معلومات استخبارية من طهران تزيد من قلق الغرب

تاريخ الإضافة الخميس 28 كانون الثاني 2010 - 6:17 ص    عدد الزيارات 745    التعليقات 0

        

د. بيدنارز، إ. فولاث، هـ. ستارك، Spiegel، الاربعاء 27 كانون الثاني 2010
\"\"
 

لطالما شكّك الغرب بطبيعة برنامج إيران النووي. وقد حصلت صحيفة "شبيغل" الألمانية على وثائق جديدة تتعلّق بتجارب سرية وهيكلية قيادية، تدعو الى الشك في ادعاءات طهران بأنّها مهتمة باستخدم التكنولوجيا التي تمتلكها لأغراض سلمية حصراً.

على الأرجح، كانت تلك المحاولة الأخيرة لنزع فتيل الخلاف النووي مع طهران قبل الاضطرار لفرض عقوبات جديدة قاسية عليها أو اللجوء الى الحل العسكري. وقد حظيت هذه الخطة، التي وضعت في البيت الأبيض، بموافقة الرئيس الأميركي وبدعم روسيا والصين.

من الواضح أنّ باراك أوباما هو صاحب هذه الخطة، وهي تقضي بأن تقوم إيران بإرسال قسم كبير من اليورانيوم القليل التخصيب الذي تمتلكه الى الخارج دفعة واحدة ولمدة سنة، وفي المقابل تحصل على وقود نووي خاضع للمراقبة الدولية. هذه الصفقة كانت ستفيد كافة الأطراف، حيث كان سيحصل الإيرانيون على الكمية اللازمة من الوقود لاستخدامها في ما يزعمون بأنه برنامجهم النووي المدني، وفي التجارب العلمية، في حين أنّ العالم كان سيطمئن الى أنّه لن يبقى في حوزة طهران ما يكفي من المواد النووية القابلة للانشطار لكي تستخدمها في برنامجها السري الداخلي لتخصيب اليورانيوم، والذي يعتقد الغرب بأنه يرمي الى بناء قنبلة نووية.

في البداية، وافق قادة إيران "مبدئياً" على الاقتراح. ولكنّهم أجّلوا الرد على المجتمع الدولي مقدّمين تلميحات غامضة لا تدل على "جواب نهائي" جازم، إلا أنه عندما توصلوا في النهاية الى جواب نهائي، جاء على شكل "اقتراح معاكس". إذ بموجب هذا الاقتراح، أصرّت طهران على أن لا يتم التبادل دفعة واحدة، بل على مراحل، وعلى ألا يتم نقل اليورانيوم الى خارجها، وإنما أرتادت طهران أن يتم التبادل على أراضيها.

مرة أخرى، تقوم القيادة الإيرانية بصد الغرب بوعودها الواهية بأنها ترغب في القيام بتسوية. وقد رفضت الحكومة في طهران بشكلٍ رسمي خطة التبادل النووي الثلاثاء الماضي... ولزيادة الطين بلّة، بعد اكتشاف الغرب وجود مصنع سري لتخصيب اليورانيوم قرب مدينة "قُمّ"، أعلن الرئيس محمود أحمدي نجاد، متحدّياً بأنه لن يستسلم أبداً، بأنّه سيبني عوضاً عن ذلك 10 مصانع للتخصيب.

معلومات خطيرة جداً

غير أنّ المسؤولين في واشنطن وفي العواصم الأوروبية غير قلقين بشأن هذه الإعلانات المغرورة وغير الواقعية بقدر ما هم قلقون من التقارير الاستخباراتية المرتكزة على مصادر من داخل إيران، وعلى معلومات من بعض الخارجين عن النظام من المسؤولين الإيرانيين الرفيعي المستوى. وعلى حد قول خبراء أميركيين، فإن هذه المعلومات ستحث على الأرجح الحكومة الأميركية على إعادة تقويم المخاطر الآتية من جهة البلد الذي يحكمه رجال الدين، في الأيام القادمة، وبالتالي على رفع درجة الحذر والتأهّب من الأصفر الى الأحمر. وأيضاً المشككون الذين تعاملوا في الماضي مع هذه التقارير المقلقة على أنها بروباغندا إسرائيلية، وهم كانوا في بعض الأوقات معذورين في شكّهم، حتى هؤلاء قلقون للغاية، ومن بينهم خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية.

بعد القيام بتحقيق داخلي واسع، استنتج مسؤولو الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّ حاسوباً أحضر من إيران قبل سنوات يحتوي على معلومات سرية خطيرة. وقد وصل هذا الحاسوب المحمول الى الأميركيين عن طريق وكالة الاستخبارات الأجنبية في ألمانيا، Bundesnachrichtendienst (BND)، ومن ثم أعطي الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.

