ولادة حزب الله.. على أنقاض أمل

تاريخ الإضافة الثلاثاء 2 كانون الأول 2008 - 7:42 ص    عدد الزيارات 1469    التعليقات 0

        
الشيخ صبحي الطفيلي

الشيخ صبحي الطفيلي


لندن: منال لطفي
عندما قامت الثورة الإيرانية عام 1979، كانت إيران تريد أن تنال اعجاب وتأييد الدول العربية، وقد رأت ان ذلك ممكن، مستفيدة بشكل خاص من الدعم الذي أعلنه شاه إيران لإسرائيل وعلاقته معها قبل انهيار نظامه. وعلى هذا ومنذ اليوم الأول لانتصار الثورة، كانت إيران الثورة حريصة على مد أواصر علاقاتها مع البلاد الاسلامية، وعندما تعذر هذا في معظم الحالات للكثير من الأسباب المعقدة والمركبة بدأت إيران الثورة تبحث عن «تنظيمات» بدلا من «نظم أو دول»، تواصل من خلالها دورها في القضايا الإسلامية، الذي حرصت على أن تظهره على أنه أحد أسس الثورة ومعتقداتها، فكانت التحولات الداخلية في إيران خلال الأشهر والسنوات الاولى من الثورة الإيرانية تنال الاهتمام الذي نالته قضايا فلسطين ولبنان ومقاومة «الصهيونية العالمية» و«قوى الاستكبار». كما عملت الثورة الإيرانية على نيل إعجاب الدول العربية، ورأت أن ذلك الأعجاب يحررها من تهمة العنصرية الفارسية، التي دمغت بها. نشبت الحرب العراقية – الإيرانية، وسعت إيران الثورة لتكوين تحالفات مع الدول العربية، لكنها لم تنل سوى دعم سورية وليبيا والجزائر ومنظمة التحرير الفلسطينية، في هذه الأجواء كان قد مر على اختفاء مؤسس حركة أمل السيد موسى الصدر خلال زيارته لليبيا عدة اشهر. وعلى الرغم من أن قادة أمل أوصلوا للإيرانيين رسائل مباشرة حول توقعاتهم بان تلعب طهران دورا لفك أسر الصدر أو إنقاذه في ليبيا، إلا أن إيران الثورة لم تفعل هذا. المفكر اللبناني هاني فحص الذي وصل الى إيران على أول طائرة تصل الى طهران بعد نجاح الثورة مع ياسر عرفات، وكان دائم التنقل بين لبنان وإيران، كما بقى في إيران 3 سنوات من عام 1982 الى عام 1985 بعدما عين مسؤولا ثقافيا في مركز الاتصال بعلماء المسلمين في رئاسة الجمهورية الإيرانية، يوضح لـ«الشرق الأوسط» تعقيدات علاقة إيران بالدول العربية، ولاحقا بأمل بقوله: «حظيت الثورة في ايران باعجاب عدد من الدول العربية مرة، وتأييد البعض مرة اخرى وسلبية البعض مرة ثالثة. والمعجبون كانوا حذرين ـ بعض دول الخليج مثلا ـ والمؤيدون كانوا قلة. وفي مقابل مصر والمغرب والاردن وغيرها ممن عادت الثورة، ايدتها سورية وليبيا بعد منظمة التحرير التي كنت قناة الاتصال بينها وبين الثورة. كانت ايران تشعر بالنقص في هذا الجانب وتبحث عن موقف عربي يحررها من التهمة العنصرية الفارسية، بعد مجاهرة الشاه في دعمه للعدوان الاسرائيلي ولدولة اسرائيل، وهو ما كان أحد الأسباب المعلنة للثورة على الشاه منذ عام 1963، والمجزرة التي ارتكبها النظام وسجن الخميني ثم نفيه. استراحت إيران الثورة لموقف ليبيا ومنظمة التحرير وسورية. وبعد تغييب الصدر لم تستطع حركة أمل أن تتجرع هذا المر، ولكنها لم تعمل على قطع علاقتها بإيران والثورة، وزار وفد منها مع وفد المجلس الشيعي برئاسة الشيخ محمد مهدي شمس الدين إيران والامام والدولة وكان موضع حفاوة وسجل اعتراضه على علاقة ايران بليبيا، حيث مال بعض الشيعة وآخرون الى اعتبار ايران راضية أو مشاركة فيما حصل للامام الصدر من دون دليل. والشاهد على البراءة هو ان صادق طبطبائي ابن شقيقة السيد الصدر وصهر العائلة الصدرية السيد