الصراع السوري: حيثما تتقاطع المصالح الاستراتيجية والحاجة الإنسانية الملحة

تاريخ الإضافة الجمعة 25 نيسان 2014 - 7:34 ص    عدد الزيارات 610    التعليقات 0

        

 

الصراع السوري: حيثما تتقاطع المصالح الاستراتيجية والحاجة الإنسانية الملحة
ديفيد ميليباند, السفير روبرت إس. فورد, و أندرو جيه. تابلر
أعد هذا الملخص آدم حيفيتس
"في 17 نيسان/أبريل 2014، خاطب ديفيد ميليباند وروبرت فورد منتدى سياسي في معهد واشنطن. والسيد ميليباند هو رئيس "لجنة الإنقاذ الدولية" ومديرها التنفيذي، ووزير الخارجية البريطاني السابق. والسيد فورد هو دبلوماسي أمريكي سابق، وقد تقاعد مؤخراً بعد أن أنهى خدمة دامت أربع سنوات كسفير الولايات المتحدة في سوريا. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهما."
ديفيد ميليباند
أصبحت الحالة السورية الطارئة الأزمة الإنسانية البارزة في وقتنا المعاصر. وقد أدى عجز المجتمع الدولي عن التعامل معها بفاعلية إلى خلق كوكتيل متفجر من الديكتاتورية الوحشية والطائفية المجتمعية والمساعي لكسب النفوذ على المستويين العالمي والإقليمي. ونظراً للتداخل فيما بين التحديات السياسية والإنسانية في البلاد، فإن العجز عن معالجة التحديات الإنسانية بشكل فعال له تبعات خطيرة على القانون الدولي - ليس فقط بالنسبة للصراع السوري، بل للصراعات المستقبلية أيضاً. إن الطبيعة الطائفية الشرسة للصراع قد أدت إلى طمس الخطوط الفاصلة بين المدنيين والمقاتلين، وإلى تشكيل سابقة تنطوي على مخاطر كارثية.
لقد طُرِدت "لجنة الإنقاذ الدولية" من البلاد في عام 2009، بيد، إنها تخصص حالياً 20 في المائة من ميزانيتها للأزمة السورية. ورغم عدم اعتراف نظام الأسد بها رسمياً، إلا أنها لا تزال تضطلع بتنفيذ 60 في المائة من أعمالها داخل سوريا عن طريق الجهود التي تبذل عبر الحدود من تركيا والأردن ولبنان والعراق. وحتى الآن، قدّمت "لجنة الإنقاذ الدولية" معونات طبية إلى 1.2 مليون سوري داخل البلاد فضلاً عن إمداد نصف مليون آخرين بأشكال أخرى من المساعدات.
بيد أنه على غرار الجوانب الأخرى لمشروعها الإنساني، تعاني حملة "لجنة الإنقاذ الدولية" من عدم تطابق بين الاحتياجات على الأرض والمساعدة التي يتم توفيرها. فقد تم تشريد نحو 9.5 مليون شخص، بينما يعيش 3.5 مليون في مناطق محاصرة معزولة تماماً عن المساعدات - بزيادة مليون شخص على مدار الشهرين إلى الثلاثة أشهر الماضية. وعلاوة على ذلك، فإن العديد من اللاجئين الذين تدفقوا على الدول المجاورة ينتظرون ولادة أطفال لهم قريباً. وذلك أمراً مقلقاً بصورة خاصة في ضوء حقيقة أن 300,000 طفل لم يتلقوا أي تعليم على مدار ثلاث سنوات، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى نصف مليون هذا العام. كما أن قدوم الربيع والصيف ينذر بتفاقم الكارثة: ويشمل ذلك انتقال الأمراض، بما في ذلك شلل الأطفال والحصبة، فضلاً عن الجفاف الذي يهدد بتفاقم مشكلة نقص الغذاء.