أسباب خسارة «الدولة الإسلامية»

تاريخ الإضافة السبت 18 تشرين الأول 2014 - 1:12 م    عدد الزيارات 608    التعليقات 0

        

 

أسباب خسارة «الدولة الإسلامية»
مايكل نايتس
مايكل نايتس، زميل ليفر مع معهد واشنطن، ويسافر بانتظام إلى العراق وعمل في جميع محافظات البلاد.
بوليتيكو
يبدو أن الكثيرين في وسائل الإعلام العالمية قد دقوا ناقوس الخطر إثر توصلهم إلى نتيجة مفادها أن الجماعة المعروفة باسم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)، أمست على أبواب بغداد. وقد حققت «داعش» مكاسب كبيرة في محافظة الأنبار - المنطقة "الثائرة في غرب" العراق التي تشهد اضطرابات دائمة - كما أنها قريبة من بغداد. ووفقاً لذلك، لا بد أن تكون بغداد هي المدينة التي ستسقط في المرحلة المقبلة. ومن المرجح أنه لم يكن من محض الصدفة أن قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الثلاثاء المنصرم، بعقد مؤتمر عاجل لمسؤولي الدفاع من 21 دولة - في "قاعدة أندروز الجوية" - من أجل تنسيق الاستراتيجيات والتكتيكات.
على الجميع أن يتحلوا بالهدوء. إن الواقع هو أن تنظيم «الدولة الإسلامية» وسابقاته كانوا دائماً في بغداد. فالعاصمة العراقية والمدن المتاخمة لها - "حزام بغداد" - ساحة معركة ميؤوس منها منذ عام 2003.
صحيح أن «داعش» تشكل تهديداً مباشراً على بغداد أكبر بكثير مما كان عليه الوضع قبل بداية عام 2014، عندما سيطرت الحركة على الفلوجة - مدينة يبلغ عدد سكانها 300,000  نسمة، تقع على بعد 25 ميلاً إلى الغرب من مطار بغداد الدولي. إلا أن بغداد لن تسقط أمام نوبات الذعر المتتالية كما سقطت الموصل في حزيران/يونيو 2014، بغض النظر عن عدد البلدات والمدن التي اجتاحها تنظيم «الدولة الإسلامية» في وادي الفرات إلى الشمال الغربي من العاصمة.
وها هو السبب وراء ذلك. كانت الموصل مدينة ذات أغلبية سنية يبلغ عدد سكانها حوالي مليون نسمة كانوا يحتقرون قوات الأمن التي يتزعمها الشيعة، بينما كان الجزء الأكبر من قوات الأمن العراقية يتمركز على بعد مئات الأميال. أما بغداد فهي مدينة ذات غالبية شيعية يبلغ عدد سكانها أكثر من سبعة ملايين شخص تشكل مركزاً للتعبئة الشعبية الضخمة للميليشيات الشيعية وقوات الأمن النظامية. وفي هذا الإطار، قال زعيم الحزب الشيوعي الصيني السابق ماو تسي تونغ، بأنه في حرب العصابات "يجب أن يسبح [الفدائيون] بين الناس كما تسبح السمكة في البحر"، ولكن «داعش» قد تسبح مع أسماك الضاري المفترسة إذا حاولت تكرار سيناريو الموصل في بغداد.
وفي الحقيقة، إن التهديد الذي تشكله [الجماعة] على بغداد هذا الخريف يبرز بشكل أقل لأن تنظيم «الدولة الإسلامية» يكسب الحرب في العراق، بينما يبرز هذا التهديد بشكل أكبر لأن الجماعة قد تكون قد خسرته ببطء ولكن بثبات. ففي جميع أنحاء شمال العراق ووسطه، تواجه «داعش» تحديات كبيرة من قبل قوات مشتركة مكوّنة من العشائر السنية والميليشيات الشيعية والجنود العراقيين والمستشارين الإيرانيين والقوة الجوية الأمريكية. ويكافح تنظيم «الدولة الإسلامية» للحفاظ على قبضته على ساحة المعركة مع شركاء غرباء، وقد يكون متوجهاً نحو بغداد في الوقت الحالي بسبب حاجته الماسة إلى تحقيق انتصار كبير أكثر من أي أمر آخر. وحتى وإن بدت «داعش» تحرز تقدماً في أماكن ثانوية مثل كوباني - البلدة الكردية السورية على الحدود - إلا أن التنظيم يتداعى داخل العراق، وبالتالي يحتاج إلى جبهة جديدة لتجديد حملته.
