تقييم السيناريوهات الثلاثة للمفاوضات النووية الإيرانية

تاريخ الإضافة الإثنين 21 تموز 2014 - 7:24 ص    عدد الزيارات 573    التعليقات 0

        

 

تقييم السيناريوهات الثلاثة للمفاوضات النووية الإيرانية
مايكل سينغ و روبرت ساتلوف
مايكل سينغ هو المدير الإداري لمعهد واشنطن. روبرت ساتلوف هو المدير التنفيذي للمعهد.
في 20 تموز/يوليو انتهت المفاوضات التي استمرت ستة أشهر بين إيران ومجموعة «دول الخمسة زائد واحد» (بريطانيا والصين و فرنسا وروسيا والولايات المتحدة وألمانيا)، التي كانت قد بدأت مع توقيع "خطة العمل المشتركة" في كانون الثاني/يناير. وقد أفادت التقارير عن وجود فجوات كبيرة بين إيران و «القوى العالمية الـ 6»، أبرزها قدرة تخصيب اليورانيوم التي سيُسمح لإيران بالإحتفاظ بها بموجب اتفاق محدد. ولا تزال الفجوات قائمة كما تردد في قضايا أخرى مثل إمكانية دخول المفتشين إلى المواقع العسكرية (مقابل المنشآت النووية المعلنة والمدنية بظاهرها) ومدة القيود المفروضة على طهران. وبسبب عدم التوصل إلى اتفاق فقد تم تمديد المفاوضات النووية أربعة أشهر أخرى.
التمديد
سيأتي القرار بتمديد المحادثات - الذي كان يؤخذ تارةً وينقطع طوراً على مدى عشر سنوات - بمثابة مفاجأة للبعض؛ فقد افترض معظم المراقبين عند التوقيع على "خطة العمل المشتركة" أن المحادثات ستستمر لعام واحد على الأقل، وهذا احتمالٌ نصت عليه الوثيقة صراحةً. إلا أن كلا الطرفين قد أوضح أن التمديد الرسمي لستة أشهر - وليس التمديد الوجيز "غير المذكور رسمياً" لبضعة أيام أو حتى بضعة أسابيع - سيكون رهناً بإظهار الطرف الآخر نيةً جدية للتوصل إلى تسوية. وفي حين أن مثل هذه المحادثات قد تُشكل إلى حدٍّ كبير تكتيكاً تفاوضياً - إذ يريد كل طرف أن يعتبر الطرف الآخر العشرين من تموز/يوليو بمثابة فرصته المفضلة وربما الأخيرة للتوصل إلى اتفاقٍ نووي - يمكن في الواقع أن يكون ضمان التمديد أكثر صعوبة مما يفترضه الكثيرون.
وأحد أسباب ذلك، هو أنه بموجب النظام المعقد الذي يُستخدم لمراقبة وتسديد الدفعات الدولية لقاء مبيعات النفط الإيرانية، استلمت طهران دفعات نقدية بقيمة 4,2 مليار دولار خلال الأشهر الستة الأولى من "خطة العمل المشتركة"، ومن المرجح أنها ستصرّ على تقاضي مبلغ أكبر خلال الأشهر الستة الثانية. وفي حين يستطيع الرئيس أوباما أن يتخذ هذه الخطوة دون موافقة الكونغرس، إلا أنها تبقى عائقاً سياسياً محتملاً.
وبالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن يستأنف الكونغرس سعيه لإقرار عقوبات مشروطة (أي تلك التي ستصبح نافذة المفعول إذا ما فشلت المفاوضات) مشابهة لمشروع قانون العقوبات المعلق لعضوي مجلس الشيوخ الأمريكي كيرك وميننديز. وقد تم الاعتراض بشدة على ذلك التشريع من قبل البيت الأبيض، الذي فرض ما سُمي ضغوطاً كبيرة على أعضاء مجلس الشيوخ لمنعهم من رعاية ذلك القانون وهدد أيضاً باستخدام حق النقض. غير أن الرئيس أكد أيضاً أنه سيدعم قرار فرض العقوبات إذا ما فشلت المفاوضات في إحراز تقدم. ولا شك في أن الكونغرس، في إطار سعيه لزيادة الضغط على طهران، سيذكّر بهذا الالتزام وبالحاجة للرد بشكل أقوى على السياسات المقلقة الأخرى التي تتبعها إيران في المنطقة مثل مدّ حركة «حماس» بالأسلحة وبالتالي تأجيج النزاع في غزة. وفي الواقع أن الخلاف السابق الذي وقع بين البيت الأبيض والكونغرس بيّن لإيران أنّ بوسعها إحداث شق داخل الحكومة الأمريكية من خلال تهديدها بالانسحاب من طاولة المفاوضات. ومن المرجح أن تستخدم إيران نفس التكتيكات بعد أن تم تمديد الحادثات، لذلك بات من الجوهري أن تبعث واشنطن هذه المرة رسالةً موحدة بشكلٍ أكبر.