أحمد الخميني، كانا على اطلاع كامل على كل شيء، ويعرفان موقع الامام الصدر في العقل والقلب الايراني، بالاضافة الى ذلك فإن أقرب الناس الى الامام الصدر، مصطفي جمران، ما لبث ان أصبح نائبا لرئيس الوزراء مهدي بازركان، ثم وزيرا للدفاع، ولم يكن جمران ليسكت عن أي سلبية تجاه الامام الصدر. غاية الأمر أنه عاش الأزمة وحاول تلطيفها، آخذا في اعتباره ضرورات ايرانية لم يكن يوافق عليها تماما، ولم يكن يستسهل محاربتها أو منع تأثيرها بالكامل، واحتدم الجدل. ومالت حركة أمل ومؤيدوها في ايران الى التنديد بالحضور الليبي وبالمجموعة الايرانية التي بنت علاقة مبكرة مع النظام الليبي قبل نجاح الثورة بأيام، حيث استدعي بعضهم الى طرابلس الغرب، وتوثقت علاقاتهم لاحقا». ويتابع فحص: «هذا لم يمنع أن تكون طهران على كثير من الحذر والتوازن، إذ غضت النظر عن المظاهرة التي حركتها أمل ضد زيارة جلود (عبد السلام جلود كان الرجل الثاني في النظام الليبي، وابتعد عن العمل الرسمي بعد قضية لوكربي، ثم اختفى عن الانشطة الرسمية في مايو 1993) الى طهران من دون أن تهتز علاقتها بالنظام الليبي، الى ان كانت الحرب العراقية الايرانية، واضطرت ايران الى السلاح والمال فتشكل فريق ثلاثي ايراني (أحد كبار قيادات الحرس وقتها وعدد من الكوادر القديمة وسورية وليبيا) وتوثقت العلاقات أكثر. ومالت العلاقة مع حركة أمل الى الهدوء والتواصل الجدي، مع قدر أقل من الاشكالات بناء على تفهم كل من الطرفين لضرورات الآخر. وقد تحسنت علاقة طهران بحركة أمل قليلا بسبب تدني مستوى التفاهم بين منظمة التحرير وايران. حيث كانت أمل تحمل اعتراضات على هذا التفاهم العميق لأنها كانت ترى انه يتم على حسابها. وقد وصل اهتمام ايران بحركة أمل الى انها فكرت، كما هو مثبت في محاضر جلسات، بالتعاون مع حركة فتح لتقوية حظوظ نبيه بري في قيادة الحركة، كما اتفق الطرفان على انهما متضرران من تغييب الامام الصدر». العلامة المفتي السيد علي الأمين مفتي صور وجبل عامل، الذي كان من أبرز شهود العيان على التحولات التي شهدتها العلاقة بين إيران وحركة أمل خلال هذه التطورات الحساسة يقول لـ«الشرق الأوسط» حول هذه السنوات الحاسمة، إن عاملين أساسيين صاغا العلاقة بين أمل ودولة الخميني بعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979، وهما أولا الإحباط داخل أمل من طريقة تعامل إيران مع قضية اختفاء الامام موسى الصدر، فقد توقعت أمل ان تعمل إيران على انقاذ الصدر وإعادته من ليبيا الى لبنان، وهو ما لم يحدث. اما الاحباط الثاني فكان وقوف إيران الى جانب التنظيمات الفلسطينية في لبنان على حساب أمل، التي كانت تحمل لواء مد السيادة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية خلال المواجهات المسلحة بين الفصائل الفلسطينية وحركة أمل. ويوضح الأمين أن حركة أمل كانت شيعية، لكنها كانت عربية شيعية، ومع مرور الوقت بدأت الخلافات السياسية والثقافية تظهر بينها وبين النظام الإسلامي الجديد في طهران عندما بدأت ملامح المشروع الإيراني لتصدير أفكار الثورة الإيرانية للبنان، وهنا أدركت إيران ان أمل لن تكون أداة مناسبة في مشروعها. ويتابع مفتي صور وجبل عامل: «بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني ووصولها الى السلطة، نشأت العلاقة بين حركة أمل اللبنانية والنظام الجديد في ايران، وكان العامل الأساسي في هذه العلاقة هو العامل