الممر السوري.. بين طهران وحزب الله

تاريخ الإضافة الثلاثاء 2 كانون الأول 2008 - 7:44 ص    عدد الزيارات 1419    التعليقات 0

        

لندن: منال لطفي
عندما عين محمد حسن أختري سفيرا لإيران في دمشق عام 1985، كانت العلاقات بين إيران وسورية قد دخلت بالفعل مرحلة من التنسيق الاستراتيجي، بفضل رجلين هما صدام حسين وموسى الصدر، وإن كان لكل منهما تأثير مختلف تماما. فعبر موسى الصدر وجماعته في حركة أمل، وبينهم إيرانيون بارزون مثل مصطفى جمران أول وزير دفاع في الحكومة الإيرانية بعد نجاح الثورة، عرف نظام الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ثورة آية الله الخميني وأفكاره، لدرجة أن ناشطين إيرانيين مقربين من الخميني كانوا يتحركون بجوازات سفر دبلوماسية سورية للتمويه، وذلك قبل نجاح الثورة في فبراير (شباط) 1979.
بعد موسى الصدر، قدر لرجل آخر هو الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ان يلعب دورا في تعزيز العلاقات بين طهران ودمشق، بدون ان يدرك ساعتها تأثير قراراته على العراق وعلى المنطقة. فصدام دخل في حرب مع إيران بعد فترة قصيرة من الثورة. لم تكن وحدها طهران هي التي شعرت بالخطر، فالشعور بالخطر امتد من طهران الى دمشق، التي لم يكن النظام البعثي فيها قريبا من نظيره النظام البعثي العراقي.

وقف نظام الرئيس السوري حافظ الأسد الى جانب إيران، أملا في اضعاف غريمة البعث العراقي، الذي شعرت دمشق بأنه تهديد لها، خصوصا إذا ما انتصر على إيران في الحرب. وعززت مخاوف دمشق من نوايا صدام حسين اتهامات وجهت لحافظ الأسد بإرسال جنود سوريين الى إيران لمحاربة الجيش العراقي.

احد صناع القرار الاساسيين في سورية خلال هذه الفترة هو عبد الحليم خدام، النائب السابق للرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، الذي يشرح لـ«الشرق الأوسط» الأسباب التي دفعت حافظ الأسد لقرار دعم إيران أمام العراق بقوله: «العلاقات بين سورية وايران نشأت بشكل جدي بعد الثورة الاسلامية في إيران، كانت العلاقات موجودة بين سورية وبين آية الله الخميني، عبر جماعة موسى الصدر.

بعد الثورة انتقلت العلاقات لمستوى دولة مع دولة. في سبتمبر (ايلول) 1980 وقعت الحرب العراقية ـ الايرانية. صدرت حملة من العراق ضد سورية، واتهمت بغداد سورية بأنها أرسلت جنودا الى إيران حتى يحاربوا ضد الجيش العراقي. بسبب هذا الاستفزاز العراقي لسورية أخذنا موقفا، واعتبرنا أن هذا الموقف مقدمة لحرب اخرى بين العراق وسورية، وأن صدام حسين يعتقد بأن الحرب مع إيران ستنتهي في اسبوعين أو ثلاثة ليرجع ويحارب في سورية. وبصورة خاصة كان هناك مؤتمر في موسكو كان يحضره رئيس البرلمان العراقي آنذاك نعيم حداد. اجتمع حداد برئيس المجلس الوطني الفلسطيني المرحوم خالد الفاهوم وتناقش معه وقال له: نحن خالصين من ايران وراجعين عندكم لدمشق. هذا الامر بلا شك اعطانا اشارة سلبية بالنسبة للنظام في العراق.

