«السفير» تنشر المسودة الختامية لـ«حماية النساء من العنف الأسري»: خطوط حمراء تقيد التشريع.. وتبقي الكلمة الفصل للمحاكم الدينية

تاريخ الإضافة الأحد 3 حزيران 2012 - 6:50 ص    عدد الزيارات 1756    التعليقات 0

        

 

«السفير» تنشر المسودة الختامية لـ«حماية النساء من العنف الأسري»: خطوط حمراء تقيد التشريع.. وتبقي الكلمة الفصل للمحاكم الدينية
نسفت اللجنة النيابية فلسفة مشروع قانون حماية المرأة من العنف الأسري وجعلته «حماية الأسرة» (م.ع.م.)
سعدى علوه
تعيد المسودة شبه النهائية لمشروع قانون «حماية النساء من العنف الأسري»، التي حصلت «السفير» على نسخة منها، رسم الخطوط الحمراء التي تحكم العمل التشريعي وتنظيم حياة المواطنين في لبنان.
مِن نسف فلسفة القانون بحد ذاته، وتعميمه على أفراد الأسرة كافة ومنع تخصصه بالإناث، إلى مسألة تجريم الإكراه على الجماع، وتدابير الحماية والخلاف في شأن الحضانة ومفهوم «القيمومة»، وصولاً إلى منح الأولوية والكلمة الفصل لقوانين الأحوال الشخصية والمحاكم الدينية، يبدو جلياً أن الهامش الذي يتحرك فيه المشرّع اللبناني لا يتخطى سقف الطوائف والأديان.
وعليه، أشارت مديرة «منظمة كفى عنفاً واستغلالاً» زويا روحانا، لـ«السفير»، إلى أن بعض التعديلات كما ترد في المسودة النهائية «تعطل تطبيق مشروع القانون وتفرغه من مضمونه»، مشيرة إلى أن «التحالف الوطني الذي يتبنى القانون، ويضم ما يزيد على خمس وخمسين منظمة وجمعية مدنية في صدد تدارس الخطوات التصعيدية المقبلة والهادفة إلى تصويب الأمور».
وإذا كانت التسريبات الإعلامية لمسيرة دراسة مشروع القانون في اللجنة النيابية الفرعية الخاصة به، برئاسة النائب سمير الجسر، فقد أشارت إلى معظم التعديلات التي طرأت على مدار عام ونصف العام تقريباً، فإن المسودة - الخلاصة تأخذ الأمور إلى خواتيمها. فمع توزيعها من قبل أمانة سر اللجنة على النواب الأعضاء لإبداء ملاحظاتهم النهائية، نكون، وفي حال تحويله إلى الهيئة العامة لمجلس النواب لإقراره، أمام الفرصة الأخيرة لإقرار التعديلات المطلوبة قبل فوات الأوان.
ولا بد من القول إنه ندر أن حظي مشروع قانون في مجلس النواب بهذا الكم من الاعتراضات والاعتراضات المضادة، والنقاش، نظراً إلى الحملة الشرسة التي قادتها بعض المراجع الدينية على القانون، ومعها جمعيات وشخصيات تدور في فلكها، متهمة معدّيه بالسعي إلى تفكيك الأسرة بدلاً من حمايتها.
ويدافع بعض نواب اللجنة عما توصّلوا إليه، بالقول إنهم وضِعوا في موقف لا يُحسدون عليه. وإذ يعبّرون عن فخرهم بما أُنجز «رغم البيئة التي تحكم بعض العقليات في لبنان»، يشيرون إلى أن تجريمهم الإكراه على الجماع، أو ما يُعرف بالاغتصاب الزوجي، «أمر غير مسبوق».
هنا، يرى قضاة وخبراء في القانون، ومعهم الفريق القانوني من «كفى»، أن معاقبة «الإكراه على الجماع وفقاً للمواد 554 وصولاً إلى 559 من قانون العقوبات، يجرّم الأذى الجسدي الناتج من الاغتصاب، وليس الفعل بحد ذاته».
تقع المواد 554 وصولاً إلى 559 من قانون العقوبات تحت باب «إيذاء الأشخاص قصداً»، وهي جنحة (وفق المادتين 554 و555) تبدأ عقوبتها من التوقيف التكديري، وحدّه الأقصى عشرة أيام، وبغرامة تراوح بين عشرة آلاف إلى خمسين ألف ليرة كحد أقصى (المادة 554).