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الإرادة السياسية المطلوبة لمعالجة الوضع الإنساني بفاعلية لا تزال متعثرة. لقد كانت الحكومات الغربية مفرطة في الحذر بشأن الانخراط في سوريا، حيث تقول إن التدخل لن يؤدي سوى إلى تعقيد الأزمة. لكن العديد من الأشياء التي يخشون أن تنجم عن الانخراط المباشر قد وقعت على أي حال. على سبيل المثال، إن "أفغنة" وسط سوريا وشرقها عمل بالفعل على تحويل مناطق من البلاد إلى أراضٍ خصبة لـ تنظيم «القاعدة»، في حين حذر "البنك الدولي" مؤخراً من الخسائر الاقتصادية للحرب على الدول المجاورة، والتي تقدر بنحو 7.5 مليار دولار في لبنان و6 مليار دولار في الأردن.
يجب على الغرب أن يبدأ في معالجة الأزمة في المرحلة القادمة، من خلال وضع تعريف واضح للانتقال السياسي. وفي ظل غياب رؤية تبين نقطة نهاية الصراع، فإن دفع كلا الجانبين لبدء تطوير ركائز دولة فاعلة سيظل أمراً غير قابل للتنفيذ.
وعلاوة على ذلك، ورغم الطبيعة العنيفة بشكل متزايد للصراع، إلا أن القيود على تمويل المشروع الإنساني تفوق بكثير القيود الأمنية. ولا يزال المجتمع الدولي يلقي باللائمة على "عدم إمكانية توصيل المعونات الإنسانية"، لكن يمكنه في الواقع اتخاذ عدة خطوات أخرى للحد من المعاناة. فمن جانب، ينبغي على الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي والأطراف المعنية في المنطقة تعيين مبعوث إنساني إلى سوريا. وبدعم من الحكومات المضيفة، يستطيع هذا المبعوث الانخراط على المستوى الدولي من خلال زيادة التدقيق للمخالفات من كلا الجانبين، إلى جانب عمله على المستوى المحلي من خلال الوساطة في وقف إطلاق النار. ثانياً، بدلاً من الانتظار إلى حين صدور قرارات مجلس الأمن لتسهيل عمليات نقل المساعدات عبر الحدود، ينبغي على المجتمع الدولي بدلاً من ذلك أن يدعو الحكومات الفردية إلى ضمان إتاحة وصول تلك المساعدات. وأخيراً، لم تتم محاسبة العديد من اللاعبين عن أفعالهم التي تنتهك قرارات مجلس الأمن و "اتفاقيات جنيف"، ولا بد من تغيير هذا الوضع. ففي شباط/فبراير، بدا أن مجلس الأمن يحقق انفراجة حول مسألة المعونات الإنسانية، لكن ذلك التطور أخفق في أن يثمر عن تحسن فعلي على الأرض. ولا يزال النظام يعمل على إعاقة توصيل المساعدات في اثني عشرة محافظة على الأقل من محافظات سوريا الأربعة عشر، في انتهاك واضح لـ "اتفاقيات جنيف".
روبرت فورد
أعربت الولايات المتحدة، التي هي أكبر جهة مانحة منفردة لجهود الإغاثة السورية، عن قلقها العميق تجاه الأزمة الإنسانية. فقد تم استغلال نحو 1.7 مليار دولار من المعونات، التي تم توزيعها بصفة أساسية من خلال قنوات الأمم المتحدة، لمساعدة اللاجئين والمشردين داخلياً، والمجتمعات التي فقد فيها النظام السوري سيطرته، وخاصة إدلب وشمال- وسط حلب. وقد ساعدت هذه المعونات على توفير الغذاء ومعدات الإنقاذ والرواتب للشرطة والمعلمين، إلى جانب أشياء أخرى. بيد أنه على الرغم من كل هذه المساعدات، إلا أن الأزمة تزداد سوءاً. واليوم، إن السوريين الذين يعانون أكثر من غيرهم ليسوا اللاجئين، بل المدنيين الذين يعيشون في ضواحي دمشق، وحمص، وغيرها من المناطق التي يحاصرها النظام في انتهاك لـ "اتفاقيات جنيف".