الاتصالات كانت موجودة بيينا وبين ايران، وأخذنا مواقف ادنا فيها الحرب، ورفضنا الانزلاق لدعم صدام حسين، مثلما انزلقت بعض الدول العربية، وعندما دخل صدام الكويت الكل ندم وقال الله يلعن هديك الساعة اللي اتورطنا فيها. في هذه الفترة تطورت العلاقات الإيرانية – السورية كثيرا. علاقات تحالف ليست مبنية فقط على مواجهة صدام حسين، بل مبنية على التعامل مع الوضع الاقليمي والوضع الدولي. كان هناك تنسيق في كل الأمور وكانت اللقاءات بين الجانب السوري والجانب الإيراني مستمرة. وتشكلت هيئة مشتركة بين البلدين من عضوية نائبي رئيسي الجمهورية، ووزيري الخارجية، وهذه الهيئة كانت تجتمع كل 3 شهور وتتابع العلاقات، والاوضاع الاقليمية والدولية وترفع مقترحات لمراكز القرار في البلدين».

ربما يمكن القول، كما قال مسؤول إيراني بارز سابق لا يستطيع الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخطر المشترك هو المفتاح» لفهم طبيعة العلاقات الإيرانية ـ السورية. ومع خطر صدام حسين على نظام الخميني ونظام حافظ الأسد، ظهر خطر آخر دفع العلاقات الى مستوى جديد من التنسيق الاستراتيجي، هذا الخطر هو الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982، فمع هذا الخطر الذي يهدد النفوذ السوري في لبنان، ويهدد الجمهورية الوليدة في إيران، ظهرت الحاجة لتعزيز الخطوط الدفاعية للبلدين، بدءا من لبنان وبناء تنظيم سياسي لديه قدرات عسكرية يكون قادرا على التصدي لاسرائيل، ولاي قوى أخرى يمكن أن تهدد سورية أو إيران. آنذاك ومع أن قيادات حركة أمل كانت في غالبيتها من السياسيين أو رجال الدين غير المحبذين لفكرة انشاء حزب سياسي على أساس ديني، إلا أن هناك مجموعة داخل أمل لم تكن رافضة تماما لهذا النهج، وبالتالي عندما بدأت دوائر عدة داخل إيران وسورية ولبنان تفكر في ضرورة ايجاد تنظيم جديد حزبي ـ ديني ـ سياسي ـ مسلح، خرج هؤلاء من أمل ودعموا التوجه الجديد.

ومن بين هؤلاء، كما يقول المفكر اللبناني البارز هاني فحص، كل من الشيخين صبحي الطفيلي وعباس الموسوي. بناء حزب الله كان المهمة الاهم والأصعب لايران في الخارج بعد الثورة، فهي كانت التجربة العملية الاولى على نجاح حظوظ تصدير أفكار الثورة للجوار الاقليمي. وبالتالي عندما جاءت فكرة انشاء حزب الله على يد على محتشمي «الأب الروحي» للحزب، الذي كان ساعتها سفيرا لإيران في دمشق، ثم وزيرا للداخلية أيام حكم الرئيس السابق محمد خاتمي، حملها الكثير بين أيديهم من اجل تنفيذها على ارض الواقع، إلا أن «الحمل الميداني» وقع على كاهل السفير الإيراني الذي خلف محتشمي في دمشق، وهو محمد حسن أختري، وذلك بسبب موقع دمشق ونفوذها في لبنان الذي جعلها ممرا لا غنى عنه لإرسال مقاتلين او مدربين أو أسلحة أو مال أو تعليمات.

ويوضح عبد الحليم خدام، الذي كان لسنوات طويلة مسؤول ملف لبنان خلال حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، والذي عاصر اختري خلال سنوات عمله سفيرا لإيران في دمشق، طبيعة المسؤوليات التي تولاها أختري بقوله «المهمة الاساسية التي كان يقوم بها اختري في المرحلة الاولى هي استكمال بناء حزب الله.

