السياسة الصينية في الشرق الأوسط في أعقاب الثورات العربية

تاريخ الإضافة الجمعة 5 كانون الأول 2014 - 7:42 ص    عدد الزيارات 598    التعليقات 0

        

 

السياسة الصينية في الشرق الأوسط في أعقاب الثورات العربية
مايكل سينغ
مايكل سينغ هو زميل أقدم في زمالة "لين- سويغ" والمدير الإداري في معهد واشنطن
"فيما يلي مقتطفات من مخطوطة غير منشورة للسيد سينغ عن دور الصين الحالي والمستقبلي في المنطقة.
 حتى في الوقتالذي تسعى فيه الصين إلى تحقيق مشاركة اقتصادية أكبر مع الشرق الأوسط لتلبية احتياجاتها من الطاقة، ليس من الواضح إطلاقاً ما إذا كانت بكين راغبة في توسيع نطاق مشاركتها السياسية والأمنية في المنطقة أو قادرة على ذلك. بيدـ قد تتغيّر حساباتها إذا استمرت الأحداث على مسارها الحالي. فإذا استمرت الولايات المتحدة في فك ارتباطها مع المنطقة، ليس من المرجح أن تتراجع نسبة عدم الاستقرار فيها، وبالتالي قد تشعر الصين بأنها مجبرة على اعتماد - أو ربما ترى فرصة في اعتماد - منهجية أكثر فعالية في تطوير مصالحها الإقليمية، ولا سيما أمن الطاقة. كما يمكن لدول المنطقة أن تجذب الصين إلى مشاركة أعمق، حيث تميل هذه الدول إلى البحث عن الدعم الخارجي في صراعاتها الإقليمية. وفي الواقع، تتكاثر علامات تشير إلى تزايد مشاركة الصين في المنطقة، سواء من خلال بعثات "قوات البحرية لجيش التحرير الشعبي الصيني" التي تهدف إلى مكافحة القرصنة وإخلاء المواطنين الصينيين من ليبيا، أو تعيين المبعوث الصيني الخاص للمنطقة في عام 2002 (على نحو مماثل لمناصب في الولايات المتحدة واليابان والعديد من الدول الأوروبية)، أو تزايد عدد الزيارات الصينية الرسمية رفيعة المستوى إلى المنطقة والعكس وبالعكس.
ومع ذلك، فإن مشاركة الصين بشكل أعمق في منطقة الشرق الأوسط ليست أمراً حتمياً، بل ستعتمد على مجموعة متنوعة من العوامل، أهمها ما يحمله المستقبل لها داخليّاً وفي جوارها. ومن الصعب التنبؤ بكيفية تأثير هذه العوامل على سياسة الصين تجاه الشرق الأوسط على وجه التحديد، لكن يبدو من المرجح أنه كلما ازدادت الصعوبات الاقتصادية الخاصة بالصين، وكلما اتّسع السياق الذي في إطاره عليها أن تكرّس الموارد الدبلوماسية والأمنية للصراعات الآسيوية، قّل سعيها للمشاركة في الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، قد لا تتنافس آسيا الوسطى على جذب اهتمام الصين الدبلوماسي فحسب، بل إنها إذا وفّرت طريقاً برياً لنقل واردات الطاقة الصينية، فستُقلل من اعتماد بكين على الممرات البحرية في الشرق الأوسط.
كما سيتأثر مدى مشاركة الصين في منطقة الشرق الأوسط بالمعرفة فيما إذا ما كان فك الارتباط الأمريكي الواضح من المنطقة هو أمراً مؤقتاً أو دائماً. ومن شأن قيام دور أمريكي أقوى في المنطقة أن "يعيق" على الأرجح المشاركة الصينية. ويعتمد مدى صحة هذا الأمر أيضاً على مسار العلاقات الصينية الأمريكية، وخاصة فيما إذا كان احتدام التوتر بين الولايات المتحدة والصين في شرق آسيا سيمتد ليطال علاقاتهما في مناطق أخرى، أو فيما إذا كانت بكين وواشنطن تنظران إلى التعاون في مجالات مثل الشرق الأوسط على أنه يشكّل توازناً للصراعات في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي. وتبرز من الآن مؤشرات مقلقة على أن الشراكة الصينية مع إيران تحركها الرغبة في مواجهة قوة الولايات المتحدة في المنطقة. وبالمثل، إن الانخراط الصيني في المنطقة قد يكون مدفوعاً جزئياً بمدى مشاركة منافساتها الآسيوية، مثل اليابان وكوريا الجنوبية والهند، فيها.
كما أن مدى زيادة انخراط الصين في الشؤون السياسية والأمنية في المنطقة سيعتمد أيضاً على نجاح خطواتها الأولى في هذا الاتجاه. على سبيل المثال إن لم تدفع الصين، في إطار علاقاتها مع دول الخليج العربي، ثمن دعمها الدبلوماسي القوي لنظام الأسد أو إيران، قد تُشجَّع على الاعتقاد بأنه يمكنها إدارة الصراع بين مصالحها في المنطقة بنجاح. إلى جانب ذلك، ستعتمد المشاركة الصينية في المنطقة على الأحداث التي ستطرأ؛  وعلى وجه التحديد، إن الاتفاق النووي بين «مجموعة الخمسة زائد واحد» وإيران سيفتح الباب لقيام علاقة استراتيجية أعمق بين الصين وإيران. وحتى إذا اختارت الصين تكثيف مشاركتها في المنطقة، فمن المرجح أن تفعل ذلك ببطء، وستسعى لتحقيق التوازن في رهاناتها عوضاً عن اعتماد توجه واضح في سياستها أو اتخاذ طرف ما في الصراعات الإقليمية بشكل صريح.
وعلى الرغم من العقبات المتعددة، يمكن للتعاون البنّاء بين الولايات المتحدة والصين في الشرق الأوسط حول تعزيز المصالح المشتركة أن يكون ذو فائدة للبلدين وللمنطقة ككل. أما عمّا إذا كان من الممكن تحقيق تعاون مماثل، فالأمر يعتمد إلى حد كبير على المسار الذي يختاره كل بلد ليس في المنطقة فحسب بل في العالم بأسره: إذ يعتمد على ما إذا كانت الولايات المتحدة تعي كلفة فك ارتباطها بالشرق الأوسط وتعيد بناء دورها القيادي والبنية الأمنية التي تشكل أساسها، وما إذا كان بإمكان الصين التخلي عن مقاربة المجموع الصفري ( نهج الخسائر أو الأرباح المتعادلة) في الشؤون الخارجية والتي لا تؤدي إلى أي نتيجة، والبروز كشريك مسؤول لواشنطن والدول الأخرى.
 
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,878,515

عدد الزوار: 6,969,825

المتواجدون الآن: 97