مرض القدس ..عكيفا الدار

تاريخ الإضافة الأحد 29 تشرين الثاني 2009 - 5:31 ص    عدد الزيارات 867    التعليقات 0

        

الى مستشفيات الامراض العقلية في القدس يصل بين الآونة والاخرى سياح، صوت من السماء بشرهم بأنهم المسيح بن داود. المرض، المعروف بـ"الملازمة المقدسية"، ينتهي بشكل عام مع توديع المدينة. في المقابل، الاسرائيليون، ولا سيما الشخصيات العامة، يعانون منذ 42 سنة من الملازمة المقدسية، التي تتميز بتشويش الفارق بين الواقع والخيال. القدس تصبح ديزني لاند الشعب اليهودي.
لدى الكثيرين هذه الظاهرة المقلقة تنتشر الى مناطق اخرى. هذا يبدأ بتحويل قرية عربية في مركز الضفة الغربية الى "حي مقدسي"، وينتهي بتعريف ذاتي لارض محتلة في قلب الضفة، مثل ارييل، كـ"كتلة استيطانية". في البداية نحن نصمم لانفسنا واقعا جديدا، وبعد ذلك نتوقع من كل العالم ان يتبناه، نطالب الجيران بأن يدفعوا الثمن ونشكو من انه لا يوجد شريك.
ماذا يريدون منا؟ ضج كرجل واحد الرئيس ورئيس البلدية، وزراء الحكومة ورئيسة المعارضة: "جبل جيلو هو في قلب الاجماع". ماذا يعني هذا الاجماع؟ مذكرة في حزيران 1967 ضمت اسرائيل بموجبها الى القدس نحو 70 كيلومتراً مربعاً من اراضي الضفة، بينها 28 بلدة وقرية فلسطينية لم تعتبر ابدا جزءا من المدينة (اراضي القدس الاردنية كانت 6 كيلومترات مربعة، بما في ذلك البلدة القديمة التي تبلغ مساحتها ليس اكثر من كيلومتر مربع واحد).
مذذاك صودر نحو 30 في المئة من اراضي شرقي القدس لغرض اقامة احياء جديدة لنحو 200 الف اسرائيلي. بالفعل، يوجد في اوساط الاسرائيليين اجماع على ان اتفاق السلام سيتضمن تبادلاً للاراضي يبقي جيلو ضمن السيادة الاسرائيلية. ولكن ليس من خلال خطوة من طرف واحد لم تعترف بها أي دولة. في العالم يوجد اجماع من الحائط الى الحائط، على ان شرق القدس هو في افضل الاحوال ارض موضع خلاف؛ وفي العالم العربي يوجد اجماع على انه ارض محتلة.
الواقع السائد في المدينة منذ 1967 يخلد الهوة العميقة التي تفصل بين شطريها، بين الشعبين اللذين يعيشان فيها وبين الشعارات الفارغة والواقع على الارض. وهكذا مثلا، احتج رئيس بلدية القدس نير بركات، بصوت عال على ادارة اوباما التي تميز، برأيه، بين سكان المدينة "على خلفية الدين والقومية". من الصعب الافتراض أن بركات لا يعرف أنه حسب القانون المواطن الاسرائيلي وحده، او من يستحق حق المواطنة حسب قانون العودة، من حقه ان يشتري ملكا يوجد على اراضي الدولة. ولما كان الفلسطينيون في شرق القدس مقيمين في المدينة ولكنهم ليسوا مواطنين في الدولة، فانهم لا يحق لهم ان يشتروا املاكا في ثلث اراضيهم التي صودرت من ايديهم لاقامة احياء/ مستوطنات اسرائيلية. والنتيجة: اكتظاظ السكن في الاحياء العربية هو نحو ضعف الاكتظاظ في الاحياء اليهودية (11.9 مترا مربعا للفرد مقابل 23.8 مترا مربعاً للفرد).
في مجتمع ديموقراطي مثل المجتمع الاسرائيلي من المسلم به ان توحيد شطري مدينة ما يترافق والمساواة بين كل سكانها. اما في الواقع فنحو نصف التلاميذ الفلسطينيين في القدس الشرقية لا يتعلمون في الجهاز التعليمي البلدي؛ نحو تسعة آلاف منهم لا تعرفهم سلطات التعليم ولا تعرف اذا كانوا يتعلمون على الاطلاق. وزارة التعليم وبلدية القدس تعهدتا امام محكمة العدل العليا ببناء ما لا يقل عن 645 صف تعليم في شرق القدس لتعويض نقص بأكثر من 1350 صفا. عمليا بنية اقل من مئة صف جديد. التلوث، الاهمال والطرق المحطمة ترسم بوضوح حتى اليوم الحدود بين الشعبين اللذين يعيشان في المدينة.
شمعون بيريس سافر امس الى مصر. منذ اشهر وبيريس يقوم بالعجائب في البلاد وفي الخارج لترويج خطة دولة فلسطينية موقتة، وتأجيل البحث في القدس الى ايام افضل. التحفظ الثابت من جانب الفلسطينيين عن هذه الفكرة لا يثير انطباعه. حسب رئيسنا المحب للسلام فانه لكون القدس توجد في اعماق الاجماع الاسرائيلي فان على العرب ليس فقط ان يكتبوا اجماعهم بالنسبة للقدس بل ان يوافقوا في هذه الاثناء، والى ان نستعد لان نضعها على طاولة المفاوضات، على ان نواصل التصرف في شرق القدس كما نشاء. لنا فقط.
سلوك اسرائيل في القدس والظواهر المرافقة التي نشأت في اعقاب انتقاد خطة البناء في جيلو تشير الى ان ملازمة القدس تسللت الى كل انسجة المجتمع. لم يتبقّ غير الصلاة ألا يكون هذا المرض عديم الشفاء.
 


("هآرتس" ترجمة "المصدر" - رام الله )

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,791,677

عدد الزوار: 6,915,193

المتواجدون الآن: 108