اختري كان المشرف على بناء حزب الله، وتمويله، وتمرير الاسلحة له في لبنان عبر موافقة الحكومة السورية.. هو كان مشرفا سياسيا وماليا لتنمية حزب الله. مجموعة من الإيرانيين أشرفوا على وضع خطط العمل والتدريب لحزب الله، وكان هناك ايضا مدربون لبنانيون دربوا في إيران وفي لبنان. الايرانيون ساهموا في عملية تدريب واعداد حزب الله. بالاضافة الى ان قيادة حزب الله اخذت الاسس النظرية والعملية لتأسيس الحزب وتطويره من إيران. لكن قيادات حزب الله استطاعت بإمكانياتها الذاتية الخاصة ان تنتشر وتنشر فكرها بالاوساط اللبنانية الإسلامية الشيعية، وبالاضافة الى ان ممارساتها للمقاومة اعطت لها دعما معنويا كبيرا في الساحة اللبنانية. اختري كان يحضر التوجيهات من إيران. مثلا نفترض ان طهران تريد الاجتماع مع شخصية من حزب الله او اي شخصية لبنانية، كان الاتصال مع الجانب اللبناني الشعبي، سواء حزب الله او غير حزب الله من المجموعات التي لها صلة بإيران، يتم عبر السفير الإيراني في دمشق وليس عبر السفارة الإيرانية في بيروت».

مع إنشاء حزب الله لم يكن هناك مكان بارز لحركة أمل في المقاومة بمعناها الجديد، اي المقاومة المسلحة بدلا من المقاومة السياسية المدنية الشاملة التي تبناها قادة من أمل، على رأسهم الشيخ محمد مهدي شمس الدين. وكما يقول هاني فحص الذي كان ضابط ارتباط بين فتح والثورة الإيرانية خلال تلك السنوات الحاسمة لـ«الشرق الأوسط»: «لقد كان من الطبيعي أن يتم هذا العمل موضوعيا على حساب حركة أمل التي ظهرت فيها قيادات مصرة على المقاومة ومتعاونة مع حزب الله قبل وبعد التشكيل، والقيادات الفلسطينية الميدانية، وقيادات دعت الى التروي ووافقت على طرح المقاومة المدنية الشاملة، الى ان حصل اتفاق أيار الاسرائيلي اللبناني، وحصلت متغيرات سياسية داخلية تعاطت معها حركة امل بطريقة جعلت المقاومة خيارا لها، من دونه تصبح ضعيفة وغير فاعلة. لاحقا.. كان لا بد من حصرية المقاومة وهكذا انحصرت في حزب الله. وهذا ما يفسر كثيرا من الاحداث اللبنانية ويفسر غياب الحركة الوطنية عن ساحة المقاومة بعدما اشتركت في تدشينها. وقد يفسر حرب المخيمات والحرب بين حركة أمل وحزب الله».


لقد نشبت الحرب بين حزب الله وأمل خلال الحرب الأهلية اللبنانية في النصف الاول من ثمانينات القرن الماضي بعد فترة قصيرة من تأسيس حزب الله. وكانت مواجهة حاسمة شرسة ستغير شكل التوازنات في لبنان لصالح ايران وعلى حساب سورية، لكن حافظ الاسد ومن حوله، بحسب ما يقول خدام في شهادته لـ«الشرق الأوسط»، لم يدركوا ابعاد ونتائج تقوية حزب الله على حساب أمل.

ويوضح خدام: «لماذا ضد مصالح سورية؟ لانه خلال هذه الفترة كانت حركة أمل موجودة في الساحة اللبنانية. حزب الله كان ما زال في طور النشأة وقد نما على حساب حركة أمل الحليفة لسورية. هذا الأمر لم نعطه أهمية في دمشق، لان طهران متحالفة مع دمشق.. القرار بدعم حزب الله وتنميته قرار إيراني.

الايرانيون استفادوا من طبيعة علاقاتهم مع النظام في سورية، وبصورة خاصة مع الرئيس حافظ الأسد. كانوا يطلبوا منه بشكل دائم وملح ان يفتح ثغرة لمساعدة حزب الله. مثلا يريد الإيرانيون ان يرسلوا سلاحا، يصير هناك عشرون اتصال وكذا رسالة على مستويات مختلفة، وبالتالي كان الرئيس حافظ الاسد يستجيب. عندما بدأ الايرانيون يؤسسون حزب الله وارسلوا الحرس الثوري الى لبنان، لم يأخذ هذا الامر أبعاده الاستراتيجية بالنسبة للنظام في سورية.. ولم يؤخذ بعين الاعتبار ايضا ان إيران ستسعى للسيطرة على الطائفة الشيعية في لبنان، لانه لم تكن في لبنان تاريخيا مشكلة سنية ـ شيعية، ومثال على ذلك ان اربعة رؤوساء وزراء لبنانيين تحولوا الى المذهب الشيع بسبب قضايا تتعلق بالارث. اذا كان هناك شيء مذهبي او طائفي، لا يستطيع رئيس وزراء لبناني ان يسجل نفسه شيعيا في الاحوال المدنية. يعني لم يكن هناك انقسام بين المسلمين في لبنان.