والأهم من ذلك هو غياب ما يدلّ على أنّ التوصل إلى اتفاق خلال فترة الأشهر الستة الإضافية سيكون أسهل مما كان خلال الفترة الأولى، وذلك بسبب المواقف العلنية للمرشد الأعلى علي خامنئي التي تزداد تصلباً، وكذلك بسبب رأي المفاوضين الأمريكيين بأنهم قدّموا أكبر قدر ممكن من التنازلات. والآن يبلغ معدل صادرات إيران من النفط ​​ما يزيد قليلاً عن مليون برميل في اليوم، وهو مستوى منخفض ولكن ليس إلى حد شلّ حركتها. كما أن الأزمات في العراق وليبيا وغيرها من الدول المنتجة للنفط تبشّر بارتفاع أسعار النفط في المستقبل وليس بانخفاضها، في الوقت الذي ينذر فيه التوتر الأمريكي المتصاعد مع روسيا والصين بتزايد صعوبة تنفيذ العقوبات مع مرور الوقت.
الفشل والإخفاق
إن أحد الأسباب الرئيسية لرغبة مفاوضي «دول الخمسة زائد واحد» بـ "خطة العمل المشتركة" في الأساس هو مدى تقلّص الفترة التي تحتاجها إيران لإنتاج سلاح نووي وبالتالي الحاجة الملحّة لإطالة هذه الفترة أو على الأقل إيقاف تقدّم البرنامج النووي حتى ولو بشكل مؤقت من أجل إفساح المجال أمام إجراء المحادثات. وفي حال انهيار المفاوضات، فمن شبه المؤكد أن تستأنف طهران الأنشطة التي جمّدتها بموجب "خطة العمل المشتركة": أي تخصيب مخزونها من اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، وتجهيز كافة المنشآت بأجهزة طرد مركزي، بالإضافةً إلى تطوير وتركيب طاردات مركزية أكثر حداثة، وتخزين اليورانيوم المخصب دون قيود، فضلاً عن اتخاذ خطوات ترمي إلى توفير الوقود لمفاعل الماء الثقيل المضغوط في مدينة آراك.
وإذا ما واصلت إيران نهجها السابق، ستتذرّع بفشل المحادثات لتُسارع بالمضي قدماً ببرنامجها النووي، فتزيد مثلاً مستويات التخصيب إلى أكثر من 20 في المائة أو تزود مفاعل آراك بالوقود، كما أنها قد تقوم أخيراً باستيراد نظام الدفاع الجوي أس-300 بمساعدة روسيا. ومع ذلك، تعتبر جميع هذه الخطوات خطوطاً حمراء بالنسبة لإسرائيل، وهذا ما قد يردع إيران عن اتخاذها على الفور.
والأمر الأكثر ترجيحاً هو أن تزيد طهران من عدد المجموعات التسلسلية المشغلة في موقعي نطنز و/أو فوردو لتتسارع بذلك وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب وتقصر المدة التي تحتاجها لإنتاج سلاح نووي أكثر فأكثر. ولن يكون في هذا الأمر صعوبة حيث أن إيران لا تشغّل حالياً سوى 9 آلاف من أصل 19 ألف جهاز طرد مركزي مركّب في نطنز وأربعة من أصل 16 مجموعة تسلسلية للطرد المركزي في منشأة فوردو. هذا ومن الممكن أن يحدّ النظام الإيراني من تعاونه مع مفتشي "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" إلى مستوى أدنى مما كان عليه قبل "خطة العمل المشتركة".
وليس واضحاً ما إذا كانت هذه الخطوات ستستحث ردّاً عسكرياً من الجانب الإسرائيلي، أو قد تكون حسابات التحرك الإسرائيلي على وجه التحديد. فقد تستمر إسرائيل باعتبار الضربة العسكرية الشاملة بمثابة خيارها الأخير الذي لن تلجأ إليه إلا بعد استنفاذ كافة الخيارات الأخرى. وبدلاً من ذلك، قد تجد في تعطل المفاوضات فرصةً لتوجيه ضربتها مع انعكاسات دولية - والأهم من ذلك أمريكية - أقل من تلك التي كانت لتسببها لو أنها وجهت ضربتها خلال المفاوضات أو بعد إبرام الاتفاق. وبالفعل، فإنّ إمكانية نشوب نزاع بسبب فشل المحادثات من المرجح أن تعتبرها إدارة أوباما - التي أعربت شفهياً عن معارضتها لتلك الضربة - سبباً إلزامياً لتمديد المفاوضات.