العاطفي الناتج عن الروابط الدينية والمذهبية، باعتبار أن حركة أمل أسسها الإمام موسى الصدر على مبادئ من الثقافة الدينية العامة في المناطق التي تسكنها غالبية من الطائفة الشيعية، التي تنظر باحترام وتقدير الى العلماء ومراجع الدين بحسب موروثاتها الدينية. وبما أن الثورة في ايران كانت بقيادة رجال الدين، وعلى رأسهم الإمام الخميني، فقد لاقت التأييد في نفوس الطائفة الشيعية عموما وحركة أمل خصوصا، معتقدين أن هذه الثورة ستكون عونا لهم في تعزيز مكانتهم في النظام اللبناني في تلك المرحلة، وإزالة الحرمان الذي كانوا يعيشون فيه. وكانت لديهم آمال كبيرة في أن القيادة الجديدة في ايران ستعمل على إنقاذ الإمام الصدر وإعادته الى لبنان من ليبيا، خصوصا أن قضية اختطافه وتغييبه كانت لا تزال حاضرة بقوة على الساحة اللبنانية، ولم يكن قد مضى عليها سوى بضعة أشهر، وقد توقعت حركة أمل أن تكون إيران الجديدة إلى جانبها في الصراع الدائر بينها وبين التنظيمات الفلسطينية والأحزاب اليسارية اللبنانية، التي كانت تسيطر على الجنوب وكثير من المناطق اللبنانية. وكانت حركة أمل وقتذاك تحمل لواء الدفاع عن الشرعية اللبنانية، داعية الى بسط سلطة الدولة على كامل تراب الوطن اللبناني». ولكن الذي جرى من القيادة الإيرانية الجديدة كان مخالفا لكل تلك التوقعات والآمال، التي عقدتها عليها حركة أمل وقواعدها الشعبية، فبدأت تلك العلاقة العاطفية تتبدل وتراجع التأييد الشيعي لإيران، فإيران الثورة، كما يقول السيد علي الأمين: «لم تعمل شيئا لقضية الإمام الصدر، ووقفت الى جانب التنظيمات الفلسطينية في لبنان، وبدأ الخلاف السياسي والثقافي يظهر بين ما نشأت عليه حركة أمل والطائفة الشيعية اللبنانية من ثقافة وسياسة قائمتين على الارتباط بالمحيط العربي، انسجاماً مع أصولهم العربية والتمسك بمشروع الدولة اللبنانية الواحدة والعيش المشترك الذي قام عليه لبنان، وبين ثقافة ايرانية جديدة قائمة على رفض الأنظمة والدول التي لا تقوم على أساس ديني، وخصوصا النظام اللبناني الذي وصفه الإمام الخميني في ذلك الوقت بالنظام الفاسد والمجرم، وبدأت بعض المجموعات المحسوبة على ايران والمرتبطة بسفارتيها في بيروت والشام يرفعون شعار الجمهورية الإسلامية في لبنان، وهذا ما رفضته الطائفة الشيعية وقيادتها السياسية والدينية بشكل قاطع وحاسم واعتبروه أمراً غريباً عن حياتهم السياسية والدينية، التي مضى عليها قرون من العيش المشترك مع الطوائف المتعددة، وهو أمر لم يسمعوا به من علماء الدين ومراجع الفقه في جبل عامل والعراق. ولذلك وقفت حركة أمل والطائفة الشيعية في وجه المشروع الإيراني، الذي بدأت تظهر تباشيره على الساحة الشيعية في لبنان، وهنا أدركت إيران أن حركة أمل لا يمكن أن تكون أداة لها في مشروع تصدير الثورة خارج ايران». هذه الملابسات المعقدة هي التي جعلت الكثيرين في إيران ولبنان لا يرون في أمل القدرة أو الرغبة في حمل المشروع الإيراني. وبعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان والدور الذي قام به الحرس الثوري الإيراني مع عناصر لبنانية دربها الحرس، بدأت ملامح اخرى لمشروع المقاومة المفترض تتشكل تدريجيا على أرض الواقع. لم تظهر ملامح مشروع المقاومة المفترض هذا فقط بفعل الدور الذي لعبته إيران، بل أيضا لأن حركة أمل لم «تبلور مشروعا سياسيا دينيا بسبب انتباه الامام موسى الصدر»، وعندما غيب موسى