بدأ الانقسام بشكل واضح عندما دخلت إيران على الخط. تقدير المرجعية السياسية في سورية انذاك ان الايرانيين يريدون عمل مقاومة في لبنان ضد إسرائيل وهذا شيء جيد. لم يؤخذ بالاعتبار مسألة السيطرة الإيرانية على الشيعة في لبنان، لكن حزب الله بدأ يكبر، وبدأ يوسع قاعدته بسبب المساعدات المالية التي كانت تأتيه من إيران».

ويتابع خدام: «انفجر القتال بين أمل وبين حزب الله، صحيح انه كانت هناك توترات، لكن كانت المفاجأة ان حزب الله هو الذي بدأ الحملة للسيطرة على المواقع الموجودة فيها حركة امل في البقاع والضاحية الجنوبية. صارت معارك عديدة وذهب ضحيتها عدد كبير من القتلى والجرحي، ثم المعركة الاخيرة كانت في الجنوب وساعدنا نحن عمليا حركة أمل، ودعمناها حتى تصمد لانه بدأت تهتز، لدى بعض المسؤولين عن الملف اللبناني في سورية، التصورات حول الاهداف الإيرانية في لبنان. لكن اهتزاز الصورة لم يكن موجودا عند الرئيس حافظ الاسد. وبالتالي عندما انفجر القتال صارت هناك وساطة إيرانية – سورية وتم وقف القتال وتحديد نفوذ كل طرف من الطرفين، لكن عمليا هذا التحديد لم يتم العمل به، لأن حزب الله بدأ يتوسع ليس عبر القتال، وإنما عبر الخدمات التي بدأ يقدمها للناس، خاصة للفقراء في لبنان.

حزب الله أنشأ مؤسسات للاعمار والبناء ومؤسسات اقتصادية واجتماعية، هذا لعب دورا في تعزيز القاعدة الشيعية لحزب الله. في نفس الوقت كان هناك ضخ لإحياء العصبية الشيعية في لبنان، لأنه كلما نمت العصبية المذهبية يتحول الولاء من لبنان الى إيران. ووصل الوضع الى مرحلة أصبحت فيها إيران هي المرجعية السياسية والعقائدية لغالبية الشيعة في لبنان.

الاستاذ نبيه بري كان مدركا لخطورة الامور، لكن فلتت الامور من يده». ولا بد أن طبيعة الناشطين والمنتمين لحزب الله لعبت دورا كبيرا في تعزيز وجوده وسيطرته على المناطق الشيعية في لبنان، فالغالبية العظمى من هؤلاء الناشطين كانوا من رجال الدين او الشباب المتدين، كانت طريقة كلامهم دينية بسيطة سهلة، والكثير منهم تعلم في حوزات دينية في لبنان والعراق وإيران ويعمل في السياسة من منظور المقاومة الدينية.

ويوضح مفتي صور وجبل عامل السيد علي الأمين لـ«الشرق الأوسط» هذه النقطة بقوله: «بدأت ايران بالعمل على تشكيل حزب من خلال بعض الشباب المؤمن، وبعض رجال الدين أطلقوا عليه في ما بعد اسم (حزب الله).