وسوف يتمثل هدف الرئيس الأمريكي، شأنه شأن مجموعة "الدول الأوروبية الثلاث" (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة)، بالضغط على إيران من أجل استئناف المحادثات بالشروط المؤاتية. ومع أن الرئيس أوباما قد أشار إلى أن الخيار العسكري لا يزال "مطروحاً على الطاولة"، إلا أن هذه التحذيرات تُعتبر على نطاق واسع بأنها تفتقر للمصداقية نظراً لتردد الولايات المتحدة باستخدام القوة في سوريا والعراق وأي مكان آخر. ومن شبه المؤكد أن تصعّد الولايات المتحدة من عقوباتها في حال فشل المحادثات. ومن المحتمل أن تنخرط طهران في حملة دبلوماسية للتصدي لهذه العقوبات متذرّعةً بأنها بذلت جهداً حسن النية للتوصل إلى اتفاق وأنّ الصادرات النفطية الإيرانية ضرورية نظراً للظروف الراهنة في العراق وليبيا. وتوحي العلاقة التي تسودها الانقسامات بين الولايات المتحدة من جهة وموسكو وبكين من جهة أخرى بأن هذه الذرائع قد تؤتي ثمارها؛ لكن يرجّح أن تستمر الصين ودول أخرى مستوردة للنفط بدعم العقوبات إذا ما اعتُبر التحرك العسكري - أمريكياً كان أم إسرائيلياً - البديل الأكثر مصداقية.
كما أن إيران ستغتنم التنازلات التي سبق للولايات المتحدة أن قامت بها. فبالرغم من المقولة الأمريكية "لا شيء متفق عليه حتى يتم الإتفاق على كل شيء"، لن يكون من السهل إبطال موافقة واشنطن العلنية على تخصيب إيران لليورانيوم واستعدادها للسماح بمواصلة تشغيل المنشآت الإيرانية إلى ما لا نهاية، بل إنها ستعقّد أي محاولات مستقبلية لوضع حد لهذه الأنشطة أو إقفال تلك المنشآت عبر الأعمال الدبلوماسية أو العسكرية.
اتفاق اللحظة الأخيرة
نظراً للفجوات القائمة بين الطرفين وانعدام المرونة - والصبر - لدى السلطات الإيرانية، لم يكن هناك احتمال للتوصل إلى اتفاق قبل الـ 20 من تموز/يوليو دون تقديم تنازلات جوهرية إضافية من قبل الولايات المتحدة. وأشار ذلك بدوره إلى أنّ أي صفقة كان سيتم إبرامها بحلول العشرين من تموز/يوليو كانت ستُطرح على الكونغرس والحلفاء في الشرق الأوسط وربما حتى الدول الأخرى في مجموعة «دول الخمسة زائد واحد» كأمرٍ واقع لا بديل عنه سوى الحرب.
وفي حين يتمتع الرئيس أوباما بصلاحيات واسعة لإبرام مثل هذا الاتفاق [لو تم التوصل إليه] وتنفيذ بنوده، إلا أنه كان سيواجه مقاومة من الكونغرس ويعمّق الانقسامات العميقة القائمة بالفعل بين الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين. والنتيجة كانت ستكون مضرة للمصالح الأمريكية - ومن المرجح أن إيران كانت سترتاح حين تخفف الدول في شتى أنحاء العالم العقوبات عليها، حتى إذا سعى الكونغرس إلى عرقلة تخفيف العقوبات الأمريكية وأخذ الحلفاء في الشرق الأوسط وخارجه بالتحوط معتبرين أن واشنطن تفقد مصداقيتها وجدارتها بشكل متزايد.
وفي النهاية، كان من الوارد - حتى لو كان مستبعداً - أن تذعن إيران لكافة المطالب الأمريكية الرئيسية وتتوصل إلى اتفاق وفقاً للشروط الأمريكية بحلول العشرين من تموز/يوليو. ومع أن هذا التطور مرحّب به، إلا أن العقبات التي تعترض تنفيذه بالكامل وتقف أمام المصالح الأمريكية الكبرى تبقى شاقة - ليس في ما يتعلق بتطبيق الاتفاق بحد ذاته فحسب، بل في ما يتعلق بمنافسة دولة إيرانية متمكنة اقتصادياً، وتجنب أي انتشار إضافي للأسلحة النووية مع سعي الدول الأخرى للتمتع بنفس القدرات الإيرانية المتبقية، ووضع نظام عقوبات ينفّذ التخفيف الموعود فيما يواصل ردع سياسات إيران المخلّة بالاستقرار ومعاقبتها عليها، إلى جانب ردّ اعتبار أمريكا وهيبتها من خلال اعتماد سياسات هادفة وعازمة أكثر في المناطق الأخرى من الشرق الأوسط. ولن تخلو هذه المهام من الصعوبة حتى في أفضل الظروف؛ بل قد تكون شبه مستحيلة على الولايات المتحدة إذا ما اعتُبرت أنها تتخلى عن أصدقائها ومصالحها في تلك المنطقة وخارجها.
 
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,141,290

عدد الزوار: 6,756,628

المتواجدون الآن: 129