الصدر وعندما شعر الكثيرون بصعوبة بناء «مشروع سياسي ديني حزبي» داخل أمل، فكروا في بديل تحت عنوان «حزب الله»، ودعم هذا أن قيادات من داخل حركة أمل مثل السيد عباس الموسوي والشيخ صبحي الطفيلي ورجال الدين داخل الحركة وناشطين كانوا على علاقة بحزب الدعوة العراقي، الذي نشأ برعاية إيران مالوا مع المد الإيراني ورأوا ضرورة انشاء مشروع حزبي ديني سياسي وحتى مسلح. ويقول فحص موضحا: «لقد بدا بعد الثورة وحتى الاجتياح الاسرائيلي والاحتلال عام 1982، وكأن حركة أمل هي مشروع ايران الشيعي في لبنان. ولكنه مشروع معقد ويحتاج الى صبر وجدل طويل بفعل التكوين القريب من النهج الليبرالي الذي رعاه الامام الصدر وأكد عليه في حركة أمل، من دون أن يمنع من نمو تيار ديني من دون مشروع سياسي ديني في حركة أمل بسبب انتباه الامام الصدر. ولكن هذا التيار مع الثورة الايرانية وغياب الامام الصدر، أصبح أكثر قناعة بالمشروع السياسي الديني، وعندما لم يجد في حركة أمل مجالا لتنفيذ رؤيته شرع في توثيق علاقته بايران والتفاهم العميق معها على علاقة عفوية. وقد تجلى ذلك في حركة سفر الى طهران وبيروت، وفي سعي ايران الى احتضان الحوزات الدينية التي نشأت في لبنان بعد زعزعة النجف، وبدعم من المرجع الايراني السيد الكلبياكاني والسيد الخوئي، وقد تم لايران ذلك بعد جهد كبير وتحول المرحوم السيد عباس الموسوي والشيخ صبحي الطفيلي ورفاقهما من المشايخ في حركة أمل والمستقلين، خاصة من كان منهم على علاقة بحزب الدعوة الى السياق الايراني، وان بقي عدد منهم فاعلين في تنظيم حركة أمل كالشيخ نعيم قاسم». وكما ان علاقات إيران مع أمل تأثرت بسبب اختلاف الضرورات السياسية لدى كل منهما، وهو ما فتح الباب لإنشاء حزب الله، فإن نفس سوء التفاهم حدث بين إيران الثورة وحركة فتح، إذ ظهرت تدريجيا تباينات بين الثورة الفلسطينية ودولة الثورة في إيران التي كانت ترى الثورة الفلسطينية وفتح ورقة في مشروعها النضالي ضد الغرب، بينما كانت حركة فتح تنظر لعلاقاتها مع إيران كطريقة لتعزيز قوتها في نضالها القومي من أجل استعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكما أدت التباينات بين طهران وأمل الى ولادة حزب الله، ادت التباينات بين طهران وفتح الى ولادة حماس والجهاد الإسلامي لاحقا. هاني فحص من واقع تجربته كضابط اتصالات بين جماعة الخميني وحركة فتح، يلقي الضوء على هذه التباينات موضحا لـ«الشرق الأوسط»: أنها في النهاية لم تمنع من التواصل بين طهران وفتح أثناء الاحتلال الاسرائيلي للبنان، اذ كانت إيران مشاركا أساسيا في صد العدوان الإسرائيلي، من خلال الحرس الثوري وحركة التطوع الايراني، التي سجلت خلال اسبوع عددا تجاوز مئات الآلاف. ويتابع فحص: «أثناء الاحتلال الاسرائيلي للبنان عام 1982، كنا في طهران ومعنا المجموعة الأولى من حركة أمل وانصارها والمؤيدين الذين اصبحوا لاحقا نواة التأسيس في حزب الله. كنا في مؤتمر حول الوحدة الاسلامية الذي بدأ مع أول ايام الاجتياح.. وهبت ايران، تريد ان تستكمل حل عقدتها الفارسية بالتبني الكامل لقضية العرب الأولى، بعدما وصل التأييد المعنوي الى ازمته، من خلال حلول سوء التفاهم مع حركة فتح محل التفاهم التاريخي، بسبب ان الايرانيين كانوا يريدون الورقة الفلسطينية كلها في مشروعهم النضالي ذي البعد الوطني، وكان أبو عمار يريد ايران كلها في مشروعه نحو السلام من موقع القوة وحلول