متنفس إيران في لبنان

تاريخ الإضافة الإثنين 8 شباط 2010 - 5:53 ص    عدد الزيارات 805    التعليقات 0

        

متنفس إيران في لبنان

 

 
 
 
 
 
 
 

 

 
عاموس هارئيل

بعد أكثر من شهر على اللحظة الأخيرة, وكأنه لم يوضع إنذار أبداً, عاد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد هذا الأسبوع للمربع الأول. وفي مقابلة مع التلفزيون الإيراني يوم الثلاثاء, زعم الرئيس أن بلاده مستعدة للبحث من جديد في اقتراح القوى العظمى للحل الوسط, القاضي بتسليم يورانيوم للتخصيب, تحت المراقبة, خارج الدولة.
وهذه هي التسوية ذاتها التي عرضت في تشرين الأول الفائت ورفضها الإيرانيون ضمناً في كانون الأول, قريباً من الموعد الذي حددته الولايات المتحدة لانتهاء الحوار. والخطوة الإيرانية مكشوفة: أحمدي نجاد يراهن على الزمن. وبعد وقت طويل من مرور الموعد الأخير الذي حدّدته الدول العظمى, في محاولة لحلّ متفق عليه للأزمة حول المشروع النووي الإيراني, فجأة يظهر أن هناك ما يمكن الحديث فيه. ومن الجائز تأجيل النهاية لبعض الوقت, وكسب أسابيع عدة من الحيرة في الغرب وفي هذه الأثناء, في حين تتأخّر العقوبات, يواصلون التقدّم نحو الذرة.
ولا يبدو أن الولايات المتحدة, حتى الآن, اشترت اللعبة الإيرانية الأخيرة. فالكثير جداً يجري في هذه الأيام, بين النهاية الرسمية لمرحلة الحوار الدبلوماسي مع إيران وبين بلورة خطوة العقوبات الدولية ضدها, وهي العقوبات التي قد تدخل حيز التنفيذ في الشهر المقبل. وها كم, باختصار, ما جرى فقط في الأسبوع الأخير: مجلس الشيوخ الأميركي أقرّ مشروع قانون لعقوبات شديدة, الولايات المتحدة هاجمت التهرّب الصيني بشأن العقوبات وأعلنت بموازاة ذلك عن صفقة أسلحة كبيرة مع تايوان أخرجت الصينيين عن طورهم, كما تمّ نشر منظومات دفاع أميركية مضادة للصواريخ في دول الخليج كإشارة لطهران, وحذّر مستشار الأمن القومي الجنرال جيمس جونز من أن إيران قد تردّ على العقوبات بتشجيع حماس وحزب الله على مهاجمة إسرائيل.
وفي الشق الآخر من المعادلة, عرضت إيران منصة جديدة لإطلاق الأقمار الصناعية تشهد على قدرتها على إطلاق صواريخ بعيدة المدى كما أن أحمدي نجاد وعد بأن ترسل بلاده رائد فضاء إيرانياً إلى الفضاء الخارجي.
ومقابل منظومة الضغوط الداخلية (احتجاج الإصلاحيين) والخارجية يظهر النظام في طهران خطاً متشدداً لا يزال يترافق مع ثقة معينة بالنفس. وقد تم قمع تظاهرات الأسابيع الأخيرة بيد من حديد, لكن الزعزعة المتواصلة في هيمنة الملالي يجبي ثمناً. فمشروعية سلطتهم تتآكل بقدر ما في الشهور الثمانية الأخيرة. وقال هذا الأسبوع رجل استخبارات مخضرم, إن المرشد الروحي علي خامنئي يشبه شخصاً يقع في سقوط حر من بناء متعدد الطوابق. وقد مر في طريقه إلى الأرض عن الطابق الأربعين, ثم الطابق الثلاثين, والعشرين لكنه يقول لنفسه إن الأمور على ما يرام.
غير أن العقوبات الفعالة التي تعرض النظام للخطر وتوجه نحو بطنه الرخوة, نحو الطبقة الوسطى, يمكن أن تخلق ما يكفي من الضغط لكي يعود الإيرانيون ليدرسوا بجدية التسوية التي عرضت عليهم في تشرين الأول الماضي. ويمكن أن يكون الهدف النهائي للولايات المتحدة في المواجهة, بعد عقوبات تستمر بضعة شهور, التوصل لاتفاق يضمن مراقبة دولية وثيقة ويقلص احتمالات أن تهرع إيران نحو القنبلة, على الأقل في السنوات القريبة.
استعداد في الشمال
ومن ناحية إسرائيل, فإن هذا سيكون ضفدعا صعب الابتلاع خصوصا بسبب الخشية من أن إيران, كما في قضية المنشأة النووية التي تمّ اكتشافها مؤخراً قرب مدينة قم, تواصل الخداع وتتقدم سراً نحو الذرة. وبالمقابل, ليس هناك تأكيد بأن البديل ـ هجوم يناقض الموقف الأميركي, غير معلوم عدد السنوات التي يؤخر فيها إنضاج المشروع النووي ـ بالضرورة أفضل.
إن المحاولة الإيرانية لتسخين الجبهة الكلامية, على الأقل, عشية العقوبات, تؤثر على الدائرة القريبة من إسرائيل. وقد جاء تحذير الجنرال جونز بعد أسبوع من تكهنات الوزير يوسي بيلد بشأن مواجهة قريبة في الشمال. فحزب الله لا يزال يبحث عن ثأر في الذكرى الثانية لاغتيال القائد في الحزب, عماد مغنية, لكنه يفضل تنفيذ عملية بـ«بصمة غامضة», لا تنسب إليه وتكبح رد فعل إسرائيلي. ومع ذلك فإن حزب الله في الظروف الراهنة سيضطر لإخضاع اعتباراته لاعتبارات الأخ الأكبر في طهران, الذي كما يبدو لن يسمح مرة أخرى بخطوة مسبقة غير مدروسة, كعملية الاختطاف التي قادت إلى حرب لبنان الثانية في العام 2006 وكشفت المنظومة المتشعبة التي بناها الإيرانيون في لبنان.
