الوثائق السرية البريطانية (الحلقة الأخيرة) إطلاق سراح الرهائن الأميركيين في طهران والدور الجزائري فيه

تاريخ الإضافة السبت 7 كانون الثاني 2012 - 4:56 ص    عدد الزيارات 1450    التعليقات 0

        

 

الوثائق السرية البريطانية (الحلقة الأخيرة) إطلاق سراح الرهائن الأميركيين في طهران والدور الجزائري فيه

أسرار المحادثة الهاتفية بين كارتر وثاتشر قبل ساعات من الإفراج عنهم

ندن: عبد اللطيف جابر... في هذه الحلقة (الثامنة والأخيرة) تتناول «الشرق الأوسط» الوثائق البريطانية حول المشاورات لإطلاق سراح الرهائن الأميركان في طهران، والتي لعبت فيها الجزائر دورا أساسيا، وكذلك السويد. ويركز عدد من الوثائق على المراسلات بين بريطانيا والولايات المتحدة، ودور البنوك المركزية، مثل «بنك إنجلترا» و«الاحتياطي الأميركي»، في الصفقة والإفراج بالمقابل عن الأصول الإيرانية في الولايات المتحدة التي جمدت بعد أن احتجز 52 موظفا في السفارة الأميركية في طهران من قبل قوات الحرس الثوري الإيراني ومعاملتهم كجواسيس، واحتجازهم لأكثر من عام، من نوفمبر (تشرين الثاني) 1979 إلى يناير (كانون الثاني) 1981. وقد أطلق سراحهم في 20 - 19 يناير، أي مع انتهاء فترة الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر، وتسلم الإدارة الجمهورية الجديدة للرئيس رونالد ريغان. المعروف أن الصورة السياسية التي رسمت للعلاقة بين ثاتشر والإدارة الأميركية في عهد الرئيس ريغان كانت الأقوى بين الدولتين، لكن تبين الوثائق أيضا أن «العلاقة الخاصة» بين ثاتشر والرئيس جيمي كارتر كانت في نفس الأهمية وخاصة جدا، وهذا ما بدا واضحا من خلال مراسلاتهما الشخصية حول موضوع الرهائن وانتهاء فترة إدارة ريغان. وسوف تنشر «الشرق الأوسط» اليوم النص الكامل والحرفي للمكالمة التليفونية بين الاثنين قبل ساعات من الإفراج عن الرهائن، التي أثنت فيها ثاتشر على الطريقة الحكيمة التي أدار بها كارتر المحادثات مع إيران، وقالت له «كنت رائعا. إنها ضربة معلم». وكانت الولايات المتحدة تطلع بريطانيا على أدق التفاصيل في محادثات الإفراج عن الرهائن، أولا بأول، وقبل الاتصال بأي من الحلفاء الغربيين.
* تلقي بعض الوثائق الضوء على المشاكل التي قد يجلبها إطلاق سراح الرهائن الأميركيين لبريطانيا بسبب وجود أربعة مواطنين بريطانيين محتجزين أيضا لدى إيران، منهم ثلاثة مبشرين ومدير شركة اتهم بالاختلاس. وكانت بريطانيا تخشى من رد الفعل الإيراني بعد أن بدأت الصحافة الأميركية تنشر تفاصيل فترة وجود الرهائن في الحجز ومعاملتهم من قبل إيران، وكذلك الدعوات القضائية الشخصية التي قد يرفعها هؤلاء ضد الحكومة الإيرانية. وكانت بريطانيا تريد أن تخفف الحكومة الأميركية من لهجتها، وهذا ما بينته برقية من اللورد كارينغتون وزير الخارجية البريطاني إلى سفيره في واشنطن يطلب منه التحدث مع الإدارة الأميركية بهذا الخصوص لتخفيف النبرة الأميركية حتى يتم إطلاق سراح المحتجزين البريطانيين، وألا تقوض جهود السويد في هذا الاتجاه.
كارتر لثاتشر: أنت على رأس قائمة من أريد أن أشكرهم