وقد مهدت ايران لذلك بتعبئة دينية في صفوف رجال الدين والحوزات والمعاهد الدينية، التي سيطرت عليها، وبقول إن حركة أمل حركة غير دينية وليس لها من شرعية لعدم ارتباطها بولاية الفقيه، وشرعوا في تصنيف أتباعها والمنتسبين إليها الى مؤمنين وفاسقين وعلمانيين، واحتكروا الصفة الدينية والشرعية لهم. وساعدهم على ذلك إهمال حركة أمل للثقافة الدينية وعدم قيام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بتنظيم السلك الديني وعدم احتضانه لرجال الدين، فأخذتهم ايران وشكلت منهم النواة الكبرى لولادة حزب الله، حيث يشكلون مادة دعائية مؤثرة في جمهور الطائفة الشيعية، وبدأ الصراع بين ثقافة جديدة مدعومةٍ من ايران ومن رجال الدين الموالين لها وبين حركة أمل والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، اللذين كانا يمسكان بالقرار الرسمي الديني والسياسي.

وأدى ذلك الاختلاف في الرأي والرؤية والتوجه والمنهج في ما بعد إلى صراع مسلح سفكت فيه الدماء الغزيرة باسم الدين، وقد حصل ذلك عندما كانت سورية موجودة في لبنان وكانت على علاقة جيدة مع ايران. وفي نهاية المطاف أصبح حزب الله الممثل لإيران موجودا في القرار السياسي والديني، وقد تمكن من خلال ذلك أن يبسط نفوذه شيئاً فشيئاً ليصبح الشريك الأقوى داخل الطائفة الشيعية والسلطة اللبنانية. وتراجعت حركة أمل والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى على المستويين الثقافي والسياسي، حتى غدا حزب الله مهيمناً على الثقافة الدينية والمسؤول السياسي الأول في الطائفة الشيعية».

أثر بناء حزب الله تأثيرا مباشرا على الوجود الايراني في لبنان، فحركة امل وان كانت شيعية المذهب، الا انها لم تكن ايرانية النشأة. وفي هذا الصدد يقول خدام: «جماعة الخميني لم يكن لهم وجود في الساحة اللبنانية إلا إذا اعتبرنا وجود موسى الصدر هو وجود لجماعة الخميني. بهذا الاعتبار يمكن القول انه كان قريبا من الخميني، لكنه كان يتجنب أن يعطي الانطباع بأن له علاقة بإيران. وكانت علاقاته العربية علاقات قوية. ولم يكن آنذاك عمل إيران او مؤيدي الخميني في لبنان عملا منظما.

لكن كان هناك أشخاص مقربون من الخميني في لبنان. فعندما نفي الخميني للعراق، كان هناك عدد كبير من اللبنانيين يدرسون في الحوزة العلمية بالنجف، وبالتالي تعرف لبنانيون على الخميني. لكنه لم تكن هناك في ذلك الوقت حركة في لبنان تعبر عن نفسها كامتداد للخميني. هذا التعبير لم يظهر الا بعد تأسيس حزب الله». لكن لماذا دعمت إيران حزب الله بدلا من أمل التي كان بها أيضا ناشطون ايرانيون مثل مصطفى جمران؟ يقول خدام «صحيح حركة أمل حركة شيعية، ففي الحركة ليس هناك غير الشيعة.

لكن الفرق بين أمل وحزب الله هو أن حركة أمل أكثر انفتاحا على الطوائف الاخرى. ثقافيا هي أكثر انفتاحا، يعني ليس هناك ثقافة دينية متحكمة بقيادتها. قيادة أمل كلها سياسيون. قيادة حزب الله كلها مشايخ». طبيعة العلاقة بين أمل وحزب الله بعد انتهاء المواجهات المسلحة بينهما تغيرت من علاقة ندية، الى علاقة تقسيم ادوار بين طرف أقوى وطرف أضعف، او بين طرف يمتلك سلاحا وطرف لا يمتلك سلاحا.

لكن لا يرى البعض داخل حركة أمل أن الحركة همشت تدريجيا على الساحة السياسية اللبنانية بسبب نشأة حزب الله واحتكاره للسلاح، وفي هذا الصدد يقول محمد بزي مسؤول العلاقات الخارجية بحركة أمل لـ«الشرق الأوسط»: «لا توجد في لبنان ساحة شيعية، وساحة مسيحية، وساحة سنية، وساحة درزية. يوجد وطن اسمه لبنان. هذا رأينا في حركة أمل. ربما أحد أهم عوامل تفكك وانهيار المجتمع اللبناني هو الولاءات المذهبية والطائفية.