وفي الجانب الإسرائيلي, يتدرب الجيش بكثافة، خصوصاً لمواجهة السيناريو الشمالي للصدام مع سوريا وحزب الله. وفيما حذّر وزير الدفاع, إيهود باراك, هذا الأسبوع من أنه من دون تسوية سياسية مع دمشق, يمكن أن تنشب حرب شاملة لقي مقابل ذلك تحذيراً من جانب الرئيس السوري, بشار الأسد بأن إسرائيل تسعى للحرب. والأسد يُصغي للإيرانيين, الذين يحذرونه في الآونة الأخيرة من أن هذا هو هدف إسرائيل.
وبناء عليه فإن شهري آذار ونيسان يبدوان كفترة حساسة وليس فقط في مواجهة إيران وإنما في الحدود الشمالية. وقد تبادلت إسرائيل وحماس الاتهامات هذا الأسبوع بشأن المسؤولية عن الجمود في مفاوضات صفقة شاليت. وعلى ما يبدو فإن الحق هذه المرة مع الطرفين. فحماس منذ أكثر من شهر تؤجل الردّ على الاقتراح الأخير للوسيط الألماني, بافتراض أن ما تعرضه إسرائيل كخطوط حمراء نهائية لها في الصفقة, تتبدّى في النهاية كتحضير لانسحاب آخر. وثمة خلاف داخل حماس بين أنصار الصفقة (القيادة السياسية في غزة) ومعارضيها (الذراع العسكري في غزة والقيادة في دمشق).
وبالمقابل فإن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو, الذي بدا قبل شهرين عازماً على إبرام الصفقة, عاد وأعلن أن الأمر برمّته متعلق بحماس. ولكنهم في حماس يشتبهون في أن الخوف الأكبر لنتنياهو هو أن تقول حماس له نعم. إن الجمود في قضية شاليت, التي لا تسمح لحماس بتحرير جماعي للأسرى, إلى جانب بناء «الجدار الفولاذي» المصري الذي يفاقم الحصار على القطاع, يمكن أن تحفز حماس على المبادرة إلى صدامات مع إسرائيل بأمل كسر الجمود.
دور السوبرمان
لقد وجّه نتنياهو قبل شهرين كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى وجوب الامتناع عن إطلاق أية تصريحات بشأن إيران, وذلك بتبرير أنه محظور على إسرائيل المساس بمسعى العقوبات. ومنذ ذلك الحين تآكل الانضباط, أولاً وقبل كل شيء لدى نتنياهو نفسه. فقد خصص رئيس الحكومة للأسرة الدولية أسابيع لحل أزمة الذرة الإيرانية وفي خطاب ألقاه في أوشفيتس وصف إيران بـ«عملاق» جديد يسعى لمحو إسرائيل. إن تراكم التصريحات لم تعد تبدو كمسرحية إسرائيلية, وإنما كتحليل متشائم لصورة الوضع. وعندما يدور الحديث عن تصريحات تتكرر عن خطر وجودي, فإن رؤساء الحكومات لا يميلون إلى اللعب.
وإذا فشلت العقوبات, فسوف تعود إلى الواجهة بقوة أكبر مسألة الرد الإسرائيلي. وهذا لا يتشكل بالضرورة فقط من هجوم جوي على المواقع النووية. فوسائل الإعلام في العالم تنسب لأجهزة المخابرات الغربية, وبينها الموساد, المسؤولية عن التخريب المتواصل في تقدم الخطة الإيرانية, من تفجيرات في أجهزة الطرد المركزي وصولاً إلى أعطال غامضة في أجهزة كومبيوتر حساسة.
وتنسب للموساد على وجه الخصوص في الصحافة العالمية سلسلة اغتيال رجال مركزيين في منظومة الإرهاب والذرة في إيران وحلفائها في العامين الأخيرين: مغنية من حزب الله, الجنرال السوري محمد سليمان, عالم الذرة الإيراني البروفيسور مسعود محمدي والمسؤول في حماس محمود المبحوح. وعدا صورة السوبرمان التي بنيت لرئيس الموساد, مئير داغان, فإنه إذا كان هذا من عمل إسرائيل, فإنه شهادة مذهلة على القدرة لتنفيذ عمليات استخبارية ووقائية معقدة, عبر المساس بالذخائر الحيوية والمحمية جداً للعدو.
ويمكن الافتراض أنه في مسألة مكافحة الذرة الإيرانية يمكن أن يثور خلاف يتخطى التنظيمات التي تتنافس على الهيبة والمكانة والميزانية. فهل جهود الموساد للإحباط السياسي استنفدت أغراضها وينبغي نقل مركز الثقل للمخططين العسكريين؟ إن سجالاً حول هذه النقطة سيدور لاحقاً. وأنصار نظرية المؤامرة, إذا صدقوا التقارير في الصحافة الأجنبية, يمكنهم أن يروا في سلسلة الاغتيالات رسالة للاستهلاك المحلي, وليس فقط للاستهلاك الخارجي؛ من تلة الكابيتول إلى مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية, شخصي, لإطلاعكم فقط: انتظروا قليلاً في الطائرات, لدينا بضع أفكار أخرى.

هآرتس 5ـ2ـ2010

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,060,800

عدد الزوار: 6,932,741

المتواجدون الآن: 74