«دول إسلامية» فاشلة

تاريخ الإضافة الخميس 21 آب 2014 - 7:45 ص    عدد الزيارات 561    التعليقات 0

        

 

«دول إسلامية» فاشلة
جاي. دانا ستوتسر وايلين نوبل
* محلّل وباحثة، عن «فورين بوليسي» الأميركية، 7/8/2014، إعداد منال نحاس
في 29 حزيران (يونيو) المنصرم، عدّلت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروفة بـ»داعش» اسمها، واختزلته إلى «الدولة الإسلامية». ولم تشأ «جبهة النصرة» أن تترك السبق لـ «الدولة»، فسارعت إلى إعلان إمارة إسلامية، ونافست «الدولة» على استقطاب المقاتلين ومصادر الأموال والعتاد، وعلى السيطرة على الأراضي. وحين أعلنت الإمارة، قال زعيم «جبهة النصرة» إن «الدولة» كلفت منظمته بليون دولار من الخسائر. وبعض المراقبين رأى أن ثمة أوجه شبه بين «طالبان» و»الدولة الإسلامية»، ووصفوها بـ «طالبان الجديدة». لكن «الدولة» أقرب إلى سلسلة «دول جهادية» برزت أخيراً، في مالي واليمن، وليس في أفغانستان التسعينات.
وبين عامي 2011 و2012، بادر تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» وائتلاف جهاديين في شمال أفريقيا إلى إرساء إمارات لم يقيّض لها عمر طويل. وفي مالي واليمن، ناصب جهاديون الأهالي العداء، ولم يفلحوا في استمالتهم قبل أن تنهار دولهم أو إماراتهم تحت وقع حملات عسكرية، حكومية وغربية. وأوجه الشبه بين «سياسات» الدول الإسلامية هذه كبيرة، فهي تبدأ بإقصاء المنافسين السنّة والقضاء عليهم وتدمير الإرث الثقافي الديني، وفرض صيغة متشددة من أحكام الشريعة. ويبدو أن «الدولة الإسلامية» لم تعتبر بَعد بدروس التجارب الإسلامية الشقيقة في شمال أفريقيا واليمن.
في 2010، رصّ «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» الصفوف في تلال اليمن. وفي رسالة عُثِر عليها في معقله في آبوت أباد، نبّه أسامة بن لادن «القاعدة» إلى مخاطر الانسياق وراء الطموحات قبل اكتساب القدرات، ودعا التنظيم إلى إرجاء إعلان الدولة إلى أن يسعه تأمين حكم بديل عن صنعاء وتوفير الخدمات والبنى التحتية. وربما لم تبلغ الرسالة اليمن، و»القاعدة» هناك لم تأخذ بالنصيحة. وفي نيسان (أبريل) 2011 حين كانت الحكومة اليمنية منشغلة بجبه الانتفاضة الشعبية الساعية إلى إطاحة الرئيس، سيطر «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» و»أنصار الشريعة» على بلدة جعار في جنوب اليمن، وأُعلنت إمارة. وفي أيار (مايو) 2011، بعد أسابيع على موت بن لادن، شنت «القاعدة» هجوماً على زنجبار، وهرب الجنود من قاعدة عسكرية وخلفوا وراءهم أسلحة وعتاداً أميركية. ورفض جنود في قاعدة مجاورة القتال، وبعد أشهر على الحادثة، روى ملازم أول يمني أسباب إحجامه عن القتال قائلاً: «فررت لأن قيادة الجيش فاسدة، وليس ثمة ما يدعو جندياً إلى القتال في صفوف جيش منقسم في صنعاء». وسيطر المقاتلون الجهاديون على مدينة قريبة، وعززوا قبضتهم وأعلنوا إمارة في ثلاث مدن، ونزح عشرات الآلاف من اليمنيين من هذه المدن إلى عدن.
وسعت «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» إلى كسب القلوب، فألغت الضرائب وشيّدت شبكة للصرف الصحي ومنشأة كهربائية، ووزعت المياه مجاناً. وجنّدت شباب المنطقة في قوات برية ودفعت لهم رواتب مجزية، لكنها سطت على مصارف ومكاتب حكومية من أجل تحصيل موارد وفرضت إتاوات مقابل الحماية والأمن. وأرست الشريعة وقطعت أيدي لصوص، وصلبت مشتبهاً في ميوله الجنسية. ودرج هذا التنظيم على اعتقال من يطعن في سلفيته، وتزويده كتباً في السجن ليطّلع على السلفية الحقة ويتوب. وصادرت «القاعدة» سلطة زعماء القبائل الذين رحبوا، في البدء، بمشاريعها التنموية، ولكن سرعان ما بان عنف المتطرفين، فاتحد زعماء القبائل في مواجهة «القاعدة» وأنشأت الحكومة اليمنية ميليشيات سمتها «لجاناً شعبية» لمقاومة تمدد الإمارة. وشنت حملة جوية على زنجبار دامت أشهراً، وفي حزيران (يونيو) 2012، نفذ الجيش اليمني واللجان الشعبية عملية طردت «القاعدة» من جعار وزنجبار، فانسحب مقاتلوها إلى الجبال، وآلت إدارة مدن الإمارة إلى لجان شعبية تمولها صنعاء.