* في تاريخ 19 يناير كتب الرئيس الأميركي جيمي كارتر رسالة لرئيسة وزراء بريطانيا قبل ساعات من إطلاق سراح الرهائن.. يقول فيها: «لقد توصلنا إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن. ونتوقع أن يغادر الرهائن إيران ويكونوا في طريقهم إلى بلدهم قريبا جدا. أريد أن تكوني على رأس قائمة الأشخاص الذين أريد أن أشكرهم على تعاونهم الرائع خلال السنة الماضية الصعبة جدا. وسوف يتذكر الشعب الأميركي كيف وقفت الحكومة البريطانية وشعبها بحزم إلى جانبنا خلال محنتنا. دعمكم ومساعدتكم الحكيمة عكست الروابط القوية بيننا. لقد طلبت من سفيرنا بروستر أن يطلعكم على أدق الأمور وبحذافيرها، وعلى جميع الترتيبات التي توصلنا إليها مع إيران. لقد حققنا هدفينا اللذين وضعناهما أمام أعيننا في بداية الأزمة: المحافظة على كرامتنا ومصالحنا الوطنية، وإطلاق سراح وسلامة مواطنينا».
ويقول الرئيس الأميركي «أعرف أن الشعب البريطاني سيشاركني فرحتي، وفرحة عائلات الرهائن والشعب الأميركي كافة في هذا اليوم الذي انتظرناه طويلا. لقد برهنت أزمة الرهائن على أنها أكثر تعقيدا من أي تهديد لهيكل العلاقات الدولية، أو أي خلافات حديثة بين الدول. إننا نتقدم بالشكر الجزيل لك ولحكومتك على دعمكم ومساعدتكم لنا».
ثاتشر لكارتر: كنت رائعا.. إنها ضربة معلم
* واتصل الرئيس جيمي كارتر بمارغريت ثاتشر ليطلعها على الوضع وإطلاق سراح الرهائن، وذلك يوم 18 يناير، أي قبل أقل من 24 ساعة من عملية الإفراج. وهنا النص الكامل والحرفي للمحادثة التليفونية كما تم نسخها رسميا.
جيمي كارتر:
أردت الاتصال بك حتى أعلمك بتفاصيل أزمة إطلاق سراح الرهائن.
مارغريت ثاتشر:
أنا سعيدة جدا لسماع ذلك.
جيمي كارتر:
من المحتمل خلال ساعة أن يقوم وزير خارجية الجزائر بإعلان الوصول إلى اتفاق بيننا وبين إيران لصالح حل أزمة الرهائن. وكما تعلمين من خبرتنا خلال الـ14 شهرا الماضية، أنه لا يوجد تأكيدات بعد، لقد خاب أملنا في السابق في مرات عديدة، ولهذا علينا أن نتوخى الحذر. الجزائريون مهتمون أن يقوموا بأنفسهم أولا بالإعلان عن ذلك، وبعد ذلك سوف أقوم أنا بإعلان تأكيد ذلك من هنا، وأتوقع أن يقوم الإيرانيون بنفس الشيء من جهتهم.
النقطة الأخرى، أننا شاكرون لك وللعاملين في «بنك إنجلترا» (البنك المركزي) على كرمهم ومساعدتهم في ترتيبات تحويل المبالغ المالية والوثائق الرسمية المالية في الجزائر بهذا الخصوص. أتمنى أن توصلي تحياتي الخاصة والشخصية للجميع المعنيين وباسم الشعب الأميركي.
مارغريت ثاتشر:
شكرا على لطفك. إننا ننتظر على أحر من الجمر ما يأتينا من أخبار في الساعة المقبلة. إذا حدث وتحقق ذلك فإن صلواتك قد استجابت لجهودك، وهنا علي أن أقول لك بأنك عالجت الأزمة بحكمة وكنت رائعا. إنها ضربة معلم. إننا نشاطرك الفرحة، وسعداء بفرحة الشعب الأميركي والرهائن. إنه شيء رائع، وكنا سعداء بتقديم أي مساعدة.
جيمي كارتر:
لقد كانت من أصعب الأمور التي كان علي أن أواجهها في حياتي. عشتها في نهاري وفي ليلي خلال الـ14 شهرا الماضية. لكن دعم أمثالك لنا لين الصعاب، ولهذا فنحن شاكرون، وسوف نبقى على اتصال ونخبرك بجميع التطورات في لحظة حدوثها. لن أقوم بإيقاظك من منامك في منتصف الليل، ولكن إذا حدث أي تطور سوف نحاول إيصال الخبر لك بطريقة ما.
مارغريت ثاتشر:
أفضل أن أستيقظ من نومي على أخبار مفرحة. تهانينا.
جيمي كارتر:
بالمناسبة.. الترتيبات التي قمتم بها مع «بنك إنجلترا» ومع 12 مصرفا ومع «الاحتياطي الأميركي» وتحويل الأموال بهذه السرعة (كان هناك ما يقارب 5.7 مليار دولار من الأصول المجمدة التي اتفق على الإفراج عن 3.5 مليار منها). وعندما نحصل على الوثائق اللازمة من إيران والجزائر، فإن الشكر يعود إليكم في ذلك.
مارغريت ثاتشر:
أعرف بالترتيبات التي علينا القيام بها، وأتوقع أن يتم الإفراج عن الرهائن بعد التوقيع على الوثائق.
جيمي كارتر:
بعد تحويل الأموال إلى «بنك إنجلترا» وتسلم «بنك إيران المركزي» الوثيقة فإن ذلك يعني البدء في إطلاق الرهائن، وسيقوم الجزائريون بتزويدهم بالحافلات من أجل عملية النقل بالطائرات. وسيتم نقلهم أولا إلى الجزائر ومن هناك إلى فايزبادن في ألمانيا، ومن ثم من هناك إلى واشنطن.
مارغريت ثاتشر:
إذا تم التوقيع على الاتفاق خلال ساعة، هل تعتقد أنه يمكن أن تبدأ عملية إطلاق سراحهم بعد ساعة من ذلك؟
جيمي كارتر:
لا، لن تكون بهذه السرعة، لأن الاتفاق يتم أولا قبل تسلم الوثائق، وعلي أن أعطي موافقتي لتحول المبلغ إلى البنك (المركزي) والبنك يخبر بدوره الإيرانيين بوصول المبلغ. وعند ذلك يطلق الإيرانيون الرهائن. إنها عملية تستغرق بعض الوقت ولن تكون بالسرعة المطلوبة.
مارغريت ثاتشر:
يعني أنها مجرد ساعات.. خصوصا لو كنا نتعامل مع أناس..
جيمي كارتر:
لو كنا نتعامل معك لانتهى الأمر خلال ساعة.
مارغريت ثاتشر:
سننتظر وتوقعاتنا مليئة بالأمل وقلوبنا بالفرحة.. شكرا وتهانينا، وفي رعاية الله، حظ سعيد.
بريطانيا تتحرك لتطبيع العلاقات مع إيران وتطالب دول أوروبا باللحاق بها
* وفي برقية من وزير الخارجية البريطاني اللورد كارينغتون إلى الاتحاد الأوروبي بعد إطلاق سراح الرهائن الأميركان، قال فيها إن الحكومة البريطانية، وعلى الرغم من وجود مشاكل عالقة بين البلدين مثل المواطنين البريطانيين الذين ما زالوا محتجزين في إيران، «فإن الحكومة سعيدة جدا بإطلاق سراح الرهائن الأميركان الـ52.. إن الحكومة عبرت عن موقفها في مناسبات عديدة حول هذا النوع من الانتهاك للقانون الدولي. لكن أعتقد أن جميع الدول التي يهمها احترام هذا المبدأ الدولي ستكون سعيدة بهذه النتيجة. إننا نقدر شجاعة الرهائن ونثمن عمل الرئيس كارتر وحنكته وإدارته في التعامل مع الأزمة، وحل هذه المشكلة، وكذلك الصبر الذي أظهره الشعب الأميركي».
وتضيف الرسالة «وطبيعيا، فإن الحكومة تأمل بأن إطلاق سراح الرهائن سوف يعبد الطريق من أجل تحسين كامل في العلاقات بين إيران والدول الأخرى. وتأمل بريطانيا بأن تقيم علاقات جيدة مع إيران في المستقبل، وسوف نرفع مع شركائنا الأوروبيين الحظر التجاري الذي تم فرضه في مايو (أيار)، ونأمل بأن يتم أيضا إطلاق سراح المحتجزين البريطانيين الأربعة. وعندما يحدث ذلك فإنه من الطبيعي أن يتم تطبيع العلاقات وإعادتها. إننا لم نقم بتزويد إيران بالأسلحة منذ نوفمبر 1977، وفي الوقت الحاضر لا أعتقد أننا سنقترح تغيير ذلك. وهذا ينطبق على السفينة (خرج)».
وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت خلال الحلقات السابقة وثائق تبين أن وزارة الدفاع ووزارة التجارة كانتا تريدان البدء في العلاقات التجارية والمعدات العسكرية، وهذا ما حصل.. إذ تم الاتفاق على إطلاق سراح السفينة «خرج» قبل أن يتم إطلاق سراح جميع المحتجزين البريطانيين، وإقامة علاقات تجارية مع إيران.
