عام العجز الأميركي في وجه تعنّت إسرائيل

تاريخ الإضافة الإثنين 28 كانون الأول 2009 - 5:50 ص    عدد الزيارات 746    التعليقات 0

        

  • عام العجز الأميركي في وجه تعنّت إسرائيل
    الإثنين, 28 ديسيمبر 2009
     

    أكّد باراك أوباما منذ وصوله إلى البيت الأبيض عزمه على إعطاء الأولوية لحلّ مسألة الشرق الأوسط، متمايزاً بذلك عن أسلافه الذين انكبّوا على هذا الموضوع في نهاية ولايتهم الثانية. حتى إنه يذهب إلى حدّ التأكيد على مركزية النزاع الإسرائيلي - العربي في مدار الأزمة الممتدة من المتوسط إلى أفغانستان وعلى ضرورة الإسراع في حلّه. وعيّن لهذه الغاية جورج ميتشيل مبعوثه الخاص إلى المنطقة. تمّ الترحيب بهذا الخيار في العالم العربي، بينما أثار حفيظة تل أبيب التي لم تنسَ التقرير الذي أعدّه السيناتور الأسبق عام 2001 حول الانتفاضة الثانية والذي انتقد فيه تطوّر الاستيطان على الأراضي الفلسطينية.

    إن الحزم الذي يعالج به أوباما هذه المسألة هو نفسه حزم ميتشيل. ويكمن هدف الإدارة الجديدة في تمهيد الظروف لاستئناف المفاوضات من خلال سلسلة من إجراءات الثقة على أن يتمّ التشديد على تجميد الاستيطان بالكامل والمطالبة بتخفيف شتى أنواع الضغوط التي تُمارس على الشعب الفلسطيني. والمطلوب من السلطة الفلسطينية بالمقابل بذل جهود إضافية لفرض الأمن وضبط الحركات المتشددة. فيما تزداد الضغوط أكثر على نتانياهو المطالَب بقبول حلّ الدولتين.

    حدّد باراك أوباما خلال الخطاب الذي ألقاه في القاهرة في شهر حزيران (يونيو) الماضي والذي شكّل انفتاحاً على العالم العربي والإسلامي، التوجّه الجديد الذي ستعتمده الإدارة الأميركية. كما شجّع السلطة الفلسطينية على تحسين قدرتها على بناء المؤسسات وعلى فرض حكمها لا سيما أنها خطوات تدخل ضمن إطار بناء الدولة المستقبلية. كما لفت إلى أن المسؤوليات التي تضطلع بها حركة «حماس» يجب أن تدفعها إلى التخلّي عن العنف. لكن، لم يتمّ النظر بعين الرضا إلى هذا الخطاب الذي يذكّر إسرائيل بواجباتها، فأصبح باراك أوباما الرئيس الاميركي الأقل شعبيةً في اسرائيل. وإن كان هذا الخطاب يعكس قناعات الرئيس العميقة (التطرّق إلى الظلم الذي يلحق بالفلسطينيين الذين يتحمّلون الإهانات) إلا أنه لا يحمل أي رؤية فعلية للسلام في الشرق الأوسط ولا يضع إطاراً عاماً لعملية جديدة للسلام.

    بدأ نتانياهو من جهته يقاوم الضغوط الأميركية وراح يوحي من موقعه كمناور ماهر بأنه سيذعن ويقبل حلّ الدولتين شرط عدم العودة إلى حدود عام 1967 وعدم تقسيم القدس. باختصار لم يراع بذلك أياً من خصائص السيادة. فهو يرتكز على رأي إسرائيلي يلائمه وعلى مجموعة من الأشخاص من الناحية الأخرى من الأطلسي يرفضون توجّهات السياسة الأميركية وعلى مجموعات الضغط القوية الموالية لإسرائيل. وبدت الإدارة الأميركية كأنها تناقض أقوالها عندما أعلنت هيلاري كلينتون أمام نتانياهو الذي برزت على وجهه علامات الرضا أن تجميد المستوطنات ليس شرطاً مسبقاً لاستئناف المفاوضات. وسيكون لهذه الصورة التي تكرّر عرضها مرات عدّة في وسائل الإعلام العربي وقع سيِّئ على الرأي العام. فأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي أدرك أنه فاز في جولة شدّ الحبال مع واشنطن، عن تجميد الاستيطان لمدة عشرة شهور في الضفة الغربية من دون أن يشمل ذلك المستوطنات الجديدة التي بدأ العمل على بنائها أو مدينة القدس. فرحّب الأميركيون والأوروبيون بخطوة تل أبيب معتبرين أنها كفيلة بالسماح باستئناف محادثات السلام!

