مستقبل إيران

تاريخ الإضافة الخميس 21 كانون الثاني 2010 - 3:12 م    عدد الزيارات 824    التعليقات 0

        

ن. أنصاري وج. باريس، The Wall Street Journal، الجمعة 15 كانون الثاني 2010
\"\"
 

المهلة الأخيرة المُعطاة لإيران للقبول بالصفقة التي تتوسّط فيها الأمم المتحدة حول برنامجها النووي المثير للجدل انتهت في 31 كانون الأوّل الماضي، لتؤكّد مرّة أخرى على أنّ سياسة تغيير سلوك الجمهورية الإسلامية غير ناجحة. وفي حين أنّ واشنطن قلقة من الخطوة التالية التي يجب أن تتخذها إدارة أوباما، تنتقل السلطة التشريعية شيئاً فشيئاً من يد الحكومة المركزية الى يد السلطة الخضراء الواثقة الخطى.. ويوماً بعد يوم يزيد عدد الخبراء الذين توصلوا الى قناعة بأنّ السؤال الأجدر طرحه اليوم هو ليس إذا ما كان النظام في طهران سيسقط بل متى سيسقط.

إنّ إحكام عناصر الحرس الثوري قبضتهم على اقتصاد إيران، والاعتداء الذي نفذته ميليشيا الدولة الشهر الماضي ضد مشاركين في عزاء آية الله حسين علي منتظري، كل ذلك بيّن للبلد بأجمعه، بدءًا من ساكني المدن وصولاً الى القرويين، ومن العلمانيين الى المتديّنين، أنّ الجمهورية الإسلامية تحلّلت لتصبح عبارة عن كارتل غير شرعي تقوده ميليشيات مسلّحة لا تمتلك أي شفقة. وفي هذه الأثناء، اتحدّت مجموعات متباينة ضمن حركة خضراء شاملة، تمثّل طموحات قسم من الإيرانيين بالنسبة الى الحرية الاجتماعية، والديمقراطية وحقوق الإنسان.

القسم الديني من الحركة الديمقراطية يضم عناصر من موظفي إدارات الدولة، وأساتذة جامعيين، وأساتذة في معاهد التعليم الديني ومجموعة من المحاربين القدامى في إطار الحرس الثوري من الشباب المتنورين الذين قاتلوا في حرب إيران مع العراق، وبقيوا أوفياء لوصايا الثورة الإسلامية عام 1979. أما القسم الديمقراطي الليبرالي والاجتماعي فيضم نساءً وشبابًا، وأقليات إثنية ودينية، وعمالاً في اتحادات العمال، وجنودًا من الجيش العادي.

الديمقراطيون المتديّنون يعتبرون الحركة الخضراء حركة للمطالبة بالحقوق المدنية وليس حركة ثورية. هم يريدون العمل داخل النظام، وإصلاح القوانين من خلال إبرام اتفاقات مع الممسكين حالياً بالسلطة في الجمهورية الإسلامية. وعلى العكس منهم، يرى الديمقراطيون الليبراليون والاجتماعيون النظام من خلال منظار حقوق الإنسان العالمية غير القابلة للتجزئة، ويصرّون أنّ الدستور الحالي والتركيبة السياسية الحالية تعيق التمتّع بالحقوق المدنية الأساسية. ويعتقدون بأنّ محاولة إصلاح النظام الحالي هي محاولة لا طائل منها مضيفين أنّه لو كان نظام الجمهورية الإسلامية في إيران مرناً، لما رأينا الإصلاحيين يسجنون أو يضطرون للإقامة خارج وطنهم.

إنّ غياب قيادة كاريزماتية تتمتّع بحضور ملفت، وشبكات تنظيمية واضحة في وجه الجهاز الاستخباراتي والأمني القوي ساعد الحركة في إطار عملها الحالي للثورة. وبالنظر الى تعدّد الأهداف واختلافها داخل المعارضة، فإنّ السؤال الذي يُطرح اليوم هو حول الطريقة التي يمكن للحركة الخضراء أن تتطوّر فيها من حركة مقاومة الى قوّة سياسية بديلة قادرة على حكم إيران.