ومن بين الانتصارات التي لم يُسلَط الضوء عليها والتي تحققت مؤخراً ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» هي الأحداث التالية: في أوائل تشرين الأول/أكتوبر، تعاونت قوات البيشمركة الكردية ورجال القبائل السنية المحلية من اتحاد قبائل شمّر- أعداء لدودين في العادة - في الحرب الخاطفة التي استمرت ثلاثة أيام وأسفرت عن استعادة معبر ربيعة الحدودي الحيوي الذي يربط الأراضي التي استولت عليها «داعش» في العراق وسوريا. وفي مدينة الضلوعية، على بعد 45 ميلاً إلى الشمال من بغداد، قام رجال اتحاد قبائل الجبور السنية بدحر تنظيم «الدولة الإسلامية» عن أراضيهم بالتعاون مع كل من قوات الجيش العراقي، وبشكل مذهل، مع الميليشيات الشيعية - من حركة كتائب «حزب الله» - التي تدعمها إيران.
وبالقرب من كركوك، بدأ تحالف العبيدي - وهو عبارة عن تكتل آخر من العشائر السنية - يتعاون مع القبائل التركمانية الشيعية وقوات الأمن الكردية ضد «داعش». وللمرة الأولى منذ حزيران/ يونيو بإمكان الحكومة العراقية إرسال الدبابات وتزويد الفرق العسكرية على طول الطريق الممتدة من بغداد إلى كركوك، الأمر الذي يسمح لقوات الأمن بفتح جبهة جديدة على الجناح الشرقي ضد «الدولة الإسلامية».
وهذا لا يعني أن «داعش» تتراجع ببساطة. فمن المؤكد أن تنظيم «الدولة الإسلامية» قد وجّه بعض الضربات الجيدة في أوائل تشرين الأول/أكتوبر، عبر اجتياح حفنة من المواقع العسكرية الصغيرة في الأنبار من خلال السيطرة على أجزاء من مدينة هيت التي يسكنها 100 ألف فرد وطرْد قوات الأمن من جزء كبير من مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار.
ولكن بشكل عام، لن يؤدي رد فعل «داعش»على الانتفاضات القبلية السنية - كالقيام بتفجيرات انتحارية وتنفيذ عمليات اغتيال ضد القبائل - سوى إلى تعزيز عزيمة تلك القبائل. فلا يزال تنظيم «الدولة الإسلامية» بحاجة إلى تخفيف الضغط عن المناطق التي استولى عليها في شمال العراق وإلى فتح جبهة جديدة.
وهنا يأتي دور بغداد. فبغض النظر عما يحدث في الأنبار، تحتاج «داعش» إلى توجيه ضربة نحو منطقة حيوية وحساسة إذا كانت تريد استعادة زمام المبادرة في العراق. ومنذ عدة شهور، ينتظر المراقبون المهتمون بالشأن العراقي قيام تنظيم «الدولة الإسلامية» بتوجيه ضربة على بغداد، والعديد منهم في حيرة من أمرهم حول سبب عدم وصول «داعش» إلى حد الآن إلى العاصمة.
ولا يعود هذا الأمر إلى غياب الفرص. إذ كانت «داعش» متركزة جيداً في الضواحي الداخلية لمدينة بغداد حتى قبل حزيران/يونيو 2014، وقد سيّر مقاتلو تنظيم «الدولة الإسلامية» وسط ضجة كبيرة موكباً مكوناً من 75 مركبة في أبو غريب، على بعد خمسة عشر ميلاً فقط من السفارة الأمريكية في أيار/مايو. والأمر المخيف هنا هو أنه ليست هناك عوائق كثيرة لمنع الهجمات الصاروخية من إغلاق المطار الدولي الوحيد في بغداد. لذا فالسؤال هو، ما الذي تنتظره «داعش»؟
لا يمكن لـ «الدولة الإسلامية» السيطرة على بغداد، المدينة الشيعية، بشكل مطلق؛ لذا كان التنظيم يصب جهوده على تعزيز سيطرته على المناطق السنية في شمال وغرب العراق. وكما يشير محلل مكافحة الإرهاب ديفيد غارتنستين- روس ببراعة، بأنه يبدو أيضاً أنهم قد أصبحوا يركزون اهتمامهم على كوباني، وربما على حساب مهمات ذات أولوية قصوى في العراق وسوريا.