وقد يقتصر التوقيف التكديري على يوم واحد، فيما الغرامة اقل من رمزية. وفي الحالين فإن العقوبة المقترحة هي للجنح والمخالفات. ويلفت مرجع قضائي بارز إلى أن في ذلك تمييزاً سلبياً يكرسه النواب بين «من اغتصب غير زوجه» ومن يغتصب زوجته.
وتعاقب المادة 503 من قانون العقوبات «من أكره غير زوجه بالعنف والتهديد على الجماع بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات على الأقل، ولا تنقص العقوبة عن سبع سنوات، إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره». وتقع المادة 503 في باب الجناية، وليس الجنح مثل عقوبة «من أكره زوجه».
واستعمل النواب في تعديل البندين الرابع والخامس من المادة الثالثة الخاصة بتجريم الإكراه على الجماع، عبارة «من أقدم بقصد استيفائه للحقوق الزوجية في الجماع على ضرب زوجه أو إيذائه..»، أي أنهم انطلقوا من تكريس الأديان للعلاقة الزوجية كحق، وهو ما يفتح الباب عريضاً على اعتراضات المحاكم الروحية والشرعية والمذهبية، ومعها التفسيرات التي تعتمدها بعض الطوائف، لكيفية «استيفاء» هذا الحق، والوسائل المباحة، التي تصل عند البعض إلى حدود السماح بالعنف بدرجات معينة.
لا تقف إعادة بحث البندين المتعلقين بالاغتصاب الزوجي عند حدود اعتباره في بعض حدود الإيذاء، جنحة لا تستحق العقاب نفسه لـ«اغتصاب غير الزوج»، بل يضع ضوابط إضافية تتيح للزوج في غالبية الحالات الإفلات من العقاب، وتصعّب على المرأة اللجوء إلى القضاء.
فقد ربط المشرّع إثبات الزوجة لواقعة الاغتصاب بفترة التعطيل التي تنتج عن الفعل، والتي تثبَت بتقرير طبي في جميع الحالات، إذ يطلب القاضي تقريراً طبياً للتأكد من «العطل والضرر»، وفي ذلك إقرار بـ«الأذى الناتج من الاغتصاب وليس فعل الاغتصاب بعينه»، وفق المرجع القضائي. فهل كل الرجال الذين يغتصبون زوجاتهم يقومون بضربهن إلى حد التسبب بتعطيلهن عشرة أيام وما فوق؟
ومع ترك الكلمة الفصل لقوانين الأحوال الشخصية يمكن السؤال عن نوعية الأحكام التي ستخرج عن المحاكم المدنية في قضايا العنف، وعن قبول تنفيذها من جانب المدعى عليه إذا لجأ إلى المحاكم الدينية التي تبيح له «استيفاء حقه»، وتغض النظر عن الطريقة المتبعة.
وبالعودة إلى تسمية القانون نفسه، إذ حوّلته التعديلات من «حماية النساء من العنف الأسري» إلى «حماية أفراد الأسرة من العنف الأسري»، يرى الفريق القانوني من «كفى» أن التعديلات «تنسف فلسفة القانون بحد ذاته، وتغفل الغرض الأساسي الذي صيغ مشروع القانون لأجله، فهو لم يعد يلبي الأهداف المرجوة منه، ولا يجيب عن الحاجات الواقعية للنساء».
في المقابل، تبرر اللجنة النيابية تعديلاتها في متن المسودة الختامية بأن «حصر القانون بالنساء من شأنه التمييز في الأسرة بشكل غير دستوري وفقاً للمادة السابعة من الدستور، ويغفل كون العنف في الأسرة يطاول أيضاً الذكور عبر تحريض الأولاد الراشدين ضد والدهم والمسنين وبعض الأطفال الذكور نتيجة طيشهم وطبيعتهم الورشة».
وتذرعت اللجنة بنسف التخصيص بما طالب به بعض جمعيات المجتمع المدني ورجال الدين، متجاهلة أن المعترضين كانوا يدورون بطريقة أو بأخرى في فلك المؤسسات الدينية الرافضة للقانون من أساسه.