حين كانت الحكومة اليمنية تعد حملتها على «القاعدة»، كان الجهاديون في مالي يسعون إلى إنشاء إمارتهم. وفي آذار (مارس) 2012، أبرم مقاتلو «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» ومقاتلون عائدون من الحرب الأهلية الليبية تحالفاً مع مجموعة جهاديين محلية، هي «أنصار الدين». وفي 21 الشهر ذاته، أطاح الجيش المالي رئيس البلاد وعلّق العمل بالدستور. فاقتنص التحالف الجهادي- الطوارقي الفوضى، وأمسك بمقاليد 3 دول بارزة، معلناً دولة أزواد المستقلة. لكن التحالف انفرط عقده، فـ «أنصار الدين» وأصدقاء «القاعدة» سارعوا إلى فرض أحكام صارمة تخالف العادات الراسخة وطردوا «الحركة الوطنية لتحرير أزواد». وفي حين تساهلت «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» مع السكان وأجازت مضغ القات، فرض المقاتلون في أزواد حظر تجول، والنقاب على الإناث، وحظروا الكحول والموسيقى والتدخين. وجُلِدَت السافرات وبترت أيدي لصوصٍ مشتبه فيهم. ووجه أبو مصعب عبد الودود رسالة إلى الجهاديين الحاكمين في تمبوكتو حصلت عليها وكالة «أسوشييتد برس»، وكتب: تجربتنا السابقة في تطبيق الشريعة على هذا المنوال من دون احتساب أحوال البيئة (السكان) تؤدي إلى لفظ الناس الدين، وكَيْل العداء للمجاهدين، وفشل التجربة». لكن المجاهدين تجاهلوا نصائح عبد الودود، وأمعنوا في استعداء الأهالي المسلمين. وحين حطموا أضرحة الأولياء، خسروا ولاءهم (الأهالي). وبدأ المجاهدون يبحثون عن موارد اقتصادية في المنطقة، فنشطوا في تجارة المخدرات والبشر وتهريب السلاح وخطف الأجانب والإفراج عنهم مقابل فدية. ونزح 300 ألف مالي من منازلهم هرباً من الاعتداءات والأحكام القاسية وغياب الأمن. وفي كانون الثاني (يناير) 2013، شن الجيشان الفرنسي والمالي حملة مشتركة لدحر «القاعدة» وأصدقائها، وإنهاء دولة طرية العود كان عمرها 10 شهور.
ويبدو أن الدولة الإسلامية لم تأخذ بدروس تجربتي إمارتَيْ جنوب اليمن وأزواد، وأعلن زعيمها نفسه خليفة. وتجاهل «الدولة الإسلامية» رسالة بن لادن ونصائحه متوقع، فهي نأت بنفسها عن نواة «القاعدة». وفي 2011، إثر أعوام من حرب أهلية دموية حارب فيها مقاتلو الدولة الإسلامية (يومها رفعوا لواء القاعدة في العراق والدولة الإسلامية في العراق) القوات الأميركية والميليشيات الشيعية وجهاديين سنة في شمال العراق وغربه، قال آدام غدن: «القاعدة تقطع آصرتها بالدولة الإسلامية في العراق». وفي شباط (فبراير) الماضي، لفظ خليفة بن لادن، أيمن الظواهري، الدولة الإسلامية من «القاعدة»، ولا يخفى أن أشهراً طويلة من الإعداد سبقت إطاحة الجهاديين في اليمن ومالي. واقتضى الأمر شن الحكومات المركزية بدعم من الاستخبارات الغربية وسلاح طيران غربي عمليات عسكرية واسعة. وفيما خسر الجهاديون معركة استمالة الناس قبل خسارتهم المدن والإمارة، تشير سوابق الأمس إلى أن «جبهة النصرة» و «الدولة الإسلامية» تخوضان معركة خاسرة.
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,022,429

عدد الزوار: 6,930,639

المتواجدون الآن: 87