كيف نستفيد من سقوط الرمادي

تاريخ الإضافة الأربعاء 27 أيار 2015 - 6:41 ص    عدد الزيارات 556    التعليقات 0

        

 

كيف نستفيد من سقوط الرمادي
علي أديب النعيمي
علي أديب النعيمي هو صحفي عراقي عمل سابقاً لدى صحيفة "نيويورك تايمز" في بغداد. وتم نشر هذه المقالة في الأصل من على منتدى فكرة.
"منتدى فكرة"
اتخذ المشهد السياسي والعسكري في العراق منعطفاً مأساوياً في نهاية الأسبوع الثاني وبداية الأسبوع الثالث من أيار/مايو مع سقوط الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار غرب العراق، في أيدي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية». فقد فرّت القوات العراقية من المدينة بعد أيام من المعارك الضارية مع مسلحي «داعش»، قُتل خلالها مئات الجنود والمدنيين.
ولا يزال العراق يكافح توسع تنظيم «الدولة الإسلامية» منذ أن استولى هذا الأخير على الموصل، ثاني أكبر مدنه، في حزيران/يونيو 2014. ومع سقوط مدينة الرمادي هذا الشهر، وصل مستوى المواجهة إلى نقطة مثيرة للقلق. فلا يزال تنظيم «داعش» يكتسب المزيد من الأراضي، ويقترب أكثر من بغداد، وعلى عكس ادعاءات وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، هو قادر على شن هجمات والتوغل أكثر داخل العراق.
إن ما حدث في الرمادي قد شكّل نكسة كبيرة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي أطلق حملة لتحرير الأنبار من قبضة تنظيم «الدولة الإسلامية» في أوائل نيسان/أبريل. ونتيجة لذلك، اُضطر العبادي إلى استدعاء «وحدات الحشد الشعبي» إلى التحرك، وهي ميليشيات شيعية حصلت على تدريبها وتسليحها من إيران. إن نظرة شاملة لواقع الأحداث تشير إلى أن هذه ليست مجرد نكسة عسكرية فحسب، بل سياسية أيضاً جعلت العبادي في موقف أضعف وفي حاجة لحلفاء إيران في بغداد. فقد كان العبادي قد وافق خلال زيارته الأخيرة لواشنطن على طلب إدارة الرئيس الأمريكي أوباما بالسيطرة على «وحدات الحشد الشعبي» واخضاعها لسلطة الحكومة. أما الآن، فهو بحاجة ماسة لهذه الميليشيات الشيعية لاستعادة السيطرة على الرمادي.
لقد واجه العبادي العديد من التحديات السياسية منذ توليه رئاسة الوزراء في أيلول/سبتمبر 2014، إذ غادر سلفه نوري المالكي تاركاً ورائه إرثاً من التوتر الحاد بين الأطراف السياسية في العراق. وقد شكل تقدم تنظيم «داعش»، إلى جانب ضعف أداء الجهاز الحكومي الفاسد، عبئاً على حكومة العبادي. بالإضافة إلى ذلك، يستمر المالكي وعدد من قادة «وحدات الحشد الشعبي» في العمل على إضعاف رئيس الوزراء لكسب المزيد من القوة داخل التحالف الشيعي وفي صفوف المجتمع الشيعي العراقي. وبالتالي، فإن الهزيمة الأخيرة في الرمادي تصب في مصلحتهم، لأنه يمكنهم الآن رسم صورة للعبادي - في نظر مؤيديه الشيعة الخائفين - على أنه زعيم هش ومساوم وضعيف في وجه السنّة والأكراد.
ويعتبر الشيعة في الغالب أن إيران توفر لهم الحماية، وأن «وحدات الحشد الشعبي» هي القوة الوحيدة القادرة على هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية». ولم يساعد اعتماد العبادي على الدعم العسكري والسياسي الأمريكي المضاد في الحد من الشعبية المتنامية لهذه «الوحدات». وفي الواقع، يبرز شك متزايد حول أهمية الولايات المتحدة في مكافحة «داعش». فخلال المعركة في الرمادي، وعد نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن بالإسراع بشحن الأسلحة الثقيلة إلى العراق، ولكن هذا لم يحدث قط. وعلى الرغم من أن العراقيين يسمعون الوعود الأمريكية لبغداد ويقرأون تقارير حول الغارات الأمريكية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، إلا أنهم لا يرون أي نتائج ملموسة لهذه الجهود. وفي الوقت نفسه، عرضت إيران تقديم الدعم غير المشروط للعراق، كما أن وزير الدفاع الإيراني زار بغداد بعد يوم من سقوط الرمادي ليعرض جميع أنواع المساعدات اللوجستية والعسكرية للحكومة.
عندما نعقد مقارنة بين الاثنين، فإن كفة إيران ترجح بشكل واضح، في حين يبدو أن الأمريكيين مترددين وبطيئين في تقديم المساعدة. وإذا كانت الولايات المتحدة ملتزمة حقاً بمنع الإيرانيين من كسب قوة أكبر في العراق، فعندئذ لن يكون تقديم الدعم الجوي فقط للقوات العراقية كافياً، في الوقت الذي يتم فيه الضغط على العبادي للحد من نفوذ «وحدات الحشد الشعبي»، إذ إن رئيس الوزراء ببساطة ضعيف جداً ليقوم بذلك.
ويتعرض العبادي لعقبات في الشمال أيضاً. فبينما أظهرت حكومته رغبة حقيقية في حل مشاكلها مع «حكومة إقليم كردستان»، من خلال التوصل إلى تفاهمات حول عائدات النفط وتحويل الأموال من قبل الحكومة العراقية الاتحادية، لا تزال هناك عدة قضايا عالقة؛ منها على سبيل المثال، سماح الكونغرس الأمريكي بإرسال الأسلحة مباشرة إلى الأكراد نظراً للتهديد الذي يشكله تنظيم «الدولة الإسلامية»، وهو قرار رفضته بغداد بشدة.
ويقف العراق الآن عند مفترق طرق. فالجهود الرامية إلى استعادة الرمادي من جهة وتداعياتها من جهة أخرى ستكون حاسمة في تحديد مستقبل البلاد. إن نتائج المعركة التي ستخوضها «وحدات الحشد الشعبي» والعشائر السنية في محافظة الأنبار يجب استخدامها سياسياً لنزع فتيل الطائفية وبدء مرحلة جديدة من تقاسم السلطة. وهذا من شأنه أن يعزز معنويات الجيش العراقي، ومع تعزيز التعاون بين السنة والشيعة، فقد يسمح للحكومة بكسب ثقة أولئك السنّة الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية». وهذا النوع من التفاهم سيتطلب جهوداً جادة، ولكن تحقيقها قد ينقذ العراق من التفكك.
وهنا يأتي دور واشنطن. يمكن للولايات المتحدة أن تقوم بما يتعدى توريد الأسلحة والدعم الجوي، وكلاهما بالغ الأهمية في مواجهة الوضع الخطير في الأنبار؛ إذ ينبغي أن تستفيد من الوضع الجديد للدعوة إلى عقد اجتماع عاجل بين نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن وكبار القادة العراقيين، ربما في أربيل، لوضع خطة متماسكة وشاملة لمعالجة جميع مشاكل العراق. إن حل الأسباب السياسية الكامنة وراء توسع تنظيم «الدولة الإسلامية» أمر يتساوى في أهميته مع الجهد العسكري لدحره. إنها نقطة انعطاف يجب التعامل معها واستغلالها بحكمة سياسية لتؤتي ثمارها.
 
 
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,099,600

عدد الزوار: 6,934,723

المتواجدون الآن: 76