عباس في الأمم المتحدة: دليل المستمع

تاريخ الإضافة السبت 27 أيلول 2014 - 7:38 ص    عدد الزيارات 644    التعليقات 0

        

 

عباس في الأمم المتحدة: دليل المستمع
ديفيد بولوك
ديفيد بولوك زميل كوفمان في معهد واشنطن ومدير منتدى فكرة.
في 26 أيلول/ سبتمبر، سيلقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خطابه السنوي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. إلا أن أمورًا كثيرة تغيّرت منذ الخطاب الذي ألقاه  العام الماضي، ولا سيما في الأشهر القليلة الماضية، على الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية وفي الشرق الأوسط على نطاق أوسع. إذ انهارت محادثات السلام مع إسرائيل، وتم التوقيع على اتفاق المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس"، كما اندلع الصراع في قطاع غزة، ومؤخرًا نشأ تهديد بالغ مما يُسمى بـ"الدولة الإسلامية في العراق والشام" أو "داعش". وعلى الرغم من أن اهتمام العالم ما لبث أن تحوّل بعيدًا عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني نحو الحرب الإقليمية الجديدة ضد "داعش"، إلا أن خطاب الرئيس عباس يستحق بعض الانتباه كمؤشر على التطورات المستقبلية.
ما يجب وما لا يجب قوله
لدى رئيس السلطة الفلسطينية مهمة صعبة لتأديتها تكمن في الموازنة بين عدة أمور. وبناءً على أحدث تصريحاته والمؤشرات الأخرى، سيحاول الجمع ما بين المساومة على مدة ثلاث سنوات كموعد دبلوماسي دولي نهائي لـ"إنهاء الاحتلال الإسرائيلي" وبين العرض المشروط للعودة إلى محادثات السلام. لكن في الوقت نفسه من شبه المؤكد أنه سيحاول تجنب القضايا الأصعب: أي رفض "حماس" للسلام ودعم "المقاومة المسلحة" ضد إسرائيل، وقلة الحوافز السياسية الفلسطينية لتقدم إسرائيل تنازلات كبرى على الأراضي، والمتطلبات الأمنية لأي خطة واقعية للتعايش السلمي المستدام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لذا فإن أفضل طريقة للحكم على أدائه تكمن في رؤية كم سيسمح من مساحة دبلوماسية للمناورة في كافة القضايا المذكورة أعلاه. في هذا الصدد، فإن المواضيع التي لن يتطرق إليها الرئيس عباس في خطابه أهم من تلك التي سيتطرق إليها.
على وجه التحديد، بغية الحكم على الخطاب على أنه بنّاء نسبيًا، يجب أن غياب هذه العناصر بارزًا:
1.      أي تهديد مباشر بمقاضاة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية أو المباشرة في أي أشكال آخرى من "الحرب القانونية" ضدها، وخاصة قبل استنفاذ المزيد من السبل الدبلوماسية.
2.      أي دعم صريح لتجريد إسرائيل من الشرعية أومعاقبتها أو عزلها.
3.      أي لجوء فوري لمجلس الأمن الدولي، حيث سيؤدي أي قرار بمهلة محددة إما إلى إرغام الولايات المتحدة على الفيتو أو إلى اعتبار ذلك القرار ملزمًا قانونًا. (إذ ألمح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يوم الجمعة الماضي في مؤتمر صحافي عقده في باريس مع الرئيس عباس إلى أن قرار مجلس الأمن أكثر غموضًا قد يبرز في المستقبل القريب).
4.      أي تأييد صريح لحركة "حماس"، وهي مجموعة ترفض حتى مبدأ السلام مع إسرائيل، ولا تزال على قائمتي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية، وهي التي أثارت حربًا قبل بضعة أسابيع فقط.  فربط نفسه بشكل وثيق هكذا بحركة "حماس" سيكون محفوفًا بالمخاطر لأنه يعرض المساعدات الغربية (وحتى العربية في هذه الأيام) للسلطة الفلسطينية للخطر.
بالتالي ينبغي النظر إلى أي من البنود المذكورة أعلاه على أنه يشكّل خطوة دبلوماسية كبيرة نحو الوراء.
أما من الناحية الإيجابية، ولإبقاء الباب مفتوحًا لعملية السلام، ينبغي على رئيس السلطة الفلسطينية أن يكرر على الأقل ثلاث نقاط رئيسية أدلى بها باختصار في أيلول/ سبتمبر الماضي:
1.      أن "السعي لرفع مكانة فلسطين لا يهدف إلى تجريد إسرائيل، الدولة القائمة، من شرعيتها".
2.      أن الدولة الفلسطينية سوف "تعيش بسلام وأمن إلى جانب دولة إسرائيل".
3.      أنه يقدم مسارًا للمفاوضات بدلًا من مهلة لتقديم تنازلات إسرائيلية عن الأراضي.
من المؤكد أن الرئيس محمود عباس مستعد للمطالبة بشروط أكثر فائدة لأي إشارة إلى استئناف محادثات السلام، مثل قاعدة واضحة لحدود العام 1967. وكما ذكر في جامعة كوبر يونيون في نيويورك مساء الإثنين، "نحن نطلب من المجتمع الدولي أن يتوقف عن الاختباء وراء مبدأ استئناف المحادثات". إلا أن طلب إجراء محادثات على أساس أفضل هو أمر مستحسن إلى حد كبير أكثر من اللجوء إلى تقديم طلب من جانب واحد إلى الأمم المتحدة للحصول على الأراضي والسيادة، من دون أي إشارة إلى إسرائل أو اتفاق معها.