    وانتقلت الإدارة الأميركية التي تعطي انطباعاً بأنها لا تملك أهدافاً محدّدة إلى ممارسة ضغوطها على أبو مازن من جهة لإجباره على استئناف المحادثات مع نتانياهو والتخلي عن مطالبته مجلس الأمن بمناقشة تقرير لجنة غولدستون، ومن جهة أخرى، على العواصم العربية داعيةً إياها إلى تمهيد الطريق لإجراء مصالحة مع إسرائيل. غير أن خيبة أمل السلطة الفلسطينية كبيرة. ففي محاولة منها للهروب، أعربت عن نيتها إعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد، ومن ثمّ عرض مشروع قيام دولة فلسطينية على مجلس الأمن، لكنها سرعان ما تراجعت عن خطوتها هذه. كما تحدّث بعض المسؤولين عن إمكانية حلّ السلطة الفلسطينية. ونظراً للطريق المسدود أمام عملية السلام ولإمكانية تغيير السلطة الفلسطينية، تبرز حركة «حماس» على أنها الطرف الوحيد الذي يتحدث الى إسرائيل، خصوصاً أن مسألة المفاوضات غير المباشرة في شأن تبادل الأسرى تحتل الواجهة.

    بإمكاننا أن نلوم أوباما لأنه لم يكن جريئاً بما فيه الكفاية ولم يكن يملك استراتيجية بديلة لمواجهة التعنّت المنتظر من نتانياهو.

    لكن، هل يجب أن نفقد الأمل من واشنطن؟ لا أظنّ ذلك، لأن أوباما الذي يدرك تماماً طبيعة الخلل في طريقة مقاربة هذا الملف يبدو متشبثّاً بقناعاته الأولية. لا شك أن التعنت الإيراني حول الملف النووي يزعجه والوضع في أفغانستان يقيّده. لكن يجب ألا يرتكب الخطأ نفسه الذي ارتكبه سلفه والذي اكتفى بخفض النزاع الى درجة لا تؤدي الى عواقب على الاستقرار الإقليمي، كما فشل في تقدير مدى قوة طموح الفلسطينيين إلى دولتهم المستقلة. فهل يجب أن ننتظر حصول حرب جديدة في قطاع غزة وهي حرب يستعد لها الجيش الإسرائيلي أو اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية حتى يقوم المجتمع \"221254.jpg\" الدولي بتحرك، بالنيابة عن اطراف النزاع، فيأخذ مبادرة مهمّة يحشد من خلالها كافة طاقاته؟ فلا إسرائيل التي لم تنجح حكوماتها المتتالية في تطوير استراتيجية للسلام نظراً لولايتها القصيرة، ولا الفلسطينيون المنقسمون بين كيانين، قادرون على استئناف مفاوضات مباشرة وجديّة. ونحن نعرف طبيعة معايير السلام العادل التي تم تحديدها في اتفاقية كامب دايفيد وفي طابا والتي جرى استكمالها في مبادرة السلام العربية عام 2002. هذه المعايير هي التي تحظى بإجماع المجتمع الدولي. ثمة حاجة ملحة للدعوة بمبادرة من قادة الولايات المتحدة وأوروبا الذين لم ينسقوا جهودهم حتى الآن، إلى عقد قمة من أجل تحديد إطار عام يقدمّ رؤية لحلّ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الذي يعتبر «أمّ النزاعات» في منطقة الشرق الأوسط الكبرى.

    * سفير سابق ومدير شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,339,220

عدد الزوار: 7,024,501

المتواجدون الآن: 77