إن الصعوبة التي يواجهها النظام في استعادة هذه المناطق المحاصرة ترجع في المقام الأول إلى نقص الأفراد، مما أرغمه على الاعتماد بشكل متزايد على ميليشيات «حزب الله» وميليشيات الشيعة العراقيين. وفي العديد من تلك المناطق، فإن الأسلوب الوحيد الذي تتمكن به المعارضة من منع التجويع الجماعي للمدنيين هو تسليم أسلحة إلى النظام [هناك اتفاقات لوقف إطلاق النار في بعض المناطق المحلية]. ورغم ذلك، أخفقت معظم الاتفاقات بين المعارضة والنظام في السماح بدخول الإمدادات الحيوية.
وسوف يواصل النظام استغلال عملية حجب المعونات كأسلوب للحرب طالما أنه يقاتل من أجل البقاء. كما أن التفاوض مع دمشق بشأن المسائل الإنسانية - وهو أسلوب أخفق في أن يثمر نتائج في يوغسلافيا السابقة - يمثل سابقة سيئة. يجب ألا يكون الأمر عائداً لبشار الأسد ليقرر ما إذا كان سيطبق الشروط الملزمة قانوناً لـ "اتفاقيات جنيف" أم لا. ورغم أن المعارضة قامت كذلك بمحاصرة مناطق خاضعة لسيطرة النظام في حلب (مثل الزهراء ونبل)، إلا أن حصارها ليس شاملاً أو قاسياً إطلاقاً كحصار الأسد.
وتستطيع الولايات المتحدة أن تتخذ عدة خطوات ملموسة لمعالجة الأزمة. والخطوة الأولى هي توحيد المعارضة وتدعيم صفوفها. ينبغي على واشنطن أن توضح أيضاً أن الأسد هو المشكلة الأساسية للأزمة وأنه السبب في جذب المقاتلين الأجانب وأن حملة "إعادة انتخابه" القادمة سوف تُعقِّد بشكل هائل من مساعي تشكيل حكومة انتقالية. وعلى وجه الخصوص، فإن ذلك يعني إقناع روسيا وإيران بأن استمرار الأسد في الحرب لا يخدم مصالح أمنهما القومي. على سبيل المثال، أصبح العديد من المقاتلين الشيشان على علم بالطرق المختلفة للقيام بالعمليات في سوريا، كما أن الحرب تمنح تنظيم «القاعدة» مساحة للعمل على أعتاب إيران. يجب على واشنطن أن تبحث عن طريق لإدراج طهران في المناقشات المستقبلية بطريقة بنّاءة. ولم يكن لإيران مقعد في المحادثات الأخيرة لأنها رفضت قبول "إعلان جنيف" من عام 2012.
وبالإضافة إلى ذلك، يجب على المعارضة السورية أن تقدم ضمانات لأنصار النظام الذين يخشون من عمليات انتقام جماعية في حالة خسارة الأسد. وستكون تلك الضمانات أكثر موثوقية لو أنها جاءت من جماعات الثوار المسلحة وليس من ائتلاف المعارضة غير المسلح. ويمثل ذلك أهمية خاصة لتوحيد المعارضة السياسية والمسلحة خلال الفترة الانتقالية. ووفقاُ لذلك، ينبغي بذل المزيد من الجهود لإقناع "الجبهة الإسلامية السورية" بدعم المفاوضات.
وبدون اتخاذ إجراء حاسم، سوف يستمر التقسيم [العرقي] في سوريا. وستكون المزيد من المدن مماثلة لأبو كمال، وهي منطقة بالقرب من الحدود العراقية حيث تتنافس فيها حالياً ست جماعات معارضة من أجل السيطرة عليها. وسوف تستمر حرب الاستنزاف داخل البلاد وبين مختلف اللاعبين الإقليميين. ومن جانبه، سوف يواصل النظام حصار المناطق المدنية وفي الوقت نفسه سيرفض قصف مراكز جماعة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» [تنظيم «داعش»] في الرقة. وبدوره سوف يعمل ذلك على إنهاك المعارضة المعتدلة، التي تخوض في الوقت الراهن حرباً على جبهتين، واحدة ضد تنظيم «داعش» والأخرى ضد الأسد.
 
 
 
.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,037,737

عدد الزوار: 6,976,296

المتواجدون الآن: 76