يدرك مناصرو الحركة الخضراء أنّ تأجيل المناقشات لحل الاختلافات، والعمل بنهج "يوم بيوم" دون تخطيط، يشكّل خطراً بأن تتحوّل حركة التمرّد  وإن بعد أن تكون قد حقّقت انتصاراً الى مجرّد تجمّع فوضوي. وبالنظر الى تاريخ إيران، يمكن أن تؤدي مثل هذه النتيجة الى حكم ديكتاتوري جديد. ولهذا السبب، يستغل أبرز قادة الحركة شيوع روح المودّة والإلفة داخل الحركة لعقد اجتماعات من خلال قنوات الاتصال الحديثة عبر الإنترنت مثل Skype، وPaltak القادرة على اختراق نظام القمع. وتتطرّق هذه الاجتماعات التي تقرّب المسافات البعيدة وتُسمّى "منتديات التضامن" الى الهواجس السياسية، والقانونية، والاقتصادية، والاجتماعية، بالإضافة الى أولويات السياسة الخارجية. ويضم المشاركون في هذه المنتديات أولئك الذين علّموا الجيلين الأخيرين من العلماء الإيرانيين السياسيين الاجتماعيين، والذين يقودون عملية رسم خارطة طريق  للوصول الى إيران حديثة، وتتمتّع بتعددية، إيران جديدة تلبّي طموحات مواطنيها وقادرة على التفاعل مع المجتمع المدني.

تتعدّد مصادر تزايد قوّة المعارضة، بدءًا من الشبكات السريّة ضمن الموظفين الذين يسيّرون المعاملات في إدارات النظام، وصولاً الى المحاربين الشجعان المستعدين للموت برصاصة في الشوارع. ولكن ثمّة جزء مفقود على الصعيد الدولي. ذلك أنّ المدافعين عن الحركة الخضراء يدركون أنّه على الرغم من أنّ الإيرانيين هم الذين يعطون الزخم للتغيير، فإنّ دور المجتمع الدولي يبقى محورياً بما أنّ البلد يواجه احتمال فرض عقوباتٍ عليه رداً على انتهاكات النظام الفاضحة لالتزاماته النووية، ولمعاهدات حقوق الإنسان.

هؤلاء الداعمون للثورة الخضراء أنفسهم يأملون باستمرار الدعم الدولي للشعب الإيراني في نضاله لتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان، وفي الوقت نفسه يطالبون بوقف إنتاج الوقود النووي. وبالفعل فقد طالبت شخصيات إيرانية بارزة المجتمع الدولي بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وإطلاق سراح جميع المعتقلين. وقد وصلت شخصيات قيادية في المعارضة الى حد المطالبة بعدم منح المسؤولين الإيرانيين تأشيرات دخول الى البلدان الأجنبية ومنعهم من السفر، والى فرض عقوبات محدّدة الأهداف تضرب المصالح المالية للحرس الثوري.

هذا في حين لا يجب الاستهانة بقدرة أي نظام يائس يلفظ أنفاسه الأخيرة على القيام بأي شيء لكي ينجو، فيما أيام هذا النظام باتت معدودة.

يمكن لثورة الحركة الخضراء أن تتحوّل الى حكومة وحدة وطنية. ولضمان الوصول الى تشكيل حكومة في القريب العاجل، يتابع ممثلو الشعب الإيراني المتبصرون والأكفاء لقاءاتهم لتقويم وتعديل استراتيجياتهم الحالية ورسم خارطة مستقبلهم.

في وقتٍ قريب، سيجد الغرب نفسه أمام خيارين، إما إيران الممثلة بنظام عسكري عنيد وغير مستقر يحتكر السلطة، أو إيران سلمية، وواثقة، تناضل لتحرير نفسها من نظام القمع. ويبقى أن ننتظر لنرى ما سيحصل عام 2010، إذا ما كان الضغط الشعبي الكبير داخل إيران واحتمال فرض عقوبات من الخارج يمكن أن يصبّا في المرمى نفسه، أم أنهما سوف يعملان على تحقيق أغراض متعاكسة... على المجتمع الدولي أن يختار أي إيران يفضّل التعامل معها.

\"\"

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,048,121

عدد الزوار: 6,749,745

المتواجدون الآن: 100