هذا في حين أثبتت التقارير التي قدّمها علي رضا أصغري، نائب وزير الدفاع الإيراني السابق الذي هرب الى الولايات المتحدة حيث أُعطي هوية جديدة، أنها كانت تحمل معلومات صحيحة. ويُعتقد كذلك أنّ العالم النووي شاهرام أميري، الذي "اختفى" أثناء تأديته الحج في مكّة في حزيران 2009، يمتلك معلومات قيّمة. علمًا أن السلطات الإيرانية اتهمت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بخطف هذا الخبير، ولكنّه على الأرجح خرج عن النظام الإيراني وهرب.

ونتيجة هذه التهم الجديدة التي وُجهت إليها، وقعت الحكومة الإيرانية تحت الضغط. وقد ركّزت التهم على معرفة المسؤول الحقيقي عن البرنامج النووي في البلاد، الذي يدلّنا بالتالي على الطبيعة الحقيقية لهذا البرنامج. فلطالما قالت الحكومة للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الوكالة الوحيدة المسؤولة عن تخصيب اليورانيوم هي مجلس الطاقة الوطني، وأنّه مخصّص حصراً لاستخدام التكنولوجيا لأغراض سلمية. 

ولكن إذا صدقت المزاعم التي وردت في وثيقة استخباراتية تتم الآن مراجعتها في الأوساط الدبلوماسية في كل من واشنطن، فيينا، تل أبيب وبرلين، وقد حصلت صحيفة "شبيغل" على أجزاء منها، فإنّ ما تقوله الحكومة الإيرانية هو نصف الحقيقة في أحسن الأحوال.

فوفقاً لهذه الوثيقة السرّية، يوجد فرع عسكري سري من برنامج الأبحاث النووية الإيرانية يتبع وزارة الدفاع ولديه هيكلية سرية. والمسؤولون الذين قرأوا الوثيقة استنتجوا منها أنّ الحكومة في طهران جادّة في موضوع تصنيع قنبلة نووية، وأنّ خططها متقدّمة جداً. وثمة إسمان يردان مرات عدة في الوثائق هذه، لا سيّما فيما يتعلق ببرنامج تصنيع الأسلحة السري، هما، كامران دانشجو ومحسن فخري زاده.

القلب (المركز) السري لبرنامج الأسلحة النووية في إيران

دانشجو، 52 عاماً، هو وزير العلوم والأبحاث والتكنولوجيا الجديد في إيران، وهو مسؤول أيضاً عن وكالة الطاقة النووية في إيران، ويُنظر إليه كحليف مقرّب من أحمدي نجاد. ويقول قادة المعارضة إنه متعصّب، ويتحمّل مسؤولية جزئية عن الانتخابات الرئاسية المزورة التي جرت في حزيران الماضي. ولا تتضمن سيرة دانشجو إلاّ إشارات هامشية على احتمال امتلاكه لخبرة نووية.

في وصفه لنفسه، كتب الرجل، ذو اللحية الرمادية بلون الفولاذ، أنّه درس الهندسة في مدينة مانشيستر البريطانية، ومن ثم عمل لعدة سنوات في "مركز صناعة الطائرات" في طهران. علماً أنّ الخبراء الغربيين يعتقدون أنّ هذا المركز تطوّر ليصبح فرعًا من وزارة الدفاع ويُعرف باسم FEDAT، في اختصار لما معناه في الإنكليزية "فرع التطبيقات الموسّعة للتكنولوجيا المتطورة"، وهو المركز السري لبرنامج السلاح النووي الإيراني. ويرأس هذه المنظمة محسن فخري زاده، 48 عاماً، وهو ضابط في الحرس الثوري وأستاذ في جامعة الإمام حسين في طهران.

وكالات الاستخبارات الأجنبية تعتقد أنّه على الرغم من أنّ وكالة الطاقة النووية ومنظمة FEDAT يتنافسان في بعض النواحي، إلا أنهما اتفقا على تقاسم العمل على المسألة المركزية في أبحاث الأسلحة النووية، حيث تقوم الوكالة النووية بشكل أساس بمراقبة تخصيب اليورانيوم، في حين تتولّى منظمة FEDAT مسؤولية بناء رأس حربي نووي لاستخدامه في صواريخ "شهاب" التي تصنّعها إيران. ويعتقد الخبراء أنّه بإمكان علماء إيران إنتاج نسخة أولية وبحجم الشاحنة من هذه القنبلة في هذا العام، ولكن سيكون عليهم ضغطها وتقليصها الى حجم أصغر يمكن استخدامه كرأس نووي لكي يشكّل الخطر المتوقّع الذي تخشاه وتستعد له كل من إسرائيل والغرب، في وقت يمكن لإيران أن تصل الى تلك المرحلة تقريباً بين عامي 2012 و2014.