واعتبرت «الهيئة الوطنية لشؤون المرأة»، في رسالة أودعتها اللجنة النيابية، أن تخصيص نساء الأسرة بالقانون «يشكل رادعاً للعنف ضدهن، ويساعد في رفع الكتمان المجتمعي عنه وتعزيز فرص تقديم الخدمات المرتبطة بالتعرّض له». وشدّدت الهيئة على أن تخصيص القانون بالنساء يستجيب مع اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي وقعها لبنان وصادق عليها.
وتكرس اللجنة تضييق حلقة القرابة في الأسرة إلى الدرجة الثانية بدلاً من الرابعة، كما نص مشروع القانون. وعليه، تعترض «كفى» على التعديل، مشيرة إلى أن «الأسرة اللبنانية هي أسرة ممتدة وليست محصورة بالدرجة الثانية، وأن إمكان ارتكاب العنف من الأقارب والأصهار متوقع، إذ لا يقرر مصير الفتيات في بعض الأسر الأب أو الأخ أو الزوج فحسب، بل يتعدى ذلك إلى عائلة الزوج والأعمام والأخوال وحتى القيّم المعين من المحكمة عند بعض الطوائف».
ويعترض الفريق القانوني في»كفى» على التعديلات على أوامر حماية المرأة من العنف وإبعاد المعتدي عن المنزل، وعلى شمول الأطفال الذين هم في سن حضانة المرأة فقط بقرار الحماية من دون سواهم، معتبرة أن في ذلك «تمييزا ضد الأطفال، فمن الممكن أن يحمى الصبي ولا تحمى البنت او العكس بسبب سن الحضانة المختلف، ومن الممكن أن تحمي امرأة طفلها إذا كانت من طائفة أو ديانة معينة، وقد تعجز عن حماية أطفالها بسبب هذه الطائفة او الديانة».
وفي موضوع الحضانة نفسه، رأت «الهيئة الوطنية» في كتابها إلى اللجنة النيابية أن «لا داعي لاشتراط سن معينة لتطبيق أوامر الحماية على أولاد الضحية»، مفضلة استعمال عبارة «الضحية وأولادها بدلاً من الضحية وأطفالها»، لمنع «استمرار العنف وممارسته».
ويسجل الفريق القانوني في «كفى» ابرز اعتراضاته على الإبقاء على نص المادة 26 التي أضيفت إلى مشروع القانون خلال إقراره في مجلس الوزراء، والتي تلغي أحكامه في حال تعارضها مع «أحكام قوانين الأحوال الشخصية وقواعد اختصاص المحاكم الشرعية والمذهبية» التي تطبق في النهاية.
ومع أن النواب قد عدلوا هذه المادة إلاّ أنهم صاغوها بطريقة «ألطف»، وقد وصفوا تعديلهم في باب «فصل التعديل» الذي تحتويه المسودة الختامية. وعليه، ينص التعديل على انه «باستثناء قواعد اختصاص محاكم الأحوال الشخصية وأحكام الأحوال الشخصية التي تبقى مطبقة من دون سواها، تلغى جميع النصوص المخالفة له أو التي لا تتفق مع مضمونه».
عليه، ترى «كفى» أن «الإبقاء على هذه العبارة يعطل تطبيق مشروع القانون ويفرغه من مضمونه، ويفسح المجال أمام تفسيرات عشوائية من شأنها أن تخلق إرباكاً قد يؤدي إلى تعطيل تطبيق القانون في كل مرة تزعم إحدى محاكم الأحوال الشخصـية أنها صاحـبة الاختصاص في الموضوع. ويؤدي التعديل إلى تعطيل دور الهيئة العامة لمحكمة التمـييز المنصوص عنه في المادة 95 من أصول محاكمات مدنية، والتي لها وحدها صلاحية النظر في طلب تعيين المرجع عند حدوث اختلاف إيجابي أو سلبي على الاختصاص».
ويلتقي موقف «كفى» مع موقف الهيئة الوطنية التي ترى أن التعديل «يفتح المجال أمام جهات ليست ذات اختصاص، لتقدير توفر بعض الشروط أو عدمه، ويلغي دور الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي تفصل بين اختصاص المحاكم العدلية والشرعية والمذهبية على أنواعها.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,243,527

عدد الزوار: 6,941,887

المتواجدون الآن: 126