الجهد الإيراني الموسّع لخنق المعارضة

تاريخ الإضافة الخميس 26 تشرين الثاني 2009 - 4:02 م    عدد الزيارات 801    التعليقات 0

        

روبرت ف. ورث، The New York Times، الخميس 26 تشرين الثاني 2009
\"\"
 
بعد الانتخابات الرئاسية المشكّك بصحّتها التي جرت الصيف الماضي، اعتمدت الحكومة الإيرانية بشكل كبير على الوحشية – أي الضرب والاعتقالات والمحاكمات الاستعراضية – لإخماد حركة المعارضة الإيرانية التي تخوض معركتها.

اليوم، يبدو أن الحكومة المتضايقة من قوة المظاهرات واستمراريتها، ستبدأ بالسعي لتحقيق هدف طموح جداً يتمثّل في إضعاف الثقة بخصومها وإعادة تربية الشعب الإيراني الشاب والمشاكس في أغلبيته. وقد أعلنت الحكومة في الأسابيع الأخيرة عن مجموعة متنوعة من الخطوات الإديولوجية الجديدة.

ووفقاً للخطة، فهي تقوم بنشر 6000 مركز لميليشيا الباسيج في المدارس الإبتدائية في كافة أنحاء إيران للترويج لمُثل الجمهورية الإسلامية، وأنشأت وحدة شرطة جديدة لمنع الأصوات المعارضة من الاستفادة من الإنترنت. وقد حصلت هذا العام إحدى الشركات التابعة للحرس الثوري على الحصة الأكبر من أسهم شركة الاتصالات الخاضعة للاحتكار، ممّا يتيح للحرس الثوري مراقبة خطوط الاتصال الأرضية، والمحطات التي تزوّد بخدمة الإنترنت، وشركتين من شركات الخلوي مراقبة فعلية. وفي الربيع، يخطّط الحرس الثوري لافتتاح وكالات أنباء تتوفر لها الطباعة، والتصوير، والبث التلفزيوني.

الحكومة تدعوها "حرباً ناعمة"، في حين يبدو أنّ قادة إيران يتعاملون معها بجديّة تفوق تعاملهم مع مواجهة عسكرية حقيقية. والسبب في ذلك مردّه الى الاتهام القديم، المتمثّل باعتبار أنّ مشاكل إيران الداخلية هي نتيجة الهجوم الثقافي الغربي، ويدعون الى رد شديد مماثل. وعليه فإنّ حجم الحملة الجديدة يؤكّد على مدى التأثير السلبي للمظاهرات على النخبة الدينية والعسكرية في إيران، بما أنّها أطلقت أسوأ معارضة داخلية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

منذ أيلول الماضي والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية، آية الله علي خامنئي يستخدم عبارة "الحرب الناعمة"، أي منذ حذّر مجموعة من الفنانين والمعلّمين من أنّهم يعيشون في "جو من التحريض على الحكومة" حيث يجب فيه النظر الى كافة الظواهر الثقافية في سياق معركة واسعة تدور بين إيران والغرب. ومنذ ذلك الحين توسّل هو ومسؤولون آخرون هذه العبارة لوصف الجهود الجديدة لأسلمة أنظمة التعليم من جديد، والتخلص من التأثيرات العلمانية والأساتذة العلمانيين، وتطهير وسائل الإعلام من الأفكار المدمّرة.

هذا وقد يعكس التشديد الجديد على الصراع الثقافي ازدياد تأثير الحرس الثوري، الذي لطالما كان قائده محمد علي جعفري أحد أهم المؤيدين لاتباع استراتيجية "الحرب الناعمة" على حد قول المحللين.
 
في تشرين الأوّل الماضي، قام مسعود جزايري، أحد أهم المفكرين في قيادة القوات المشتركة العسكرية، بنشر رسالة في جريدة "كايهان" المحافظة دعا فيها الى القيام بحملة أشد وأعنف لمكافحة التقويض الحاصل للدولة. حيث كتب "لو كنا نفهم العدو بشكلٍ أفضل، ولو توفّر لدينا التصميم والتحفيز الكافيين لتحديد الخطوط الدفاعية، لما سمحنا إطلاقاً للعدو باختراق مجتمعنا الإسلامي".

قبل هذه الفترة، كان هناك الكثير من الحملات الدورية لتعزيز الرسالة الإسلامية التي تحملها الحكومة في المجتمع. ويقول بعض المحللين إنّ الجهود الجديدة لن تكون على الأرجح فعالة أكثر من الجهود المبذولة سابقاً، وهي يمكن حتى أن تعود عليهم بنتائج سلبية.
 
عن ذلك يقول مهرزاد بوروجيردي، الخبير في الشؤون الإيرانية والأستاذ في جامعة "سيراكوز" "يعتقدون أنّهم بمحاولتهم كسب المزيد من المراقبة لوسائل الإعلام، وإعادة أسلمة المدارس، يستطيعون العودة الى سابق عهدهم"، ويتابع: "لكن عدوهم هو من الشعب الإيراني. ذلك أن السواد الأعظم من الشعب الإيراني متعلّم وشاب، والجهود السابقة لإعادة النظام التقليدي لم تساهم إلاّ في توسيع الهوة بين المواطنين والدولة".

