على طريق مواجهة «داعش»

تاريخ الإضافة الجمعة 29 أيار 2015 - 6:27 ص    عدد الزيارات 598    التعليقات 0

        

 

على طريق مواجهة «داعش»
ألكسندر إيفانز ... منسق فـريق الدعم التـحليلي ومراقبة العقوبات - لجنة مجلس الأمن في شأن «القاعدة»
داعش يشتغل براحة تامة في العالم الرقمي، وينبغي على الحكومات في مواجهته ان تكون أكثر ابتكاراً وصدقاً، وأن تخاطب الشباب المستهدفين بخطر التطرف.
الجيل الجديد من الإرهابيين المرتبطين بـ «داعش» بارع ومرتاح في استخدام الإنترنت. وهؤلاء الإرهابيون يعرفون طريقهم نحو التطرف من خلال النقرة. يكتبون رسائل قصيرة على «تويتر». ينشرون الصور وينتجون أشرطة الفيديو المحترفة ويستخدمون التكنولوجيا لترويج آرائهم وتبادل الأفكار. حتى أن بعضهم ينشر مقاطع متطرفة وذات جودة رديئة من موسيقى الراب.
الأمر مختلف بالنسبة إلى تنظيم «القاعدة» الأم. فـ «القاعدة» كان حركة منظّرين عقائديين بائسين. بن لادن لم يكن خطيباً بارعاً خلال ظهوره في تسجيلات الفيديو، حتى عندما كان يقوم بالتحضير لذلك، فلا غرابة أن يلجأ «القاعدة» في الغالب إلى استخدام صورة بن لادن عوض بث تسجيل مصور لكلماته. كما أن الظواهري أسوأ حالاً، فهو رجل بائس بلغ من العمر عتياً ويصدر رسائل طويلة فيها كثير من الإطناب. ويبدو «القاعدة» الأم كأن الزمن تجاوزه، او كأنه إرهاب يطل علينا من سبعينات القرن الماضي، رزمة برامج إلكترونية لم تعد لها تحديثات في السوق.
هذا الأمر لا ينطبق على الجيل الجديد من المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين انتقلوا للانضمام الى «داعش» في سورية والعراق والآن في ليبيا. يتدفقون من أكثر من 100 دولة ويصل عددهم الى الآلاف. يتحدثون لغات متعددة لكن العديد منهم يجمعهم أمر واحد مشترك: كونهم شباناً في مقتبل العمر. بعضهم ولد بعد هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 وغالبيتهم ولدوا بعد نهاية الحرب الباردة. هم إرهابيون منخرطون في أحدث التكنولوجيا، يستخدمون الهواتف الذكية وليس مشغل أشرطة الكاسيت.
الحكومات مطالَبة بأن تحارب إغراء «داعش». فإذا كان «القاعدة» أصبح طرازاً عفا عنه الزمن، فإن الخطر هو أن يتحول «داعش» الى موضة، على الأقل بالنسبة إلى أقلية صغيرة تقع تحت تأثيره. إن الخطاب المناهض لـ «داعش» عليه ان يتسم بالإبداع وأن يكون ذا طابع رقمي وآني، تماماً كما هي دعاية «داعش». كما عليه ان يتميّز بالتنوع: فالخطاب المضاد الموجّه للشباب المصريين قد لا يكون هو نفسه الموجَّه الى الشباب الباكستانيين أو البريطانيين.
كما لا ينبغي أن يكون المسؤولون الحكوميون هم المتدخّل الوحيد عندما يتعلق الأمر بإنتاج الخطاب المضاد للإرهاب. فالتأشير على وثيقة رسمية لا يشبه في شيء إطلاق تعليق يسافر عبر المعمورة عبر «فايسبوك». وإلقاء خطاب أمام جمهور من العموم ليس كمثل إطلاق تغريدة على «تويتر». فخطاب الحكومات غالباً ما يكون مُغرقاً في الرسميات، فيما الإرهابيون يستعملون غالباً خطاباً بسيطاً. إن مواجهة التطرف تحدٍّ ضخم يحتاج الى مقاربة تضمن انخراط المجتمع ككل.
إذاً، ما الذي يمكن عمله لمواجهة هذا الزخم من تلوث وسائط التواصل الاجتماعي بخطابات «داعش» وجماعات أخرى مشابهة؟ بداية، يجب تقويض جهود التطبيع مع الخطاب المتطرف. إن دعاية «داعش» تريد أن توهمنا بأن هؤلاء الضعفاء الذين قادهم حظهم العاثر إلى العيش تحت سيطرته وشره وأحكامه الجائرة يعيشون حياة طبيعية. لا شيء أبعد من الحقيقة. ثانياً، «داعش» لديه حالة ضعف في مواجهة السخرية. وقد يبدو غريباً الترويج للفكاهة في وجه الشر، لكن التندُّر بـ «داعش» يجرّده من قدرته على البطش والإرهاب. هم يريدون الترويج لنفسهم عبر الخوف الذي يحكمون به والخوف يمكن أن يكون معدياً. ثالثاً، ثمة حاجة لتركيز أقوى على التكلفة الانسانية لـ «داعش». إن ما يروجه «داعش» على شبكات التواصل الاجتماعي هدفه أن يعتقد العموم بأنه ترويج لنظام جديد: الحقيقة أن ما يروّج له «داعش» هو الفساد بعينه ويقوم في الحقيقة على المعاناة الإنسانية. جميعنا في حاجة لأن نكون أفضل في حديثنا عن الثمن الإنساني لـ «داعش»: الضحايا، الأموات منهم والأحياء الذين يدفعون ثمن غطرسة «داعش» اللامتناهية.
نحن في حاجة الى ان نسمع الكثير من الأصوات المعتدلة - والتي نعلم أنها الأكثرية. ويبقى علماء الدين معنيون أساسيون، علماً أن «داعش» ما فتئ يتجاهلهم ويتحدى آراءهم. إن عدم الاحترام وعدم الاكثرات الذي يتعامل به «داعش» مع العلماء لهو أكبر دليل على ازدرائه للدين ورموزه.
والأمم المتحدة بإمكانها المساعدة. ونظام مجلس الأمن للعقوبات ضد «القاعدة» والجماعات المرتبطة به أو المنبثقة عنه، بما في ذلك «داعش»، يظهر الى أي مدى يعتبر «داعش» كياناً غير شرعي (ولهذا النظام أيضاً إمكانية تعطيل تأثير «داعش»). لقد عبّرت الجمعية العامة ومجلس الأمن مراراً عن إدانتهما لـ «داعش». دعونا نتوافق على وسائل لنقول جميعاً «كلا» واضحة لـ «داعش» وأفكاره السامة.
*

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,049,809

عدد الزوار: 6,749,887

المتواجدون الآن: 105