إن إحدى الخيارات المطروحة هي قيام انتفاضة في الأحياء السنية في غرب بغداد، وهي مناطق مفتوحة نحو صحراء الجزيرة التي تهيمن عليها «داعش» إلى الشمال الغربي من بغداد. ولا تحتاج هذه الانتفاضة إلى النجاح أو إلى الحصول على دعم كبير من السنة في بغداد، إذ ستقوم مناورة «الدولة الإسلامية» على إشعال شرارة التطهير الطائفي من قبل الميليشيات الشيعية، وبالتالي جرّ جميع الرجال السنة في بغداد إلى المعركة.
وبالإضافة إلى ذلك يمكن أن تحاول «داعش» شن هجوم إرهابي ضخم شبيه بذلك الذي وقع في 22 تموز/يوليو 2013، الذي شنه التنظيم على سجن أبو غريب المحصن جيداً، والذي أُطلق على أثره سراح 800 سجين. وبالتالي فإن مطار بغداد الدولي، الذي يقع في منطقة مستهدفة غرب بغداد والمجاور للمزارع التي ينتشر فيها المتمردون، قد يشكّل هدفاً رئيسياً للهجمات. وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر، أخبر رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، الجنرال مارتن ديمبسي، برنامج "هذا الأسبوع" التي تعرضه محطة "إي. بي. سي." أن طائرات أباتشي نفذت مهام هجومية من المطار في أوائل تشرين الأول/أكتوبر لأن تنظيم «الدولة الإسلامية» وصل "على بعد 20 أو 25 كيلو متراً من مطار بغداد الدولي"، وكان "المطار على مرمى إطلاق النار المباشر من قبل التنظيم".
ولكن على الأرجح، تستعد «داعش» ببساطة لفورة القتل السنوية التي تخوضها ضد الحجاج الشيعة خلال الاحتفالات الدينية بعاشوراء وذكرى الأربعين. ففي الأسبوع الذي يسبق بداية عاشوراء في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، ستعج بغداد بملايين الحجاج في طريقهم الى كربلاء - في الجنوب الغربي من العاصمة. ويقطع العديد من هؤلاء الحجاج مسافة 50 ميلاً التي تربط بغداد بكربلاء سيراً على الأقدام، وهو طريق يمر ضمن سبعة أميال من جرف الصخر - معقل تنظيم «الدولة الإسلامية» - الذي تشتد حوله المنافسة إلى الجنوب من بغداد. وبإمكان توقُّع قيام التنظيم بشن هجمات بقذائف المورتر وتفجير السيارات والقيام بتفجيرات انتحارية باستعمال أحزمة ناسفة داخل الحشود.
وهذا هو المعنى الحقيقي لوجود «داعش» على أبواب بغداد، أي أن التنظيم يستعد لدرجة خطرة بأن يكون قريباً من المراكز الدينية ومحاور النقل الرئيسية، وقد يكون عازماً على تصعيد الاعتداءات الطائفية في أكثر أوقات العام حساسية بالنسبة إلى الشيعة. إذ تنظر قوات الأمن العراقية لـ عاشوراء وذكرى الأربعين بأنهما يشكلان اختباراً سنوياً، وقد حققت نجاحات كبيرة في السنوات الأخيرة عبر الحد من الفوضى التي يسببها تنظيم «الدولة الإسلامية» وسابقاته.
ويقاتل الجيش العراقي والميليشيات الشيعية المتحالفة معه بجد هذا العام، بدعم جوي أمريكي، لدحر «داعش» عن الطرق التي يسلكها الحجاج بين بغداد وكربلاء، وقد نجحوا في بعض تلك العمليات. وستشكل عمليات حماية الحجاج والتصدي لمناورات «الدولة الإسلامية» في بغداد الاختبار الكبير المقبل الذي سيواجه قوات الأمن العراقية التي تستعيد قواها، ذلك لأن العدو هو بالفعل على أبواب العالم الشيعي.
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,774,679

عدد الزوار: 6,914,358

المتواجدون الآن: 112