غير أنّ الفكرة عادت من جديد ومع قوة جديدة في الأشهر التي تلت الانتخابات الرئاسية المشكّك بصحتها التي جرت في حزيران الماضي، والتي أدّت الى نزول ملايين الإيرانيين الى الشوارع لاستنكار فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد الساحق على اعتبار أنّه مزوّر. وفي الأسابيع التي أعقبت ذلك بدا أنّ هالة القداسة التي كانت تحيط بالسلطة بدأت تفقد وهجها أكثر فأكثر، مع اتهام العديد من المتظاهرين المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية بأنه ديكتاتور وذلك لأوّل مرة في تاريخه.
وبعد ذلك بفترة قصيرة، أوضح قادة إيران العسكريين والدينيين أنّهم يرون في هذه الاعتداءات توقيع مؤامرة خارجية، قد تكون أشد وأكثر مكراً من أي مؤامرة سابقة. وقد كانت بشكلٍ ما الطريق الوحيد للقيادة الإيرانية لكي تحيل التحديات الداخلية التي كانت تواجهها على دعوات أوباما المعتدلة للتصالح والحوار.
 
في أوائل أيلول، أوجز قائد اللواء محمد باقر ذوالقدر، النائب السابق لقائد الحرس الثوري، مفهوم "الحرب الناعمة" في خطاب قال فيه: "في الحرب القاسية، يكون الخط الفاصل بينك وبين العدو واضحاً، ولكن في الحرب الباردة لا شيء صلب ومحدّد. فالعدو في كل مكان". واعتبر الجنرال ذوالقادر انّ الحرب الباردة تشن في الجزء الأكبر منها من خلال وسائل الإعلام، وأنّ الغرب "مجهّز بشكل أفضل" من إيران لخوض هذه الحرب.

وبعد خطابه هذا، عرضت السلطات مجموعة من الإجراءات على ما يبدو بهدف إصلاح هذا الخلل. وهذا الشهر، أعلن اللواء محمد رضا نقدي، رئيس ميليشيا الباسيج عن حقبة جديدة هي حقبة تعاون "قوّة الإعلام العظمى" بين وسائل الإعلام والحرس الثوري، وفقًا للصحافة الرسمية التي تملكها الدولة.

ووفقاً لمواقع إخبارية إيرانية شبه رسمية، فإنّ الحرس الثوري يخطّط للبدء بتأسيس وكالة أنباء، تُدعى "أطلس" في الربيع، مصمّمة على شكل خدمات وكالات الـ BBC والـ "Associated Press" .

هذا مع العلم أنّ الحرس الثوري أصلاً يسيطر بشكل كبير على وكالة أنباء "فارس"، التي تعكس آراء الفريق المتشدّد في إيران. كما نقلت وسيلة الإعلام شبه الرسمية خبر تشكيل وحدة مؤلّفة من 12 شخصا قبل أسبوعين لمراقبة الإنترنت وما يروّج عليه من "شتائم ونشر للكذب"، وهي عبارة تُستخدم لوصف نشاطات المعارضة.
وقالت وكالة الأنباء شبه الرسمية ILNA يوم الإثنين الماضي إنّ الحكومة شكّلت فريقًا للتعاون مع شركات خاصة للبدء بتوزيع برامج "فلترة" مجانية على المنازل التي تمتلك خدمة الإنترنت.

كما أنّ السلطات تشدّدت في ضبط حركة المعارضة داخل الجهاز التعليمي، ملمّحةً الى عزمها طرد الأساتذة الذين لا يتبعون خط الدولة. ودعا عدد من رجال الدين المتشددين الى المزيد من أسلمة برامج جامعات العلوم الإنسانية.

أما محمد صالح جوكر، رئيس شعبة الطلاب والثقافة في الباسيج، فقال إنّهم يفتتحون مراكز في المدارس الإبتدائية لأنّ "التلامذة في هذه السن يكونون أكثر عرضة للتأثر من التلامذة الأكبر سناً، ولهذا السبب نريد الترويج لأفكار الثورة وقوات الباسيج وترسيخ مُثُلهما" على حد ما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية في إيران.
غير أنّ حجم النظام المعتمد في المدارس والتعقيد في بنيته القائمة على التراتبية (البيروقراطية) يجعل من تحقيق مثل هذه الأهداف صعباً، كما يقول أساتذة سابقون.
ووفقاً للطريقة نفسها، يقول المحللون إنّ جهود الدولة الجديدة لتلقيح الإيرانيين ضد الأفكار المعارضة من خلال وسائل الإعلام قد يكون صعباً، أو حتى يأتي بنتائج عكسية. وهذا الشهر، بدا أنّ أحد المسؤولين الرفيعين في محطة IRIB الناطقة باسم الدولة، قد اعترف عن غير قصد بذلك عندما أعلن أنّ 40% من الإيرانيين – أي بزيادة 50% عن السنة الماضية – يستطيعون مشاهد القنوات الفضائية في منازلهم.

ويلخّص المسؤول علي دراعي ذلك قائلاً: "العدو لم يعد يستثمر في الشق العسكري لتحقيق أهدافه... إنهّم يوظفون جهودهم بشكل أساسي في الحرب الإعلامية من خلال القنوات الفضائية".
 
\"\"

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,189,415

عدد الزوار: 6,939,702

المتواجدون الآن: 149