ايران في المعادلة محل مصر التي خرجت في كامب ديفيد.. هنا بدأ التمايز الذي اصبح شقاقاً في لحظة من اللحظات. ولكن لم يمنع من التواصل أثناء الاحتلال الاسرائيلي للبنان على أساس مشاركة ايران المباشرة في صد العدوان من خلال الحرس الثوري وحركة التطوع الايراني التي سجلت خلال اسبوع عددا تجاوز مئات الآلاف، وحصل تواصل يومي مع أبو جهاد (خليل الوزير) الذي كان ينتظر المتطوعين، ووصل الى لبنان عن طريق دمشق وفد قيادي من الحرس الثوري لتنسيق الأمر، ولكن هذا الوفد اعتقل واختفى لدى مروره على حاجز القوات اللبنانية في طريقه من طرابلس الى بيروت.. وما زالت قضيته عالقة حتى الآن». وبسبب عدم ارتياح الخميني لارسال المزيد من قوات الحرس الثوري الى لبنان، وشعوره ان تكلفه هذا قد تكون باهظة، خصوصا بسبب انشغال إيران بالحرب مع العراق، ظهرت الحاجة لخيارات اخرى تتبعها إيران غير الاستمرار في ارسال قوات الحرس الثوري، وهو ما يسميه فحص «البحث عن صيغة مشاركة أخرى»، موضحا: «في هذه اللحظة وضع الامام الخميني حدا للاندفاعة وأعطى الأولوية الايرانية لمواصلة القتال ضد العدوان العراقي، واعتبر أن التوجه الى لبنان هو اهمال للشأن الايراني وتبييض لصفحة النظام العراقي وانقاذ له بعد هزيمته في معركة خرمشهر. وتوقف المشروع مع استمرار الايرانيين في البحث عن صيغة مشاركة اخرى. وتوافق ذلك مع رغبة بعض اللبنانيين الموجودين في طهران في تأسيس حالة نضالية ضد العدو الصهيوني بمساعدة ايرانية.
وكنت ممن استشير في الموضوع واتفقنا على مشروع مقاومة ليس الا، ولكننا لم ندع الى الاجتماعات السرية نتيجة علاقتي الشخصية المعروفة بحركة فتح، والجماعة لم يكونوا يريدون وجع رأس وليس في برنامجهم ان يتحملوا تجارب آتية من سياق آخر وقليلة الاذعان وتلح على المناقشة. حينئذ انعطفت شخصيا لانضاج صيغة اخرى: هي تجمع العلماء المسلمين من السنة والشيعة، وكتبت بيان التأسيس وتوقف نشاطي عند هذا الحد لأسباب منها، اني بقيت في ايران من دون ان يعني ذلك الانقطاع الكامل عن مجموع التوجهات، ولكن التواصل كان يتم من خارجها ومن دون اندماج في أطرها لأسباب تتعلق بها وبي معاً. وفيما بعد تبين أن الطرح تحول الى طرح مركب. وهو التعاون على المقاومة من خلال تنظيمها الميداني عسكريا ولوجستيا، وبالاتكال على عناصر مجربة في حركة أمل وعناصر جنوبية لها تجربة قتالية مع حركة فتح على ان يؤول الامر لاحقا وبالتدريج الى تأطير المقاومة بعد اكتسابها المشروعية والمصداقية في حزب الله».

وتابع «الجدير بالذكر ان الشهيد المرحوم الشيخ راغب حرب كان في هذا الجو، ولكنه استبعد من المشاورات والمباحثات المعمقة حول صيغة مشروع المقاومة الذي تعتزمه إيران ولبنانيون، لأنه كان متمسكا بمنهج ورؤية الشيخ محمد مهدي شمس الدين (رؤية محمد مهدي شمس الدين في المجلس الشيعي تلخصت في المقاومة المدنية الشاملة، ونوع من الاستنكاف وعدم الرغبة في العمل الحزبي)، ولكن ذلك لم يمنع انخراط راغب حرب العميق في المقاومة، وان عاد لاحقا فاكتشف وهو في طريقه الى طهران شتاء عام 1983 ومن خلال لقائه بالشيخ صبحي الطفيلي في البقاع، ان هناك حزبا قد تأسس هو حزب الله، فلم يعبر عن رضاه بهذه المسألة ولم يمارس أي نشاط سلبي ضد الحزب وبقي اعتراضه داخليا لأولوية المقاومة».

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,083,386

عدد الزوار: 6,752,012

المتواجدون الآن: 107