالي. فإضافة إلى الاعتبارات الداخلية للرئيس أوباما، في نهاية عامه الأول في منصبه، جاء هذا الهجوم في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة تجنيد تأييد دولي لعملية فرض العقوبات المشددة جدا على ايران. وهي جاءت كي تعرض أمام العالم التزام الولايات المتحدة تجاه دول الخليج التي تخشى جدا من تعاظم قوة إيران، وكي تذكر في الوقت ذاته إيران بأنه على الرغم من أن الأمر يتعلق بإدارة أميركية جديدة كانت مستعدة للحوار معها، لكنها لنة تتنازل عن المصالح الحيوية لها في الخليج. ومن المحتمل أيضا أن ترمي أيضا إلى تذكير إيران بأن الخيار العسكري لا يزال قائما.
يميلون في إسرائيل إلى النظر بخطورة إلى كل عملية تعاظم للقوة والسلاح من قبل الدول العربية. وتنطوي هذه النظرة على عدد من الفرضيات الأساس، من بينها على سبيل المثال أن الدول العربية لن تُسلم أبدا بكشل حقيقي بوجود إسرائيل، وان السلاح الذي يصل إلى اي دولة عربية من شأنه أن يكون موجها، في يوم من الأيام، ضد دولة إسرائيل. وربما يكون هناك جدوى عملية لمثل هذه الادعاءات، عندما تأتي إسرائيل لتطلب من الولايات المتحدة تكنولوجيات أكثر تطورا. لكن في نهاية المطاف، معقولية توجيه السلاح الذي يصل إلى دول الخليج نحو إسرائيل، ضعيفة حدا. في مقابل ذلك ثمة لإسرائيل مصلحة جلية في التدخل الأميركي العميق في الخليج- سواء لكونه يمثل عنصرا يخفف من تشدد الدول العربية، أو كعنصر عسكري رادع لإيران. إضافة إلى ذلك، ثمة لإسرائيل مصلحة في تطوير منظومات دفاعية مضادة للصواريخ برعاية أميركية، لأنه في نهاية المطاف، وبسبب دمج إسرائيل في منظومات الإنذار المبكر الأميركية، من شأن مثل هذه المنظومات التي ستنتشر في الخليج الفارسي، أن تساهم في إطلاق إنذار مبكر في حال إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
يفتاح سبير

نظرة من الأعلى، العدد 161، تاريخ 7/2/2010 ... ( نشرة تصدرة عن معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب).. ترجمة: عباس اسماعيل

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,052,858

عدد الزوار: 6,750,139

المتواجدون الآن: 123