ثاتشر تهنئ الرئيس الأميركي
* وبعد ساعات من المحادثة التليفونية بين مارغريت ثاتشر والرئيس الأميركي كارتر التي نشرت أعلاه، تلقت رئيسة الوزراء البريطانية ثاتشر إعلاما بإطلاق سراح الرهائن. وبعثت برسالة تعبر عن سعادتها بالنتيجة قائلة «وأخيرا، وبعد أكثر من عام تم إطلاق سراح الرهائن! تحريرهم وسلامتهم شهادة على حنكتك وصلابتك في تعاملك مع الأزمة. نهنئكم ونحتفل معكم ومع الشعب الأميركي. قلوبنا مع الرهائن وعائلاتهم، الذين تحملوا الكثير خلال تلك المحنة».
الإيرانيون يطالبون بمزيد من الأصول.. و«بنك إنجلترا» يشترك في المفاوضات تبين وثيقة موقعة من «شخص يدعى مودبا» وتحمل تاريخ 16 يناير، أي قبل ثلاثة أيام من إطلاق سراح الرهائن، وموجهة إلى رئيسة الوزراء، دور البنك المركزي البريطاني في الاتفاق الأميركي - الإيراني الذي تطلب إطلاق سراح الرهائن والإفراج بالمقابل عن أصول وموجودات إيران في الولايات المتحدة.
وتقول الوثيقة «اثنان من موظفي (بنك إنجلترا) غادرا إلى الجزائر للمساعدة في المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن. الخلفية لهذا التطور عرفت به هذا المساء».
وتقول الرسالة إن وارن كريستوفر (وزير الخارجية الأميركي الأسبق) اتصل بالسفارة الأميركية في الجزائر وقال إنه إذا أردنا أن نعجل في الأمور فيجب أن يكون هناك تحركات متبادلة، وفي الوقت نفسه الذي يتم فيه تحويل الأموال يتم فيه إطلاق سراح الرهائن. ولهذا من المهم أن يحضر بعض المسؤولين من «بنك إنجلترا»، حتى لا يكون هناك فترة غير معلومة الملامح بين إطلاق الرهائن والأموال. ولهذا فقد قرر حاكم البنك المركزي تلبية الطلب الأميركي، وأخبر الخزانة البريطانية بالقرار. وللأسف لم يخبر وزارة الخارجية أو وزارة التجارة بذلك. وقد غادر ماكماهون إلى الجزائر الساعة الحادية عشرة صباحا.
لكن لم يتمكن البنك المركزي والخزانة من الوصول إلى أي تقدير من خلال اتصالاتهم مع الولايات المتحدة لمعرفة إذا كانت المفاوضات ستتمخض عن أي نتيجة مرضية، خصوصا أن المبلغ الذي يطالب به الإيرانيون قد ازداد، مما يخلق شعورا بأن الأمور ليست على ما يرام.
الأصول الإيرانية في البنوك الأميركية
* وفي برقية من السفارة البريطانية في واشنطن إلى وزارة الخارجية في لندن، أرسلت في 14 يناير، أي قبل خمسة أيام من إطلاق سراح الرهائن، تبين أن وزارة الخارجية الأميركية لم تضف أي شيء على ما أصبح معروفا لدى الجميع. يعتقدون أن الحكومة الإيرانية لم تحصل على موافقة البرلمان بخصوص الضوابط المقترحة، خصوصا التي تتعامل مع اقتراح التحكيم.
وينتظر الأميركان الرد الإيراني على الوثيقة التي قدموها عن طريق الجزائر والتي تشرح الصفقة المقترحة. وتبين المعلومات أن الأصول الإيرانية تقدر بـ3.7 مليار دولار، مقابل إطلاق سراح الرهائن، من أصل 5.5 مليار دولار سيتم الإفراج عنها إذا أطلق سراح الرهائن، وأن 1.8 مليار سيتم الإفراج عنها مجرد عودة العلاقات إلى طبيعتها السابقة، حيث توجد في فروع البنوك الأميركية بالخارج. وسيتم وضع 2.2 مليار دولار في حساب بنكي سيتم التحكيم حوله في المستقبل.
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,221,844

عدد الزوار: 6,941,050

المتواجدون الآن: 134