ويسود الاعتقاد بأنّ الإيرانيين قاموا باختبارات غير نووية لآلية انفجار قنبلة نووية قبل أكثر من ست سنوات. التحدي الموجود في هذه التقنية هو التمكن من إشعال المتفجرات المعمول بها عادة والتي تحيط بقلب اليورانيوم بشكل منتظم [الواحد تلو الآخر] وهو الشيء المطلوب لتحقيق التفاعل المتسلسل المراد. ويُعتقد أنّ سلسة الاختبارت هذه تمّت باستخدام رأس منفجر معبّأ بالألومينيوم. بمعنى آخر، فإنّ العملية كلّها كانت حقيقية باستثناء الجزء المركزي أو "القلب". ويرد في التقارير أنّ مهندسي طهران استخدموا أليافًا دقيقة ولوحًا لقياس الدائرة الكهربائية بدل المادة القابلة للانشطار، الأمر الذي مكّنهم من قياس أمواج الصدمة وتصوير الوميض الذي يحاكي انفجار القنبلة النووية، بدرجة معيّنة من الدقة.

ومن الواضح أنّ النتائج كانت مشجّعة جداً، لكي تقوم الحكومة الإيرانية بتصنيف هذه التكنولوجيا تحت عنوان "المناسبة".

صحيفة "شبيغل" تمكنت من الاطلاع على الخريطة التنظيمية  لـ FEDAT وعلى لائحة أسماء العلماء الذين يعملون مع الوكالة النووية هذه. الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا تمتلك أيضاً هذه الوثائق، غير أنّ الرئيس الإيراني يدّعي أنّ هذه الوثائق مزوّرة وتُستخدم لتشويه سمعة بلده. أما وكالة الاستخبارات المركزية CIA وغيرها من الوكالات الاستخبارية فبعد أن قالت قبل سنتين إنّ الإيرانيين أوقفوا أبحاثهم على الأسلحة النووية عام 2003، بات من المرجّح أن تقوم بتبني سيناريو أكثر تعقّلاً، في الوقت نفسه الذي يقوم مجلس الأمن بدراسة موضوع فرض عقوبات أقسى على إيران.

العقوبات على نار هادئة

عندما سيأتي دور فرنسا في تولّي رئاسة مجلس الأمن في شباط القادم، يصبح بإمكان واشنطن الدفع باتجاه اتخاذ قرار حاسم من إيران. وفي حين أنّ موسكو لن تمنع فرض عقوبات إضافية جديدة على إيران، فإنّ الصين التي تفاوضت مع إيران حول صفقات قيمتها مليارات الدولارات في مجال الطاقة، من المرجّح أن تعمل على الحؤول دون فرض مثل هذه الإجراءات العقابية.

غير أنّه بإمكان الصين الموافقة على فرض عقوبات "ذكية" مثل منع أو فرض قيود على سفر الأعضاء الرفيعين من الحرس الثوري والعلماء النووين. علماً أن اسم فخري زاده وارد أصلاً على لائحة المسؤولين الذين سيمنعون من السفر، كما من الممكن إضافة اسم دانشجو في المستقبل.

لكن ذلك يعني بطبيعة الحال أن الغرب سوف يكون مسؤولاً عن خياراته ونتائجها عندما سيفرض عقوبات قد تؤذي إيران بالفعل، لأنها ستؤذي أيضاً علاقاته التجارية المربحة مع طهران. ولعلّ أكثر سلاح فعالية في موضوع التجارة هو فرض حظر على استيراد الوقود. إذ بسبب افتقارها للقدرة على تصفية وتكرير الوقود تقوم إيران، التي تمتلك ثاني أكبر احتياطي من النفط في العالم، باستيراد نحو نصف كميّة البنزين التي تستخدمها، وبالتالي فإن هذا الحظر من شأنه أن يرفع أسعار البنزين بشكلٍ كبير. في حين ثمة انقسام في رؤية الخبراء إذا ما كان ذلك سيؤذي النظام الذي لا يؤيّده شعبه، أم أنّ قادته البلاد سوف يعمدون الى استغلال ذلك لتأليب الشعب الإيراني ضد "الغرب الشرير".

يبقى أمامنا الحل العسكري. ففيما يتعلّق بهذا الخيار، وبغض النظر عن النتائج السياسية واحتمال التعرض لهجمات مضادة، فإنّ قصف منشآت إيران النووية صعب للغاية. ذلك أن الخبراء النووين قاموا، حرفيًا، بدفن أنفسهم ومنشآتهم تحت الأرض، في أماكن قد يكون من المستحيل للأسلحة التقليدية أن تصل إليها.

وفي حين أن الخبراء الإسرائيلين أنفسهم يشككون بمدى الأذى الذي يمكن أن يشكله قصف المنشآت النووية على البرنامج النووي الإيراني، إلا أنّ الجنرال الأميركي دايفد بترايوس المعروف عادة بتعقّله أجابنا بنفس يدل صراحة على الرغبة بخوض الحرب، عندما سألناه عن احتمال مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية عسكرياً: "في الواقع، يمكن قصفها بكل تأكيد".. هذا ما قاله بترايوس قبل أسبوعين في واشنطن.

\"\"

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,176,785

عدد الزوار: 6,759,069

المتواجدون الآن: 135