وفي هذا الصدد، فإن موقفًا أكثر اعتدالًا للرئيس محمود عباس سيلقى دعم مصدر غير متوقع وهو الرأي العام الفلسطيني. إذ إن استطلاعات الرأي التي أُجريت على مدى الأشهر القليلة الماضية أظهرت تأييدًا شعبيًا واسعًا لمبادرة أخرى للأمم المتحدة بنسبة 80 بالمائة تقريبًا، ولكنها بيّنت أيضًا شكوكًا واسعة النطاق في أن تنتج مثل هذه المبادرة أي فوائد ملموسة. بشكل مماثل، بدا الإعلام الرسمي للسلطة الفلسطينية متحفظًا عن محتوى أو آفاق الجهد المبذول لهذا العام، وذلك على ما يبدو لتجنب رفع التوقعات غير الواقعية. وفي أحدث استطلاع للرأي منذ النزاع الذي قام في قطاع غزة أُجري في 11-13 أيلول/ سبتمبر، يبدو أن الجمهور الفلسطيني يتراجع عن التطرف في زمن الحرب نحو موقفه الإيجابي التقليدي من محادثات السلام. فوفق استفتاء جامعة النجاح، أيدت أغلبية كبيرة بنسبة 58 بالمائة، وبشكل مستغرب، استئناف المفاوضات مع إسرائيل.
بنود لائحة الأمنيات
في إطار يتخطى هذا الحد الأدنى من الأمنيات، سيكون أمام رئيس السلطة الفلسطينية مجال كبير للمفاجآت السارة. على سبيل المثال، يمكنه إدانة اختطاف الإسرائيليين وقتلهم، كما فعل في لفتة تستحق الثناء في قمة منظمة التعاون الإسلامي التي عُقدت في المملكة العربية السعودية في شهر حزيران/ يونيو. كما يمكنه إدانة عمليات إطلاق الصواريخ ضد المدنيين في إسرائيل. إلى جانب ذلك بإمكانه بالفعل أن يتملّك بريق يوم إطلالته المقبلة والتي تتزامن مع اليوم الثاني من "روش هشنه"، أي رأس السنة اليهودية، ليقدم التهاني بالعيد للمستمعين من اليهود. يمكنه أيضًا القول إنه أمر التلفزيون الرسمي للسلطة الفلسطينية بوقف بث خطابات الكراهية التي تدعو اليهود بـ"النازيين" أو "الشياطين"، أو "أبناء القردة والخنازير"، وأنه أوعز إلى حركة "فتح" التي يتزعمها بوقف التباهي بالارهاب على مواقعها الرسمية ووسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بها. ويمكنه تقديم رؤية أكثر تحديدًا ولفتًا للإنتباه للسلام، بما في ذلك احتمال لا يقتصر على مجرد التعايش، ولكن يتخطاه ليصل إلى التعاون افعّال. حتى إنه بإمكانه أن يقبل عرض إسرائيل بتسهيل تطوير إحتياطيات الغاز البحرية في غزة، لكي يتمكن سكان تلك الأراضي من التقليل من اعتمادهم على المساعدات الخارجية والإمدادات الإسرائيلية من الغاز والكهرباء.
قد يكون من المستبعد أن تظهر أي من هذه المفاجآت الممكنة في خطابه، إلا أن أي واحدة منها من شأنها أن تجذب انتباهًا مستحسنًا من المجتمع الدولي والولايات المتحدة وربما إسرائيل بذاتها. ومن شأن الإبتعاد عن الأسلوب المتّبع في خطاباته السابقة في الجمعية العامة والذي سيكون أسهل (وبالتالي أكثر ترجيحًا) أن يشكّل مبادرة واضحة لتولي مسؤولية المعابر الحدودية في غزة وإعادة الإعمار مع مساعدة وعمليات تفتيش من المجتمع الدولي. الأمر الذي سيشكل أيضًا خطوة مفيدة نحو الأمام إذا ثبت أن الرئيس عباس على استعداد لاتخاذها.
الانعكاسات على سياسة الولايات المتحدة
في منظور أبعد من المنظور الفلسطيني المباشر، سيحاول الرئيس محمود عباس بالتأكيد وضع قضية شعبه في السياق الأوسع للمعركة العالمية ضد التطرف الإسلامي. وكما أعلن في باريس في نهاية الأسبوع الماضي، فإن "صناعة السلام ستعطي شرعية إضافية لمكافحة الإرهاب في المنطقة". إلا أن الواقع هو أن هذا المجاز الضعيف القائم على "الربط" ما بين المنظمات الإرهابية والوضع الفلسطيني فقد معظم مصداقيته في الآونة الأخيرة، لا سيما أنه لا علاقة لتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) بالقضية الفلسطينية.
في الواقع، من غير المرجح أن يكون لخطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تأثير كبير ومباشر على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، بما أنها مشغولة بالأزمات الإقليمية الأكثر إلحاحًا. ويُذكر أنه من المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي باراك أوباما برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد أيام قليلة من إلقاء الرئيس عباس لخطابه، أي في الأول من تشرين الأول/أكتوبر، إلا أن حديثهما سيتركز على الأرجح حول سوريا وإيران وربما حول إعادة إعمار قطاع غزة أكثر من تركيزه على أي جهود للسلام على المدى القريب. مع ذلك، إذا ألقى رئيس السلطة الفلسطينية خطابًا توفيقيًا نسبيًا في الأمم المتحدة يوم الجمعة، قد يوفّر للرئيس الأمريكي أسسًا لحث رئيس الوزراء الإسرائيلي على الرد بالمثل بشكل من الأشكال، أولًا من خلال خطوات عملية لتخفيف التوتر على الأرض، وبعد ذلك عبر تجديد الجهود لإحياء الآمال طويلة الأمد والمتداعية بحل الدولتين السلمي.
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,170,656

عدد الزوار: 6,758,675

المتواجدون الآن: 116