حركة أمل ليست ضعيفة على الاطلاق.. نحن كان لدينا في السابق اسلحة.. كنا طليعة المقاومين ضد الاحتلال الاسرائيلي في الفترة من عام 1978 حتى هذه الايام. لكن في ما يتعلق بالسلاح أكيد نحن لسنا في حال المقارنة مع حزب الله». ومع ان الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد لم ينظر بقلق كبير لتعزيز حزب الله على حساب حركة أمل، إلا ان هناك دوائر داخل سورية لم تكن مرتاحة، لدرجة ان العلاقات بين دمشق وحزب الله في الفترة الاولى لتأسيسه كانت مضطربة، مما ساهم أكثر في دفع عناصر حزب الله نحو إيران، باعتبارها الملاذ في ما يتعلق بالتدريب أو بالتمويل، فكانت علاقاتهم مع إيران منذ اليوم الأول علاقات مباشرة بدون الحاجة الى وساطة من دمشق.

ويقول خدام حول التوترات بين سورية وحزب الله في بدايات تكون الحزب «في السنوات الاولى لم تكن العلاقات جيدة.. فقد نشبت مشكلة مع عناصر من القوات السورية في أحد أحياء بيروت، والقوة السورية الموجودة أخذت اجراء حاسما ضد حزب الله، وبالتالي كان هناك توتر في البداية. لكن هذا التوتر تراجع بعد هذا.. بسبب التوترات بين دمشق وحزب الله في السنوات الاولى، لم يكن هناك ثقل سوري لدعم حزب الله. كان هناك ممر سوري وليس ثقل سوري. بمعنى أن حزب الله استفاد من الممر السوري، وعبر هذا الممر السوري جاء دعم حزب الله من إيران».

لاحقا وبسبب ظروف النشأة كانت الكثير من الاتصالات الحساسة بين سورية وحزب الله تتم عبر ايران، بينما القضايا اليومية يتم التنسيق فيها بين دمشق وحزب الله بشكل مباشر. ويعدد خدام نوعين من التنسيق بين حزب الله وسورية وهما: «التنسيق الميداني اليومي وكان يتم مع جهاز الأمن في لبنان، واحيانا كان يتم مع المرجعية السياسية المسؤولة عن الملف اللبناني في سورية. لم تكن كل الأمور تتم عبر إيران، كانت هناك خطوط مباشرة مع قيادة حزب الله بمراحل مختلفة، وأحيانا كنا نختلف اختلافا شديدا معهم. فمثلا يوم خطف طائرة تي دبليو حاولنا كثيرا في سورية العمل على الافراج عن الطائرة واطلاق سراح الرهائن. واختلفنا مع حزب الله اختلافا شديدا، ثم تحدثنا مع إيران. كان الرئيس الإيراني آنذاك هاشمي رفسنجاني في زيارة الى دمشق فطلبنا منه ان تمارس إيران ضغوطا على حزب الله ووعد الرجل، وبالفعل استدعى قيادة حزب الله وطلب منهم تسهيل الأمور، وبعد عدة اتصالات حلت مشكلة الرهائن. إذا عموما لم تكن الاتصالات بين حزب الله وسورية تتم بالضرورة عبر إيران.. لكن هناك أمورا كانت تتم بالتنسيق بيننا وبين إيران، وهناك امورا لم يكن حزب الله يستطيع أن يمررها مع سورية، فيلجأ لايران، وطهران تحكي معنا.

لكن اذا أرادت سورية شيئا مباشرا من حزب الله تتصل به مباشرة، فتصير استجابات ومناقشات حول هذا يفيد او لا يفيد، وهذا ما بيصير وبيصير، وهذا يضر او لا يضر. لكن في المحصلة كان يستجيب حزب الله لما يطلب منهم».
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,031,056

عدد الزوار: 6,931,421

المتواجدون الآن: 83